الوطن:
2025-04-24@09:27:43 GMT

ناصر عبدالرحمن يكتب: شجرة الصور

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

ناصر عبدالرحمن يكتب: شجرة الصور

1 - قالت:

يا ليته يتجلى فى الصور.. فى البيت وفى الشوارع وفى الأسواق.. يا ليته يتجلى أمامنا إمامنا.. قال الشاعر الأحمدى: وهو الإمام.. وهو الكعبة.. وهو الظاهر فى كل الصور.. وقال الحب: وهل الإنسان إلا مظهرى.. الحب إنسان كامل.. قلبه الود.. الإنسان مصدر النور وسبب كل خير.. النهار حب.. والليل حب.. ونجوم الأزمان حب.

. ألم ترَ الحب يتجلى فى الجمَع وفى الأذان وفى الفجر.. ألم ترَ الحب فى البحر والنهر وفى الندى؟.. الحب روح الوردة والأشجار والنخيل.. الحب ابتسامة رضا وطعام الجائع.. وكسوة البردان.. الحب مَعزَّة وكرامة وإحسان.. للحب همس ونداء.. رائحة زكية وفصل الخطاب.. تراه فى الصمت كما تراه فى النغم.. الأنفاس حب.. الطريق مهما طال أو قصر حب.. النزال والموت والمرض حب.. الجمع والفرد والصحبة حب.. الحب يملك ولا يدرك إلا بالحب.

قال الشيخ: الحب بالحب.. قال طفل يبكى إخوته فى غزة: تجلى الحب فى الحرب.. وهل الحب إلا فى الحرب يتجلى؟.. صور الحب فى الحرب غير الصور فى السلم.. صورة الحب فى الحرب.. نور يسكن القلوب.. الحب فى الحرب يتجلى.. يجعل الدموع ونساً.. والفراق سلاماً.. الحب فى الحرب مذاق غير أى مذاق.. الحب فى الحرب يشرق ويداوى.. يجعل الطفلة تنظر وتسكن ويشتد عودها وتتحمل.. الحب فى الحرب يربى الطفل ويمسح الآلام.. الحب فى الحرب يتجلى فى عيون الأطفال.. فى قلوب النساء وفى أحزان الرجال.. الحب فطرة لا يعرفها إلا المساكين.

للحب عنوان مكتوب بأسماء مقدسة.. غزة مقدسة وعكا وبئر سبع.. الخليل والقدس.. جباليا وحيفا وخان يونس.. أم الفحم والطيبة وشفا عمرو.. الحب هضبة المقطم والسويس وسيناء وباقى أحياء مصر.. الحب مرسال ورسول.. الحب سكن وفرش وغطاء وأحضان وعتاب.. الحب يؤنس.. مؤنس ونس.. الحب جامع مانع.. يكشف المستور.. عجيب لا سلطان عليه.. يحكم فيطاع.. يرشد وينير.. حمزة فى العشرين.. ملثم.. قوى نظراته حادة.. لا يترك الصلاة.. دائم الطهارة.. صوته عذب كصوت النبى داوود.. يرتل بالحب سورة يس وسورة النور.

2 - رحماء بينهم:

ودَّع والديه وثلاثة من إخوته الخمسة.. ودع أبناء خالاته.. على باب الجنة ودع أطفال الحى.. لم يعد هناك فرق بين الغبار والرماد والأجساد وبين الموت والحياة ونظرات الفراق.. لم يعد فى الأيام غير خوف وليل.. ولم يعد فى المدينة بيوت ولا شوارع ولا أزقة.. الحارة التى شب وتمرد فيها أصبحت مبثوثة.. صباحه أنفاس وعيناه تسكنهما الآلام.. بالمسافات تعلّم كيف يتعامل مع الألم.. يذهب بين البيوت بالأسرار إلى سراديب الأرض.. يراعى مجموعة من الأسرى.. بينهم فتاة على وجهها الاستسلام والخوف.. ترتجف لا تنطق ولا ترد.. ترفض الطعام والنوم.. يذهب إليها حمزة.. يبتسم إلى عيونها.. نظرة حمزة تسكنها.. سرحت فى نظراته وأطلّت عليه بابتسامة.

كلما يأتى تشرق وتعلن عن القيام والشروق.. وكلما غاب تغيب كالبحر فى الغروب.. تعلقت الأسيرة بحمزة.. بدأت تنطق باسمه، تردد اسم حمزة بصوت وبصمت طاقة الحب لقاء ليس من شيمته الوداع.. أحبته وتبدل حالها.. كأنها فى الجنة بجناحين تطير.. تتحرك بخفة ملاك.. تخدم النساء الأسيرات.. تنشر رائحة الحب التى تتحلق وتفيض.. أيام تجاوزت الأربعين.. يذكرون الانفراج وتبادل الأسرى.. فتبكى خائفة لا تريد فراق حمزة.. وسط النيران.. وهول الهدم والحطام.. تم إعلان اسمها بين الأسماء.. تخرج من سرداب الحب وهى تصرخ فى حيرة: لماذا البعاد؟!.. لا أريد الخروج.. حمزة وزمرته وقرآنه روح وجنة.. حمزة يشق الليل ويضىء.. حمزة حبيبى وأنتم أهل غزة أهل كرم وأهل رباط.. ركبت الميكروباص وسط أسماء وأسماء.. وهى تتعلق بنظرة حمزة.. الذى يودعها من خلف اللثام. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الصور الأشجار النخيل قصر حب

إقرأ أيضاً:

الحب في زمن التوباكو (٥)

 

 

مُزنة المسافر

 

جوليتا: وأين هو الآن رجل القطار يا عمتي؟

ماتيلدا: لقد رحل.

جوليتا: إلى أين؟

ماتيدا: صار القطار البطيء سريعاً فجأة، أخذ منديله ووضعه في جيبه مع قبعته الرصينة، وتركني وحيدة، قال لي: لقد حان الوقت إنها المحطة المنتظرة.

 

جوليتا: لكن لم يكتب لكِ أي عنوان يا عمتي؟

ماتيلدا: القطار صار سريعاً، والزمن تحرك بسرعة عاجلة، ولم يعِ أن قلوبنا واهية وضعيفة أمام التغيير، وأن الخجل والوجل الذي ساد قلبي، لم يكن في قلوب الأخريات، بالطبع  كنت اعتقد أنَّ إحداهن قد قنصت قلبه بعيداً عني أنا والأسوأ من ذلك يا عزيزتي أن والدك وجدك قد ثقبوا قبعته ولطخوا سترته الثمينة بالغبار، في الحقيقة ألقوا به في وحل الشارع، وأهانوا كرامته وحطموا أناقته.

 

ولأنه كان رجلاً مختلفاً، لم يرغب أبداً أن يشعل نيران الشك في قلوبهم أكثر، وجاءوا إلى وكري في منزل جدك القديم، وألغوا لي فصلاً جميلاً من الرومانسية، وقالوا إنِّه أرعن وغير متوازن، ومع الوقت اكتشفت أنا أنهما يكذبان طبعاً حتى استمر في الغناء، لأحصد المال والشهرة لهما، وأن يكون المسرح منشغلاً بي وبصوتي فقط، بينما كنت أنا منشغلة برجل القطار، كان اسمه غابرييل.

 

كان رجلاً لبقاً، لطيفاً للغاية يا جولي، بينما كان أبوك وجدك يشبهان رجال المناجم المحترقة قلوبهم للوقت الذي يضيعونه في الظلام، وكانت حياتي في المسرح أجمل الأمور التي حصلت لي، لكن بين فينة وأخرى كان هو في بالي وكان بالطبع مرادي الذي يسكن فؤادي دائماً، بحثت عنه ووجدت عنواناً بين جواباته ومراسلاته لي، وكاد والدك  يحرقها كلها ويشعلها بنيران الغيرة، وكنت للفكرة أسيرة، فأخذت حقيبة صغيرة ومددت نفسي نحو الشرفة، وقفزت منها كانت قريبة من الأرض، ووجدته بعد أيام.

 

جوليتا: وهل وجدته يا عمتي؟

ماتيلدا: بالطبع وجدته، وقال لي إنه سيعود لأبي وأخي، وسيكون له كلمة جادة، وإنه يود خطبتي وسيدافع عني إذا حدث لي شيء.

وبالفعل قام بكل ما قاله، ولكن والدك الأهوج، وجدك الذي يعرج، كانت ألسنتهم سليطة، وكنت أنا شابة يانعة، لم أكن لنفسي نافعة، كنت أحتاجه، وكنت أمدد الفكرة لزمن آخر ربما.

 

جوليتا: وهل يئستِ؟

 

ماتيلدا: لا، وسعى والدك أن يبحث عنه، ويلطخ قلبه بمشاعر غريبة لا تخصني، وهدده، وندَّد به.

 

جوليتا: قولي يا عمتي، ماذا فعل رجل القطار؟

 

ماتيلدا: فعل الكثير من أجلي.

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • منح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية لـ 102 مواطنٍ ومقيمٍ لتبرعهم بالدم
  • خادم الحرمين يوافق على منح ميدالية الاستحقاق لـ 102 مواطن ومقيم
  • صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على منح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية لـ 102 مواطنٍ ومقيمٍ لتبرعهم بالدم 50 مرة
  • موافقة خادم الحرمين الشريفين على منح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية لـ 102 مواطنٍ ومقيمٍ لتبرعهم بالدم 50 مرة – “كشف الاسماء”
  • الحب في زمن التوباكو (٥)
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: خلق آخر
  • حركة نسائية إسرائيلية جديدة تناهض الحرب على غزة (شاهد)
  • حركة نسائية اسرائيلية جديدة تناهض الحرب على غزة (شاهد)
  • عادل الباز يكتب: الشمول المالي: لماذا؟ وكيف؟ وبأي اتجاه؟ (1)
  • البابا فرانسيس.. حين يتجلى التواضع في أرفع المناصب