محمد الهندي: ننسق عسكريا مع حماس وتبادل الأسرى مسألة معقدة
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
كشفت الهدن الإنسانية المتوالية في قطاع غزة وعملية تبادل الأسرى المدنيين من النساء والأطفال بين حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" من جهة، و"إسرائيل" من جهة أخرى، عن مدى سيطرة المقاومة على أرض الميدان بخلاف ما زعم جيش الاحتلال، وعن التنسيق القائم بين أجنحتها العسكرية، حيث شكلت عملية التبادل الأخيرة نموذجا له، كما يقول محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي.
وأكد الهندي في حديث خاص مع الجزيرة نت أن الجهاد الإسلامي لعبت دورا مهما خلف حركة حماس في فرض الهدن وإتمام عمليات تبادل الأسرى، بعد موافقتها على العناوين والتفاصيل، وساهمت بنجاحها بعد 48 يوما على العدوان الإسرائيلي على غزة وشعبها، وارتكاب المجازر وتدمير البيوت وهدم المساجد والكنائس، واستهداف المدارس والمستشفيات وغيرها.
وشدد الهندي على أن موقف الحركة في الأساس هو وقف إطلاق النار بشكل دائم، إلا أنها قبلت بالهدنة الإنسانية وتبادل النساء والأطفال باعتباره مسارا قد يؤدي إلى خلق ديناميات جديدة لصفقات وتهدئات أخرى، قد تفضي إلى وقف إطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، يرى القيادي في الجهاد الإسلامي أن استئناف إسرائيل لعدوانها العسكري اليوم لن يؤدي إلى تحقيق أهدافها، بل هناك تخوف أميركي من عدم القدرة على احتواء التوترات الإقليمية في حال استمرارها وارتكاب المزيد من المجازر.
حركة الجهاد الإسلامي قالت إنها لعبت دورا مهما خلف حماس في فرض الهدن وإتمام تبادل الأسرى (الأناضول) ميزان الربح والخسارةوشدد الهندي في حديثه للجزيرة نت، على أن العدو الإسرائيلي كان مرغما على قبول الهدنة التي استمرت 7 أيام نظرا لفشله في تحقيق أحد أهم أهدافه، وهو استعادة المحتجزين بالقوة. ويقول "استخدم العدو القوة المفرطة ولكنه لم يتحمل في الوقت ذاته الخسائر في صفوف ضباطه وجنوده عندما توغلوا بريا في أحياء مدينة غزة وشمال القطاع، فوافق على الهدنة مرغما".
وفي ميزان الربح والخسارة، تعتبر المقاومة أنها لم تفرض فقط الهدنة على إسرائيل مرغمة لمدة 4 أيام، بل تمديدها أيضا إلى 7، ويرى الهندي أن "العدو كان مرغما على قبول تمديد الهدنة المؤقتة بعد تبدد الإجماع الداخلي الصهيوني وظهور احتجاجات كبيرة تطالب بإعادة المحتجزين من تل أبيب وصولا إلى القدس. وبعد تقلص الدعم الأميركي-الغربي، وقد شهدنا تحولا واضحا في الرأي العام في الغرب، ونظمت مسيرات ضخمة تندد بجرائم العدو ضد المدنيين في قطاع غزة".
وتوقع نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أنه رغم استئناف العدوان على غزة اليوم الجمعة، قد تنشأ أجواء جديدة ضاغطة لإعادة البحث عن هدن جديدة ولكن وفق قواعد مختلفة تتعلق بتقسيم بقية الأسرى إلى فئات مختلفة، مثلا الرجال، كبار السن، والذين هم خارج الخدمة، والمجندات في جيش الاحتياط، والضباط وغير ذلك من هذه التصنيفات.
اعتراض أميركي
ويقر الهندي بوجود تيار معارض للهدن ويُمثله بنيامين نتنياهو الذي يرفض حتى الآن الاعتراف بمسؤوليته عن الفشل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول مع وزير حربه يوآف غالانت، وهما اللذان قررا استئناف العدوان على غزة ولكنهما مقيدان بالاعتراض الأميركي على ارتكاب مجازر ضد المستشفيات والمدارس وأماكن اللجوء في جنوب قطاع غزة.
ويعتبر أن "الخلافات بين الإدارة الأميركية ومجلس حرب نتنياهو لا يمكن إخفاؤها. وهناك تخوف أميركي من عدم القدرة على احتواء التوترات الإقليمية في حال استمرار ارتكاب المجازر".
وحول إيجابيات الهدنة الإنسانية رغم محدوديتها، يقول الهندي "رغم خروقات العدو المتكررة لشروط تبادل النساء والأطفال من المدنيين، إلا أن عملية الهدنة الإنسانية كانت مفيدة للشعب الفلسطيني، خاصة أن العدو ارتكب جرائم كثيرة. فالناس تفقدت بيوتها، والمستشفيات حاولت ترميم أوضاعها، والشهداء تم دفنهم. وكانت المساعدات، رغم شحتها وقلتها، تساعد في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، الذي هو أساس أي إنجاز لنا".
العودة إلى المنزل ولو كان مدمرا قرب غزة خيار عائلات فلسطينية في ظل الهدنة (الفرنسية) التنسيق بين القسام والسراياوتوقع نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أن "تكون المرحلة التالية من عملية تبادل العسكريين مسألة معقدة وستستغرق وقتا طويلا. وستكون في كل الحالات بعد وقف إطلاق النار"، معبرا عن اعتقاده بأنها "ستأخذ فترة طويلة لأنها ستكون على قاعدة تبيض السجون الصهيونية من جميع المعتقلين الفلسطينيين".
واستنكر الهندي استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة مجددا بعد الهدن الإنسانية المتوالية، مؤكدا أن "المشهد اليوم يبدو مختلفا مع هذا الاستئناف، ولا يظهر في الأفق -خاصة بعدما كشف العدو عن خسائره- أنه قادر على تحقيق أهدافه بالقوة، في حين أن المقاومة جاهزة وقوية ومستعدة لردعه وتحقيق المزيد من الخسائر في صفوفه وإفشال أهدافه".
وختم الهندي بالقول "إن الرسالة التي حملها التنسيق بين "كتائب القسام" و"سرايا القدس" في إحدى عمليات التبادل هي أن القسام والسرايا هم في الميدان ينسقون ويعملون معا، وهذا العمل المشترك في التبادل يعكس هذا التنسيق والتعاون العميق في الميدان".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الجهاد الإسلامی تبادل الأسرى على غزة
إقرأ أيضاً:
مسؤولون في جيش الاحتلال: قوة حماس تتعاظم دون إنجاز صفقة تبادل
يمنع وجود الأسرى الإسرائيليين المتبقين على قيد الحياة والموزعين في أرجاء قطاع من "القضاء العسكري" بشكل عملي على حركة حماس، ويعمل على إحباط إمكانية عمل جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما تُسمى "جزر متسعة"، لا تدخل إليها القوات كي لا يتعرضوا للخطر.
وقال المحلل العسكري الإسرائيلي يوآف زيتون، في مقال افتتاحي عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت"؛ إن حماس "تنجح بهذا في إعادة تثبيت حكمها الجزئي في القطاع، وبعد ثلاثة أشهر من قتل ستة مخطوفين في النفق في رفح على أيدي حماس، يحرص الجيش على عدم القيام بأي عمل قد يؤذي عشرات الأسرى المتبقين على قيد الحياة".
واعتبر زيتون أنه لهذا السبب: "لا يعمل جنود الجيش بريا ولا يهاجمون أيضا في مناطق واسعة في قطاع غزة، وحماس تستفيد من ذلك وترمم قدراتها العسكرية في هذه المناطق الكبرى الموجودة في شمال القطاع، وذلك بالتوازي مع الأماكن الوحيدة التي يهاجم فيها الجيش الإسرائيلي في هذه الأشهر، وهي جباليا وبيت لاهيا المجاورة لها".
إظهار أخبار متعلقة
وذكر أن "مسألة المخطوفين الإسرائيليين في أسر حماس، أصبحت عاملا مركزيا يؤخر ويضيق إنجازات الجيش في القطاع، بينما يقول مسؤولون كبار في هيئة الأركان في أحاديث مغلقة، ويقصدون أحد أهداف الحرب التي وضعتها الحكومة، تصفية البنى التحتية العسكرية والسلطوية لحماس التي تعاظمت في قطاع غزة، برعاية إسرائيلية وقطرية على مدى الـ 15 سنة التي سبقت 7 أكتوبر".
وذكر أن "وجود المخطوفين في قطاع غزة، يؤثر ويغير أساليب القتال وأماكن العملية البرية والهجمات الجوية، ويقيد جدا القوات في ضرب حماس بشكل أكبر، وذلك بدءا من أوامر فتح النار البسيطة في الميدان، وحتى القرارات إلى أين تُرسل الألوية".
وزعم أن "لدى الجيش الإسرائيلي معلومات استخبارية معقولة عن وضع المخطوفين، تستند أساسا إلى معلومات تنتزع من التحقيق مع المخربين المعتقلين، وحل لغز ما يعثر عليه في الميدان ككاميرات المتابعة وتحليل المعطيات المتجمعة المختلفة، ونوعية المعلومات عن وضع المخطوفين وأماكنهم تتغير باستمرار؛ لأن حماس تحاول نقلهم من مكان إلى مكان، وتوزيعهم في القطاع لتصعيب الأمر على الجيش لإنقاذهم في عمليات خاصة".
وقال؛ إنه "في الجيش، يقدرون أن سياسة حماس في إعدام المخطوفين إذا ما لوحظت حركة قريبة لقوات الجيش لم تتغير، ولهذا فإن الخطر على حياتهم واضح وفوري، وليس فقط بسبب شروط الأسر التي ستتفاقم في الشتاء المقترب".
وأشار إلى "محاولة الجيش توضيح هذا الوضع للمستوى السياسي، بأن عدم التوجه إلى صفقة لتحرير المخطوفين، يمس مباشرة باحتمال الإيفاء بالهدفين اللذين حددتهما الحكومة في بداية الحرب: تقويض سلطة حماس وإعادة المخطوفين، ويقدرون في الجيش أن حماس شددت الحراسة على المخطوفين، ولولا وجودهم لكان كل الأمر بدا مختلفا في قطاع غزة، وعمل الجيش كان سيكون أكثر سحقا ضد حماس دون القيود التي تستفيد منها حماس. وهناك فرق بين تفكيك القدرات العسكرية لحماس، والمس بحكمها المدني الذي ضعف، ولكنه لا يزال قائما في القطاع".
وأكد أن هناك "في الجيش يوجد من يقدر أن حماس تخلت عمليا عن جباليا في أعقاب الاجتياح الطويل لفرقة 162، الذي بدأ قبل نحو شهرين ونصف، وصفي خلاله أو اعتقل أكثر من ألف مخرب من حماس، بينما فقد الجيش الإسرائيلي 28 ضابطا ومقاتلا منذ بداية العملية".
وقال؛ إن "الأغلبية الساحقة من الجمهور الغزي لم ترَ جنود الجيش الإسرائيلي في معظم هذا الهجوم الطويل الممتد لـ 14 شهرا من القتال، ولهذا، فإن حماس لا تزال متجذرة بقوة لدى الغزيين كحكم، لأنه ليس لها أي منافس، وهي مثلا أخذت الحظوة على حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، التي سمحت إسرائيل بتنفيذها وهي تعمل على قمع جيوب المقاومة لحكمها، التي تطل بين الغزيين في مظاهرات محلية، كما نشخص أيضا آلية تعويض مالي من جانب حماس لنشطائها وموظفيها: فمؤخرا عادت لتدفع لهم أجرا شهريا، وإن كانت بضع مئات من الشواكل وليس بالآلاف مثلما قبل الحرب، وذلك رغم الضائقة الاقتصادية التي تعيشها".
وأضاف أن "الجمهور في غزة ليس قريبا من الانقلاب على حماس ولم تتراكم بعد الطاقة لذلك؛ لأنه لا ينشأ لها بديل، إضافة إلى ذلك، فإن معظم الجمهور الغزي المتجمع في جنوب القطاع، لم يعد يشعر منذ أشهر طويلة بوقع ذراع الجيش، وهو مشغول أساسا بالبحث عن خيمة أو بطانية للشتاء، وهذا يهمهم أكثر من موت السنوار الذي نسي هكذا، حسب الحوار الذي نلتقطه في الشارع الفلسطيني".
"الحكومة لا تقرر"
ومن ناحية البديل لحكم حماس، قال زيتون؛ إنهم "في الحكومة يواصلون أساسا الرفض ولا يبادرون: يرفضون طلب بعض الوزراء إقامة حكم عسكري إسرائيلي، وبالطبع يرفضون أيضا دخول السلطة الفلسطينية إلى المنطقة حتى ولو على سبيل تجربة محلية. المبادرة التي بحثت في الحكومة قبل أكثر من شهر لإدخال مقاولين أمريكيين يوزعون الغذاء، لا تزال بعيدة عن التنفيذ، وتبدو كعرض إعلامي أكثر من أي شيء آخر".
إظهار أخبار متعلقة
وأضاف أنه "لم تصل إلى قيادة المنطقة الجنوبية أوامر بالبدء بالخطوة، وهذه لا تزال لدى جهات أمنية أخرى مجرد موضع دراسة، وفي الجيش يقولون أيضا؛ إنه إلى شمال القطاع نحن لا نزال ندخل نحو 50 شاحنة مساعدات كل يوم، بل ونقوم بحملات إنسانية خاصة، بمساعدة منظمات إغاثة دولية نحرص على إبقاء الغذاء والماء في مناطق القتال في بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، كي يرى العالم أنه لا يوجد تجويع في غزة حتى في الأماكن التي فصلناها".
وزعم نقلا عن الجيش، أن "الوقود يدخل إلى غزة أسبوعيا وأساسا لتفعيل محولات المياه ولاستخدام المستشفيات، لكن خط الكهرباء الجديد مثلا الذي سمحنا بإقامته، ينتج منذ الآن 20 ألف كيلو واط كل يوم لمئات آلاف النازحين في المواصي. هناك يصل أيضا الماء والغذاء بشكل سريع في غضون عشر دقائق أيضا من معبر كيسوفيم، الذي أقمناه وأعدنا فتحه، مما يقلل ظاهرة سلب الشاحنات".