قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن القواعد الفقهية في المجالات الاقتصادية التي وضعها الفقهاء تُظهر بوضوح مراعاتهم لبيئاتهم وظروف أقوامهم وأعرافهم واحتياجاتهم المختلفة؛ فقد استنبطوا من النصوص الشرعية القواعدَ الأساسية لاقتصادٍ متكامل اشتمل على القضايا الأساسية لجوانب الحياة الاقتصادية.


مضيفًا أن الشريعة الإسلامية أقامت المعاملات المالية والاقتصادية على أساس العدل والصدق، وتبادل المنافع دون غبن أو غش أو خداع؛ ليحصل التعاون بين الناس ويستفيد بعضهم من بعض، كما أن الوضع الاقتصادي للمجتمعات أمر معتبر في الفتوى، ومراعاته كانت نقطة مضيئة في حركة الاجتهاد في الفقه الإسلامي، حتى ما يتعرض له أهل غزة له اعتبار في الفتوى، جاء ذلك خلال لقائه على إحدى القنوات الفضائية.
وشدد على أن تغيُّر الحكم وَفْقًا للبيئات والأحوال والأزمنة والأمكنة أمر مُسلَّم به ومتفق عليه؛ لأنه يحقق مصالح الناس، وهو أمر موجود ومتعارف عليه منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فبعد هجرته الشريفة إلى المدينة نزلت تشريعات جديدة لم تكن موجودة في العهد المكِّي لتُنظِّمَ حياةَ الناس وتضبط بعض المعاملات التي شابها الغرر والجهالة؛ لأن الشريعةَ قائمة على التيسير ورعاية مصالح الناس، فالمصلحةُ هي أساسٌ للفتوى نتيجةَ الظواهر التي حَدَثتْ؛ وهذا من سماحة الشريعة ورحابتها.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه في السنوات الأخيرة اتفق -بعد بحث ودراسة- على أنه لا حرمة في فوائد البنوك، وهذا الاجتهاد المنضبط قد درج عليه العلماء والفقهاء، مثلما اجتهد الفقهاء قديمًا في مسألة الضمان على الصنَّاع أصحاب الحِرَف، خلافًا لما كان يراه الصحابة والتابعون، فهذا اجتهاد تطلَّبه تغيُّر الحال وتبدل النيات، حيث إن تغيير الفتوى يكون نتيجة فهم جديد للواقع وليس تحولًا عن الشرع.
وأضاف: وإننا نتعامل مع النصوص بضوابط كثيره في الفهم، ولا بدَّ من توافر شروط لننزل بالنصوص على أرض الواقع، مثل توافر الشروط والأسباب وانتفاء الموانع، ويمكن أن يظهر في بعض الحالات عدم تطبيق النص، لكن الواقع أنه طبِّق تطبيقًا صحيحًا؛ ولذلك لما حلَّت  المجاعة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كانت الناس في حاجة شديدة، وفي هذه الحالة لا يصح تطبيق عقوبة السرقة؛ لأنه إن وجدت الضرورة مثل ما حدث في عهد عمر بن الخطاب من مجاعات، وبحثنا عن توافر الشرط والأسباب وانتفاء الموانع، نجدها غير متوفرة، بينما يظن بعض الناس أن الفقيه أهمل النص.
وعن قيمة الدعاء وفضله لأهل غزة أكَّد أن للدعاء منزلةً عظيمة في الإسلام، وهو من أفضل العبادات؛ وذلك لِما فيه من التضرع والتذلل والافتقار إلى الله تعالى؛ لذا أوصانا الله تعالى بالحرص على الدعاء، وهو سلاح فعال إن شاء الله لنصرة أهل غزة، ولكن ينبغي للإنسان أن يوقن بإجابة الله عز وجل لدعوته لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ادعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن اللهَ لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ»، ومعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وأنتم موقنون بالإجابة»؛ أي: وأنتم على يقين بأن الله لا يردكم خائبين؛ لكرمه الواسع، وعلمه المحيط، وقدرته التامة، وذلك يتحقق بصدق رجاء الداعي وخلوص نيَّته.
واختتم ببيان حكم التبرع لأهل غزة، قائلًا: يجوز التبرع ونقل أموال الزكاة والصدقات لأهل غزة، ولكن عن طريق القنوات الرسمية والقانونية والمعتمدة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الزكاة والصدقات الشريعة الإسلامية النصوص الشرعية

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: الصبر من أعظم الأخلاق في شهر رمضان

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهوربة، أن الصبر يعد من أعظم الفضائل التي يتحلى بها المسلمون في شهر رمضان، مشيرًا إلى مكانته الرفيعة في تعاليم الدين الإسلامي.

الصبر ركن أساسي في تعاليم الدين الإسلامي

وأوضح الدكتور نظير عياد خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة صدى البلد، أن الصبر من مكارم الأخلاق التي دعت إليها جميع الرسالات السماوية منذ عهد سيدنا آدم عليه السلام وحتى بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

استشهاد بكلام الله ورسول الله حول الصبر

أشار مفتي الجمهورية إلى أن الصبر يعتبر علاجًا للمصائب والابتلاءات، واستشهد بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ"، مؤكدًا على أهمية الصبر في حياة الإنسان. 

كما استدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبدًا ابتلاه ليسمع تضرعه"، مؤكدًا أن الله يبتلي عباده ليختبر صبرهم.

الصبر في حياة الأنبياء: دروس وعبر

وتحدث الدكتور نظير عياد عن صبر الأنبياء عليهم السلام في مواجهة الابتلاءات، مستشهدًا بقصص من حياة الأنبياء مثل صبر سيدنا أيوب على المرض، وصبر سيدنا يعقوب على فقدان ابنه يوسف، وصبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الأذى خلال دعوته.

أنواع الصبر وأثره في حياة المسلم

أكد مفتي الديار المصرية أن الله سبحانه وتعالى يحب الصابرين، مستدلًا بقوله تعالى: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ". 

وأضاف أن للصبر ثلاثة أنواع: الصبر على الطاعة، الصبر عن المعاصي، والصبر على مصاعب الحياة التي تحمل التقلبات والابتلاءات.

الصبر في رمضان: فرصة للتقرب إلى الله

وفي ختام حديثه، شدد الدكتور نظير عياد على أن شهر رمضان هو فرصة عظيمة للمسلمين لتطبيق الصبر في مختلف جوانب حياتهم، سواء في أداء العبادات أو في مواجهة الصعاب، ليكونوا من الصابرين الذين يرضى الله عنهم ويجازيهم بالخير.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يوضح حكم وهب ثواب قراءة القرآن الكريم للأحياء «فيديو»
  • هل يجوز وهب ثواب قراءة القرآن الكريم للأحياء؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • مفتي الجمهورية: العقل لا يُنشئ الغيب لكنه يتفاعل مع النص ويستدل به على دلائل التوحيد
  • بعض الأباء يمارسونه.. مفتي الجمهورية: العقوق لا يقتصر على الأبناء فقط
  • هل يجوز صيام المريض العاجز؟ مفتي الجمهورية يوضح | فيديو
  • بالفيديو| هل يجوز صيام المريض العاجز؟.. مفتي الجمهورية يوضح
  • مفتي الجمهورية: العاقُّ لوالديه يحجز لنفسه مقعدًا في النار
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • مفتي الجمهورية: الصبر من أعظم الأخلاق في شهر رمضان
  • مفتي الجمهورية القرآن الكريم معجزة باقية إلى يوم القيامة وهو صالح لكل زمان ومكان