بعد عدة تمديدات انهار اتفاق الهدنة، بين إسرائيل وحركة حماس الذي استمر أسبوعا واحدا فقط رغم الضغوط الدولية من أجل الحفاظ على استمراره لأطول فترة ممكنة.
وبعد دقائق من انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت استأنفت إسرائيل القتال وشنت طائراتها الحربية غارات جديدة على قطاع غزة، الذي فر معظم سكانه إلى الجزء الجنوبي هربا من القصف.
على مدى سبعة أيام سمحت الهدنة التي بدأت في 24 نوفمبر وتم تمديدها مرتين بتبادل عشرات الرهائن المحتجزين في غزة بمئات السجناء الفلسطينيين وتيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الساحلي.
تم إطلاق سراح ما مجموعه 83 إسرائيليا، بينهم مواطنون مزدوجو الجنسية، خلال الهدنة.
كما تم إطلاق سراح 24 رهينة آخرين – 23 تايلانديا وفلبينيا واحدا – بينهم عدة رجال، بينما تقول إسرائيل إن نحو 125 رجلا ما زالوا محتجزين كرهائن.
بالمقابل أطلق سراح 240 فلسطينيا بموجب وقف إطلاق النار معظمهم من المراهقين المتهمين بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة خلال المواجهات مع القوات الإسرائيلية.
اتهامات متبادلةاتهمت إسرائيل حركة حماس بانتهاك الهدنة، فيما ألقت الحركة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، باللوم على إسرائيل قائلة إنها رفضت عروضا بإطلاق سراح المزيد من الرهائن.
في تصريح لموقع "الحرة" قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن "حماس اختارت عدم المضي قدما في المسار الذي اتفق عليه بالإفراج عن الأطفال وكبار السن ثم النساء، وأطلقت الصواريخ على إسرائيل صباح الجمعة، وبالتالي هي من خرقت مسار الهدنة الإنسانية المؤقتة".
وأضاف أدرعي أن هناك "مختطفين إسرائيليين خاصة من النساء محتجزين في سجون تابعة لحماس وفصائل أخرى في غزة، ومازالوا على قيد الحياة"، مشددا أن "على حماس إطلاق سراح النساء وفق ما تم الاتفاق عليه مقابل الهدنة المؤقتة، والتي يحتاج إليها سكان غزة بشدة".
بدوره قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن حماس لم توافق على إطلاق سراح مزيد من الرهائن في انتهاك لشروط الهدنة وإن إسرائيل ملتزمة بتحقيق أهدافها مع استئناف القتال.
وذكر مكتب نتانياهو في بيان أن حماس لم تطلق سراح جميع الرهائن كما هو متفق عليه، كما أطلقت صواريخ على إسرائيل.
بعد انتهاء الهدنة.. أين يتركز القصف الإسرائيلي في غزة؟ قتل وأصيب عشرات الفلسطينيين، غالبيتهم أطفال ونساء، الجمعة، في تجدد للقصف الإسرائيلي، برا وبحرا وجوا، على مناطق متفرقة من قطاع غزة، بعد انتهاء اليوم السابع للهدنة المؤقتة، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".وجاء في البيان "مع استئناف القتال نؤكد: الحكومة الإسرائيلية ملتزمة بتحقيق أهداف الحرب وهي تحرير رهائننا، والقضاء على حماس، وضمان أن غزة لن تشكل أبدا تهديدا لسكان إسرائيل".
واتهم المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي في تصريح صحافي حماس بعدم تسليم قائمة رهائن تعتزم إطلاق سراحهم لقاء معتقلين فلسطينيين في حال تمديد الهدنة عملا بالاتفاق الذي كان ساريا، وبإطلاق صاروخ على الأراضي الإسرائيلية قبل انتهاء الهدنة عند الساعة 7,00 (5,00 ت غ) الجمعة.
بالمقابل قالت حماس في بيان إن إسرائيل تتحمل مسؤولية "استئناف الحرب والعدوان" على قطاع غزة "بعد رفضها طوال الليل التعاطي مع كل العروض للإفراج عن محتجزين آخرين"، حسبما أشارت وكالة "رويترز".
وكشفت حماس أنها عرضت تبادل المحتجزين وكبار السن، كما عرضت تسليم جثامين القتلى من المحتجزين جراء القصف الإسرائيلي، وعرضت تسليم جثامين عائلة بيباس والإفراج عن رب العائلة ياردن بيباس، ليتمكن من المشاركة في مراسم دفنهم زوجته وطفليه.. إضافة إلى تسليم اثنين من المحتجزين الإسرائيليين، لكن إسرائيل رفضت ذلك، على حد تعبيرها.
إسرائيل تطلب إطلاق سراح مجنداتوذكر مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات مع إسرائيل وحماس لرويترز أن المحادثات انهارت الليلة الماضية بعدما طلبت إسرائيل أن تطلق حماس سراح المجندات وهو ما قال إنه مسألة مختلفة تماما عن الرهائن. ولم تعلق إسرائيل بعد على الأمر.
وذكرت قطر، التي لعبت دورا محوريا في جهود الوساطة، أن المفاوضات لا تزال مستمرة مع الإسرائيليين والفلسطينيين لاستعادة الهدنة، لكن تجدد القصف الإسرائيلي لغزة يعقد جهود الوساطة.
وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن أكثر من 100 شخص في غزة قتلوا منذ نهاية الهدنة، فيما أعلنت إسرائيل إصابة 9 جنود بقذائف هاون في غلاف غزة.
وانطلقت صفارات الإنذار في عدة بلدات بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان اليوم الجمعة، مما دفع السكان إلى الفرار بحثا عن مأوى.
ولم يقدم الجيش الإسرائيلي أي تفاصيل بشأن سبب انطلاق صفارات الإنذار، التي دوت بعد ساعات من انتهاء الهدنة في غزة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إطلاق سراح فی غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا تدّمر إسرائيل القرى الحدودية؟
إذا أراد المرء تعداد الغارات الإسرائيلية التي تستهدف القرى الحدودية الأمامية لما استطاع احصاءها نظرًا إلى كثرتها، مع ما ينتج عنها من خسائر بشرية ومادية، علمًا أن معظم أهاليها قد غادروها، ولم يبقَ فيها سوى العناصر الحزبية المقاتلة، الذين لا يزالون يقاتلون، وإن في المواقع الخلفية غير المتقدمة. فما تقوم به إسرائيل من تدمير ممنهج لهذه القرى يهدف بالتأكيد إلى إفراغها من المسلحين أولًا، ومن سكّانها ثانيًا، بحيث لا تعود العودة إليها ممكنة، خصوصًا أن الأراضي الزراعية لم تعد صالحة لحراثتها من جديد. فمعظم أهالي الجنوب يعتمدون في معيشتهم على الزراعات الموسمية كشتول التبغ والزيتون. وقد لفت مشهد تفجير حيّ بكامله في بلدة ميس الجبل دفعة واحدة أنظار المراقبين الدوليين، الذين تصل إليهم تقارير أمنية يومية عن التطورات الميدانية. وما يخشاه هؤلاء المراقبون هو تحويل القرى الحدودية الأمامية على طول الخطّ الأزرق من الناقورة حتى مزارع شبعا أرضًا محروقة قد يصبح من المتعذّر على أهاليها العودة إليها قريبًا حتى ولو تمّ التوصّل إلى وقف للنار في المدى المنظور.
وفي رأي هؤلاء المراقبين أن هدف إسرائيل قد أصبح واضحًا، وهو جعل الحياة في هذه القرى مستحيلة أقله على بعد ما يقارب العشرة كيلومترات عمقًا، خصوصًا أنها استطاعت أن تدّمر التحصينات والأنفاق التي أقامها "حزب الله" في "قرى – الحافة" على مدى سنوات طويلة. وبذلك تكون تل أبيب قد ضمنت عدم قيام "المقاومة الإسلامية" بأي هجوم على المستوطنات الشمالية على غرار عملية "طوفان الأقصى التي قامت بها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول من العام الماضي، مع علمها المسبق أن "حزب الله" بما لا يزال يمتلكه من صواريخ بعيدة المدى قادر على استهداف هذه المستوطنات حتى ولو تراجعت عناصره إلى شمال الليطاني. إلاّ أن هذا الأمر لا يشكّل بالنسبة إلى القيادة العسكرية في تل أبيب مشكلة حقيقية، لأن إعادة المستوطنين إلى الشمال الإسرائيلي تفرض، وفق النظرية العسكرية الإسرائيلية، أن يكون الجزء الجنوبي من لبنان المحاذي للخط الأزرق خاليًا من المسلحين وحتى من الأهالي. وهذا هو التفسير الوحيد لعملية التدمير المبرمج والممنهج لهذه القرى، وذلك بالتزامن مع قصف لا يقّل حدّة للقرى الخلفية، والتي لها رمزيتها التاريخية في وجدان أهالي جبل عامل كالنبطية وبنت جبيل وصور والقرى المحيطة بهذه المحاور الجنوبية، فضلًا عن استهداف مناطق بقاعية لها رمزيتها التاريخية أيضًا كبعلبك وقرى قضائها، وذلك بحجّة أن القرى المستهدفة تشكّل خزانًا بشريًا لـ "المقاومة" وفيها مخازن للسلاح المتوسط والثقيل.
ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يكون هدف إسرائيل من وراء تهجير ما يقارب المليون وثلاثمئة شيعي من قراهم الجنوبية والبقاعية ومن الضاحية الجنوبية لبيروت إلى المناطق، التي لا تزال في منأى عن القصف اليومي في الجبل بكل أقضيته والشمال. ومن دون هذا التهجير لن تكتمل حلقات ما اصطُلح على تسميته "مؤامرة"، وذلك انطلاقًا من نظرية لبنانية قائمة على الأمثال الشعبية، والتي يقول إحداها "بعود تحبك وقرّب تسبّك".
ولكي لا يُفسّر أي كلام يمكن أن يُقال في مجال الواقع التهجيري على غير مقصده فإنه لا بد من المسارعة إلى التأكيد أن لا نيّة لأي طرف، سواء أكان مهجّرًا أو مستضيفًا، الانزلاق إلى ما يُخطّط له في الخارج من "تشجيع" على فتنة يبدي كثيرون خشيتهم من وقوعها على خلفية طبقية وليس طائفية كما يحلو للبعض تسميتها. لكن هذا الحرص الذي يبديه الجميع على السلم الأهلي لا يعني عدم وجود بعض المشاكل الفردية، التي تتمّ معالجتها سريعا سواء عن طريقة "تبويس اللحى" التي تقوم بها أحزاب مناطق الايواء أو الاستضافة، أو عبر الاستعانة بالجيش في حال لم تمشِ سياسة "إزرعها بدقني".
فمهما طالت الحرب، وهي طويلة، ستنتهي في يوم من الأيام. ولكن على المعنيين البدء بالتفكير اليوم قبل الغد بما يمكن القيام به في اليوم التالي، وبالتحديد في ما يتعلق بعلاقة اللبنانيين بين بعضهم البعض. فالمطلوب من الجميع ترتيب الأولويات بدءًا بانتخاب رئيس للجمهورية وانتهاء بقرار الحرب والسلم وخطة الدفاع الاستراتيجية، فضلًا عن مناقشة كل "كبيرة" وكل "صغيرة" التي تجعل التقارب اللبناني – اللبناني مشوبًا بالحذر الدائم. المصدر: خاص "لبنان 24"