شهد اليوم الأول لجناح الأديان في مؤتمر الأطراف COP28، الجمعة، العديد من الأنشطة والفعاليات التي ركزت على دور الأديان في تحقيق أهداف العمل المناخي وأهمية إشراك الشباب في الجهود الهادفة إلى مواجهة الأزمة المناخية، وتوحيد الجهود المشتركة من أجل إيجاد حلول فاعلة وملموسة تعالج تداعيات تغير المناخ.

واستضاف جناح الأديان، اليوم، 4 جلسات حوارية استقطبت عددا كبيرا من جمهور المنطقة الزرقاء التابعة لـCOP28، لما تضمنته من أنشطة وفعاليات متنوعة.

وينظم الجناح مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 ووزارة التسامح والتعايش في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، خلال الفترة من 1 إلى 12 ديسمبر الجاري في مدينة إكسبو دبي.

وناقشت الجلسة الأولى التي عقدت بعنوان دور الأديان في تحقيق الهدف العالمي بشأن التكيف، الأدوار الرائدة التي تقوم بها المنظمات والمؤسسات الدينية في مختلف أنحاء العالم لدعم الجهود الرامية إلى تحقيق الهدف العالمي بشأن التكيف، مما يسهم في تلبية احتياجات المجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ خاصة في دول الجنوب العالمي.

ولفت المشاركون في الجلسة الحوارية الثانية، التي جاءت تحت عنوان "مساهمة المنظمات الدينية في تعزيز المرونة المناخية والتكيف الدور الرائد للشباب في مجال المناخ"، إلى أن معالجة أسباب الأزمة المناخية يتطلب توعية المجتمعات بأهمية الحفاظ على كوكبنا المشترك، مؤكدين أن هناك حاجة ملحَّة إلى الاهتمام والرعاية والترابط لإجراء تغيير ملموس وحقيقي.

وتناولت الجلسة الثالثة التي عقدت بعنوان: "تعزيز حوار الشباب بين الأديان بشأن العدالة والمرونة المناخية"، تأكيد أهمية دور الشباب في مواجهة أزمة المناخ من خلال تعزيز التعاون والعمل الجماعي ووضع العدالة المناخية في صميم كافة الجهود المبذولة، وتعزيز الوعي في المجتمعات المختلفة بشأن قضية المناخ.

وتحت عنوان "حماية البيئة الشاملة: إدماج التعاليم الروحية والحكمة من أجل تحقيق التنمية المستدامة"، جاءت الجلسة الحوارية الرابعة من فعاليات اليوم الأول لجناح الأديان في COP28 التي ناقشت أهمية إدماج التعاليم الروحية والتقاليد الدينية في الجهود الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة والتي لا يجب أن تعتمد فقط على العلم والقرارات السياسية والحكومية.

 واختتم اليوم الأول بعقد جلسة حوارية تحت عنوان:" تكريس التوافق ... وحدة كوكب الأرض"، شدد المشاركون فيها على أن المعرفة ضرورية لتوجيه صناع القرار لإجراء التغيير اللازم بشأن تغير المناخ.

كما أشادوا بجهود قادة الأديان المتمثلة في إبراز التحديات التي تتعامل معها المجتمعات بشأن الأزمة المناخية، وإرسال دعوة صريحة وواضحة بضرورة الالتزام بالعمل المناخي وإيجاد حلول ملموسة وفعالة لقضية المناخ.

ويستضيف جناح الأديان أكثر من 65 جلسة حوارية، ونحو 325 متحدثا خلال فترة انعقاده، كما يجمع 9 ديانات و54 دولة من مختلف أنحاء العالم و70 منظمة ومؤسسة من أجل العمل على حل المشكلات، وتعزيز الشراكات، وتقديم توصيات شاملة لتحقيق العدالة البيئية، وتفعيل مشاركة وإسهامات المجتمعات الدينية والعلماء والأكاديميين والشعوب الأصلية والشباب وممثلي المجتمع المدني في العمل المناخي.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات جناح الأديان مجلس حكماء المسلمين دولة الإمارات العربية المتحدة مدينة إكسبو دبي مجلس حكماء المسلمين إكسبو دبي جناح الأديان مجلس حكماء المسلمين دولة الإمارات العربية المتحدة مدينة إكسبو دبي أخبار الإمارات الأدیان فی

إقرأ أيضاً:

ثقافة الطعام جوهر الهُوية

يشير الطعام إلى تلك العادات الغذائية الصحية التي تحافظ على حياة الناس وصحتهم، وبالتالي فإنها تعكس الثقافة المجتمعية وما يرتبط بها من عادات وممارسات تميِّز مجتمعا ما عن غيره، أو فئة اجتماعية عن غيرها، فهذه الثقافة مكوِّن أصيل لا تقل أهميته عن القيم الإنسانية الأخرى التي تشكِّل الهُوية، لذا فإن الطعام ليس ذا قيمة غذائية وحسب، بل أيضا له قيمة ثقافية متأصِّلة في المجتمع ومترسِّخة في فكره وممارساته اليومية.

إن ثقافة الطعام تتضمن تلك العادات المرتبطة بالإعداد، والتقديم، وطريقة الأكل، والتخزين، وأيضا كيفية استهلاكه، وما يرتبط به من احتفالات وغير ذلك، وهي بذلك ترتبط بعوامل عدة كالموارد المتعلقة بالإنتاج سواء أكانت المناخ أو التربة أو المياه، وحتى الوقود والتقنيات، إضافة إلى أنها تكشف طبيعة الحياة التي يعيشها أفراد المجتمع ومدى التطوُّر التقني ومستوى الرفاه، وكذلك مدى انفتاحهم على الثقافات الأخرى، ولهذا سنجد أن هذه الثقافة من القيم الأصيلة التي تحرص المجتمعات على الحفاظ عليها وترسيخها ونقلها إلى الأجيال بل واتخاذها قيمة مضافة لهُوية الدولة، وهذا ما نراه جليا في مفاهيم (سياحة الطعام).

لقد حرصت الأمم على هذه الثقافة وجعلتها رمزا من رموز المحبة والعطاء والإيثار؛ ذلك لأن تقديم الطعام وتبادله وتهاديه وحتى تقديمه في الولائم والمناسبات الاجتماعية والدينية وغيرها، يُعد رمزا لتلك القيم الإنسانية التي تربَّت عليها المجتمعات، كلٌ حسب عاداته وتقاليده وطرائقه وقدرته، ولهذا فإن الطعام يُعد تعبيرا عن تلك المحبة بين أفراد المجتمع أو بين المجتمعات بعضها بعضا.

إن الطعام بالنسبة للمجتمعات صمام الأمان الذي يحميها اجتماعيا وصحيا واقتصاديا، ويحافظ على رفاهها، ولأنه كذلك فقد عملت الدول على الحفاظ على موارده المستدامة التي تحقق (الأمن الغذائي)، وتجعله متاحا للجميع بما يدعم مبادئ المساواة والعدالة، فالطعام هنا أساس للحفاظ على روابط مجتمعية قادرة على النمو الصحي والمجتمعي، وبالتالي ضمان مشاركة فاعلة في التنمية المجتمعية.

ولذلك فإن هذه الثقافة في ارتباطها بالمجتمع ونموه المعرفي والصحي والاقتصادي، لا تقوم على الحفاظ على سياقاتها العامة باعتبارها ثقافة مجتمعية وقيمة إنسانية، بل أيضا تتجلى في أنماط الاستهلاك التي تتَّبعها المجتمعات؛ فتلك الأنماط تكشف مدى وعي الأفراد بأهمية الطعام وقدرتهم على الحفاظ عليه بما يضمن لهم وللأجيال أمنا غذائيا مستداما، وهنا تكون ثقافة استهلاك الطعام من القيم الإنسانية المهمة في المجتمعات الحديثة.

يكشف تقرير مؤشر هدر الأغذية 2024، (فكِّر في توفير الطعام. متابعة التقدم المحرز للحد من هدر الغذاء إلى النصف)، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، أن هذا الهدر يُعد فشلا في المجتمعات على مستوى العالم، إذ يتم «التخلُّص من أكثر من تريليون دولار أمريكي من الطعام كل عام»، وهو كذلك فشل بيئي حيث «توِّلد نفايات الطعام ما يُقدَّر بنحو 8-10%من انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم»، الأمر الذي يدُّل على وجود إشكال على المستوى المجتمعي والبيئي وكذلك الاقتصادي، إضافة إلى التحديات التي تواجه المجتمعات في مجالات الزراعة والتصنيع وغيرها.

إن أنماط التخلُّص من الطعام تكشف ثقافة الاستهلاك التي جرَّت المجتمعات الحديثة إلى النظر إلى الطعام باعتباره مادة مستهلكة، الأمر الذي أصبح شراؤه والتخلُّص منه أمرا يسيرا، ولهذا فإن هذه المجتمعات بقدر اهتمامها بالطعام بوصفه قيمة، فإنها تستهلكه وتتخلَّص منه دونما النظر إلى تلك التحديات والإشكالات البيئية والاقتصادية التي يمكن أن تواجهها مستقبلا، والأمر هنا لا يعني أن الأفراد وحدهم من يتسبَّبون في هدر الأغذية بل أيضا سياسات التصنيع وسلاسل التوريد، وأنظمة البيع وغير ذلك كله يزيد من ذلك الهدر إلاَّ إذا ما تم العمل على تحسينها وتطويرها بما يضمن الحفاظ على الأغذية وأمنها.

ولأن ثقافة الطعام قيمة حضارية ومعرفية وأصل من أصول الهُوية الإنسانية، فإن طرائق الاستهلاك أيضا تنضوى تحت تلك الثقافة، بل إنها تقدِّم صورة ذهنية عن المجتمع و وعيه وفهمه لأهمية الطعام في ظل التداعيات الاقتصادية والتحديات التي تواجهها سلاسل التوريد في العالم، خاصة مع تلك الإشكالات السياسية والحروب، إضافة إلى تنافس القوى الاقتصادية العالمية، وهذا الفهم والوعي ينعكس على أنماط حمايتنا لثقافتنا الوطنية المرتبطة بالطعام والحفاظ عليه باعتباره قيمة؛ فالرفاه لا يعني الاستهلاك بقدر ما يعني جوهر تلك القيمة ومحورها.

ولعل ما أشار إليه تقرير مؤشر هدر الأغذية 2024، من أن هناك مجتمعات تهدر الأغذية بكميات عالية، في حين توجد في المقابل مجتمعات تعاني من نقص الأغذية بل هناك من يموت جوعا في دول قريبة، حيث «يتأثَّر ما يقارب 783 مليون شخص بالجوع كل عام، ويعاني 150 مليون طفل دون سن الخامسة من توقف النمو بسبب النقص الحاد في العناصر الغذائية الأساسية في وجباتهم الغذائية» – حسب التقرير –، ولهذا فإن الأمر هنا لا يتعلَّق بثقافتنا وحسب بقدر ما يكشف عن قيمنا الإنسانية ومشاركتنا للآخر.

لهذا فإن الحد من هدر الطعام يُعد تضامنا مع تلك المجتمعات التي تعاني من تحديات حقيقية مهما كانت الأسباب سواء أكانت بسبب الحروب أو الظروف الاقتصادية أو غير ذلك، الأمر الذي سيوفِّر فرصا للحفاظ على استدامة الأغذية وأمنها في المجتمع، وبالتالي الحد أيضا من إشكالات التضخم الذي تعاني منه الكثير من الدول؛ فهدر الطعام وتحويله من وجبات ذات قيمة ثقافية إلى نفايات تشكل عبئا على المجتمع لا يعني سوى عدم شعورنا بالمسؤولية.

وانطلاقا من هذه الأهمية اعتنت عُمان بالأغذية وتوسَّعت في دعم النُظم الغذائية المستدامة، وأوجدت البرامج والخطط لتوفير الغذاء في الأسواق بأسعار مناسبة لتكون في متناول أفراد المجتمع، كما عملت في مقابل ذلك على توعية المجتمع بأهمية الأغذية والحد من هدرها، وضرورة الحفاظ عليها باعتبارها موردا تنمويا مهما؛ فتوفُّر الأغذية والحفاظ عليها مرتبط باقتصاد الدولة والنمو السكاني وتغير المناخ وغير ذلك، وبالتالي فإن إدارة مواردها وحمايتها والعمل على تنميتها مطلب وطني مشترك.

إن فهمنا لثقافة الطعام والاهتمام بأنماطه وسبل الحفاظ عليه، بل وحتى طرائق إنتاجه، يمكِّننا من تطويره باستخدام التقنيات الحديثة الصديقة للبيئة، والاقتصادات الحيوية، وتثمين الموارد الطبيعية وإلائها أهمية في التنوُّع الاقتصادي، وبالتالي العمل على تحسين الإنتاجات المرتبطة بالأغذية وتكثيرها، بما يضمن مستويات عالية من الأمن الغذائي، ولعل ما تقوم به الدولة في هذا المجال يعكس الوعي المتزايد بأهمية هذه الثقافة وتقديم أفضل الخدمات المرتبطة بها.

ولأن الدولة تقوم بجهود كبيرة في مجالات الأمن الغذائي وما يرتبط به من ناحية، والحفاظ على خصوصية الأغذية العمانية وثقافتها باعتبارها أحد أصول الهُوية العمانية من ناحية أخرى، فإن علينا جميعا واجبا في ترشيد الاستهلاك والنظر إلى الطعام بوصفه قيمة أكثر منه استهلاكا، فهو جوهر وليس مادة، ولذلك وجب الحد من هدره لأنه نعمة من نِعم الله علينا، والنعمة واجبة الشكر والمحافظة عليها لأنها أمانة، فلنحافظ على الأمانات.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة في مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • ثقافة الطعام جوهر الهُوية
  • بعروض ترفيهية شيقة وجاذبة.. مهرجان “صيف حقل 2024” يواصل تقديم فعالياته
  • انطلاق فعاليات مهرجان الإسكندرية للسينما الخضراء
  • افتتاح مهرجان الإسكندرية للسينما الخضراء.. 30 فيلما من 4 دول
  • بـ 30 فيلما من 4 دول عربية.. انطلاق فعاليات مهرجان الإسكندرية للسينما الخضراء
  • شيخ الأزهر: الإسلام له تجارِبُ تاريخيَّةٌ معلومة في تجاورِ الحضارات وتعدُّد الأديان
  • «أونروا» تشدد على أهمية فتح تحقيق بشأن الانتهاكات الإسرائيلية
  • «الأونروا» تشدد على أهمية فتح تحقيق بشأن الانتهاكات الإسرائيلية بحق القانون الدولي
  • مفاجأة حول سبب الإصابة بالصداع المتكرر.. ما علاقة التغيرات المناخية؟
  • «دبي للثقافة»: جلسات نوعية لـ«مدارس الحياة»