قال الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن سنة الله في خلقه عصف الحياة بالإنسان في جراحه وآلامه، وفي مواقف القهر والظلم، والخسارة والحرمان، والفقد والوجد، منوهًا بأن طلب العيش بلا ألم، طلب محال.

سنة الله في خلقه 

واستشهد " الثبيتي " خلال خطبة الجمعة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، بما قال الله تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان متقلب الأطوار، ينبض بالإحساس، ويفيض بالمشاعر.

وتابع: يتألم ويسكن، ويضعف ويعجز، ويخاف ويأمن، تعصف به مراحل الحياة في جراحاته وآلامه، وفي مواقف القهر والظلم، والخسارة والحرمان، والفقد والوجد، منوهًا بأنه سبحانه جل وعلا هو من يقدر الضر والنفع وما يصيب المرء من الالآم الحسية فيها والنفسية بل والعضوية.

وأوضح أن هذا دليل على أن هذه الدنيا دار ابتلاء قال عز وجل : ( وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )، منبهًا إلى أن الألم يوقظ من الغفلة، ويعرف بالنعمة، ويرشد الحيران، رحمة من الله قد تغيب عنا حكمتها.

 الدنيا دار ابتلاء بالدليل

وأضاف : فكم من ألم مرض عضال غير مجرى الحياة، وكم من ألم نبه وأرشد إلى مرض صامت ينخر في الجسم وصاحبه لا يدري، مرارة الألم تذيقك حلاوة الصحة وطعم الراحة وأنس العافية، لافتًا إلى أن الألم نعمة تستحق الشكر.

وأشار إلى أنه مهما امتد الألم فإنه زائل، ومهما طال فانه ماض، ومهما اشتدت حرارته فإنه إلى أفول، ويعقبه فرج وخير وتمكين؛ يوسف عليه السلام تأمر إخوته عليه، وألقوه في الجب، وراودته امرأة العزيز، وكادت له النسوة، ودخل السجن.

وأردف: ثم أعقب سنين المعاناة نصرًا وتمكينًا وعزًا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مكر به الماكرون في كل خطوة من خطوات حياته، وكاد له الكائدون في كل مرحلة من مراحل سيرته؛ حتى قال: (أوذيت في الله وما يؤذى أحد).

ماذا كان بعد

وتساءل:  فماذا كان بعد؟ لقد ذهب المكر وأهله، والكيد وجنده، إلى مزبلة التاريخ، وتلاشى، وبقيت دعوته ورسالته وأمته يزهو بريقها، ويمتد إشعاعها، ويتعاظم أثرها، وتشتد جذورها، لافتًا إلى أن المسلم يعلم يقينًا أن الألم يعقبه أمل، وفي ردهاته غنيمة، وعاقبته حميدة.

وأفاد بأن الخير الآجل لا يبصره المرء في حينه، والصبر على لأوائه يفجر سيلاً من الحسنات، كم من الهموم والغموم التي تخيم على حياتنا ثم تنقشع بفجر صادق ويوم مشرق؛ وهناك عاقبة متحققة في دار خلودها دائم، ونعيمها قائم.

ولفت إلى أنها عزاء لكل متألم، وعوض لكل مغبون؛ حتى إنه ليغمس في الجنة غمسة واحدة فيقال له: «هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط»، منوهًا بأن الناس مع الألم أصناف يتفاوتون على قدر إيمانهم ويقينهم وعزمهم وقوة إرادتهم.

وبين أن منهم من يفقد توازنه، وتهتز قواه، وتخور عزيمته، وتسلب إرادته، ويتسلط عليه الوهم والخوف، ويغدو يائسًا بائسًا، ومن الناس من تمده عقيدته بالثبات، ويغديه إيمانه بالصبر، فيجعل من الألم أملًا، ومن الحزن فرحًا، ومن الضعف قوة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

خطيب وزارة الأوقاف: يحاول شرذمة من البشر تصفية قضية بلد قبلتنا الأولى

قال خطيب وزارة الأوقاف، في خطبة جمعة النصف من شعبان، إن هذه الأيام المباركة يتجلى فيها رب العزة على عباده فينظر إليهم نظرة رحم وعفو ومغفرة.

وأضاف خطيب الجمعة، من المسجد الشاذلي بمدنية الباجور بمحافظة المنوفية، أننا استقبلنا ليلة النصف من شعبان وكشفنا أسرارها، ورأينا كيف جبر الله خاطر سيدنا النبي وحقق لها مراده من غير طلب منه، فكان النبي يفلب وجهه في السماء ويعجبه أن تكون قبلته إلى البيت الحرام، لكنه تأدبا مع ربه لم يطلب ذلك بلسانه، وربه بحاله أعلم، فحقق له مراده.

وتابع: اجبروا خواطر الخلق يجبر الله خاطركم، أما عن الانقياد التام والتسليم المطلق لأمر الله ورسوله، فكان تحويل القبلة أعظم دليل على ذلك، وكان استقبال المسلمين لبيت المقدس في صللاتهم وكان التخول إلى البيت الحرام وحي شريفا، ليدل دلالة عظمى من لدن رسول الله إلى قيام الساعة، على أهمية القبلتين الشريفتين.

وذكر أن قبلتنا الأولى يحاول شرذمة من البشر أن يصفوا قضيتها ويصرفوا اهتمام المسلمين عنها، لا شك أنهم خائبون وخاسرون لأنها أولى القبلتين ومسرى رسول الله.

وأكد أن حبنا لهذه البقعة المباركة متغلغل في قلوبنا، لأن استقبال بيت المقدس أو التحول عنها، لم يكن إلا امتثالا لأمر الله تعالى، فكونوا على مراد الله و لا تكونوا على مرادكم.

مقالات مشابهة

  • أذكار الصباح اليوم السبت 15-2-2025.. سبحان الله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه
  • الحذيفي شيخًا لأئمة المسجد النبوي
  • تبقى لصاحبها بعد موته.. خطيب المسجد الحرام: احرص على 10 أعمال بحياتك
  • خطيب الجامع الأزهر: لا نقبل تقسيم قضية فلسطين والتفاوض على الأوطان
  • خطيب الأوقاف: أهل مصر يعيشون فى أمان ببركة وصية سيدنا النبي ودعوة السيدة زينب
  • خطيب الجامع الأزهر: لا نقبل تقسيم قضية فلسطين إلى قضايا متعددة
  • خطيب المسجد النبوي: الاستغفار هو أكبر الطاعات وأصل أسباب المغفرة
  • خطيب المسجد الحرام: سيرة أصحاب الذكر الجميل تتخطى الآفاق وتفتح لهم القلوب
  • خطيب وزارة الأوقاف: يحاول شرذمة من البشر تصفية قضية بلد قبلتنا الأولى
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي