انتهت الهدنة.. هكذا عاد أهل غزة للتعايش مع القصف والنزوح
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
غزة- بخطىً متسارعة، غادر محمد عوض وأسرته منزلهم في شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ونزح مجددا إلى مركز إيواء في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غرب المدينة، إثر انهيار مباحثات تمديد اتفاق الهدنة المؤقتة بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وإسرائيل.
واستيقظ من حالفه الحظ بخطف ساعات قليلة من النوم من سكان القطاع، صباح اليوم الجمعة، على أصوات انفجارات هائلة هزت أرجاء القطاع، ناجمة عن تجدد الغارات الجوية الإسرائيلية، شنتها مقاتلات حربية بعد دقيقتين فقط من انتهاء اتفاق الهدنة عند الساعة السابعة صباحا.
وحتى اللحظات الأخيرة من اليوم السابع للهدنة، كان الغزيون على أمل أن تنجح الوساطة القطرية في إعلان تمديد اتفاق الهدنة، الذي استمر أسبوعا هو الأكثر هدوءا والأقل نزفا للدماء منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما شنت إسرائيل حربها على القطاع عقب إطلاق فصائل المقاومة معركة طوفان الأقصى.
توقف الإمدادات والمساعدات الإنسانية والطبية والوقود عبر معبر رفح يعمق من الواقع المنهار في غزة (الجزيرة) خيبة أمليشعر محمد بخيبة أمل كبيرة من تجدد الحرب وعودة نزيف الدم والدمار، ويقول للجزيرة نت "عدت إلى منزلي في اليوم الثاني من اتفاق الهدنة، وكبر الأمل بداخلي بنجاح قطر في تمديدها عدة مرات، واعتقدت أن الحرب قد انتهت وأننا نقترب من اتفاق لوقف كامل لإطلاق النار".
وتزداد مخاوف هذا الأب (36 عاما) الذي يعيل أسرة مكونة من 5 أفراد، من اجتياح بري إسرائيلي لجنوب القطاع، إثر منشورات ألقاها جيش الاحتلال على مناطق شرق خان يونس، تطالب سكانها بالنزوح عن منازلهم نحو مدينة رفح أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر.
وأشار محمد إلى المنشور الموقع باسم "جيش الدفاع الإسرائيلي" وكان مذيلا بتهديد "لقد أعذر من أنذر"، جاء فيه مطالبة لسكان مناطق القرارة وخزاعة وعبسان وبني سهيلة، بالإخلاء فورا والتوجه إلى الملاجئ في منطقة رفح، ويقول إن "مدينة خان يونس هي منطقة قتال خطيرة"، ويتساءل عوض باستغراب وغضب "عن أي ملاجئ يتحدث الاحتلال والقتل والدمار في كل مكان؟".
ولا تتوفر في القطاع الساحلي الصغير، بمساحة 360 كيلو متر مربع، ويقطنه ما يقارب 2.2 مليون نسمة، أي ملاجئ تأوي النازحين في أوقات الحروب والطوارئ، وشهدت مدينة رفح المشار إليها في منشور جيش الاحتلال، منذ اللحظات الأولى لاستئناف الحرب، غارات جوية عنيفة على منازل سكنية أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات المدنيين، جلهم من النساء والأطفال، بحسب لجنة الطوارئ الصحية في المدينة.
وقرر محمد العودة إلى منزله في عبسان الكبيرة، الواردة في منشور جيش الاحتلال، في اليوم الثاني من اتفاق الهدنة السبت الماضي، في حين بقي أفراد من عائلته الممتدة في مركز الإيواء بمدينة خان يونس، ويقول إنهم "لم يكونوا واثقين من ثبات اتفاق الهدنة ويتوقعون انهيارها في أي لحظة".
حكاية محمد ليست استثنائية، فقد شهدت مراكز الإيواء في المدارس وساحات المستشفيات والمرافق العامة على مستوى القطاع عودة لنازحين، بالإضافة إلى لجوء نازحين جدد.
وتسيطر حالة من القلق الشديد على محمد وسكان مدينة خان يونس والنازحين إليها، ويخشون مصيرا شبيها لما ارتكبه جيش الاحتلال في مدينة غزة ومناطق شمال القطاع، باجتياح بري يقتل ويدمر كل شيء في طريقه.
اغتيال الحياة
ومع استئناف جيش الاحتلال للحرب وتجدد الغارات الجوية، أصابت حالة من "الشلل" مفاصل الحياة في القطاع، وخلت الشوارع من المارة، وأغلقت الأسواق والمحال التجارية أبوابها، وفضلت مساجد عدم إقامة صلاة الجمعة، واقتصرت الصلاة في مساجد أخرى على أعداد قليلة من المصلين.
وامتنع ناصر عبد الخالق عن الذهاب للمسجد لأداء صلاة الجمعة، ويقول للجزيرة نت: "كنت أتجهز لصلاة الجمعة عندما أخبرني ابني بقصف مسجد في خان يونس، وقررت الصلاة في المنزل".
وقبيل صلاة الجمعة، دمرت غارات جوية إسرائيلية مسجد حليمة في مدينة خان يونس، واستهدف جيش الاحتلال بقذائف المدفعية مسجد التقوى في حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، لينضما إلى 88 مسجدا دمرت كليا و174 مسجد أصابها دمار جزئي، بحسب توثيق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
واعتذر ناصر (66 عاما) عن زيارة لابنته في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، رغم أنه لم يتمكن من زيارتها خلال أيام الهدنة السبعة التي قضاها مصابا بالإنفلونزا، وقال "لا مكان آمن في قطاع غزة، ولكن الحركة في الشوارع أكثر خطرا في ظل العدوان الإسرائيلي الهمجي الشرس".
ولا يتوقع هذا الفلسطيني الستيني نهاية قريبة للحرب، وهو الذي عايش حروبا عدة على القطاع، ويجيد اللغة العبرية ويتابع باستمرار الإذاعات الإسرائيلية، وبرأيه فإن "استمرار الحرب طوق نجاة لنتنياهو من المحاكمة والسجن بسبب فساده".
لم تكن مساعدات أيام الهدنة السبعة كافية لإنهاء أزمات الغزيين المركبة (الجزيرة) انهيار المنظومة الصحيةوبتجدد الحرب، توقف تدفق المساعدات الإغاثية والطبية والوقود عبر معبر رفح البري مع مصر، واقتصر بحسب مدير الإعلام في المعبر وائل أبو محسن للجزيرة نت على سفر أعداد من الجرحى والمرضى للعلاج بالخارج.
ويعمق إغلاق معبر رفح من الواقع الإنساني المتدهور، فهو الممر الوحيد للمساعدات في ظل إغلاق إسرائيل معبر كرم أبو سالم التجاري منذ اندلاع الحرب، ووفقا لرئيس لجنة الطوارئ الصحية في رفح الدكتور مروان الهمص، فإن الحاجة ماسة لاستمرار فتح هذا المعبر أمام حركة سفر الجرحى والمرضى، وتدفق المساعدات الإنسانية والطبية والوقود.
واستقبلت مستشفى أبو يوسف النجار في المدينة منذ ساعات صباح اليوم 50 شهيدا و150 جريحا، جراء غارات جوية على منازل سكنية مأهولة، ويقول الهمص للجزيرة نت إن القطاع الصحي في حالة انهيار، وغالبية المستشفيات خرجت عن الخدمة، والمساعدات التي وردت بموجب اتفاق الهدنة لا تستجيب لأولويات واحتياجات المستشفيات.
وناشدت وزارة الصحة المواطنين وسكان مدينة رفح تحديدا؛ أن يسرعوا بالتوجه إلى مستشفى أبو يوسف النجار للتبرع بالدم بكل فصائله، دعما ومساهمة في علاج الأعداد الكبيرة من الجرحى.
وبحسب تأكيد الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة فإن "الهدنة المؤقتة لم تسعف المنظومة الصحية"، وقال في تصريح صحفي نشره على الحساب الرسمي للوزارة على منصات التواصل "نحتاج إلى ضمان تدفق الإمدادات الطبية والوقود لكل مستشفيات قطاع غزة".
وقال المتحدث ذاته إن الطواقم الطبية تتعامل مع أعداد كبيرة من الجرحى مع انتهاء الهدنة وتجدد قصف المدنيين، ويفترش هؤلاء الجرحى الأرض في أقسام الطوارئ، وأمام غرف العمليات، وبحسب توثيق وزارة الصحة بلغت حصيلة العدوان منذ صباح اليوم 109 شهداء ومئات الجرحى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مدینة خان یونس اتفاق الهدنة جیش الاحتلال للجزیرة نت مدینة رفح
إقرأ أيضاً:
المخرج رامي القصاب لـ "الفجر الفني": "فيلمي « فقدان» مقتبس من قصة حقيقة.. ويسلط الضوء على قضايا اللاجئين والنزوح" (حوار)
رامي القصاب مخرج ومنتج إبداعي وكاتب سیناریو، ودرس الإخراج السينمائي في المعهد العالي للسينما بالقاهرة، وأشتهر بتركيزه على القضايا الإنسانية، حيث أخرج سلسلة "غائب عن الوعي" عام 2015 والتي تتكون من 3 أفلام روائیة قصیرة تناولت معاناة اللاجئين وتأثيرات الحرب النفسية، من أعماله أيضًا الفيلم التجريبي القصاب والقطة (2020) وفيلم الذاكرة (2021)، بالإضافة إلى الفیلم القصیر “قلادة”، وفي “فقدان” يسعى رامي لتوثيق قصة حقيقية مؤثرة، مؤكدًا أن السينما ليست مجرد فن، بل وسيلة لإحياء قصص صامتة وتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية.
التقى “الفجر الفني” بالمخرج المبدع رامي القصاب في حوار خاص، وجاء ذلك ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير، حيث كشف لنا عن الدافع الذي دفعه لإختيار هذه القصة الحقيقة لتكون محور فيلمه "فقدان"، وشاركنا كيف كانت كواليس العمل، وكيف يرى دور السينما في تسليط الضوء على قضايا اللاجئين والنزوح.
وإليكم نص الحوار:
ما الذي دفعك لإختيار هذه القصة الحقيقية لتكون محور لفيلمك “فقدان”؟
هذا الفيلم مقتبس من قصة حقيقية وأنا من سنة أولى بالمعهد بحاول أعمل هذا الفيلم كتدريب في بادئ الأمر ثم تطورت الفكرة إنه يصير مشروع تخرجي، لإن وأنا في سنة أولى سمعت القصة كنت على القهوة بسمع قصص ناس آتو إلى مصر، وهناك واحدة تروي القصة على صديقتها ولكني لم أكن منتبهًا للقصة ولكن عندما سمعتها بالتفصيل عن أم فقدت طفلتها في الرحلة لفت انتباهي الموضوع، ومن هنا بدأت رحلة البحث عن الشخصيات الحقيقية للفيلم، ويحكى الفيلم من وجهة نظر غِنا هي الفتاة ذات الرداء الأحمر التي عاشت القصة وكانت الشاهد الحقيقي، وكان عمرها 16 سنة عندما عاشت الرحلة وآتت إلى مصر، ومن بعد ما سمعت القصة أصبح عندي دافع أن أقوم بعمل الفيلم، وبعدها تواصلت مع ممثلين محترفين للقيام بالعمل منهم يارا قاسم، أيمن طعمة، عمار شماع، وجميعهم خريجين فنون مسرحية مصر وسوريا وعدد من الفنانين الآخرى، وآيضًا الفيلم هو مشروع تخرجي أنا وأربع زملاء لي من المعهد العالي للسينما وهم مصريين مدير التصوير والمونتاج والديكور.
أحكيلنا عن أصعب الكواليس التي قابلتك في فيلم “فقدان” وخصوصًا التصوير في الصحراء وكيف تجاوزتها؟
كانت الكواليس صعبة جدًا، ولقد جلسنا نحضر بروفات للفيلم مدة ثلاثة شهور، مرتين كل شهر نعمل جلسة مع الممثلين، بدأنا في مكان مغلق ثم بدأنا نعمل بروفات في محمية وادي دجلة وهي محمية طبيعية ولقد حصلنا على التصريح بموجب إنه مشروع من معهد السينما.
كيف كان التعاون مع فريق العمل والممثلين لنقل هذه القصة المؤثرة بشكل صادق؟
بكل صراحة هذا السبب الأساسي الذي جعل كل فريق العمل والممثلين تحديدًا يتحمسوا للعمل ويحضروا بروفات وكأننا نشتغل على عمل طويل وبرغم قصر مدة العمل أخذ التحضير إليه مدة كبيرة.
لماذا سُمي الفيلم بأسم فقدان تحديدًا؟
من الفقد الذي حدث بالفيلم والفقدان الذي نتعرض له وكيف تستمر الحياة رغم الفقدان.
كيف ترى دور السينما في تسليط الضوء على قضايا اللاجئين والنزوح؟
بكل صراحة للسينما دور مهم وأساسي بطرح القضايا أيًا كانت وخاصة في الفترة الماضية قضية الهجرة واللجوء والنزوح والحروب، كان هناك دور كبير للسينما العربية والعالمية أيضًا في تسليط الضوء على القضايا ودائمًا السينما لها دور فعال في تسليط الضوء على هذه القضايا ليحدث تغيير من فيلم أو من عمل فني أثار الجدل.
ما هي الرسالة الموجودة في الفيلم وتحب أن تختم بها 2024 وتحب أن تصل للجمهور من خلاله؟إذا الشعب يومًا أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
من وجهة نظرك ما هي نوعية الأعمال التي تفتقدها السينما حاليًا وكنت تتمنى ان تكون موجودة؟
السينما فيها موضوعات كثيرة ووجهات نظر مختلفة.. لكن نفتقر للتجارب الاولى والمستقلة التي تعبر عن صناعها تحديدا في العالم العربي لكن مؤخرًا كان هناك بعض التجارب المبشرة.
هل مشاريعك القادمة ستكون تناقش قضايا إنسانية مشابهه أيضًا وما أعمالك الفترة القادمة؟نعم بالفعل، لإني دائمًا أحب أن أروي الواقع وقصصه المنسية التي لم نسمع عنها وفيلمي القادم سيتم تصويره في سوريا وهو مستوحى عن شخصية حقيقية وحيكون اول فيلم روائي من كتابتي وإخراجي يتم تصويره في سوريا بعد ١٣ سنة بالشتات والمنفى حيث هُجرت منها بعمر ١٦ سنة حالمًا وأعود اليها حالمًا ايضًا لكن بغد أجمل.
البوستر الرسمي لفيلم “فقدان”أبطال وصناع فيلم "فقدان"
يقوم ببطولة فيلم "فقدان" نخبة من الممثلين المميزين، أبرزهم يارا قاسم التي قدمت دور الأم الشابة، مؤدية شخصية تحمل أعباء الفقدان والخوف بملامح شاحبة وأداء صامت مؤثر، كما يشاركها في البطولة أيمن طعمة، حلا سرداح، عمار شماع، ومهند مكي، الذين يجسدون شخصيات المهاجرين، مقدمين أداءً يعكس قسوة الرحلة وآثارها النفسية العميقة، وتتولى Distribution MAD مھام التوزیع والمبیعات في العالم العربي، بینما تتولى World MAD المبیعات في باقي أنحاء العالم.
المخرج رامي القصاب