البوابة نيوز:
2025-03-04@00:32:46 GMT

العنف ضد النساء بين الثقافة والثروة

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

انطلت  يوم ٢٥ نوفمبر المنصرم الحملة الدولية لمناهضة العنف ضد المرأة وتستمرُّ إلى يوم ١٠ ديسمبر الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان. وهي حملةٌ تنطبق عليها كل مواصفات الحملة من حشد وتكثيف أنشطة للمناصرة ونشر الوعي بخطورة هذه الظاهرة. بل إنَّها أضحت مناسبةً تحسب لها الدول حسابًا وتحرصُ على إظهار منجزِها وجهودِها في مجال مناهضة العنف ضد المرأة.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أنَّ الحديث عن أرقام وإحصائيات حول العنف المسلط على النساء يمثّل في حدّ ذاته نقطةً إيجابيةً من منطلق أنَّ هذا الموضوع كانَ من المواضيع المسكوتِ عنها وحكرًا على الفضاء الخاص وأسراره، علاوةً على الجانب العرفي الذي يمنع البوحَ والرفضَ والاحتجاج من طرفِ النساء والفتيات. وتلك هي خاصية المجتمع الأبوي والثقافة القائمة على الهيمنة الذكورية.

من هذا المنطلق وغيره، فإنَّ تناول ظاهرة العنف ضد النساء في الفضاء العربي والإسلامي يمثّل نقطةَ تحولٍ ثقافية وحقوقية تندرج ضمنَ نقدِ النسق الثقافي السائد وبناءِ نسقٍ بديلٍ أكثرَ حقوقية وأكثر حداثة وأكثرَ انسجامًا مع المنظومة القيمية العالمية.

إذن هذه الحملة الدولية التي تمتد على ١٦ يومًا أصبحت موعدًا سنويًا لقياس المنجز والمطالبة بما لم ينجز بعد.

وللعلم فإنَّ عملية القياس ليست ضبابية، بل هناك أبعاد أساسية تعتمد في عملية القياس وهي: المنجز في مجالات الحماية والوقاية، والتعهد، والخدمات، والعقوبات. بمعنى آخر فإنَّ هناك مؤشرات للقياس والبناء، ومن ثم توصيف موقع الدول في مجال دعم النساءِ والانتصار لقضيتهن. وأصبح هناك نوعٌ من التنافس المحمود بين الدول في مجال التقدم في المعالجة، وفي الاستجابة لمقتضيات الحماية والوقاية والتعهد. هناك خريطةُ طريقٍ واضحةٌ لكل الدول المنخرطة في سياسة مناهضة العنف ضد النساء والتصدي له، من ذلك بعث مراكزِ إيواء للنساء ضحايا العنف وتطوير المنظومات التشريعية الوطنية لتكون أكثر انسجامًا مع الاتفاقيات الدولية، وأهمها اتفاقية سيداو للقضاء على التمييز ضد المرأة.

من ناحية ثانية، فإنَّ المقاربات بصدد التجويد والتعمق، ولم تعد تقتصر فقط على التشريعات الرادعة لمرتكبي العنف ضد النساء رغم أهمية ذلك، بل إنَّ التوجه يقضي بموازاة تلك الجهود التشريعية بمقاربات تأتي على أسباب تعنيف النساء والملامح الاقتصادية والاجتماعية للنساء الأكثر تهديدًا وعرضةً للعنف.

ومن التشريعات المهمة في البلدان العربية نذكر قانون ٥٨ لسنة ٢٠١٧ للدولة التونسية المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، وهو من القوانين الأساسية الرائدة في العالم العربي والإسلامي من دون أن نغفل المجهوداتِ التشريعية المبذولة في عدة دول، فيما يخصُّ تطويرَ منظومة المواطنة باعتبارها من المنظومات القيمية التي تقوم على عدم التمييز على أساس الدين والعرق والجنس.

وفي الحقيقة هناك ما يجب القيام به من ناحية التشريعات في عموم البلاد العربية، خصوصًا وأنَّ فترة الحجز الصحي أثناء جائحة «كوفيد - ١٩» أكدت أنَّ الظاهرة تحتاج إلى جهود لا تمل ولا تتوقف، حيث ارتفعت أعداد النساء المعنفات وبدأت تتفاقم أيضًا ظاهرة قتل النساء. وما تقوله الأرقام والإحصائيات هو أنَّ قرابة ثلاثة أرباع حالات العنف إنَّما هي عنف زوجي وفي شتى بقاع العالم، وهو ما يعني أنَّ مؤسسة الزواج في خطر وباتت تعرف تحديات تستدعي تشخيصها ومعالجتها، لأنَّ مؤسسة الزواج هي تحيل آليًا إلى مؤسسة الأسرة التي هي أساس أي مجتمع، ومن غير الممكن التحدث عن مجتمع متماسك ومتوازن، في ظل ما باتت تعرفه مؤسسة الزواج ومؤسسة الأسرة من شرخ وتصدع عميقين.

وفيما يخصُّ المقاربات ذات البعد التأسيسي، التي تعالج ظاهرة العنف ضد النساء عبر مداخل الأسباب، فإنَّ الجزء الوافر من الأدوية اللازمة للعلاج يكمن في نشر الوعي لدى الناشئة عبر البرامج التعليمية والقيام بإصلاح يشمل اللغة والصور والقطع مع توزيع الأدوار بين الجنسين القائم على التمييز والتقسيم التقليدي للأدوار في المنزل والمجتمع.

من ناحية أخرى، من الخطأ الاعتقاد أنَّ قياس منجز الدول في مجال مناهضة العنف ضد المرأة يقتصر على التشريعات وعدد مراكز الإيواء والخطوط الساخنة لتلقي الإشعارات.. فكل ذلك مهم جدًا ومطلوب أيضًا، لكن هناك تحديات أخرى قادرة على تحقيق الفارق والنتيجة المذهلة ونقصد بذلك: التعليم وتعميم الحق في التعليم وإجباريته، وعندما تصبح كل الفتيات والنساء متعلمات فإنَّهن نظريًا يكن أكثر قدرة على كسر إطار المرأة المعنفة ورفضه.

أيضًا تقوية المشاركة الاقتصادية للنساء وجعلهن فاعلات في التنمية والاستثمار بشكل يجعل الثروة بين أيادي النساء والرجال معًا، وهكذا يتم تبديد التمييز وأشكال الهيمنة بشكل فعال وسريع.

وإذا ما نظرنا في التحديات اليوم على مستوى عالمي، فإنَّ الواقع لن يقبل على المدى القريب ظواهر تجره إلى الوراء، على رأسها التمييز بين الجنسين، وهو طبعًا كما نعلم جميعًا وككل تمييز مولد للعنف.

* أستاذة جامعية في علم الاجتماع وشاعرة.. وحاليًا وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة في الحكومة التونسية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: العنف ضد النساء العنف ضد المرأة فی مجال

إقرأ أيضاً:

مصر تتلقى دعوة للمشاركة في "أسبوع المياه العربي السابع" بالأردن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تلقى الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، دعوة من المهندس رائد أبو السعود، وزير المياه والري الأردني، وذلك عبر الدكتور خالدون كاشمان، أمين عام الجمعية العربية لمرافق المياه (ACWUA)، للمشاركة في فعاليات "أسبوع المياه العربي السابع" الذي سيُعقد بالمملكة الأردنية الهاشمية في الفترة من 4 إلى 6 مايو 2025.

ويعد "أسبوع المياه العربي" من أبرز الفعاليات الإقليمية التي تجمع خبراء المياه والمختصين في هذا المجال من مختلف الدول العربية، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال إدارة الموارد المائية.

ويتناول الأسبوع هذا العام عددًا من الموضوعات الهامة المتعلقة بتحديات المياه في المنطقة العربية وكيفية التصدي لها باستخدام أحدث التقنيات والابتكارات في مجال المياه.

ومن المتوقع أن تشهد فعاليات "أسبوع المياه العربي السابع" مناقشات هامة حول استراتيجيات التعامل مع ندرة المياه في المنطقة، بالإضافة إلى استعراض أفضل الممارسات والتقنيات المبتكرة في مجالات الري وحصاد المياه وتوفير المياه الصالحة للشرب.

مقالات مشابهة

  • الحكومة العراقية تستحدث مركزاً لتطوير المرأة في سنجار وبرنامجاً لتدريب النساء صحفياً وإعلامياً
  • مفتي مصر السابق يجيب على سؤال طفلة: “لماذا أغلب أهل النار من النساء؟” (فيديو)
  • جبران يناقش الخطة الوطنية لتعزيز المساواة بين الجنسين لتمكين المرأة
  • وزير العمل يترأس اجتماع اللجنة التوجيهية للخطة الوطنية لتعزيز المساواة بين الجنسين
  • مصر تتلقى دعوة للمشاركة في "أسبوع المياه العربي السابع" بالأردن
  • رئيسة القومي للمرأة تفتتح ورشة عمل جرائم تقنية المعلومات ذات الصلة بالعنف ضد المرأة
  • العنف يهدد بحرب إقليمية في الكونغو الديمقراطية
  • ليه أكتر أهل النار النساء؟ طالبة تسأل والدكتور علي جمعة يجيب
  • القومي للمرأة يفتتح ورشة عمل حول مكافحة جرائم تقنية المعلومات
  • خبراء: المرأة تتساوي مع الرجل في ساعات النوم