من جديد عادت مشاهد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة المؤقتة التي تم تمديدها عدة أيام، لتثير التساؤلات حول مصير الهدنة الدائمة وما الذي تريده إسرائيل من القطاع.

إعادة إطلاق النار مجددا جاء رغم التوقعات التي كانت تشير إلى تمديد الهدنة من جديد، وردا على ذلك قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية والقيادي بحركة فتح، إنه رغم الوساطات إلا أن الاحتلال أعاد الحرب على غزة وركز هجومه على الجنوب بشكل كبير، وحتى هذه اللحظة ارتقى أكثر من 100 شهيد.

ضوء أمريكي أخضر

أضاف الرقب، في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن الاحتلال أخذ ضوءا أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال حربه على غزة، والضغط لتحسين ظروف المفاوضات بواسطة الوسطاء لوصول لحلول جديدة في اتجاهين، الأول صفقة تبادل الأسرى، والثاني الهدنة الطويلة والتي تعتمد على تفكيك سلاح المقاومة.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن مستقبل غزة مرهون بصمود المقاومة حتى تصبح الشروط الإسرائيلية محدودة ولا يكون أساسها وقف الحرب بالقضاء على حماس والمقاومة، لافتا إلى أن الأمور قد تزداد صعوبة خلال الأيام القادمة وذلك للضغط على حماس، وفي العموم لا أحد يستطيع تصور مستقبل غزة في هذه الظروف لأن المتغيرات غير ثابته أو واضحة.

وحول مدى إمكانية نجاح إسرائيل في القضاء على حركة حماس، أكد الرقب أن القضاء على حركة حماس أمر ليس سهلا ويحتاج لشهور طويلة لذلك قد تكون الحلول الوسط هي الحل، مثل هدنة طويلة وتفكيك سلاح المقاومة هي إحدى الحلول مقابل بقاء حماس في الحكم مع مراقبة دولية كبيرة على السلاح.

ماذا بعد الهدنة؟

قال الدكتور جمال زحالقة، عضو الكنيست الإسرائيلي السابق، إنه في إطار صفقة التبادل، حققت حركة حماس إنجازا ثلاثيا، عبر تحرير مئات الأسيرات والأسرى صغار السن من السجون الإسرائيلية، وتخلّصت من العشرات من الرهائن المدنيين الذين شكلوا عليها عبئا أرادت التخلّص منه، وفرضت هدنة تخللها إدخال كميات إضافية من المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح.

وأضاف زحالقة، في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أنه رغم المساعي المصرية والقطرية الحثيثة لإطالة الهدنة ولتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، عبر استثمار قضية الأسرى الإسرائيليين، فإن إسرائيل  كانت تخطط لاستئناف الحرب بأقرب فرصة ممكنة بعد استنفاد العملية الحالية لتبادل الأسرى، وهو ما حدث بالفعل.

وتابع: المعلقون العسكريون في إسرائيل عادوا إلى ترديد الادعاء الكاذب المتفق عليه بأن العودة إلى القتال وبوتيرة أعلى يزيد من إمكانية إعادة الأسرى الإسرائيليين بشروط أفضل لإسرائيل.

وشدد الدكتور جمال زحالقة على أن الرد الإسرائيلي تحطم في السابع من أكتوبر، وفقط انتصار واضح بالضربة القاضية وليس بالنقاط، سيعيد بناء الردع.

وواصل أن الأزمة التي تواجه الكيان الصهيوني أن غزة عصية على الكسر، ويتضح أكثر فأكثر أن إسرائيل عاجزة عن حسم المعركة، ولكنّ قيادتها لا تريد وقف الحرب ولا الانسحاب، وهذا يعني أنها تتورّط في غزة لمدة طويلة في حرب لا تنتهي، لكن مصيبتها أنها حرب دمار وإبادة على أهل غزة.

وأشار إلى أن هذا الوضع يستدعي تحركا فلسطينيا، يستند إلى وحدة وطنية تشمل القوى الوطنية والإسلامية، والدفع بوزن الدول العربية والإسلامية وبثقل كل مناهضي حرب الدمار الشامل، نحو إنهاء الحرب فورا، وسحب قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى خطوط ما قبل السابع من أكتوبر.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: حرب غزة قطاع غزة اسرائيل الهدنة حركة حماس

إقرأ أيضاً:

مستقبل الإسلام السياسي في السودان بعد الحرب

تقرير: خالد فضل

إنّ المؤتمر الوطني يولي مقاومة مليشيا التمرد والاستعمار الجديد جلّ اهتمامه الآن، وقد أكد موقفه أكثر من مرّة بأن توكل السلطة التنفيذية خلال الفترة الانتقالية لأكفاء مهنيين غير حزبيين تتوافق عليهم القوى السياسية والمقاومة الشعبية الداعمة للمعركة ضد التمرد. ويعيد تمسكه بحقه الكامل بالمشاركة في أي انتخابات أو أي حوارات توافقية ولن يقبل بغمط حقه أو عزله من الساحة السياسية، وإذا وقع اختيار الشعب عليه فحينها لن يجرؤ أحد بأن يحول بينه وبين إرادة الشعب. هذا جزء مما ورد في بيان أصدره الحزب (المحظور) بحسب الوثيقة الدستورية 2019م؛ والتي لم يتم التخلي عنها رسمياً من جانب قيادة الجيش حتى الآن.

البيان صدر في 27 سبتمبر 2024م، بعد زمن وجيز من خطاب كان قد ألقاه الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، القائد العام للقوات المسلحة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وفي ذلك الخطاب أشار البرهان إلى تمسّك قيادة الجيش بالتزامها الأول في 2019م بالتحول الديمقراطي وتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة أو توافقية. دون أن يشير إلى أي تطورات حدثت بعد البيان الذي كان قد أذاعه الفريق عوض بن عوف قائد الجيش وقتها وحوى ذلك الإلتزام، فيما هاجم القوى المدنية المعارضة للحرب، وما أسماه بخطط (الاستعمار الجديد للدول) في إشارته  لدولة الإمارات؛ المتهمة بمساندة قوات الدعم السريع التي تخوض حرباً ضد الجيش منذ أبريل العام الماضي، بعد تعثر عملية سياسية بمشاركة مجموعة من القوى المدنية التي عارضت انقلاب المكون العسكري (الجيش/ الدعم السريع) ضد الوثيقة الدستورية، وهي العملية السياسية المدعومة من الأمم المتحدة والرباعية الدولية (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، الإمارات العربية)، وكان الإطار العام لتلك العملية يهدف إلى إبعاد القوات المسلحة والدعم السريع من العمل السياسي واستلام المدنيين للسلطة في فترة انتقالية تعمل على إجراء إصلاحات جذرية في جميع مؤسسات الدولة، ومن ثمّ إجراء انتخابات عامة في بيئة ديمقراطية بعد تفكيك الإرث الذي خلفته فترة حكم حزب المؤتمر الوطني (الإسلامي) منفرداً، بعد هيمنته على وقع انقلاب عسكري نفذته الجبهة الإسلامية القومية (الاسم السابق للمؤتمر الوطني) بزعامة الراحل د. حسن الترابي وقاده الرئيس السابق- العميد حينها- عمر البشير في العام 1989م. وقد تباينت الآراء حول فحوى ذلك الاتفاق بين قيادتي الطرفين العسكريين خاصة الفترة الزمنية لإدماج قوات الدعم السريع وتوحيد القوات المسلحة السودانية وعملية الإصلاح الهيكلي فيها وتفكيك سيطرة عناصر الإسلاميين على مفاصلها القيادية والاقتصادية.

خطاب البرهان حوى إشارة إلى عزل حزب النظام السابق من ترتيبات الانتقال  القادم، وهو ما أثار حفيظته كما يبدو من خلال تذكيره بدوره في دعم الجيش في حربه، وتأكيده على الحق في أي ترتيبات انتخابية أو توافقية، بل مضى لتحديد الجهات التي ينبغي أن تقود الفترة الانتقالية وسماها بالقوى السياسية والمقاومة الشعبية التي تقف مع الجيش ضد الدعم السريع. ولعل المراقبين يلحظون أنّ حزب الإسلاميين قد انتقل من خانة (المحظور) إلى خانة (الحاظر) للقوى المدنية الديمقراطية المناوئة للحرب.

إلى ذلك، ومع ما أفرزته الحرب من اصطفاف سياسي اجتماعي وجهوي واضح وسط الساحة السودانية، وبروز المجموعات الإسلامية المقاتلة صمن تشكيلات الجيش؛ وسط تأييد وتشجيع من مساعد قائد الجيش الفريق ياسر العطا بشكل خاص، تبرز مسألة النظر إلى مستقبل هذه الجماعة في ترتيبات المستقبل السياسي  السوداني، وما إذا كان هناك أفق مفتوح أمامها لترتيب وهندسة هذا المستقبل.

يجيب  الكاتب الصحفي والمحلل السياسي أبوذر علي الأمين: هناك فرق بين الإسلاميين والمؤتمر الوطني يؤرخ له منذ المفاصلة الشهيرة، المؤتمر الوطني الذي ورث الحركة الإسلامية بعد تلك المفاصلة فقد نسبياً السيطرة على الجيش بل أصبح خاضعاً له بدفع من بعض المحسوبين على الإسلاميين ضمن الجيش. وبعد 2013م فقد السيطرة تماماً ضمن السياق الذي ظهرت فيه قوات الدعم السريع وما دار حولها من صراعات داخل نظام الإنقاذ وقتها.

عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، الكاتب الصحفي كمال كرار، يرى المؤتمر الوطني الذراع السياسي للحركة الإسلامية، لم ولن يتعلم من التجارب؛ لأنه طوال عهده كان تنظيماً إرهابياً تتحكّم فيه النزعات العسكرية والاستبدادية، وحرفته الوحيدة التي أجادها هي الفساد والإفساد، ولذلك فقد البوصلة والبرنامج، ولم يستطع قراءة التطورات على الصعيد السياسي وبالذات وسط الحركة الجماهيرية والفئات الثورية؛ فانهزم في ثورة ديسمبر التي عصفت به وخلعته من الحكم.

واستدرك قائلا: لكنه ما يزال يحلم بالعودة للسلطة عبر السلاح والدبابة، والتاريخ القريب يشهد على كتائب أحمد هارون التي حاولت قتل المتظاهرين على أيام الاعتصام. ومن بعد خططوا لانقلاب البرهان طمعاً في عودتهم للسلطة كما كانوا ففشل الانقلاب لأن مياهاً كثيرة جرت تحت الجسر لم يضعوا لها حساباً، وهاهم يركبون موجة الحرب التي حرضوا عليها لا لشئ إلا الاستيلاء على السلطة، لكنه سيناريو لن ينجح فالحرب التي ظنوها نزهة طالت واستطالت.

يمضي راشد عبد القادر، الكاتب والسياسي الشاب، للتأكيد بأنّ المؤتمر الوطني قبل ثورة ديسمبر ليس هو ذاته بعدها؛ مستخدماً عبارة كرار (جرت مياه كثيرة تحت الجسر) أدت في أدنى مستوياتها إلى تغيير مراكز القوى والسلطة داخل الحزب نفسه مثل القيادة الموجودة على الجهاز التنفيذي، البشير، علي عثمان، نافع… إلخ. مما أفقده بدرجة كبيرة آليات السلطة وهو الأمر الذي انعكس بصورة أو أخرى على سطوته  ونفوذه، ما نجم عن ذلك من صراع على فراغ القيادة وبرزت تيارات متعددة تختلف فيما بينها حول طبيعة التعاطي مع الواقع السوداني، فظهرت مجموعة إبراهيم محمود ومجموعة غندور ومجموعة علي كرتي التي من الواضح أنّها الأكثر نفوذاً وانخراطاً في الحرب وما قبلها من عمليات تخريب لعملية الانتقال السياسي، وهي تستند في نفوذها هذا إلى تاريخ قديم للحركة الإسلامية مع المؤسسة العسكرية وما صحب ذلك من هيمنة عليها من الدفعة (40) كلية حربية إلى آخر يوم قبل الثورة؛ إذ كان الانتساب لهذه المؤسسات في غالبيته العظمى يتم عبر الحركة الإسلامية وأذرعها، مما يجعل كثيراً من الضباط فيها- حتى اليوم- هم من أبناء الحركة الإسلامية أو ممن حصلوا على فضلها ودعمها وهذا ما يجعل مهمة إصلاح هذه المؤسسات أمراً عسيراً جداً. وكانت هذه من أهم النقاط التي قادت إلى إفشال الاتفاق الإطاري.

أما حول فرضية السيطرة المطلقة لعناصر الإسلاميين في المؤتمر الوطني، يستبعد أبوذر هذه الفرضية بتعبيره (لا أظن) معللاً ذلك بأنّ الحركة الإسلامية الأم انتهت ولا سبيل في المستقبل القريب لاستعادة وحدتها أو لبناء أو ظهور بديل لها. وفي تقديره أنّ هذا المصير يصدق على كل القوى السياسية التاريخية، مشيراً إلى أنّ تحالف الحرية والتغيير قد أضاع أقوى وأهم فرصة لبناء بديل سياسي كان من المفترض أن يتسيّد الساحة السياسية بعد الثورة؛ بسبب ما وصفه بمحاربتة الجماهير وفقدانه للشارع الثوري.

أصبحت الساحة الآن مفتوحة يتسيدها العسكر بلا حاضنة مدنية ذات وزن أو حزب سياسي قوي أيّاً كان، بل الساحة مفتوحة أكثر لبروز قوى سياسية جديدة يضطلع العسكر بتكوينها مستغلين الفراغ الراهن لتكون نصيراً مدنياً لهم وليس عسكرياً مستفيدين من تجربتهم مع الدعم السريع، ولكن هذه القوى لن تكون إسلامية الوجهة وإن استعانت ببعض عناصرهم تقديراً للدور الذي لعبته وفرضته الحرب الحالية.

من جانبه يرى كمال كرار، أنّه ومنذ انقلاب البرهان ارتفع الصوت الإعلامي للمؤتمر الوطني؛ للتأكيد على أنّه حاضر بقوة في الساحة، لكنه في الحقيقة (مات وشبع موتاً) ولن يعود للسلطة ولو بعد ألف عام، لا بالانقلاب ولا بالحرب ولا بالإنتخابات فهو تنظيم نازي ارتكب جرائم غير مسبوقة- على حد وصفه.

راشد عبد القادر من جهته، يشير إلى القدرات الدعائية والإعلامية الضخمة للحركة الإسلامية التي تمكنت من خلالها (شيطنة) الفترة الانتقالية وإعادة تشكيل الرأي العام فيما يلي الحرب الدائرة الآن وأظهرت نفسها في موقف الداعم الأساسي للجيش والوطن وأخفت وضللت حقيقة أنها المختطف للمؤسسة العسكرية والمهدر لدورها الوطني من جهة، ومن جهة أخرى أنها المؤسس والداعم لقوات الدعم السريع كقوة موازية للجيش وكانت تعمل لحساب الحركة الإسلامية الخاص وتمارس ذات الانتهاكات والعنف في أطراف السودان.

هذه القدرات الدعائية تعمل على إعادة ضبط وصياغة الذاكرة الجمعية لكي تعلي من شأنها من جديد بدعم من عناصرهم العسكرية مما يجعل أي تغيير سياسي وطني لا يخلو من أجندتهم ومشاركتهم بصورة مباشرة أو من خلال تحكمهم غير المعلن، لكن حدوث التغيرات الكبيرة على المستوى الوطني وطبيعة الحرب والإنهاك الكبير للمؤسسات العسكرية وفقدها لعناصرها وانتباه المحيط الإقليمي والدولي للخطر الماحق الذي تفرزه هذه الممارسات وتهدد الأمن والسلم الإقليمي، هذه العوامل تجعل المقبولية المطلقة لهم غير واردة، إضافة إلى- وهذا من أهم العوامل- أن طبيعة البنادق عبر تاريخ الصراعات تنتج قيادات طامحة تؤمن بأن من دفع ثمن القتال هو من يحوز ثمرة انتصاره متى ما حدث انتصار.

الوسومأبوذر علي الأمين إبراهيم غندور الإسلام السياسي الجبهة الإسلامية الجيش الحركة الإسلامية السودانية السودان حزب المؤتمر الوطني المحلول خالد فضل راشد عبد القادر علي عثمان عمر البشير كمال كرار نافع علي نافع

مقالات مشابهة

  • ‏الجيش الإسرائيلي: قواتنا قتلت المسؤولين الأمنيين لدى حماس سامح السراج وسامي عودة
  • فلسطيني من غزة.. القتيل الوحيد بالهجوم الإيراني على إسرائيل يوارى الثرى
  • استمرار الحرب في قطاع غزة لليوم الـ362 والجيش الإسرائيلي يحذر النازحين من العودة إلى الشمال
  • ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على مخيم النصيرات بغزة إلى 9 شهداء
  • «شؤون الأسرى»: قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية
  • الخسائر بمليارات الدولارات.. قطاع تضرر كثيرا جراء القصف الإسرائيلي
  • نهاية الحروب القصيرة.. هل أدخلت إسرائيل الشرق الأوسط في حرب بلا نهاية؟
  • دمار واسع غير مسبوق بالضاحية الجنوبية لبيروت جراء القصف الإسرائيلي العنيف
  • مستقبل الإسلام السياسي في السودان بعد الحرب
  • عودة الدولة اللبنانية هى الحل