الكتابة بوصلة أحمد بالحمر في "آناء الليل"
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
صدرت مؤخراً المجموعة الشعرية "آناء الليل" للشاعر الإماراتي أحمد عمر بالحمر، عن دار ناريمان للنشر والطباعة والتوزيع في لبنان، وتقع المجموعة في 160 صفحة من الحجم المتوسط، وتضم 127 نصاً شعرياً قصيراً ومختزلاً، تنتمي لقصيدة النثر.
تحمل معظم القصائد عناوين من كلمة واحدة، ومنها، اشتياق، تراب، فقيدي، فراق، أصدقائي، قسمة، هروب، تسرب، نقطة، مكيال، توارد، حيرة، استسسقاء، احتراق، ظل، حكايتنا، حدود، الأيام، .
معظم نصوص الشاعر وجدانية عاطفية، تعكس نظرته تجاه الحياة، وتحمل من معان الليل حزنه ومفرداته وأجوائه الكثير، ولعل ذلك كان سبباً لعنوان الديوان، بالإضافة لما كتبه الشاعر على غلاف الكتاب الذي يكتسي بسواد ليل حالك، فنقرأ هناك:
كتبته في آناء الليل وشوارع الذكريات
وكأنني في كل خطوة
وفي كل كلمة
أرسم الطريق إلى قلبي
فأمسكت بيد القصيدة ومشيت.
وهنا نستشف ما تمثله الكتابة لشاعرها، فهي بوصلته في دروب الحياة، أما القصيدة التي ترافقه في رحلته فهي صديق وفيَ، يستند على ذراعه، ويشد من أزره.
يقول أحمد عمر بالحمر الذي يحمل بكالوريس في الهندسة، ويعمل في مجالها: "بدأت رحلتي مع الكتابة منذ حوالي 10 سنوات، ثم كتبت عامود صحافي دوري بعنوان "برودكاست" في صحيفة الأنباء الكويتية، عقب ذلك كتبت في صحيفة "روز اليوسف" المصرية في نفس الفترة تقريباً، ولاحقاً جمعت المقالات وأصدرتها في كتاب بعنوان "ممكن نتعرف" عن دار الرائدية للنشر والتوزيع في السعودية، وكانت المقالات متنوعة، لكن الغالبية العظمى منها اجتماعية تناقش مشاهد تستوقفني من واقع الحياة وما بها من أحداث يومية.
وعن تطوير موهبته الأدبية أكد بالحمر لـ24: "أن عملية التطوير الذاتي للإنسان تبدأ ولا تنتهي، وهي متواصلة لا تتوقف، ومنذ الطفولة صاحبني شغف القراءة ونهم المعرفة، وما زال يرافقني لغاية اليوم".
وبالنسبة لأهم الكتاب الذين تأثر بكتاباتهم، قال: " قرأت لكثير من الكتاب والأدباء، ولم تشدني الأسماء أبداً، بل كانت تجذبني قوة الكلمات المكتوبة وعذوبتها ومدى تميزها، ولم أتأثر بكاتب دون غيره، فجميع ما قرأت من كتب أثرت بي بطريقة أو بأخرى، ولا شك بأنني أيضاً قد أثرت بفكر آخرين ممن قرأوا لي، نعم فالعملية أقرب ما تكون إلى العدوى التي تنتقل دون أن نشعر بها".
أحمد بالحمر يكتب بالفصحى والعامية، وفي إطار رده على سؤال أيهما أقرب لقلبه، وكيف يحدد نوع القصيدة لحظة الإلهام، أضاف: "كافة الأجناس الأدبية محببة لنفسي وقريبة من ذائقتي الأدبية، ولكن اللهجة العامية تكاد تكون أقرب للمستمعين، كونها لغتهم الدارجة، أما الإلهام فأعتبره كائناً غريباً يزور الإنسان دون استئذان أو مقدمات، يفاجئنا في أغرب الأوقات و الأماكن، وبصراحة تامة أنا لا أختار شكل القصيدة وهويتها عندما أكتب، فالكلمات هي سيدة الاختيار، وهي التي تفرض حضورها وشكلها على البياض، وتحدد متى تبدأ ومتى تنتهي كما تشاء".
وأثناء تعليقه على اتجاه العديد من الشعراء في العصر الراهن لكتابة الرواية، وهل سيظل بالحمر مخلصاً لحقل الشعر، أم يفكر في كتابة عمل روائي، أجاب: " حتى هذه اللحظة لا نيّة لدي لكتابة عمل روائي، ولكن مستقبلاً لا أعلم هل سأطرق هذا الباب أم أظل متشبثاً في مكاني القديم ووفياً للقصيدة فقط".
وبالنسبة لمصدر الإلهام في قصائده أو في مقالاته، ذكر: "الأفكار تولد في وجدان الكاتب من خلال احتكاكه مع الناس والمجتمع وتعامله اليومي معهم، ومن خلال متابعته لما يحدث في العالم حوله".
يذكر أن أحمد بالحمر شارك في العديد من الأمسيات الشعرية في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وفي جهات ثقافية أخرى، ودأب على حضور ومتابعة الأنشطة والفعاليات الثقافية، وسبق أن صدر له ديوان "محتلني" في اللهجة المحكية، عن دار نبطي للنشر، وترجمت بعض أعماله للغة الإنجليزية.
وتحت عنوان "فقد" في مجموعة "آناء الليل" الشعرية نقرأ:
أنت
لم يتركك ظلك منذ طلوع الشمس
حتى جاء المساء يزفه البدر والنجوم
كم أنت محظوظ
أنا أشرقت شمسي، وغابت
وما زال ظلي مفقوداً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات
إقرأ أيضاً:
كيف تأخذ أجر قيام الليل وأنت في سريرك؟
قيام الليل يُعد من أعظمِ الطّاعات عند الله سبحانه وتعالى، وسرٌ من أسرار الطُمأنينة والرِّضا في قلب الإنسانِ المؤمن؛ وكذلك صلاة قيام الليل من فضائلها أنها ترسم نورًا على وجه المؤمن، حيث إنّ الله عز وجلّ يَنزل كلَ ليلة في الثُلثِ الأخير من اللّيل إلى السّماء الدُّنيا فيقول: «هل من داعٍ فأستجيبُ لهُ هل من سائلٍ فأعطيهُ، هل من مستغفرٍ فأغفرُ له»، حتى يطلع الفجر، ولكن هناك الكثير لا يستطيعون أن يقيموا الليل فكيف يأخذون أجر قيام الليل دون القيام؟.
كيف تأخذ أجر قيام الليل وأنت فى سريرك ؟قيام الليل له معنى مختلف عن الذي نفهمه حيث يقتصره البعض منا على الصلاة فقط، ولكن قيام الليل ليس صلاة فقط، فهناك أنواع كثيرة لقيام الليل، وتعد الصلاة جزء منه أو نوع منه.
فالاستغفار والصلاة على النبي والذكر والتسبيح وقراءة كتاب تنتفع به، وأنت نائم تحت البطانية، وكذلك الدعاء لك ولأهلك وزملائك وأحبتك فكل هذه أنواع لقيام الليل ولكننا حصرناها في الصلاة فقط، وهذا معنى محدود.
تخيل أيها المسلم إنك إذا نفذت كل هذه الأمور، وانت تنام تحت البطانية فقد كتبت من الذين قاموا الليل وتحصل على الثواب، وإذا واظبت عليها، ومرضت ولم تستطيع المواظبة عليها خلال المرض فسوف تحصل على الأجر أيضا، حيث يوكل الله الملائكة تكتب لك الأجر، لأن الله رحيم بنا، فالليل جزء من عمرك، فامضي في الطاعة وأنت من الله قريب عسى أن تصيبك نفحة من ربك فترضيك وتذهب ما فيك.
أسهل طريقة للحصول على أجر قيام الليلقال الشيخ عبدالله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن أجر صلاة الفجر والعشاء جماعة كأجر من قام الليل.
وأضاف العجمي، خلال فيديو مسجل له، أنه بما روي عن عثمانُ بنُ عفانَ رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول: «من صلى العشاءَ في جماعةٍ فكأنما قام نصفَ الليلِ، ومن صلى الصبحَ في جماعةٍ فكأنما صلى الليلَ كلَّهُ». أخرجه مسلم وابن حبان.
وأشار إلى أن المحافظ على أداء الجماعة سيستظل تحت ظل عرش الرحمن في الآخرة، مستشدة بما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «سبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه.... ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ في المساجدِ، ..» أخرجه: الشيخان.
أسرار قيام الليلوعلم العارفون أنَّ قيامَ الليل مدرسةُ المخلصين، ومضمارُ السابقين، وأنّ الله تعالى إنما يوزّع عطاياه، ويقسم خزائن فضله في جوف الليل، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويحرم منها الغافلون والنَّيام، وما بلغ عبدٌ الدرجات الرفيعة، ولا نوَّر الله قلبًا بحكمة، إلاّ بحظ من قيام الليل.
والسرُّ في ذلك أن العبد يمنع نفسه ملذّات الدنيا، وراحة البدن، ليتعبّد لله تعالى، فيعوضه الله تعالى خيرًا مما فقد، وذلك يشمل نعمة الدّين، وكذلك نعمة الدنيا، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وأربعة تجلب الرزق: قيام الليل، وكثرة الاستغفار بالأسحار، وتعاهد الصدقة، والذكر أول النهار وآخره."
وقال: "ولا ريب أنَّ الصلاة نفسها فيها من حفظ صحة البدن، وإذابة أخلاطه، وفضلاته، ما هو من أنفع شيء له، سوى ما فيها من حفظ صحة الإيمان، وسعادة الدنيا والآخرة، وكذلك قيام الليل من أنفع أسباب حفظ الصحة، ومن أمنع الأمور لكثير من الأمراض المزمنة، ومن أنشط شيء للبدن، والروح، والقلب".
ولهذا لا تجد أصح أجسادًا من قوَّام الليل، ولا أسعد نفوسًا، ولا أنور وجوهًا، ولا أعظم بركة في أقوالهم، وأعمالهم، وأعمارهم، وآثارهم على الناس، وقوَّام الليل أخلص الناس في أعمالهم لله تعالى، وأبعدهم عن الرياء، والتسميع، والعجب، وهم أشدّ الناس ورعًا، وأعظمهم حفظًا لألسنتهم، وأكثرهم رعاية لحقوق الله تعالى، والعباد، وأحرصهم على العمل الصالح.
ولا بد من تذكرة أخيرة، وهي أنه "صلى الله عليه وسلم" لم يترك هذه السُّنَّة قطُّ في حياته، لا في مرض، ولا في كسل، ولا في غيره، وهي سُنَّة قيام الليل، حيث روى أبوداود - وقال الألباني - صحيح: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، يَقُولُ: قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".
وكان ينصح أصحابه بالحفاظ عليه، وعدم التذبذب في أدائه، حيث روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرِو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لِيّ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ».
وتتحقَّق هذه السُّنَّة بصلاة ركعتين أو أربع، أو أكثر، في أي وقت من بعد صلاة العشاء، وإلى قبل صلاة الفجر، وقد أراد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لجميع المسلمين أن يؤدوا هذه السُّنَّة، فجعل الأمر سهلًا على الجميع، فلم يشترط طول القيام، إنما نصح أن نصلي قدر الاستطاع، حيث روى أبو داود - وقال الألباني - صحيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ "صلى الله عليه وسلم": «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ».
فلْيحرص كل مؤمن على هذه العبادة الجميلة، كلٌّ حسب طاقته، ولا تنسوا شعارنا الدائم قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} النور:54