عربي21:
2025-03-12@19:25:47 GMT

ملكة غزة في الأسر

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

منذ إعلان الهدنة في غزة، ودخولها حيز التنفيذ، وبرز على سطح الأحداث السياسية ملف وحيد هو الأبرز سياسيا، وإعلاميا، وشعبيا، وهو ملف: الأسرى، سواء الإسرائيليين، أو الفلسطينيين، رغم أهمية الملفات الأخرى وخاصة ما يتعلق بالإغاثة، ومداواة الجرحى، وغيره من الملفات المهمة لما ترتب على العدوان على غزة، بهذا الشكل غير المسبوق.



إلا أن ملف الأسرى، هو الأكثر تناولا، والأكثر تعليقا من الجميع، وبخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، ومع بدء تبادل الأسرى بين الجانبين، وخروج أسرى إسرائيليين، بدأت تتوالى على وسائل الإعلام صور ورسائل مباشرة وغير مباشرة، عن أهداف تحققها المقاومة، سواء ما يتعلق بإدارة الملف، والرسائل العسكرية والسياسية التي تصل للعدو، وتصل للحاضنة الشعبية للمقامة.

لكن الحديث الآن وهو اللافت للنظر، عن الرسائل المعنوية التي تصل عبر صور الأسرى، وكيفية الوداع بينهم وبين آسريهم، ومقارنتها بصور أخرى للأسرى الفلسطينيين وما يجري معهم على يد الاحتلال، وما يجري داخل السجون، وهو حديث ذو شجون، يحتاج لسياق مفصل.

ثم كانت الرسالة الأبرز والأهم، للأسيرة الإسرائيلية إميليا ومعها ابنتها، وقد كتبت رسالة تعبر بكل صدق عما لاقته من معاملة حسنة في أسرها، حتى قالت عن معاملة المقاومة لابنتها، أنها كانت تعاملها كملكة لغزة، وأنها كانت تسعد بصحبتهم، ولم تشعر بأنها أسيرة، وقد شاركوها في الفاكهة والحلوى إن وجدت وقتها.

الرسالة التي نشرت على مواقع التواصل، وعلى مواقع الإعلام المختلفة، راجت وانتشرت بسرعة مذهلة، وحققت أهدافا في مرمى العدو، وأهمها: تكذيب ما يختلقه إعلامهم وساستهم، سواء نتنياهو أو بايدن، من أكذوبة قتل الأطفال، واغتصاب النساء، فها هي امرأة وطفلتها، تخرجان، وتكتبان رسالة بمحض إرادتهما، تقول شعرا وغزلا في المقاومة، وفي معاملتهم لها ولغيرها من الأسرى.

ولأن أثر الرسالة كان قويا، ومربكا ومزلزلا للكيان الصهيوني والإعلام الغربي، سلط أذرعه في محاربة وجود الرسالة، ففوجئ مرتادو التواصل الاجتماعي، وبخاصة موقع الفيس بوك، بأن كل من ينشر الرسالة، يهدد بحذف حسابه، ويقيد الحساب لمدة زمنية، رغم أن الرسالة لا تحتوي على أي مضمون عنف، ولا تحريض عليه، ولا إساءة لأديان، أو كلام عنصري، بل إشادة بأخلاق عالية وراقية!!

منذ بداية أحداث غزة، وكان السؤال الذي يثير إعجاب الغربيين من غير المسلمين: كيف ثبت وصبر هؤلاء على كل هذه المجازر والمحن، ورؤية أقرب الناس إليهم يستشهدون، بل يفقد الإنسان عددا كبيرا من ذويه أمام عينه؟ وقد كانت الإجابة: إنه الإيمان الذي تحلى به هؤلاء.

لكن الاختبار الأكبر أخلاقيا، يكون لمن بيده السلاح، وتحت يده أسرى من عدوه، وفي مكان يكون فيه مع الأسرى في الأنفاق، أو في أماكن مستهدفة من العدو، فلك أن تتخيل أن بيدك أشخاص قد يكون أحدهم قريبا من الدرجة الأولى لعسكري يحلق بطائرته الحربية في الأعلى، ويقتل ذويك وأهلك، وبين يديك بعض أهله أسرى، ومع ذلك لا يحكمك الانتقام، ولا الاعتداء، بل تحكمك قيمك ودينك.

منذ بداية أحداث غزة، وكان السؤال الذي يثير إعجاب الغربيين من غير المسلمين: كيف ثبت وصبر هؤلاء على كل هذه المجازر والمحن، ورؤية أقرب الناس إليهم يستشهدون، بل يفقد الإنسان عددا كبيرا من ذويه أمام عينه؟ وقد كانت الإجابة: إنه الإيمان الذي تحلى به هؤلاء.لقد أثبتت المقاومة للعالم كله ليس نجاحها عسكريا على الأرض، فهذا ميدان آخر، لكن النجاح الأكبر لمن بيده السلاح، وفي ساحة الوغى، أن يظل متمسكا بأخلاقه، قبل وأثناء وبعد الحرب، ورغم الدمار الهائل، والخسائر الكبرى، إلا أنهم ظلوا مصرين على أن تكون الخسائر في الماديات فقط، ولا تطال دينهم وأخلاقهم.

كانت الأكاذيب التي تروج غربيا، أنهم: يقتلون الأطفال، ويغتصبون النساء، وكل المشاهد التي برزت هي لنساء تلوح بيدها بالتوديع الحار، وإذ برسالة واحدة تهدم هذا كله، فالرسالة بينت أنهم كانوا يعطون ابنتها من الفاكهة والحلوى على ندرة ذلك وقلته، وللإنسان أن يتخيل أشخاصا ليس معهم مخزون من الطعام، يجودون به على طفلة مأسورة، كيف هي الرسالة التي تدل على الخلق والكرم العربي والإسلامي لديهم.

لم يجد الاحتلال في أسراه المحررين، أسيرا أو أسيرة واحدة، تخرج للإعلام لتقول كلمة واحدة تسيء بها للمقاومة، ولو وجد ما تأخر ثانية في إبرازهم وخروجهم والتشنيع عليهم، وقد حاو من قبل مع امرأة مسنة وقد كانت أول أسيرة تخرج، ولما شهدت لصالح المقاومة، حاول نتنياهو ومعاونوه أن يثنوها عن ذلك، أو تقول كلاما يسيء ولم تقبل.

في بداية الحرب، كنت أعول كثيرا في النظر لملف الأسرى، فعلى مدار التاريخ الإسلامي في كل الحروب الدائرة بين المسلمين وأعدائهم، وجدنا كثيرا من الأسرى، إما أنهم أسلموا، أو تغيرت فكرتهم عن الإسلام، وأصبحت إيجابية، وهذه ملاحظة تاريخية، منذ عهد النبوة، وقد كان أول أسير يسلم بسبب حسن العشرة: ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه، وقد ذهب لقتل النبي صلى الله عليه وسلم، في قصة طويلة، ليس مجال حديثنا.

وأعتقد أن من خرجوا من الأسرى رجالا ونساء، سواء كانوا من الصهاينة أو من غيرهم، فإن المشاهد التي عاشوها بين أهل المقاومة وأهل غزة، كفيلة بتحقيق مساحات من النصر الأخلاقي والمعنوي، لا يقل عن النصر العسكري والسياسي، وهو رصيد إيماني كذلك، يكون زادا للنصر، فلا قيمة لنصر ينفصل عن الخلق.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيين العدوان اسرى فلسطين غزة عدوان رأي مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة سياسة صحافة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

وقفة أمام بقع الدم السوري..!

• لا يزال الاخوان و” مشتقاتهم” يعتقدون أنهم مرغوب بهم لدى الغرب كأداة سلطة وحكم لا مجرد أداة هدم وتهيئة انتقالية للأدوار التالية من المؤامرات، يتناسون تجربة طويلة من الصفعات، من أفغانستان إلى العراق إلى تونس ومصر وليبيا وغيرها.. ويفرحون مجدداً بالدفع بهم إلى واجهة الحكم في سوريا . يأملون بعمى السلطة ونشوة السيطرة أن تكون هذه البلد نموذجاً مختلفاً عن ما سبق، على الرغم من أن كل المعطيات تؤكد تكرار الصفعات والنهايات، بما فيها سوريا.
• ويوماً ما لن يطول انتظاره كثيراً.. وبعد أن يسقط هذا النظام الدموي الأحمق نتيجة تهوره وفقدانه القدرة على السيطرة، سيحدثك الإخواني “العميق بذكاء المؤامرة” كالعادة عن مؤامرة كونية استهدفت تنظيمهم، كدلالة أنهم على الحق قائمون، وقد تكالبت عليهم الأمم، وبأن الطوائف الأخرى متحالفة مع الغرب عليهم، وينسى كل المسارات التي انتهجوها وقادتهم للهلاك، وتستمر الحكاية ..
• أي تراث أو فكر أو نظرية إسلامية يُبنى أو يستند عليها هذا الإجرام الحاصل في المشهد السوري، علينا أن نتبرأ منها ونكفر بها وبعلمائها ومنظريها .. وبأي جماعة أو طائفة أو مذهب أو مجلس اسلامي يصمت عن ادانة ما يحدث هناك، ولا غرابة ان نشهد كل هذا الصمت والتشفي وثقافة النأي بالنفس عن قول كلمة الحق .. بعد المواقف من غزة التي عرت المستور، بات كل شيء ممكناً .
• ترسيخ دورة العنف غير الأخلاقي في المنطقة كثقافة متبادلة، بعيداً عن جدليات الدفاع أو الهجوم على الأنظمة البائدة، هذا هو ما تفعله اليوم الأنظمة العميلة القادمة على ظهر الدبابات الغربية، وبإملاءات غربية، وهو بالمحصلة ليس في صالح تلك الأنظمة، لأن سقوطها وصعود أنظمة جديدة – وهذه سنن الحياة الملموسة – سيبرر أو سيشعل الانتقام بالمثل على قادتها وجمهورها الأعزل، هذا ما يريده الغرب الكافر ولا تنتبه اليه جماعات النظام الجديد، ولو كانت تملك الشجاعة لأوقفت هذه الدورة من العنف الذي لطالما اشتكت منه، ولفتحت صفحة جديدة تؤسس لبقائها طويلا في سدة الحكم، وتأمن فيه من تقلبات المراحل، أو على الأقل ليكون لديها ثقافة مختلفة بأن يبقى الصراع نخبوياً، يحيد فيه الجمهور المدني الأعزل من الأحقاد والتصفيات.
• مبادئ “اليساري والقومي” هشة وكذبة كبرى، مع احترامنا للاستثناء وهم شخوص قليلة، منذ العدوان على اليمن إلى ما يحدث اليوم من تطورات في المنطقة ونحن نتفاجأ بالتناقضات، صار أولئك ” الأمميون” يرون العالم من ثقب إبرة، قد تجدهم مشبعين بالتعصب الطائفي أكثر من الملتحيين، وليبراليين أكثر من النظام الغربي!، واينما مالت رياح المؤامرات.. مالوا.
• في غزة، حدث أن تقاربت المذاهب الإسلامية الشريفة حول قضية مقدسة، بعد أن امتزجت دماؤها على طريق القدس انزوت الأفكار الظلامية خجولة أمام المشهد الوحدوي العظيم للساحات، كانت قد بدأت تتشكل ثورة من الوعي لدى جمهور العامة، وتنبه العدو لهذا الخطر الذي يتهدده، وهو الذي عمل على عدم وقوعه طوال المراحل والعقود الماضية، فأطلق العدو قطعان مسوخه بسوريا سعياً لإعادة إنتاج الفتنة واحياء لسدنتها المتربصين والذين في قلوبهم مرض، ولعن الله صناع الفتن وأدواتهم ومن أيقظهم.

مقالات مشابهة

  • قائد في أمن المقاومة .. ضبط أجهزة تجسس مموهة
  • وزير خارجية إيران: دولة عربية ستوصل لنا رسالة من ترامب
  • عراقجي: رسالة ترامب إلى إيران جاهزة لكنها لم تُسلَّم بعد
  • زيادات التموين.. من هي الأسر التي تحصل على 250 جنيها إضافية؟
  • وقفة أمام بقع الدم السوري..!
  • "ميزة جدولة الرسائل" جديد إنستغرام.. إليك خطوات تنفيذها
  • جرائم تكشفها الصدفة.. رسالة تحت البلاط تكشف جريمة مخفية
  • صحفي: خطابات الأسر لأبنائهم على الجبهة كانت خالية من أي أخبار حزينة
  • إطلالة ملكة كابلي في افتتاح ماتش بريدة.. فيديو
  • “أمن المقاومة الفلسطينية” يكشف ضبط متخابر مع العدو خلال مراسم تسليم الأسرى