البرامج المهنية العليا بين «الكم والكيف»
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
بالرغم من أن "الكم" و "الكيف" مصطلحان بسيطان، إلا أن الفرق بينهما كبير، فالكم هو مقدار الشيء وعدده، والكيف هو النوع.. وبين هذين المصطلحين جدال طويل ملأ الكتب، فهناك أناس ومجتمعات يهتمون بالكم ولا يعنيهم الكيف، وهم كثر في هذا الزمان، وهؤلاء الناس يهمهم المظهر لا الجوهر، بينما هناك من يحرص على الكيف وهم أقل بكثير مما يعجبهم الكم.
وللأسف الشديد، فإن معظم جامعاتنا ومراكزنا العلمية يسود فيها فكرة تفضيل "الكم" على "الكيف"، ولا يقتصر هذا على الأعداد الهائلة التي تتخرج سنويًا في الجامعات والمعاهد بغض النظر عن مهاراتهم ومعارفهم، وما إذا كانت تمثل إضافة حقيقية لرأس المال البشري، واستجابة فعلية لاحتياجات قطاعات التنمية، بل امتد هذا الأمر إلى البرامج المهنية العليا (الحصول على الماجستير والدكتوراه المهنية)، والتي تم استحداثها منذ سنوات قليلة، وكان ظاهرها التطوير، لكن اتضح أن دوافعها الحقيقية هي زيادة الإيرادات من خلال الرسوم المتزايدة التي يدفعها الطلاب فيها.
فاكتظت الجامعات كل يوم بقاعة المناقشات التي تنتج للمكتبة العلمية أسوأ ما يمكن أن يقدمه أهل زمان ليسطر في سجل تاريخهم.. ولتضيف فصلًا جديدًا في سجل الإسراف في منح شهادات علمية دون ضوابط ومعايير محددة، لتفقد هذه الشهادات قيمتها ومصداقيتها في التعبير عن المضامين التي من المفترض أن تمثلها، فضلًا عن تأثيرها السلبي على الاقتصاد والمجتمع ككل.
وإذا بحثنا في أصل التسمية، فهي شهادات صممتها جامعات عريقة لتمنح للذين يحققون ابتكارات غير مسبوقة في مجال عملهم مثل المهندسين والإداريين الذين يحققون إنجازات يشهد لها حتى الأكاديميون المتخصصون، رغم أن المهندس أو الإداري لم يرتبط بالدراسة الأكاديمية، وهذا يحدث مع أشخاص استثنائيين لا يستكملون الشهادات العليا، لكنهم بتراكم الخبرة يحققون منجزات مشهود لها.
وإذا طبقنا ذلك على من يتم منحهم هذه الشهادات العلمية، فهناك تساؤلات تطرح نفسها، لعل من أهمها: أين الابتكارات غير المسبوقة التي قدمها هؤلاء لكي يحصلوا على الماجستير والدكتوراه المهنية؟ وهل سمعنا أن أحدًا منهم حقق أي تطوير أو إنجاز مهم في مؤسسته أو جهة عمله حتى بعد الحصول على هذه الشهادة؟ أم أن الهدف فقط هو جمع المزيد من الأموال ومنح العديد من الشهادات والألقاب العلمية لشخصيات لا تستحقها؟.
ولذلك، أقول أنه يجب على الجهات المعنية البحث في هذه الظاهرة والحد منها ووضع الضوابط والآليات التي تنظمها. وتصحيح مسار التعليم الجامعي وبعد الجامعي والبحث في حالة التدني العلمي للحاصلين على الماجستير والدكتوراه بصفة عامة.
كما ينبغي التأكيد على أن العبرة لا تكون بالكثرة وإنما النوعية والكيفية، فلو نظرنا مثلًا إلى باحثًا كتب عشرات الأبحاث لكن لا تأثير لها على المجتمع لأنها لا تمت للواقع بصلة، فبينما نرى باحثًا آخر أعماله قليلة إلا انها مؤثرة، وهنا تبرز أهمية الكيف على الكم، فالعبرة ليست بغزارة الأعمال ولكن العبرة بتأثيرها على المجتمع.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التنمية الابتكارات
إقرأ أيضاً:
يوم الأحد المقبل .. تعليمية جنوب الشرقية تحتفل بجائزة أوميفكو للإجادة العلمية
ترعى صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد بن محمود آل سعيد، مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس للتعاون الدولي، يوم الأحد المقبل احتفال المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة جنوب الشرقية بجائزة أوميفكو للإجادة العلمية للعام الدراسي 2024/2023، الذي يقام في قاعة الشرقية بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصور.
ويأتي الحفل بدعم من شركة أوميفكو لتكريم الطلبة المجيدين دراسيًا للعام التاسع على التوالي.
وسيتضمن برنامج الحفل تكريم 119 من الطلبة المجيدين في نتائج دبلوم التعليم العام والمجيدين الحاصلين على الرتب الأولى في نتائج التحصيل الدراسي للصفوف من الخامس إلى الحادي عشر على مستوى ولايات المحافظة الخمسة، والطلبة المجيدين في التربية الخاصة سمعيًا، والمجيدين في المدارس الخاصة والمدارس الحاصلة على معدل 90% فأكثر بجائزة أوميفكو للإجادة العلمية للعام الدراسي 2024/2023م.
وبهذه المناسبة، أكد عبدالله بن علي الفوري، مدير عام المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة جنوب الشرقية، أن المديرية تعمل على تعزيز التحصيل الدراسي لأبنائها الطلبة في ظل التطورات السريعة في المجالات العلمية والتكنولوجية، وتعكس الجائزة أهمية الابتكار في العلوم والرياضيات وتقنية المعلومات، وتشجع على استخدام الأدوات التعليمية الحديثة لتحقيق مستويات تعليمية متميزة.
وأشار الفوري إلى أن جائزة أوميفكو في نسختها التاسعة تسهم في تعزيز روح التنافس العلمي الشريف بين الطلبة والمدارس، مؤكدًا أن هذه المبادرة تحقق أثرًا إيجابيًا في دعم العملية التعليمية وتحفيز الطلبة لتحقيق أعلى مستويات التميز الأكاديمي.
وتهدف الجائزة إلى تحفيز المدارس والطلبة على تحقيق مستويات عالية من التحصيل العلمي، وتشجيع المعلمين على استخدام الأساليب التعليمية الحديثة، وتعزيز ثقافة التميز العلمي بين الطلبة، مما يسهم في بناء أجيال قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية والمشاركة الفعّالة في مسيرة التنمية.