أحمد ياسر يكتب: جنرالات إسرائيل وغزة
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
التاريخ هو 9 مارس 1973.. يبتهج جنرالان بنبأ الوفاة التي اعتبروها "الجائزة الكبرى"...والجنرالان هما أرييل شارون ووزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك موشيه ديان.
وتقول الحكايات في ذلك الوقت إن ديان أراد رؤية الجثة بنفسه، وعندما فعل ذلك، أمر بتوزيع الحلوى على الجنود المشاركين.
نعم، كانت الجثة هي جثة "جيفارا غزة"، الذي أطلق سراحه من السجن قبل سنوات بتصميم متزايد على محاربة المحتلين.
(جيفارا غزة) واسمه الحقيقي محمد الأسود، ولد قبل النكبة بسنتين... وعندما حدث ذلك، نزحت عائلته من الضفة الغربية إلى غزة.
انجذب إلى أفكار الحركة القومية العربية وانضم فيما بعد إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي كان يتزعمها الدكتور جورج حبش... لقد أعجب بما حدث في فيتنام، كما أعجب بفيدل كاسترو والأسطورة إرنستو "تشي" جيفارا.
وفي أوائل السبعينيات، وصل شارون إلى غزة بجدول أعمال لتنفيذ اغتيالات... وتم تشكيل وحدة خاصة للقيام بهذه المهمة....وكان بقيادة مئير داغان، الذي أصبح فيما بعد رئيس الموساد... وخطط الأسود، لسلسلة من الهجمات بالقنابل على دوريات إسرائيلية وشارك في بعضها.
(وكانت غزة مفتونة بهذا الشبح الذي كان يغير مكان إقامته بانتظام... لقد أنهك المحتلين إلى حد أن ديان قال ذات مرة: "نحن نسيطر على غزة نهارًا وغيفارا يسيطر عليها ليلًا").
وفي أحد الأيام، حاصرت القوات الإسرائيلية منزلًا كان يختبئ فيه الرجل الأول المطلوب... خرج من المنزل وكل الأسلحة مشتعلة...وردت القوات الإسرائيلية بإطلاق النار عليه وقتلته... وابتهج الجنرالان معتقدين أن هذا الفصل قد انتهى.
بعد نصف قرن من وفاة أول جنرال في غزة، فوجئ جنرالات إسرائيل عندما أعلن الجنرال الثالث في غزة عن إطلاق عملية( طوفان الأقصى) في الشهر الماضي.... اسمه محمد ضيف... ولطالما حلمت الأجهزة الإسرائيلية باغتياله... لقد استهدفوه خمس مرات...
كما أدت النكبة إلى نزوح عائلته إلى غزة ونشأ في خان يونس... وهو أيضًا خرج من سجن إسرائيلي بتصميم أكبر على محاربة المحتلين.... فهو مثل الوهم... إنه يتنقل دائمًا ولا أحد يعرف أين يعيش!!!!.
ولم يكن جيفارا مثله الأعلى... وبدلا من ذلك، تطلع إلى عز الدين القسام وأحمد ياسين.... وانضم إلى حماس، التي تشكلت رسميًا في عام 1987... وتولى الضيف مسؤولية قوات حماس بعد اغتيال إسرائيل "للجنرال الثاني في غزة"، صلاح شحادة، في يوليو2002.
وفي منتصف القرن العشرين، وصل إلى مكان الحادث رجل اسمه ياسر عرفات....وكان يحلم بأن يُسجل في التاريخ على أنه "الرصاصة الأولى والدولة الأولى"... ولم تستخلص إسرائيل الدروس من تجربتها مع عرفات... وظلت أنهار الدم تتدفق لعقود من الزمن....ألم تتعلم أن قتل «جنرالات» غزة لن يكسر إرادتها؟
علي مدي الصراع في السنوات الخمس الماضية... تبدوا الفظائع التي شهدتها غزة مؤخرا أعادت قضية الدولة الفلسطينية المستقلة إلى أجندة القوى العالمية الكبرى في وقت نجحت فيه إسرائيل وحلفاؤها في تنحيتها جانبا... الضربات القاضية مستحيلة في هذه الأزمة... لقد جربتهم إسرائيل، ووجدت نفسها الآن في مواجهة جيل جديد لا يقل تصميما أو شراسة عن سابقيه.
فكرة القضاء التام على حماس أمر مستحيل، كما أنه من المستحيل القضاء على فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية... هذه القوات ليست مجرد جهاز عسكري... إنهم يطالبون بالحقوق قبل كل شيء.
ولكن... هل تستطيع حماس استثمار التطورات في غزة لتشكيل الدولة؟ وهل يمكن أن يتصالح مع الواقع كما حصل مع منظمة التحرير؟ هل يمكن أن نرى رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية جالسًا مع وفد إسرائيلي في مؤتمر دولي؟ عندما تتفاوض مع عدوك، فإنك تعترف بوجوده... وبما أنك غير قادر على القضاء عليه، فهل أنت ملزم بالتسوية معه؟
وفي عام 2017، وافقت حماس على فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكنها لم تفكر قط في الاعتراف بإسرائيل لأن ذلك كان سيؤدي إلى هدنة مفتوحة وطويلة الأمد... فهل توافق إسرائيل على ذلك؟ فهل سيوافق أنصاره على ذلك؟ فهل توافق حماس على إقامة دولة فلسطينية خالية من السلاح؟
فهل يمكن أن نتصور هنية في البيت الأبيض يمد ذراعه ليصافح رئيس وزراء إسرائيلي كما فعل عرفات مع إسحق رابين؟..وعلينا أن نتذكر أن حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، من خلال هجماتهما الانتحارية، لعبا دورًا رئيسيًا في إفشال اتفاقيات أوسلو....وإسرائيل مذنبة أيضًا عندما قوضت الاتفاقات ولم تترك شيئًا لتنفيذه.
فهل يُسمح لنا أن ننسى اللمسة الإيرانية الواضحة في سلوك حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني؟
إن إنهاء الصراع سيكون صعبًا ومعقدًا... وسيتطلب اتخاذ قرارات صارمة أخطر من تلك اللازمة لتمديد القتال أو تصعيده.
لأكثر من نصف قرن من الزمن، جاء جنرالات إسرائيليين وفلسطينيين وذهبوا، لكن نهر الدم ظل يتدفق.
لقد دفع العالم العربي ثمنًا باهظًا للقمع الإسرائيلي للفلسطينيين... لقد جرب جنرالات إسرائيل كل الخيارات للقضاء على الفلسطينيين وقمعهم، الذين استمروا في الانتفاض بقبضاتهم أو الحجارة أو الرصاص أو الأحزمة الناسفة.
لقد انخدع العالم بالاعتقاد بأن البركان سيتوقف عن الثوران ويدخل في مرحلة الخمول... لقد ارتكب العالم أخطاء عديدة لفترة طويلة، وخاصة «القوة الكبرى الوحيدة».
(أتذكر أوصاف عرفات التي كتبها محمود درويش ومحسن إبراهيم، وكلاهما كان مقربًا منه. وقالوا إن السعي إلى التسوية كان بالتأكيد أصعب بالنسبة له من إطلاق الرصاصة الأولى).
وقالوا أيضًا إنه (عندما صافح رابين، كان واثقًا من أن الدولة الفلسطينية كانت "على مرمى حجر". واتفقوا على أنه في هذا الصراع المرير كان قرار الموافقة على الحل أصعب من اختيار الحرب).
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر غزة فلسطين اخبار فلسطين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس طوفان الاقصي حركة فتح السلطة الفلسطينية هدنة إنسانية الأسرى الإسرائيليين ياسر عرفات رام الله خان يونس جنرالات إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
ترقّب في إسرائيل لإفراج حماس غدا عن 3 أسرى لديها في غزة
أفادت تقارير مصرية، بأن مصر وقطر نجحتا في "تذليل العقبات التي كانت تواجه استكمال تنفيذ وقف إطلاق النار والتزام حركة حماس وإسرائيل باستكمال تنفيذ الهدنة" التي أوقفت حربا مدمّرة بين الطرفين استمرّت حوالي 15 شهرا في قطاع غزة .
وتترقب السلطات الإسرائيليّة، اليوم الجمعة، أن تُعلِمها حركة حماس بأسماء الرهائن الثلاثة الذين تنوي الإفراج عنهم، غدا السبت، مقابل أسرى فلسطينيّين، وذلك بعد تبادل تهديدات بين الجانبين أثارت مخاوف من تجدّد القتال.
ويؤشّر موقف حماس إلى إجراء عملية تبادل جديدة، السبت، لرهائن إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة وفلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية.
وبات الاتفاق على المحك، الثلاثاء، بعدما توعّد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الحركة الفلسطينية بـ" فتح أبواب الجحيم" ما لم تُفرج بحلول السبت عن "جميع الرهائن" الإسرائيليين في قطاع غزة.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، قد أعلن الثلاثاء، أنّه سيتم استئناف "القتال العنيف" في غزة، بينما قال وزير خارجيته يسرائيل كاتس الأربعاء، إنّ "أبواب الجحيم ستُفتح... كما وعد الرئيس الأميركي"، إذا لم تُفرج حماس عن الرهائن بحلول السبت.
اقرأ أيضا/ وزير الخارجية الأميركي: سنمنح البلدان العربية فرصة لتقديم خطة حول غـزة
وبحسب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 19 كانون الثاني/ يناير وتمتد مرحلته الأولى 42 يوما، يُفترض تنفيذ العملية السادسة لتبادل الرهائن والأسرى غدا السبت، لكن حماس أعلنت تأجيلها، متهمة إسرائيل بـ"تعطيل" تنفيذ الاتفاق، خصوصا عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المدمر.
وذكرت مصادر فلسطينية أنّ الوسطاء "أجروا مباحثات مكثفة وتمّ الحصول على تعهّد إسرائيلي مبدئيا بتنفيذ بنود البروتوكول الإنساني بدءا من صباح" الخميس، ما سيُتيح إدخال "الكرَفانات والخيام والوقود والمعدّات الثقيلة والأدوية ومواد ترميم المشافي" إلى القطاع.
المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين سفراء الاتحاد الأوروبي والعرب يؤكدون رفضهم لدعوات تهجير الغزيين وزير الخارجية الأميركي: سنمنح البلدان العربية فرصة لتقديم خطة حول غزة الأونروا: الاحتلال استخدم أحد مرافقنا لاحتجاز فلسطينيين قُرب بيت لحم الأكثر قراءة رأي الشارع الإسرائيلي بمدى إمكانية تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة بلدية غزة تتحدث عن تأثير المنخفض الجوي على خيام النازحين حماس تُعلن مطلبها قبل تسليم قائمة الأسرى الإسرائيليين اليوم استشهاد طفل جرّاء انفجار من مخلفات الاحتلال جنوب قطاع غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025