"سوف نأتي إليكم إن شاء الله في طوفان هادر. سوف نأتي إليكم بصواريخ لا نهاية لها. سوف نأتي إليكم في طوفان لا نهاية له من الجنود. سوف نأتي إليكم بالملايين من أبناء شعبنا، مداً بعد مد".

بهذه الكلمات، توجّه رئيس حركة حماس في قطاع غزة ، يحيى السنوار، إلى الاحتلال الإسرائيلي، أمام الآلاف من المؤيدين في غزة، خلال خطابٍ ألقاه في كانون الأول/ديسمبر الماضي، بمناسبة الانطلاقة الـ 35 لحركة حماس.

 

وتناولت وكالة "رويترز"، اليوم الجمعة، خطابه السابق، قائلةً إنّ "كلمات السنوار، التي سُمعت بعد فوات الأوان، كانت تُنذر بما سيأتي، وهو الهجوم الذي أطلقت عليه حماس اسم طوفان الأقصى". 

وأضافت "رويترز" أنّ "إسرائيل اكتشفت، قبل أقل من عام، أنّ خطاب السنوار لم يكن تهديداً عَرَضياً، عندما اخترق مقاتلو حماس سياج غزة، وقتلوا نحو 1200 شخص، بينما احتجزوا أكثر من 200".

وبحسب الوكالة، فإنّه "بحلول وقت إلقاء الخطاب، كان السنوار والقائد العسكري محمد الضيف وضعا بالفعل خططاً سرية لهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الممتد 75 عاماً".

ونقلت "جيروزاليم بوست"، عن مصدر أمني، أنّ "حماس خدعت بصورة مثالية إسرائيل قبل هجوم الـ7 من أكتوبر، إذ إنّ الجيش كان أعمى وفشل". 
 
وأضاف المصدر أنّ "السنوار والضيف كان لديهما علم بالمراقبة الاستخبارية، وأوصلا الرسائل عبر أساليب سرية"، مشيراً إلى أنّ بعض أدوات التجسس الإسرائيلية، التي زُرعت في غزة عام 2018، "وقعت في يد حماس".

من أسير محرَّر إلى قائد جهود تحرير الأسرى

واليوم، بعد تنفيذ عملية "طوفان الأقصى"، "يقود السنوار المفاوضات بشأن تبادل الأسرى، ويُدير العمليات العسكرية مع الضيف وقائد آخر، من أنفاق غزة ربما"، وفق ما قالته ثلاثة مصادر من حماس لوكالة "رويترز". 

ونقلت "رويترز"، عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير قوله، هذا الأسبوع، إنّ السنوار "كان له تأثير في المحادثات التي توسطت فيها قطر، وأدّت إلى وقف إطلاق النار، والذي انتهى اليوم الجمعة"، وذلك بعد تحرير أكثر من 200 أسير فلسطيني في مقابل إطلاق سراح عشرات الأسرى الإسرائيليين في غزة.

في هذا الإطار، رأت "رويترز" أنّ "مسألة تبادل الأسرى تُعَدّ مسألة شخصية للغاية بالنسبة إلى السنوار"، الذي أمضى نصف حياته خلف القضبان، وتعهد تحرير جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وفي بيانه الوحيد منذ بداية "طوفان الأقصى"، دعا السنوار الهيئات والمؤسّسات العاملة في مجال الأسرى إلى إعداد أسماء الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مؤكداً أنّه سيجري تحريرهم.

وفي الأيام التي تلت هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، شوهد السنوار من جانب بعض الأسرى الإسرائيليين في الأنفاق، بحسب ما قال الأسرى المفرج عنهم. 

السنوار كان هو نفسه واحداً من 1027 فلسطينياً، أُطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية، في مقابل جندي إسرائيلي واحد محتجز في غزة في عام 2011.

وقال، خلال تجمع حاشد في مدينة غزة بعد إطلاق سراحه: "أدعو المقاومة إلى التعهد بشأن إطلاق سراح السجناء المتبقين. ويجب أن يتحول هذا على الفور إلى خطة عملية".

السنوار يدفع عائلات الأسرى إلى الجنون

في هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ رئيس حركة حماس في قطاع غزة نجح في دفع عائلات الأسرى إلى الجنون. 

وقال الإعلام الإسرائيلي إنّ عائلات الأسرى لدى المقاومة في غزة "تُنفّذ الآن مظاهرة ضخمة بالقرب من مقر وزارة الأمن في تل أبيب، وتغلق طريقاً هناك، وذلك للمطالبة بصفقة واستمرار وقف إطلاق النار" حتى إعادة جميع الأسرى.

وبحسب استطلاع أجرته صحيفة "معاريف"، قبل تجدد القتال في غزة صباح اليوم، فإنّ أغلبية الإسرائيليين يدعمون مواصلة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في مقابل الإفراج اليومي عن الأسرى لدى حماس.

وأظهر الاستطلاع أنّ أغلبية واضحة، مقدارها 54% من جميع المشاركين في الاستطلاع، "تؤيّد استمرار صفقة التبادل ووقف اتفاقية إطلاق النار التي جرت". 

ويُظهر الاستطلاع أن 25% فقط من المستطلعة آراؤهم "يُعارضون استمرار الصفقة التي تتضمن وقف القتال في القطاع"، بينما أجاب 21% بأنهم لا يعرفون.

وعند الاستفسار عن التأييد لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، بدا أنّ "40% من الإسرائيليين الذين صوتوا لنتنياهو في الانتخابات الأخيرة يؤيدون استمرار الصفقة أطول فترة ممكنة"، بينما عارض 34% من مؤيدي نتنياهو استمرار الخطة، و26% قالوا إنّهم لا يعرفون.

أمّا بين معارضي نتنياهو، فإنّ التأييد لصفقة التبادل والهدنة الأطول أتى على الشكل التالي: 66% يؤيدونها، و19% فقط يعارضونها، و15% يقولون إنّهم لا يعرفون.

وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد تحدّثت، في مقال لمحلل الشؤون الاستخبارية، يوسي ميلمان، عن صفقة الأسرى بين حماس و"إسرائيل"، مؤكدةً أنّ قضية الأسرى الإسرائيليين باتت نقطة الضعف في الحرب المستمرة على غزة.

يأتي ذلك بينما يتظاهر الآلاف في "تل أبيب"، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، رافعين شعارات مناهضة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته، التي يحمّلونها مسؤولية الإخفاق الكبير في الـ7 من أكتوبر، مطالبين بتسريع عملية الإفراج عن جميع الأسرى في قطاع غزة.

المصدر : وكالة سوا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: طوفان الأقصى إطلاق النار فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

طوفان الأقصى كسر وهم القوة وسردية الاحتلال.. قراءة في كتاب

الكتاب: القضية الفلسطينية من صفقة القرن إلى طوفان الأقصى
الكاتب: عبد العليم محمد
الناشر: الحضارة العربية للتنمية الثقافية، 2025م
عدد الصفحات: 258 صفحة.


خطة الإصلاح القضائي في إسرائيل

يعد صعود اليمين الديني القومي المتطرف بمثابة النسخة الثانية من المشروع الصهيوني ومركزية الأسطورة الدينية في تكوينه، يحمل هذا اليمين الديني القومي في جعبته مشروع انقلابي قضائي، بزعم استعادة التوازن بين السلطات الثلاث التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، والحد من تغول السلطة القضائية، وتعرف هذه الخطة أي خطة الإصلاح القضائي ياريف ليفين، وزير العدل في الحكومة الإسرائيلية المنتمي لتكتل الليكود، وذلك باعتباره مهندس هذه الخطة الذي قام بصياغة بنودها وأعد مشروعها القوانين التي تضعها موضع التنفيذ، للوصول إلى الدولة العميقة في إسرائيل من قبل اليمين الديني والقومي واليمين الجديد في إسرائيل، من وجهة نظر هذا التيار في المحكمة العليا، والنظام القانوني الإسرائيلي، والاعلام والثقافة، واعتبار هذه المؤسسات من صنع اليسار العمالي وتخدم مصالحه، ولا تخدم مصالح اليمين العقائدية والدينية والسياسية، وساهم في هذه الخطة لوبي يسمى كوهيلت ومعهد الأبحاث التابع له الذي يموله أثرياء من الأمريكيين اليمنيين، واستثمروا فيها عشرات الملايين من الدولارات.

خصص الكاتب الفصل الرابع لطوفان الأقصى والمقاومة، والنسخة الثانية من المشروع الصهيوني، طوفان الأقصى والحرب العالمية الثالثة في غزة، إسرائيل عندما يصبح الإرهاب الطريق لإقامتها وضرورة بقائها، حرب المفاهيم الإسرائيلية نزع إنسانية الفلسطينيين، هندسة ديموغرافية، حل الدولتين نشأة الفكرة، الصعوبات قبل وبعد حرب غزة، اليوم التالي للحرب في إسرائيل.

طوفان الأقصى تحول استراتيجي

كشف طوفان الأقصى عن هشاشة المؤسسة الأمنية، والعسكرية، والاستخباراتية الإسرائيلية وقابليتها للاختراق والارتباك والشلل، إذ تمكن عدد محدد من بضع مئات من مقاتلي حماس والمقاومة الفلسطينية من اختراق السياج الحدودي، والسيطرة التامة لبضع ساعات على المستوطنات والمقار الأمنية والعسكرية، وأبطلت بنية الإنذار المبكر والرادات وعمل الوحدة الاستخباراتية المكلفة بمراقبة ما يحدث في القطاع ليل نهار على مدار أربع وعشرين ساعة، وهي الوحدة المعروفة  8200 (ص181).

بين كلمات غسان كنفاني وبين طريق المقاومة الذي اختاره السنوار صلة لا تنقطع، حيث اعتبرت إسرائيل أن كلمات كنفاني زاخرة بالقوة والتأثير والخطر عليها، تماماً كطريق المقاومة بالسلاح الذي تبناه السنوار والدليل على ذلك ان العدو لم يفرق بين صاحب الكلمات وبين حامل السلاح والمقاوم، فكلاهما خطر عليه وكلاهما أسلحة حادة تساهم إن آجلاً أم عاجلاً في تقويض روايته وكيانهدأب المحللون والمعلقون الاستراتيجيون الغربيون بعد عملية طوفان الأقصى على توصيف هذه العملية بـ (ببرل هابر) أثناء الحرب العالمية الثانية ضد الأسطول الأمريكي من الطائرات اليابانية، أو 11 سبتمبر عام 2001م، ضد الولايات المتحدة الأمريكية ومراكز التجارة العالمية والبنتاجون، ولكن حال التوصيف هذا بعيد عن الدقة والموضوعية، ومنحاز لإسرائيل قصداً وعمداً، لأن وراءها توصيفات يتم ترويجها ضد المقاومة الفلسطينية، فمن ناحية يضع توصيف طوفان الأقصى ببيرل هاربر الإسرائيلية المقاومة، وحركة حماس على قدم المساواة مع الفاشية العسكرية اليابانية، والتوصيف الثاني يصف طوفان الأقصى بهجمات 11 سبتمبر عام 2001م، يستهدف الربط بين المقاومة وحماس وبين الإرهاب، واعتبارهما تنظيمات إرهابية وينفي طابع المقاومة الفلسطينية لقوات الاحتلال الإسرائيلي، ويفتح الباب أمام الدعاية الإسرائيلية لدعشنة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية.

لكن أولئك المحللين تناسوا أن دولة الاحتلال أقيمت على الإرهاب المنظم، وأن استمرار بقائها مرهون باستمرار التطهير العرقي للشعب الفلسطيني، فهو طريق تأمين وجودها وبقاءها، فلم تتوان إسرائيل عن الضرب بعرض الحائط لكافة المواثيق الدولية والقانون الدولي والقانون الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون النزاعات المسلحة، حينما قامت بتغيير المعالم الديمغرافية في الأراضي المحتلة عام 1967م، وتكثيف الاستيطان والمستوطنات ليصل عدد المستوطنين في الضفة ما يفوق 750 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس (ص196 ).

حرب المفاهيم الإسرائيلية.. نزع إنسانية الفلسطينيين.

برعت إسرائيل في استخدام المصطلحات والمفاهيم الإسرائيلية للتغطية على جرائمها من قتل جماعي وابادة للنساء والأطفال والشيوخ، من خلال تبرير تلك العمليات وتسويغ قبولها لدى الرأي العام العالمي، وكسب الأنصار والمؤيدين في الساحة الدولية لكل إجرامها، من خلال جيش من الإعلاميين والدبلوماسية الإسرائيلية التي تهدف لنزع الإنسانية عن الشعب الفلسطيني، ونزع المشروعية عن نضاله الوطني التحرري، فكل ما جرى من وجهة نظرهم عام 1948م، من تطهير عرقي بطرد أكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم مجرد معركة استقلال، وتحرير أرض إسرائيل من أصحابها، وما المقاومة الفلسطينية الشعبية والمسلحة  لكل ذلك سوى إرهاب بما فيها الدعوة للمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، والجدار العنصري الذي بنته على حدود الضفة الغربية والقدس وفق المصطلحات الإسرائيلية جدار أمني وسياج  أمني، في حين أنه جدار فصل عنصري مقيت باعتراف محكمة العدل الدولية، حتى في حرب طوفان الأقصى وصف الشعب الفلسطيني بحرب كلامية ونفسية، فالفلسطينيون حيوانات وفق تعبير جالانت، والحرب التي تشنها إسرائيل ضد حركة حماس وليس ضد الشعب الفلسطيني، ولكن الشعب الفلسطيني خبر هذا التزييف والكذب وصناعته عبر العقود ومهما أمعنت المؤسسة الصهيونية الإسرائيلية في تغطية أهدافها وتزيينها بالكلمات فإن الشعب الفلسطيني يعرف الحقيقة، ولا يكتفي بالمعرفة فحسب بل يحاول تعزيزها بالمقاومة(ص201)

هندسة ديموغرافية.. آثار العدوان على غزة

ظل الهدف الإسرائيلي للمشروع الصهيوني السيطرة على أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية وأقل عدد من الفلسطينيين، يشغل الساسة الإسرائيليون وفق الهاجس الديمغرافي الذي لم يفارق الأجندة الإسرائيلية مع كل عدوان ترتكبه إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، لإحداث تهجير قسري للسكان وتصحيح الخطأ الذي ارتكب عام 1948م، ببقاء الشعب الفلسطيني على أرضه وتهجيره داخلياً، وفي حرب طوفان الأقصى تمثل الهدف الديمغرافي للعدوان في القيام بعملية هندسة ديمغرافية في الهرم السكاني لقطاع غزة، والمعروف بقاعدته الشابة، التي قدرت بنحو 70% من اجمالي عدد سكان قطاع غزة البالغ 2.2 مليون نسمة، لكي يتحقق هذا الهدف استهدف العدوان قتل النساء والأطفال، فالنساء مصدر الخصوبة والنمو السكاني والانجاب أما الأطفال فهم مقاومة الغد . ص205))

ناقش الفصل الخامس تغيير جغرافية الإقليم، بين المقاومة والأوهام الإسرائيلية ومعادلة القوة والحق..، الضفة الغربية وتحولات الأمن الإسرائيلي، غزة ولبنان بين الفصل والربط، السنوار وكنفاني..

بين الرصاص والكلمات، معادلة القوة والحق، في الصراع العربي الإٍسرائيلي

حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على غزة والمرشحة للاستمرار بسبب غياب أي نوايا إسرائيلية على انهائها، لا تقتصر أهدافها على غزة و جغرافيتها الضيقة، بل تمتد إلى الإقليم كله، بهدف اخضاع الإقليم والقوى الفاعلة فيه لسطوة القوة الإسرائيلية، وتأكيد التفوق الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وغربياً، بأحدث المعدات واللوجستيات الاستخباراتية والأمنية يضيف الكاتب هنا: " عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر وجهت ضربة قوية لعناصر الأمن الإسرائيلي والاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة الشعب الفلسطيني والمحيط الإقليمي، التي تمثلت في توفر العناصر الأربعة التي تعتمد عليها هذه الاستراتيجية؛ أي الردع والإنذار المبكر والدفاع والحسم التي تمت صياغتها وفق افتراضات وضعها المنظرون الاستراتيجيون الإسرائيليون؛ أولها: ضيق مساحة إسرائيل جغرافياً، ثانيها: أن إسرائيل دولة يهودية وتستهدف جلب اليهود من كل بقاع الأرض للحياة فيها، ثالثها: افتراض ان إسرائيل تعيش في محيط معاد يكن لها الكراهية ومعاد للسامية، وأن الاتفاقيات التي عقدت معها للسلام لم تتمكن من محاصرة وتقليص هذه الكراهية، وبطبيعة الحال فإن إسرائيل بسلوكها وجرائمها وعدوانها قد غذت القسط الأكبر من هذه الكراهية.

برعت إسرائيل في استخدام المصطلحات والمفاهيم الإسرائيلية للتغطية على جرائمها من قتل جماعي وابادة للنساء والأطفال والشيوخ، من خلال تبرير تلك العمليات وتسويغ قبولها لدى الرأي العام العالمي، وكسب الأنصار والمؤيدين في الساحة الدولية لكل إجرامها، من خلال جيش من الإعلاميين والدبلوماسية الإسرائيلية التي تهدف لنزع الإنسانية عن الشعب الفلسطيني، ونزع المشروعية عن نضاله الوطني التحرري،يؤكد الكاتب أن عنصر الردع كان الأكثر تضرراً وإثارة للجدل، فالأصل في الردع في العلاقات الدولية هو منع الخصم، من القيام بعمل يضر بمصالح صاحب قوة الردع، وقد أثبت طوفان الأقصى هشاشة الردع الإسرائيلي، وقابليته للاختراق على نحو مفجع لإسرائيل، وكل ما تفخر به من تكنولوجيا استخباراتية وأمنية واستباقية؛ نتيجة لذلك يركز الجدل حول الأمن الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر على تقليص الاعتماد على مفهوم الردع والانذار المبكر، وضرورة الاعتماد على مفهوم المنع الاستباقي أي استخدام القوة لمنع التهديد مبكراً بدلاً من انتظار وقوعه(ص230).

غزة ولبنان بين الفصل والربط:

روج بنيامين نتنياهو قبل السابع من أكتوبر عام 2023م، لمقاربة سياسة استراتيجية في اعتبار أن إيران وحزب الله هما الخطر الوجودي على إسرائيل، في حين أن حركة حماس لا تمثل تهديداً لوجود إسرائيل، إلا أن السابع من أكتوبر أثبت خطأ هذه المقاربة نظريا وعملياً ووجهت الانتقادات الحادة لنتنياهو باعتبار أن هذه المقاربة تمثل السبب الأول في الفشل الاستخباراتي والأمني والعسكري الإسرائيلي في مواجهة طوفان الأقصى، لكن عودة نتنياهو إلى هذه المقاربة بعد ما يقرب من عام على الحرب ارتكزت إلى أن حرب الاسناد والمشاغلة التي بدأها حزب الله ضد إسرائيل لتخفيف الضغط العسكري على المقاومة الفلسطينية منذ الثامن من أكتوبر 2008م، قد أسهمت في ابطاء تحقيق الأهداف الإسرائيلية في غزة، وعمقت الربط بين جبهة غزة وجبهة الشمال، وأن ربط وقف اطلاق النار في الجبهة الشمالية يرتبط بوقف حرب الإبادة في غزة؛ لذلك جاءت الضربة لحزب الله بتفجير أجهزة البيجر والوكي توكي، ومن ثم ضرب الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال القادة والكوادر العسكرية لحزب الله لإجبار حزب الله على قبول الفصل بين جبهة غزة، وجبهة الشمال، ووقف حرب الإسناد لغزة، وسحب مقاتلي حزب الله لعدة كيلو مترات بعيداً عن المستوطنات الإسرائيلية تطبيقا لقرار 1701.(ص234).

يقول الكاتب:" يربط غزة والمقاومة في لبنان تشابهات بنائية في العمق والجوهر، فكلتاهما يمثلان قلعتين للمقاومة في وجه التوسع والعدوانية الإسرائيلية، كما أن لكليهما صولات وجولات وتاريخاً من المقاومة الباسلة في لبنان وغزة، وتشترك كلتاهما في حمل الاحتلال الإسرائيلي على الرحيل؛ بسبب المقاومة الضاربة في كل منهما، هذه دروس لا يمكن تجاهلها وروابط لا يمكن فصلها".

السنوار وكنفاني بين الرصاص والكلمات:

الشهداء يخاطب بعضهم بعضاً، السابقون منهم يخاطبون اللاحقين، فغسان كنفاني الذي اغتالته إسرائيل بقرار من جولد مائير عام 1972م، بعبوة ناسفة وضعت تحت سيارته، تحدث سابقاً عن الشهادة "احذروا الموت الطبيعي" ولا تموتوا إلا تحت زخات الرصاص" وتسقط الأجساد لا الفكرة"، ولا عذراً لمن أدرك الفكرة وتخلى عنها"، وكأنه يخاطب السنوار رغم فارق الزمن والتاريخ، حيث حرص على أن يموت مقاتلاً مقاوماً مشتبكاً، وليس مختبئاً أو متحصناً، بالأسرى كما زعمت الرواية الإسرائيلية التي تم تعميمها على العالم شرقا وغرباً، رفض السنوار وعلى نهج غسان كنفاني الموت الطبيعي، وتمسك بفكرة المقاومة عندما أدركها، ولم يتخل عنها حتى الرمق الأخير، ورسم بصورة استشهاده ألف حقيقة مسحت كل الدعاية الإسرائيلية التي حاولت تشويهه.

"بين كلمات غسان كنفاني وبين طريق المقاومة الذي اختاره السنوار صلة لا تنقطع، حيث اعتبرت إسرائيل أن كلمات كنفاني زاخرة بالقوة والتأثير والخطر عليها، تماماً كطريق المقاومة بالسلاح الذي تبناه السنوار والدليل على ذلك ان العدو لم يفرق بين صاحب الكلمات وبين حامل السلاح والمقاوم، فكلاهما خطر عليه وكلاهما أسلحة حادة تساهم إن آجلاً أم عاجلاً في تقويض روايته وكيانه"، (ص240).

إقرأ أيضا: من صفقة القرن إلى ملائكية الاحتلال.. قراءة في تهديدات التصفية.. كتاب جديد

مقالات مشابهة

  • صحيفة إسرائيلية: وفد من الحكومة يبحث دفع صفقة تبادل الأسرى مع حماس
  • ‏الرئيس الفلسطيني يدعو حماس لتسليم الرهائن لـ "سد الذرائع الإسرائيلية"
  • ‏الرئيس الفلسطيني: 2165 عائلة أبيدت كليا في غزة
  • رويترز: وفد من حماس يبحث في القاهرة مقترح هدنة مطولة
  • ‏العاهل الأردني يحذر من خطورة استمرار التصعيد في الضفة الغربية والانتهاكات للمقدسات
  • مقترح جديد للهدنة بغزة.. 7 سنوات من السلام مقابل الأسرى والانسحاب الإسرائيلي
  • ‏حماس: مرور 50 يوما على إغلاق معابر غزة كارثة إنسانية مستمرة تهدد حياة مليوني إنسان في ظل عجز دولي غير مبرر
  • ‏وسائل إعلام فلسطينية: قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي على بلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس
  • إذاعة الجيش الإسرائيلي: مقتل قيادي بارز مرتبط بحماس والجماعة الإسلامية في الغارة التي استهدفت سيارة قرب الدامور جنوبي بيروت
  • طوفان الأقصى كسر وهم القوة وسردية الاحتلال.. قراءة في كتاب