بغلافٍ عليه خريطة لـ«معتقل العقيلة»، رسمها الحاج محمد عصمان الشامي، أحد المعتقلين به، خصص كتاب «الغرفة 211» الدوري، عدده الجديد حول «ذاكرة الاستعمار» في ليبيا، وهو ملف شديد الأهمية إذ يكشف صورة قاتمة لفظاعات الاستعمار الإيطالي في المجتمع الليبي، ثم طمسه لكل الأدلة والأرشيفات الخاصة بجرائمه، ومثلا حتى هذه اللحظة فإن هوية المئات ممن ماتوا في معتقلات إيطاليا، سواء في صحراء سرت أو غيرها، ليست معروفة، لا أسماء، ولا صور، ولا ذكريات، كأنهم لم يولدوا، أو كأنهم هباء منثور.

ماتوا غرباء مقهورين في بلدهم، لكن الأمل في مجهودات باحثين يحاولون بصدق وإخلاص كشف النقاب عنهم، كما يفعل الدكتور علي عبد اللطيف حميدة، الذي خصصت المجلة الملف لتناول وتحليل كتابه «الإبادة الجماعية في ليبيا: الشر، تاريخ استعماري مخفي».

ولد الدكتور علي عبد اللطيف حميدة في ودان، بليبيا، وتلقى تعليمه بجامعة القاهرة في مصر وجامعة واشنطن، سياتل. وهو الرئيس المؤسس لقسم العلوم السياسية في جامعة نيو إنجلاند، في مدينة بيدفورد، بولاية «مين» الأمريكية. ونشر مقالات مهمة في مجلة «الدراسات» الإيطالية، و«المجلة الدولية» لدراسات الشرق الأوسط، و«المستقبل العربي»، وفصلية «العالم الثالث»، و«المجلة العربية» للدراسات الدولية.

في حصيلة بحثه، كما تذهب مقدمة الملف، يقف الدكتور علي عبد اللطيف حميدة على الطرق التي أحاطت تجربة الإبادة الجماعية في ليبيا بالصمت متسائلا عن خفايا استبعادها حتى ثمانينيات القرن الماضي من التفسيرات التاريخية للفاشية، داعيا إلى ضرورة أن تتجاوز الدراسات النقدية الجديدة النظرة الضيقة، عبر النظر إلى الإبادة الجماعية في المستعمرات خارج أوروبا، والإصرار كذلك على المسؤولية الأخلاقية والسياسية للدولة الإيطالية، وضرورة إجبارها على فتح الأرشيفات ليتسنى معرفة الأسرار المخفية المحرجة وتأمين صوت لمن نُسي ظلما.

وفي مقدمة كتابه «الإبادة الجماعية في ليبيا»، التي تنشرها المجلة بالكامل، يؤكد الدكتور علي عبد اللطيف حميدة أن ما يعرفه العرب عن المقاومة الليبية للاستعمار الإيطالي يرتبط فقط بشخصية شيخ الشهداء عمر المختار، وتحديدًا طريقة إعدامه العلنية، إذ أراد الفاشيون الإيطاليون إخماد روح المقاومة بالإرهاب العلني لأحد أهم قادة المقاومة في المنطقة الشرقية، وبالطبع فإن القرَّاء العرب يتذكرون هذا المشهد الدموي، وبالذات بعد مشاهدة فيلم المخرج السوري الأمريكي الراحل مصطفى العقاد «أسد الصحراء». وهذا الفيلم بلا شك عمل فني مبدع ومهم، ولكننا، بحسب حميدة، ننسى أو لا نعرف الأحداث الدموية الأخرى، وبالذات معسكرات الاعتقال الستة عشر خاصة معتقلات الموت الأربعة الجماعية، والتي لم يكن عمر المختار معتقلا بها، ويعني حميدة 110 آلاف طفل ورجل وامرأة اعتقلوا في الفترة ما بين 1929 وحتى عام 1934 ومات أغلبهم جوعا ومرضا في هذه المعتقلات، أي: ما بين 60 إلى 70 ألفا، بسبب سياسة عنصرية ممنهجة سمَّاها «الإبادة الجماعية في ليبيا».

ولكن لماذا حدثت هذه الجريمة الجماعية في شرق ووسط ليبيا؟ يجيب حميدة: «لأن المقاومة قُمِعَت وهُزِمَت عسكريًّا في الغرب الليبي، واضطر معظم قادة المقاومة للهجرة إلى الجنوب الليبي أو إلى المنافي في تونس ومصر وتشاد والنيجر بعد عام 1922».

ولكن ماذا يعني بالتاريخ المخفي؟ يقول: «كما هو معروف ومتاح، فإن تاريخ النازية وإبادة اليهود والغجر والاشتراكيين قد أصبح معروفا بعد محاكمات نورمبرغ، بالإضافة إلى سياسة تعليم وإنتاج هذه المحاكمة في الكتب والمدارس والجامعات والأفلام والمتاحف كل عام في غرب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. ولكن في المقابل تناست الذاكرة الرسمية جرائم الفاشية الإيطالية في الدراسات الأدبية المعاصرة، بل وغُيِّبَت حتى في الأفلام والثقافة والإعلام، بل أقول إن هناك، وإلى حدٍّ كبير، تجاهلا وجهلا في العالم العربي بهذه الجريمة وتفاصيلها وتداعياتها على الحاضر، بل إن هناك أجيالًا شابة في ليبيا تعاني من عدم الفهم لهذه الجريمة الجماعية».

يرى حميدة أن الفاشية الإيطالية نجت من المساءلة والمحاكمة حتى بعد سقوط هذه الدولة في عام 1943. هذا السكوت القانوني والأخلاقي عن جرائم الفاشية الإيطالية لم يكن سهوا أو خطأ، بل كان نتاجا لسياسة العنصرية المركزية الأوروبية وظروف الحرب الباردة ومعاداة الشيوعية في إيطاليا والمجتمعات الغربية بعد سقوط الفاشية وبروز الاتحاد السوفييتي والحزب الشيوعي الإيطالي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهزيمة القوى النازية والفاشية.

يحكي: «أخبرني أحد الناجين قصة مؤثرة لامرأة لديها طفلان عوقبت بالجلد ثم قُيِّدت بسارية العلم المركزية في معتقل العقيلة طوال اليوم. طلبت من رجل مساعدتها في الليل. اقترب منها ووجد معها الطفلين، طفلا صغيرا متمسكا بجسدها، وطفلا رضيعًا كانت تحمله على الرغم من أنها كانت مربوطة بالعمود. طلبت من الرجل أن يضغط على صدرها حتى يرضع الطفل، ففعل. وفي موقف آخر مختلف، كان رجل عجوز مضطجعا في ظل خيمة، وكان هناك صف من النمل على ذراعه. وعندما حاول صبي عابر إزالة النمل، نهره الرجل العجوز قائلا: لا. وفي وقت لاحق فقط أدرك الصبي أن الرجل العجوز يريد الاحتفاظ بالنمل لأنه، أي النمل، كان يحمل الحبوب من مخزن مستلزمات المعتقل».

ويعلق: «هذه ليست حكايات مضحكة، بل قصص أناس يواجهون الموت. تحدَّث الناجون من المعتقلات عن أحداث أخرى تسبَّبت، وفق تفسيراتهم، في وفاة الكثير في المعتقلات الأربعة الكبرى. لم يزوِّد الجيش الإيطالي المعتقلين بالأدوية والملابس. كان لدى آلاف الأشخاص طاقم واحد من الملابس، دون أحذية، ولم يستحمُّوا لمدة ثلاث سنوات لدرجة أن البراغيث والالتهابات أصبحت حالة منتشرة بين المعتقلين وجعلتهم عرضة للإصابة بأمراض مثل الجدري والتيفود والعمى. كان محمد عصمان الشامي في الحادية عشرة من عمره عندما اعتُقِل مع والدته في معتقل العقيلة سيئ السمعة. كان يرتدي قميصًا واحدًا لمدة ثلاث سنوات ولم يكن لديه حذاء. وروى أنه بسبب عدم وجود صابون للاستحمام في تلك الفترة، انتشر القمل والبق في ملابسهم لدرجة أن والدته كانت تأخذ خرقة القميص البالية وتغليها في الماء لقتل القمل والبق».

كانت سياسة الاعتقال، كما يقول حميدة، مجرد جانب واحد من استراتيجية أكثر شمولا لسحق حركة الجهاد من خلال استهداف قاعدتها الاجتماعية، تصاحبها سياسات وحشية مثل الإعدامات، ومصادرة الأراضي، وتسميم المحاصيل وحرقها، وقتل المواشي، وتشييد سياج من الأسلاك الشائكة فعليًّا، وهكذا على طول الحدود المصرية لجعل شرق ليبيا سجنا أو معتقلا. كان بنيتو موسوليني، ومارشال بيترو بادوليو، وإميليو دي بونو، ورودولفو غراتسياني، المصممين الرئيسيين للسجن في المعتقلات والإبادة الجماعية. وكان هؤلاء القادة الفاشيون واضحين وصريحين في نيَّة الإبادة الجماعية عبر سحق المقاومة وقاعدتها الاجتماعية بأي وسيلة.

ويقول: «كانت السياسة الإيطالية عازمة منذ البداية على إبادة السكان. عندما زرت المعتقلات ومنطقة الجبل الأخضر، أدركت سبب اختيار الفاشيين لصحراء سرت لاحتجاز السكان المقاومين في شرق ليبيا، فهي صحراء بلا شجر ولا ماء، وهي أرض بعيدة جدًّا عن موطن الناس في الجبال، والوديان، والغابات، ونجوع شمال برقة. إنه أيضا مكان يمكن فيه بسهولة حبس الأشخاص المعتقلين وسجنهم وكان الهروب منه مستحيلًا. كانت المسافة طويلة، واضطر الناس إلى المضي سيرا على الأقدام والسفر في سفن قديمة متهالكة ولم يحصلوا على الماء أو الطعام أو الدواء، والأسوأ من ذلك أنه في كثير من الحالات حُرقت حبوبهم وأطعمتهم أو صودرت. وكانت الضربة الأكثر تدميرا للناس هي خسارة ماشيتهم التي بلغ عددها 600 ألف في عام 1929».

حميدة أكد أن تدمير الماشية هو عامل رئيس وراء الإبادة الجماعية وموت ما لا يقل عن 60 ألفا في المعتقلات في عام 1934. يعلق: «أنا لست الباحث الأول الذي أدرك أهمية هذا الدمار، فقد لفت إيفانز بريتشارد وديل بوكا الانتباه إلى جريمة القتل اللاإنسانية هذه التي أسمِّيها إبادة جماعية، ما أخطط للقيام به هو ربط النظام الإيكولوجي والبيئي والعضوي الذي دمج البشر مع حيواناتهم في التجارة الاقتصادية شبه البدوية والحياة الثقافية في شرق ليبيا. وإنني أقترح أن تدمير قطعان الماشية هو عامل رئيسي وراء وفاة الآلاف من المسجونين في المعتقلات، وتشكِّل الأدلة الأرشيفية وسرديات الناجين نظرة متماسكة حول هذا القتل الجماعي لقطعان الماشية».

أما الباحث فؤاد المغربي فيقول في قراءته لكتاب «الإبادة الجماعية في ليبيا» إن حميدة عمل ما يقرب من عشر سنوات على تأليفه، قضاها في الترحال بين ليبيا وإيطاليا ومصر وتونس لدراسة الأدلة الأرشيفية، حيث اكتشف أن الإيطاليين إما أخفوا أو أتلفوا الكثير من السجلات الأرشيفية التي توثِّق لما فعلوا في معسكرات الاعتقال، كما قاموا بوضع العقبات في طريقه. ويعلق: «لو أن أي باحث آخر واجه نفس المشاكل التي واجهها حميدة كان سيتوقف في مرحلة ما، ولكن ليس مؤلفُنا، فقد شَقَّ بِهمَّةٍ طرقا أخرى ليستمر في بحثه عن الإبادة الجماعية في المعتقلات.

كان على «حميدة» أيضا، بحسب المغربي، التغلب على التوجس الطبيعي لدى الناس من الباحثين الذين يمكن أن يكونوا على علاقة بالحكومة، وأنهم يقومون بجمع معلومات قد تُستخدَم ضدهم. إلا أن حميدة لحسن الحظ نجح في الامتحان عندما اكتشف الناس أنه ينحدر من عائلة عريقة عُرفت بمشاركتها في المقاومة ففتحت له الأبواب واستقبله الناس.

وحتى تكتمل الصورة أجرت «الغرفة 211» حوارا شاملا مع حميدة، حول كتابه، وكيف عمل على مدار سنوات في جمع العيِّنات، وتقصي الأراشيف والوصول إلى أي معلومة عن بعض المعتقلين. تسأله المجلة: كيف تمكن الإيطاليون من البقاء هادئين بشأن ممارسات الإبادة الجماعية، بينما كانت الدول الأخرى، ألمانيا، وإلى حدٍّ ما الولايات المتحدة وكندا، أكثر استعدادا للاعتراف بماضيها العنيف؟ أيضًا، في المعاهدة التي وقعتها إيطاليا مع ليبيا، يبدو أنهم يعترفون بماضٍ مليء بالذنب، هل تعتقد أن هذا كافٍ، بالنسبة لنا كليبيين ولهم؟ فيجيب حميدة: «لم تكن هناك أبدًا محاكم جرائم حرب ضد الفاشيين الإيطاليين الذين كانوا وراء الفظائع والإبادة الجماعية في ليبيا، وأخرى في إثيوبيا ويوغوسلافيا. الحلفاء الغربيون الذين استغرقوا عامين لاحتلال إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية احتاجوا إلى الفاشيين الإيطاليين في الحرب ضد ألمانيا النازية، وكانوا أيضا بحاجة إلى تعاون هؤلاء الفاشيين لمواجهة شعبية الحزب الشيوعي الإيطالي بعد الحرب. وقبل كل شيء، كانوا بحاجة إلى العنصرية الأوروبية التي تنظر إلى الآخرين باعتبارهم بشرا أقل».

الكتاب الدوري «غرفة 211» يصدر عن مؤسسة أريتي للثقافة والفنون، بإشراف البروفيسور خالد المطاوع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المعتقلات

إقرأ أيضاً:

تعرف إلى أسباب قوة كمائن المقاومة في بيت حانون

غزة- أظهر مقطع فيديو مصوّر بثته كتائب القسام؛ الجناح العسكري لحركة "حماس"، قنص عدد من جنود وضباط الاحتلال على شارع العودة شرقي بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، وذلك استكمالا لكمين "كسر السيف" الذي استهدفت فيه جيبا عسكريا بعد عملية رصد ومباغتة في المنطقة ذاتها.

وتكمن قوة عمليات كتائب القسام هذه في تنفيذها في منطقة حدودية "مكشوفة" لجيش الاحتلال، وكانت هدفا لعملياته العسكرية منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما يدعو إلى التساؤل عن أسباب قوة الكمائن، ويثير في الوقت ذاته الشكوك بجدوى إعلان الجيش الإسرائيلي المتكرر تدمير قدرات المقاومة في القطاع.

انتظار الهدف

كشف مصدر قيادي في فصائل المقاومة بغزة عن إستراتيجية المواجهة الجديدة التي اتبعتها الأجنحة المسلحة في التعامل مع جيش الاحتلال عقب عودته للحرب في الثامن عشر من 18 مارس/آذار الماضي.

وقال المصدر في حديث خاص للجزيرة نت، إن المقاتلين في الميدان استفادوا من التجارب المتراكمة في المواجهة على مدار أشهر الحرب الماضية، وباتوا يتبعون سياسة النفس الطويل في انتظار الهدف، بحيث يوقعون إصابات محققة تؤلم جيش العدو.

وبحسب المصدر، فإن الجيش الإسرائيلي حاول في الأسابيع الأخيرة، أن يبتعد عن المواجهة المباشرة، وألا يتقدم في مناطق بيت حانون رغم تدميره أكثر من 95% منها، بعد تأكده من عدم وجود مقاتلين فيها، مستعينا بكثافة الغارات الجوية والقصف المدفعي.

تغطية صحفية | استكمالا لكمين «كسر السيف»..
كتائب القـــسام تنشر مشاهد قنص عدد من جنود وضباط الاحتلال ببندقية «الغول» القسـ ـامية في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة pic.twitter.com/NFlOrggQuZ

— شبكة رصد (@RassdNewsN) April 26, 2025

وأشار المصدر إلى أن دراسة سلوك الجيش الإسرائيلي على الأرض أفضت إلى أنه حرص على تجنب أي خسارة في صفوفه، وذلك منعا لأي انتقادات توجه له أو اتهامه بالإخفاق في تدمير قدرات المقاومة رغم مرور أكثر من 18 شهرا على الحرب، كما أنه لا يرغب في تكرار وقوعه فريسة للعمليات المؤلمة التي تعرض لها قبل وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي.

إعلان

وكانت كتائب القسام أعلنت تنفيذها "سلسلة كمائن الموت" في بيت حانون خلال العملية البرية لجيش الاحتلال في شمال غزة التي امتدت من أكتوبر/تشرين الأول 2024 حتى منتصف يناير/كانون الثاني 2025، وأسفرت عن قتل عشرات الجنود الإسرائيليين حسب اعتراف جيش الاحتلال.

جيش الاحتلال يخشى تصاعد وتيرة الكمائن التي تنصبها المقاومة للقوات المتوغلة (الجيش الإسرائيلي) خلف الخطوط

ويعزو المصدر القيادي في المقاومة الفلسطينية أسباب قوة الكمائن العسكرية في بيت حانون إلى اعتماد كتائب القسام في عملياتها على وحدة نخبوية متخصصة لرصد حركة العدو والتخطيط المحكم لوقوعه داخل دائرة النار، بغية تحقيق أكبر خسارة في صفوفه باستخدام وسائل قتالية أقل، وبما ينسجم مع الحفاظ على الذخيرة وقتا أطول يتناسب مع أمد المعركة.

وأوضح المصدر، أن جيش الاحتلال اعتقد بفرضه منطقة عازلة شمال وشرق بيت حانون، أنه قطع سبل وصول المقاتلين إليها، ويمكنه أن يتحرك بحرية فيها دون أن يتعرض لخطر، واستبعد أن يخرج له المقاتلون من "خلف الخطوط"، وهو ما بدا واضحا في الكمين الأخير لكتائب القسام.

ويتناسب ما كشفه المصدر مع ما قاله أبو عبيدة؛ المتحدث باسم كتائب القسام، عبر قناته على "تليغرام"، عن خوض المقاتلين معارك بطولية وتنفيذهم كمائن محكمة و"تربصهم بقوات العدو لإيقاعها في مقتلة محققة" في المكان والتوقيت والطريقة التي يختارها المقاتلون، مشددا على جاهزيتهم في العقد القتالية والكمائن الدفاعية للمواجهة.

وقالت صحيفة معاريف العبرية إن "عناصر حماس يراقبون قواتنا ويعرفون نقاط ضعفها قبل مهاجمتها، ويخوضون معارك دفاعية بل هجومية، وحاولت تنفيذ هجمات عدة أخيرا للإضرار بقواتنا".

في المقابل، شدد المصدر للجزيرة نت، على أن جيش الاحتلال لم يستطع الوصول إلى الأنفاق القتالية التي حفرتها المقاومة، وكل ما أشاعه عن تمكنه من تدمير معظمها مجرد "تضخيم"، وتثبت الوقائع على الأرض عدم صحتها.

إعلان

ولفت إلى أن هناك تعليمات مشددة للمقاتلين في الميدان بضرورة تصوير وتوثيق كل العمليات العسكرية ضد جنود الاحتلال، وذلك بهدف كشف الخسائر التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي داخل غزة، ودحض روايات الاحتلال الزائفة التي يسوقها لجمهوره، وإبراز نجاحات المقاومة وتحكمها في المشهد.

ويقود العمليات القتالية في بيت حانون حسين فياض "أبو حمزة" قائد كتيبة كتائب القسام هناك، الذي ظهر في مقطع فيديو خلال وقف إطلاق النار تحدّث فيه عن الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي وفشله في هزيمة غزة، مؤكدا أن الاحتلال لم يحقق أهدافه التي أعلنها مما يظهر فشله الإستراتيجي.

يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن في مايو/أيار 2024، أنه تمكن من اغتيال فياض في غارة جوية شنها على شمال غزة، وتبين لاحقا عدم صحة ذلك.

ساحة مواجهة

من ناحيته، يعتقد الباحث في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة، أن بيت حانون ساحة مواجهة مهمة مع العدو الإسرائيلي رغم محدودية مساحتها التي تبلغ 12.5 كيلومتر مربع فقط، وذلك نظرا لتماسها مع السياج الأمني الشمالي والشرقي لقطاع غزة.

وقال في حديث للجزيرة نت، إن المقاومة تهدف لاستنزاف الاحتلال وإفشال السيطرة الإسرائيلية على المناطق التي يحاول الجيش التمركز فيها، وإيصال رسالة بأن وجوده هشّ وغير مكتمل.

وأوضح أبو زبيدة، أن العمليات الأخيرة لكتائب القسام تظهر تولّى المبادرة في استهداف الاحتلال ورفع تكلفة بقائه داخل قطاع غزة، وتضع الجيش في حالات استنفار وتوتر دائمين.

ولفت الباحث في الشأن الأمني إلى أن عمليات المقاومة لها بعد معنوي ولا سيما لحاضنتها الشعبية، لأنها تواصل القتال في منطقة تعرضت لدمار شامل، مشددا على أن المؤشرات تدل على وجود شبكة أنفاق معقدة لم يصل لها الاحتلال، تسهل حركة المقاومين بعيدا عن أعين جيشه.

ورأى أبو زبيدة، أن الفيديوهات التي بثتها كتائب القسام تظهر الخبرة القتالية لمقاتليها، وتمكنهم من التكيف وفق الظروف الميدانية، وتجنب المعارك غير الناجحة والحفاظ على الموارد.

مقالات مشابهة

  • مظاهرات تضامنية مع غزة في مدن أميركية وأوروبية وإسلامية وعربية
  • تعرف إلى أسباب قوة كمائن المقاومة في بيت حانون
  • الخطة الصهيونية المُعلنة لإبادة غزة أمام القضاء الدولي
  • صرخة في وجه العالم .. لا للإبادة
  • السيسي يبحث مع وزير الخارجية الإيطالي تطورات ليبيا واستقرار المنطقة
  • وقفة بألمانيا للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • حماس ترد على السلطة: تصريحاتكم صادمة وسلاح المقاومة خط أحمر
  • هيئة: وقفات بعدد من المدن المغربية تضامنا مع غزة وتنديدا بالإبادة الجماعية
  • مبادرة نوبل للمرأة تطالب بوقف الإبادة الجماعية في غزة وتتضامن مع فلسطين
  • “حماس”: تصريحات نتنياهو تكريس لنهج “الإبادة الجماعية”