أبوظبي: عماد الدين خليل

تحتفل دولة الإمارات، بعيد الاتحاد ال 52، يوم الثاني من ديسمبر، محققة إنجازات عالمية لسياستها الخارجية والدبلوماسية الناجحة منذ تأسيسها عام 1971 وحتى أصبحت نموذجاً عالمياً رائداً يحتذى في الدبلوماسية والمكانة الدولية.

وعززت السياسة الخارجية المتوازنة والحكيمة مكانة الإمارات المرموقة التي تتبوّأها إقليمياً ودولياً وجعلتها موضع ثقة، دولةً مسؤولةً وقوةً داعمةً للسلام والاستقرار.

كما حققت انفتاحاً واسعاً أثمر إقامة شراكات متعددة مع كثير من الدول في مختلف قارات العالم، لاتسامها بالسلام والإخاء والحرص على نشر قيم التعاون والتواصل والتكامل بين دول العالم وشعوبه.

وتشهد العلاقات الإماراتية مع العالم توسعاً كبيراً في جميع المجالات وعلى المستويات كافة، بما يخدم المصالح الوطنية العليا ويصبّ في مصلحة مسيرة التنمية في الداخل من منطلق الحرص على جعل السياسة الخارجية في خدمة التنمية، فضلاً عن ذلك فقد تعزز حضور الإمارات الإقليمي والدولي، وتعمق تأثيرها في القضايا والملفات المطروحة على خطط الإقليم والعالم، خاصة مع ما يميز توجهاتها ومواقفها من اعتدال وحكمة وحرص على استقرار العالم وأمنه وتنميته.

وأسهمت سياسة الإمارات الخارجية في نقل صورة مشرّفة عن التجربة التنموية الملهمة التي بدأتها على مدار 52 عاماً، وأرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وتستمر في ترسيخ دعائمها بقيادة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لتكون واحدة من أفضل دول العالم، برؤية مستشرفة للمستقبل لتوثيق أواصر التعاون والشراكة الدبلوماسية مع دول العالم.

تسعى دولة الإمارات إلى الإسهام في تعزيز أسس السلام والاستقرار في العالم، والعمل على خفض التوترات وإيجاد الحلول الدبلوماسية للأزمات التي يشهدها، وهو منهج ثابت في سياستها ودبلوماسيتها المشهود لها عالمياً، منذ أرسى أسسها المغفور له الشيخ زايد، الذي بنى سياسة الدولة الخارجية على أسس من التوازن والانفتاح والإسهام في البحث عن حلول للأزمات.

الآليات الدبلوماسية

ويبذل صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، جهوداً كبيرة لبناء جسور التواصل وإعلاء قيم التعاون البناء مع القوى الإقليمية والدولية، لتعزيز تثبيت دعائم الأمن والاستقرار ونشر التنمية، وإحياء السلام وإنهاء الصرعات وتقديم المساعدات لمختلف دول العالم، تأسيساً على سياسة دولة الإمارات الداعمة للسلام والاستقرار إقليمياً ودولياً، والداعية إلى استمرار المشاورات الجادة لحل الأزمات دبلوماسياً وبما يحقق السلم والأمن الدوليين.

إحلال السلام

وسجل تاريخ الإمارات حافل في جهود نشر السلام وترسيخ الاستقرار حول العالم، فقد كرست نفسها شريكاً أساسياً في إنجاح مبادرات السلام الإقليمية والدولية، انطلاقاً من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح ونبذ التعصب.

وأكدت الإمارات تعزيز رسالتها للسلام وإيصالها إلى كل أنحاء العالم، والمساهمة الفاعلة مع المجتمع الدولي في كل ما يحقّق الأمن والاستقرار والتنمية وما يعزز قيم والتعايش والعدالة في مناطق العالم المختلفة.

وتتبنى دولة الإمارات سياسة ناجحة وعلاقات مميزة مع جميع دول العالم ترتكز على السلام والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، من منطلق إدراك القيادة الرشيدة أن لدولة الإمارات موقعاً مسؤولاً عربياً وإقليمياً ودولياً.

مواقف تاريخية

وجسدت دولة الإمارات مواقف تاريخية داعمة ومساندة لكل الشعوب التي تعاني الصراعات بفضل مكانتها السياسية والدبلوماسية، وخاصة في دعم القضية الفلسطينية، الذي يعد من ثوابت السياسة الخارجية التي وضعها الوالد المؤسس الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، حينما قال: «دعمنا للشعب الفلسطيني سيستمر حتى يحقق هذا الشعب طموحه في إقامة دولته المستقلة».

وأجرى صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الكثير من الاتصالات واللقاءات مع قادة ووزراء ومسؤولين أمميين ودوليين، في إطار حراك دبلوماسي وإنساني نشط ومتواصل لدعم القضية الفلسطينية، فيما يجري سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، اتصالات ولقاءات مع نظرائه في العالم، وعدد من المسؤولين لوقف الصراع في قطاع غزة، وهو النهج الذي التزمت به القيادة الرشيدة، حيث أكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، في كلمة له في «قمة القاهرة للسلام» التي عقدت في أكتوبر 2023، أن الأولوية القصوى والعاجلة خلال المرحلة الحالية تقديم الدعم الإنساني للمدنيين في قطاع غزة وضمان ممرات إنسانية آمنة، ومستقرة لمواصلة تقديم المساعدات الإغاثية والطبية، في ظل الوضع الإنساني الخطِر في القطاع.

وقال إن دولة الإمارات تواصل تكثيف جهودها منذ اندلاع الصراع سواء بالاتصالات الثنائية، أو التحرك داخل مجلس الأمن الدولي من أجل احتواء الموقف وتأكيد رفض استهداف جميع المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني في التعامل معهم وتوفير الدعم الإنساني دون عوائق، مشدداً سموه على أن الإمارات لن تدخر جهداً خلال المرحلة المقبلة من أجل كل ما يدفع الأمور نحو السلام والاستقرار بالتعاون مع أشقائها وأصدقائها في المنطقة والعالم، وضرورة التصدي للأصوات التي تحاول استغلال الصراع لبثّ خطاب الكراهية، والترويج لها لما لذلك من آثار خطِرة في التعايش، والسلم ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب، وإنما في العالم أجمع.

وثيقة الأخوّة

ولتأكيد دور دولة الإمارات والقيادة الرشيدة لإرساء السلام بين شعوب العالم، وقعت «وثيقة الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك» على أرض دولة الإمارات في العاصمة أبوظبي بتاريخ 4 فبراير 2019 بين الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، ليأتي بعد ذلك اعتمادها من الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالإجماع اليوم الدولي للأخوّة الإنسانية 4 فبراير من كل عام، ويشكل توقيع الوثيقة موقفاً تاريخياً جديداً تقديراً لأهميتها إنجازاً غير مسبوق بهدف تحقيق السلام والاستقرار بين كافة مكونات البشرية، بفضل رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وما قدمه للبشرية لتتقدم وترتقي وتعزز التلاقي والتكاتف، كما أثبتت جهوده المباركة قدرة استثنائية على صناعة الفارق والتأسيس لحقبة جديدة من التقارب لما أوجدته من أرضية تتسع الجميع وتحتضن 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام والمساواة.

وتعد الإمارات من الدول السباقة في تبني مواقف واضحة في مواجهة التطرف والإرهاب والعنف والقوى التي تقف وراءها وتشجعها، كما أطلقت الدولة البرنامج الوطني للتسامح، وشرعت قانون مكافحة التمييز والكراهية، وأسست مراكز لمكافحة التطرف والإرهاب ليس للتصدي للإرهاب فحسب؛ بل لمحاربة الأيديولوجيات المتطرفة التي تغذي العنف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية بمنتهى الوحشية ومنها تنظيما «داعش» و«القاعدة» الإرهابيان وغيرها، فمن الناحية القانونية، قامت دولة الإمارات بإصدار كثير من القوانين والتشريعات لتجريم أي عناصر ترتبط بالتنظيمات الإرهابية، والجهود الكبيرة لتعزيز نظام مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالقوانين التي أصدرتها والخطوات التي تتخذها.

الريادة العالمية

وحققت السياسة الدبلوماسية الإماراتية نجاحات عالمية تحت قيادة سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، الذي كان له بالغ الأثر في ترسيخ دعائم الريادة العالمية لدولة الإمارات، وتأكيد رسوخ روابطها مع الدول الشقيقة والصديقة على أسس من التعاون والتفاهم والاحترام المتبادل، بإطلاق كثير من المبادرات التي صيغت لخدمة أبناء الوطن وشعوب العالم أجمع، وكذلك دوره في تحقيق الإنجازات التي أسهمت في تعزيز مكانة الدولة ونشر فكر ورؤية القيادة الإماراتية لقيم الإخاء الإنساني، ورفع المعاناة عن الإنسان بصرف النظر عن جنسه أو دينه، وتعميق قيم السلام العالمي وحل النزاعات بالطرق السلمية وعبر الحوار.

وتتجلى جهوده في التثمين الدولي الذي نراه لدولة الإمارات ويأتي انعكاساً طبيعياً لما تحظى به الإمارات من صورة إيجابية فاعلة ومتسامحة إقليمياً ودولياً وهو تقدير تقف وراءه سياسة حكيمة وقيادة رشيدة عملت بجد وجعلت من الإمارات عنواناً للحكمة والاعتدال والتعايش والسلام والانفتاح على الجميع، والنابعة من نص المادة 12 من دستور دولة الإمارات «تستهدف سياسة الاتحاد الخارجية نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب، على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والأخلاق المثلى الدولية».

علاقات دبلوماسية

وتقيم دولة الإمارات علاقات دبلوماسية مع 200 دولة، وتوجد على أراضيها 110 سفارات أجنبية، و75 قنصلية عامة، ومقرات 15 منظمة إقليمية ودولية، ويصل عدد سفاراتها في الخارج إلى 70 سفارة، و11 قنصلية، وثلاث بعثات دائمة، لتعزز مكانتها ودورها الفاعل إقليمياً ودولياً، ونسج علاقات قوية مع دول العالم شرقاً وغرباً على أسس الاحترام المتبادل، والتزام حل النزاعات بين الدول بالحوار والطرق السلمية، والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام في دعم الاستقرار والسلم الدوليين وتعزيز التعايش الإنساني العالمي.

وتشكل وزارة الخارجية، عبر سفاراتها وإداراتها المختلفة وبعثاتها الدبلوماسية المنتشرة في العالم، وسفرائها وممثليها ودبلوماسيها صلة الوصل بين قيادة دولة الإمارات وشعوب العالم. وتعمل على تعزيز أواصر الصداقة والتعاون بينها وبين دول العالم على مختلف الصعد، وتتبنى مبادئ قيادتها التي تهدف إلى الحفاظ على الإنسان ورفع مستواه الفكري والحضاري وتطوير مفاهيم التطور والحضارة الإنسانية.

نتائج كبيرة

ومن أهم نتائج السياسة الخارجية الإماراتية القائمة على الانفتاح والتوازن والمصالح المشتركة تلك الثقة الكبيرة من العالم بالإمارات وسياساتها، وهي الثقة التي انعكست على الكثير من المواقف تجاهها وتنظيمها لكثير من المؤتمرات الدولية، أهمها استضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» ومعرض «إكسبو دبي 2020»، وإنشاء «أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، وتوقيع الاتفاق الإبراهيمي والوصول بمسبار الأمل للمريخ وإنجاز رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب، دامت ل 6 أشهر في محطة الفضاء الدولية تضمنت إجراء تجارب علمية رائدة تسهم في خدمة البشرية والمجتمع العلمي، والحصول على عضوية مجلس الأمن، واختيار الإمارات موقعاً لعقد مؤتمر «كوب 28»، مكتسبات نوعية ومتناغمة تستشرف أهداف الدبلوماسية الإماراتية خلال العقود المقبلة، فهي تجسد نموذج الدولة الناجحة المنفتحة على العالم والحاضنة لأحلام أبنائها وتطلعاتهم.

التأثير الإيجابي:

ويتمثل التثمين العالمي لمكانة دولة الإمارات بفضل سياستها الخارجية والدبلوماسية الناجحة، في إعلان دخول الدولة لأول مرة في تاريخها قائمة الدول العشر الأولى في «مؤشر القوة الناعمة» العالمي لعام 2023 الذي تعده مؤسسة «براند فاينانس»، حيث حققت الإمارات تقدماً ملحوظاً في المؤشرات الرئيسية والفرعية بما يعكس المكانة المميزة التي وصلت إليها وجعلت منها واحدة من أكثر دول العالم من حيث التأثير الإيجابي والسمعة الطيبة.

وارتفعت الإمارات على المؤشر العام من المرتبة 15 عام 2022 إلى المرتبة العاشرة عام 2023، لتنجح بهذه القفزة الكبيرة التي بلغت 5 مراكز في تحقيق أكبر ارتفاع بين الدول العشر الأوائل، وتكون بذلك الدولة العربية والشرق الأوسطية الوحيدة التي تحجز مكاناً في قائمة الأوائل العشرة. وفي مؤشر «التأثير الإيجابي» قفزت الإمارات مرتبتين من المركز العاشر إلى المركز الثامن في العالم. لتظل في صدارة دول المنطقة، وتواصل التقدم بواقع مركزين كل عام، حيث جاءت في المركز 12 عام 2021، وفي المركز العاشر عام 2022. وفي مؤشر «السمعة الطيبة»، حققت تقدماً بواقع ثلاثة مراكز من المرتبة 20 إلى المرتبة 17، محققة أكبر معدل نمو بين الدول العشرين الأولى خلال عام 2023، لتواصل بذلك تقدمها المستمر، حيث قفزت خلال عام 2022 من المركز ال 24 إلى المركز 20.

وواصلت تقدمها في محور العلاقات الدولية لتحل في المرتبة التاسعة على مستوى العالم في مؤشر «التأثير في الدوائر الدبلوماسية»، انطلاقاً من علاقاتها القوية التي تربطها بمختلف دول العالم، وسمعتها الطيبة واحدةً من الدول المؤثرة في المستوى السياسي والدبلوماسي، فضلاً عن جهودها المتواصلة في مجال المساعدات الإنسانية والخيرية.

المشاركة السياسية:

وفي تمكين المرأة تواصل الدبلوماسية الإماراتية جهودها في تعزيز المشاركة السياسية للمرأة، حيث فتحت باب تعيين المرأة في وزارة الخارجية، دبلوماسيات في الدولة وخارجها واستحدثت إجراءات للتوفيق بين المسؤوليات الأسرية والمهنية مكنت بذلك المرأة من العمل في المجال السياسي، وحتى عام 2019 بلغ عدد الإماراتيات في السلك الدبلوماسي والقنصلي في مقر الوزارة 234، و 42 من العاملات في السلك الدبلوماسي في البعثات الخارجية لدولة الإمارات، و 7 سفيرات في السلك الدبلوماسي.

سعادة المواطنين

وتشمل إنجازات السياسة الخارجية والدبلوماسية لدولة الإمارات، بسعادة مواطنيها، حيث وقعت مع الاتحاد الأوروبي في مايو 2015 بمجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل اتفاقية يعفى بموجبها مواطنو الدولة من تأشيرة «الشنغن»، وهو اتفاق تاريخي ونجاح جاء لتتويج الشراكة الإماراتية الأوروبية القوية والمتنامية لتتوالى بعدها توقيع العديد من الاتفاقيات لإعفاء مواطني الدولة من تأشيرة الدخول إلى بريطانيا واليابان وأرمينيا وجمهورية شمال مقدونيا والبوسنة والهرسك وغيرها من دول العالم.

المركز الأول

يواصل جواز السفر الإماراتي تعزيز صدارته منفرداً في المركز الأول عالمياً بصفته أقوى جواز سفر في العالم، من إعفاءاته من التأشيرة المسبقة، بفضل الإنجازات الدبلوماسية للدولة، ليمنح جواز السفر الإماراتي حامله دخول 180 دولة، منها 127 من دون تأشيرة مسبقة، و53 يمكن الحصول على تأشيرتها عبر الإنترنت، أو لدى الوصول إلى الدولة، وبواقع دخول 91 % من دول العالم البالغ عددها 198، معتمدة لدى الأمم المتحدة.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات عيد الاتحاد الإمارات الشیخ محمد بن زاید آل نهیان السیاسة الخارجیة لدولة الإمارات دولة الإمارات دول العالم فی العالم من الدول

إقرأ أيضاً:

مجزرة الفجر.. وحقيقة السلام مع إسرائيل

لا يمكن تفسير المجزرة المروعة التي ارتكبها الكيان الصهيوني فجر أمس في مدرسة "التابعين" بحي الدرج في قطاع غزة إلا أنها رد عملي على البيان الثلاثي المشترك الذي أصدره زعملاء ثلاث دول هي أمريكا ومصر وقطر، ورسالة واضحة للعالم الذي استنفر قواته خلال الأيام الماضية خشية وقوع حرب شاملة إثر توعد إيران وحزب الله بالرد القاسي على إسرائيل في أعقاب اغتيالها الغادر للشهيد إسماعيل هنية في قلب طهران والشهيد فؤاد شُكر القيادي في حزب الله في الضاحية الجنوبية من بيروت. تضاف "مجزرة الفجر" إلى آلاف المجازر التي يرتكبها الاحتلال يوميا منذ السابع من اكتوبر الماضي والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 40 ألف شهيد وكلها مجتمعة تصنع مشهد الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام مرأى ومسمع العالم في منتصف العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، القرن الذي قال قادة العالم الغربي قبل خمس سنوات ومن تحت قوس النصر في العاصمة الفرنسية باريس إنه لن يشهد مرة أخرى أي مجازر ضد الإنسانية.

لكن إسرائيل لا يعنيها كل ما يدور في العالم، تمارس وظيفتها في سفك دماء الفلسطينيين بدم بارد جدا، وتحتفل بعد كل مجزرة، ومن باب حفظ ماء الوجه أمام حلفائها الغربيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة تكتفي بالتشكيك في عدد "القتلى" وتقول إن الرقم مبالغ فيه قليلا؛ فهي إن كان لها اهتمام فيما حدث فإن يتعلق بالأرقام فقط، فلا تريد رقما كبيرا يثير حفيظة البعض وتفضل أن تشكك في الرقم لينشغل العالم بمحاولة إثبات كلامها أو نفيه بينما القضية الأساسية وهي ارتكاب المجزرة باتت أمرا عاديا وفعلا مبرمجا بشكل يومي.

ولا يمكن فهم الحديث عن وقف إطلاق النار أو تبادل الأسرى مع طرف يتفنن في جرائم الحرب اليومية ضد الفلسطينيين العزل، واستمراره في اغتيال القيادات الفلسطينية واللبنانية وقنص وتفجير الصحفيين الذين ينقلون الحقيقة ولا دنب لهم إلا أنهم يتعتقون الكاميرات ونواقل الصوت!

إن سياسة الاحتلال واضحة ولا تخفى على أحد أبدا، وليس في جوهر هذه السياسة أي اهتمام بالسلام أو بالحوار أو بالتعايش ولذلك يبدو واضحا الآن أن العالم يضيع وقته، ويمنح إسرائيل فرصة أكبر لارتكاب مجازر يومية فيما يمكنه وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية، أن توقف هذه الجرائم عبر موقف صارم وحاسم تجاه إسرائيل، وهذا الموقف، فيما لو حدث، ليس إكراما لأصدقائها العرب بل هو تعبير حقيقي عن القيم التي تأسست عليها الولايات المتحدة الأمريكية والتي يتحدث عنها الدستور الأمريكي وهي تعبير قبل ذلك وبعده عن القيم الإنسانية.

إن الأجيال القادمة في العالم أجمع ستشعر بالكثير من العار وستعيش أزمة في تاريخها الإنساني عندما تقرأ عن الصمت الغريب تجاه المجازر التي ترتكب بحق الإنسانية في قطاع غزة.. لا يمكن لتلك الأجيال أن تسامح أسلافها على هذا الصمت وعلى هذا الضوء الأخضر المفتوح للكيان الصهيوني ليرتكب مجازره بحق الأبرياء العزل.

وستكون اللحظة صعبة على العالم أجمع عندما يدرس حقيقة الحقد الذي يتشكل في نفوس الملايين من الذين يشاهدون أشلاء أخوانهم الفلسطينيين تجمع في أكياس بلاستيكية، ويرون حجم شكل جثث الأطفال، والجثث المتحللة، ويرون مشاهد التعذيب التي تستعيد أجواء سجن أبو غريب سيء السمعة في السياق الأمريكي.

هذه المشاهد المؤلمة والقاتلة هي التي تزرع بذور التطرف والعنف والكراهية ولكنها في الوقت نفسه هي التي توقد عزيمة التحرر والإصرار على دحر الاحتلال الإسرائيلي البغيض من على أرض فلسطين المحتلة.

مقالات مشابهة

  • شباب مصر في الخارج: أحمد الجندي نموذج نفخر به حول العالم
  • تصريح عدائي جديد لـ وزير الخارجية الإسرائيلي بشأن سكان مخيم جنين بالضفة الغربية
  • مجزرة الفجر.. وحقيقة السلام مع إسرائيل
  • الإمارات تدين قصف مدرسة تأوي نازحين في غزة
  • قادتنا قدوتنا
  • جاغطاي أوزدمير: العالم يحتاج إلى نظام عالمي جديد
  • مدير إدارة الشؤون الأميركية بـ«الخارجية» تحضر حفل استقبال سفارة كولومبيا
  • الخارجية الفلسطينية تدين تصريح سموتريتش وتعتبره اعترافا صريحا بتبني سياسة الإبادة الجماعية
  • الخارجية الفلسطينية تدين قرار سلطات الاحتلال بتقييد عمل الدبلوماسيين النرويجيين في فلسطين
  • تنديد فلسطيني بتصريحات سموتريتش: دعوة للمجتمع الدولي لتحرك عاجل ضد سياسة الإبادة الجماعية