غالبا ما يصنف الآباء أبناءهم بأنهم "خجولون"، خاصة إذا تكررت سلوكياتهم تجاه الغرباء أو في التجمعات العائلية والأماكن العامة، إلا أن الدراسات النفسية تفرق بين الحذر وردود أفعال الطفل الخجول والمنطوي.

في مقال نشره موقع توداي بارنتس، المعني بشؤون التربية، يقول عالم النفس السريري، جان أوتو، من جامعة بالوس فيرديس في كاليفورنيا "إن الخجل والانطواء ليسا نفس الشيء، فالطفل الخجول غالبا لا يشعر بالراحة في بعض المواقف الاجتماعية، وغالبا ما يكون هؤلاء الأطفال أبطأ في الأعمال المجهدة، ويصبحون أكثر تفاعلا كلما زاد مستوى راحتهم بعيدا عن أشخاص لا يعرفونهم أو مواقف جديدة عليهم".

وأضاف "أما الطفل الانطوائي فهو يفضل العزلة، ويتساوى لديه الأشخاص الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم، لذا فسمة الخجل التي ترافق الأطفال في مرحلة ما قبل البلوغ، ليست مدعاة للقلق ومن المهم للوالدين تحديد الأعراض بدقة والاعتراف بكيفية تأثير القلق الاجتماعي على حياة أطفالهم".

خجل أم قلق انطوائي

إطلاق وصف "طفلي خجول" على الأطفال الذين يفضلون العزلة، لشرح حالتهم للغرباء، يضر أكثر مما يعتقد الآباء الذين يحاولون تحسين صورة أطفالهم أمام الغرباء، ففي الحقيقة الأمر لا يتحسن على الإطلاق، بل يقدم للطفل سببا يبدو لطيفا لتبرير العزلة وتجنب التفاعل مع الآخرين باعتبارها سمة شخصية لا يمكن تغييرها.

في المقابل، توضح فران والفيش، المعالجة النفسية في مجال الأسرة والعلاقات، أن تعزيز ثقة الطفل بنفسه وتنمية مهاراته الاجتماعية من أهم الأمور التي يجب الحرص عليها في التعامل مع الطفل الخجول، مضيفة أنه من الخطر إلصاق صفة الخجل بالطفل كعيب أو نقيصة.

تعزيز ثقة الطفل بنفسه من أهم الأمور التي يجب الحرص عليها في التعامل مع الطفل الخجول (غيتي) معاناة أكبر

بحسب معهد القلق الاجتماعي وهو المركز الوحيد في العالم لهذا التخصص، فإن الخجل سمة شخصية، في حين أن القلق الاجتماعي يصاحبه مشاعر سلبية أخرى. يقول عالم النفس جان أوت، "إن القلق يأتي مصحوبا غالبا بأعراض جسدية كما يحمل معه شعورا بالخوف والتوتر والشعور بالإحراج بشكل يومي، مما يعطل أصحابه عن ممارسة مهام الحياة اليومية بكافة تفاصيلها".

عبر برنامج "التغيير في الإمكان" الذي وضعته جينيفر ساليرنو، المعالجة النفسية والمدرس بجامعة ميتشغان، أكدت أن التقديرات الوطنية للأطفال والنشء الذين تتراوح أطفالهم بين 3 و17 عام، أن 9.4% منهم تم تشخيصهم بالقلق، وأن من بين 96 ألف طالب في جميع أنحاء الولايات المتحدة أبلغ 37% عن اضطرابات القلق.

التدليل الزائد أو القسوة الشديدة؟

ما بين الخوف من المدرسة، أو تجنب المشاركة في التجمعات العائلية، أو الابتعاد عن التفاعل مع الغرباء، تعددت أنواع القلق الذي يصاحب الأطفال في المرحلة الابتدائية، لهذا يوضح الدكتور محمد سعيد الإمام، الطبيب النفسي واستشاري طب نفسي الأطفال، أن القلق الاجتماعي يرتبط في كثير من الأحيان بالخوف الزائد من الأم أو الأب على الطفل، فيصبح الطفل في سن المدرسة وما بعد ذلك، غير قادر على التصرف ويخشى التجربة في المواقف المختلفة، ويفضل دائما البقاء منعزلا على الاختلاط بالآخرين والوقوع في الخطأ.

يقول "الإمام" للجزيرة نت "لا يتوقف الأمر عند حدود التدليل الزائد للأطفال، لكن كذلك قسوة الآباء الزائدة تخلق طفلا غير قادر على المواجهة ومائلا للانعزال".

قسوة الآباء الزائدة تخلق طفلا غير قادر على المواجهة ومائلا للانعزال (وكالة الأنباء الألمانية)

يفرق أستاذ علم نفس الأطفال، بين الطفل الخجول والمريض بالقلق الاجتماعي، قائلا "الطفل الخجول لديه دائرة أمان تتسع مع كل فرد يطمئن له، ويشعر بالراحة في قربه، بداية من أسرته الصغيرة ثم العائلة الأكبر ثم محيط زملائه في المدرسة ومعلميه".

وأضاف "لكن الطفل الذي يعاني من القلق الاجتماعي هو منعزل حتى عن أقرب الأشخاص لديه، فتصبح الزيارات العائلية ثقيلة، ويتهرب من مكالمة جدته الصباحية، التفاعل مع العائلة شبه منقطع، أما في الفصل المدرسي، فله سمات واضحة يلاحظها معلموه، فهو يرتجف من الأسئلة حتى وإن كان يعرف الإجابة الصحيحة، لا يفضل الاختلاط في فترة الاستراحة، ليس له أصدقاء ربما صديق واحد فقط، كل هذه العلامات تشير إلى حالة خاصة من القلق تستدعي التدخل العلاجي مع طبيب نفسي سلوكي ومراجعة الأسرة لمعرفة مشاكل التربية التي أدت إلى هذه الحالة".

من المهم أن يوجَه الطفل نحو استرخاء عضلاته، فأغلب حالات القلق يصاحبها تشنج عضلي (شترستوك) إستراتيجيات المواجهة

للتغلب على حالة القلق الاجتماعي لدى الأطفال في سن البلوغ، ينصح الدكتور سعيد الإمام بأن يتحدث الأبوان مع الطفل عن مخاوفه سواء كانت حقيقية أم وهمية وتعليمه بعض الأساليب للتغلب على الأفكار السلبية التي تراوده في تلك المواقف التي يصاحبه فيها القلق، وأول وأهم خطوة يجب أن يقوم بها الطفل حال شعوره بهذا القلق المبالغ فيه في موقف ما، أن يسترخي تماما ويتنفس ببطء يسمح الأكسجين بالمرور بشكل جيد للقلب فيخفف من حالة التوتر والعصبية التي تصيبه.

وتابع "كذلك من المهم أن يوجَه الطفل نحو استرخاء عضلاته، فأغلب حالات القلق يصاحبها تشنج عضلي، ضم اليدين وفتحها بشكل مستمر لمدة 5 دقائق قادر على التخلص من تلك الحالة".

يعاني الأطفال الواقعون تحت ضغط القلق الاجتماعي من ميل دائم للاقتناع بالأفكار السلبية عن أنفسهم والآخرين، بالإضافة إلى الميل لتجنب التجارب الجديدة من الأساس بالابتعاد عن المشاركة في أي أنشطة أو فعاليات، وهنا يأتي دور الأبوين في ربط ذهن الطفل بالأفكار الجيدة عن نفسه والآخرين والاستعاضة عن الفكرة السلبية سواء في الدراسة أو مع الأصدقاء بأخرى جيدة ودمجه مع الآخرين وتنشيط مهاراته الاجتماعية وقدراته على حل المشكلات والمواقف الصعبة بدلا من تجنيبه مواجهة المشكلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قادر على

إقرأ أيضاً:

القبض على أصحاب الفيديوهات المخلة على صفحات التواصل الاجتماعي

كشفت الأجهزة الأمنية تفاصيل قيام بعض الأشخاص بتصوير مقاطع فيديو خادشة للحياء ومنافية للآداب وبثها عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعى.

مصرع شخصين وإصابة 10في حادث انقلاب ميكروباص بالدقهليةأول أيام العيد.. تواجد مرورى مكثف على طرق السفر

بالفحص أمكن ضبط (3 أشخاص – لإثنين منهم معلومات جنائية) ، وضُبط بحوزتهم (6 هواتف محمولة "بفحصهم تبين إحتوائهم على آثار ودلائل تؤكد نشاطهم الآثم") .

وبمواجهتهم أقروا بنشاطهم على النحو المشار إليه بهدف زيادة نسبة المشاهدات وتحقيق أرباح مالية.

تم إتخاذ الإجراءات القانونية.



 

مقالات مشابهة

  • "الطفولة والأمومة" يشكر صناع مسلسل "لام شمسية" على الرسالة التي حملها طوال مدة عرضه
  • بعد تسجيل قفزات تاريخية.. جنون الذهب يرفع سقف القلق العالمي
  • القبض على أصحاب الفيديوهات المخلة على صفحات التواصل الاجتماعي
  • فحص 7.8 ملايين طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع
  • الصحة: فحص 7 ملايين و881 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة
  • غوارديولا يثير القلق بشأن إصابة هالاند
  • كبسولة فى القانون.. اعرف عقوبة جريمة تعريض حياة الأطفال للخطر
  • إيران تكشف عن القاعدة العسكرية التي ستضربها في حال تعرضها لهجوم أميركي
  • إشراك الحواس والتهيئة النفسية.. مفتاح احتفال الأطفال المكفوفين بالعيد
  • 6 نصائح.. استعدادات العيد مع الأطفال ذوي الإعاقة البصرية