أشاد تحليل نشره "معهد واشنطن" بالخطاب الذي ألقاه سلطان عمان هيثم بن طارق في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم في افتتاح الدورة الثامنة لمجلس عمان، وهو برلمان يجمع بين مجلس الدولة المعين ومجلس الدولة المنتخب بالكامل.

وكانت هذه هي المناسبة الأولى التي يلقي فيها السلطان هيثم مثل هذا الخطاب منذ توليه العرش، والذي كان بمثابة تقييم رسمي للتقدم الذي أحرزه في تنفيذ رؤيته لعمان.

ووصف التحليل خطاب سلطان عمان بأنه كان هادئًا وبسيطًا وموثوقًا، لكنه أقل حماسة وأكثر إدارية من أسلوب سلفه السلطان قابوس، ومع ذلك، أشار إلى التقدم الملحوظ الذي تم تحقيقه على مدى السنوات الثلاث الماضية.

اقرأ أيضاً

سلطان عُمان يعلن التضامن مع الشعب الفلسطيني ويدعو لحماية المدنيين

إنجازات اقتصادية

ويقول التحليل إنه عندما تولى السلطان هيثم العرش، وضع أولويته بشكل واضح للحفاظ على الاستمرارية مع الاستقرار الذي تحقق والتقدم المحرز في عهد السلطان قابوس، لكنه ركز بشكل خاص على تحقيق النمو الاقتصادي والتنويع بعيدًا عن الاعتماد على احتياطيات النفط والغاز في سلطنة عمان - والتي على عكس أي مكان آخر في الخليج محدودة.

وفي عام 2020، كانت السلطنة تواجه أزمة مالية.

وتوسع الدين الحكومي إلى ما يقدر بنحو 69.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، مدفوعًا بالإفراط في الإنفاق الحكومي الممول بالديون.

لكن بموجب خطة هيثم المالية متوسطة المدى (برنامج التوازن المتوسط الأجل أو برنامج توازن، الذي يغطي 2020-2024)، تم تخفيض العجز المالي بنحو النصف في عام 2021، وأصبح فائضًا قدره 3.64 مليار دولار في عام 2022، وحقق بالفعل نفس الفائض في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023.

وكان الدين الوطني، الذي كان من المتوقع قبل البرنامج متوسط الأجل أن يصل إلى 108 مليار دولار بحلول نهاية عام 2023، قد بلغ 46 مليار دولار في نهاية عام 2022، وانخفض بمقدار 3.5 مليار دولار أخرى في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام.

ويمثل هذا انخفاضاً غير عادي لأكثر من نصف إجمالي الدين الوطني المتوقع في أقل من ثلاث سنوات.

اقرأ أيضاً

تقرير دولي: عمان لا تزال سمكة صغيرة في الخليج لكن نهجها الاقتصادي سيجعلها مميزة

صندوق النقد

وخلال مهمة المادة الرابعة التي اكتملت مؤخرًا، دعم صندوق النقد الدولي السلطنة في هذا التقدم المالي وسجل نموًا اقتصاديًا مسجلاً في السلطنة بنسبة 4.3% في عام 2022 (مع نمو غير هيدروكربوني من 1.2% في عام 2022 إلى 2.7% في النصف الأول من عام 2023).

وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن التصنيف الائتماني السيادي لسلطنة عمان كان يرتفع بشكل مطرد، وأعرب المسؤولون العمانيون الذين أجرى الموقع معهم مقابلات الأسبوع الماضي عن أملهم في أن يحققوا ارتفاعًا نهائيًا إلى درجة الاستثمار بحلول نهاية عام 2023.

ووفقًا للمسؤولين الذين يديرون الخطة الإستراتيجية لرؤية "عمان 2040"، فإن المدى الطويل وقد تم بالفعل تحقيق هدف خفض الديون إلى أقل من 40% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي حين كان الإنتاج القياسي للنفط والغاز وارتفاع الأسعار مساهمًا رئيسيًا في هذا التحول، فقد أشاد السلطان هيثم في كلمته أيضًا بمساهمة برنامج توازن في إعادة الانضباط المالي.

ويحتفظ السلطان بإشراف شخصي وثيق على البرنامج من خلال لجنة توجيهية مالية واقتصادية معززة تابعة لمجلس الوزراء ومن خلال وحدة قياس الأداء، التي تعمل كمدقق داخلي خاص يرفع تقاريره إليه مباشرة.

اقرأ أيضاً

توقعات بتوقيع اتفاقيات اقتصادية خلال زيارة سلطان عمان لمصر

إدارة الثروات السيادية

ومما يثير الإعجاب بنفس القدر الإصلاح الجذري لإدارة الثروات السيادية في ظل هيئة الاستثمار العمانية التي تم تشكيلها حديثا، كما يقول التحليل.

وكانت مشاريع الطاقة الجديدة تمثل مرتكزا مهما لنجاح سياسة التنويع الاقتصادي لسلطان عمان، حيث وقعت ستة اتحادات يقودها القطاع الخاص على إنتاج الهيدروجين من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مع تصدير الإنتاج أو استخدامه في ثلاث منشآت لإنتاج الصلب بالطاقة الخضراء في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وهو ميناء متطور ومنطقة صناعية تقع على ساحل بحر العرب في سلطنة عمان.

وفي الشمال، وصلت المنطقة الحرة الصناعية المختلطة بصحار إلى طاقتها القصوى تقريبًا، وهي علامة إيجابية على الاهتمام التجاري الدولي بسلطنة عمان.

وبما يعكس الوضع العام، بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر في المشاريع التي يقودها القطاع الخاص 10.4 مليار دولار في الربع الأول من عام 2023، متجاوزًا بالفعل الهدف السنوي للاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2023 البالغ 6.07 مليار دولار، والهدف هو 5.62% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2023 البالغ 108 مليار دولار.

اقرأ أيضاً

هل يقود السلطان هيثم عمان لنهضة اقتصادية ثانية؟

ويختم التحليل أن خطاب سلطان عمان يمثل تقدمًا لطيفًا في اتجاه الديمقراطية الدستورية، وهي فكرة عززها أيضًا تعهد السلطان بنقل المزيد من المسؤوليات الحكومية إلى المجالس البلدية المنتخبة وتعزيزه لدور مجلس الوزراء في الحكومة.

وفي هذا، كما هو الحال مع إصلاحاته الاقتصادية، يحقق سلطان عمان تغييراً جوهرياً بطابعه المميز، لكنه يفعل ذلك من دون الإعلان عن الطابع الجذري للتحول الذي يسعى إلى تحقيقه.

المصدر | معهد واشنطن - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: سلطان عمان هيثم بن طارق مجلس عمان اقتصاد عمان السلطان هیثم ملیار دولار سلطان عمان اقرأ أیضا فی عام عام 2022 عام 2023

إقرأ أيضاً:

لماذا تواصل الجزائر مساعدة تونس اقتصاديا؟

تدخلت الجزائر مطلع العام الجاري 2025 لحل أزمة الغاز المنزلي التي عانت منها تونس، وسط ارتفاع الطلب المحلي بسبب تدني درجات الحرارة في البلاد.

وأعلنت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية في 3 يناير/كانون الثاني الجاري حصولها على أكثر من 22 ألف طن من الغاز المنزلي من الجزائر، لمواجهة زيادة الطلب المحلي بسبب موجة البرد التي تعيشها البلاد خلال فصل الشتاء.

ويقول تقرير بوكالة الأناضول إنها ليست هذه المرة الأولى التي تساعد فيها الجزائر تونس خلال السنوات القليلة الماضية، مع ارتفاع حدة التحديات المالية والاقتصادية لتونس.

في 2020 أودعت الجزائر 150 مليون دولار لدى تونس. قرض بقيمة 30 مليون دولار في ديسمبر/كانون الأول 2021. قرض آخر بقيمة 200 مليون دولار ومنحة مالية بقيمة 100 مليون دولار في ديسمبر/كانون الأول 2022.

ووقع البلدان في ديسمبر/كانون الأول 2021 على 27 اتفاقية تخص الأمن والقضاء والصناعة والطاقة.

إسناد أعمق

وقال الإعلامي الجزائري المقيم في تونس نصر الدين بن حديد إن الأهم من القروض الرسمية "هو غض الجزائر الطرف عن تمرير السلع الأساسية إلى تونس من قِبل تونسيين يزورون الجزائر وفسح المجال للتونسيين للتزود من السوق الجزائرية".

إعلان

ونقلت وكالة الأناضول عن بن حديد قوله "من طبرقة (ولاية جندوبة-شمال) إلى حزوة (ولاية توزر-جنوب غرب) الدخل الأساسي للتونسيين مدعوم من الجزائر.. فضلا عن كون تونس وجهة أساسية للسياحة الجزائرية للخارج".

وقال بن حديد "علاقات الجزائر مع تونس لا مكان فيها للأيديولوجيا.. هي تتعامل مع الجهات الرسمية القائمة مهما كانت أفكارها.. الجزائر تريد حفظ الأمن والتعاون، ومنذ سنوات هناك نحو 300 ألف تونسي يشتغلون في الجزائر".

وفي تعليقات سابقة، قال أيمن الرحماني، مدير الدراسات والتعاون الدولي بالديوان الوطني للسياحة (حكومي تابع لوزارة السياحة)، إن "السوق الجزائرية حققت رقما قياسيا لأول مرة عام 2023، تجاوزت بمفردها أكثر من 3 ملايين سائح إلى تونس من بين قرابة 9.3 ملايين سائح".

 

الجزائر تغض الطرف عن التونسيين الذين يجلبون حاجياتهم منها (شترستوك) علاقة أحادية الجانب

قال وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس "هناك إيمان من القيادة الجزائرية المتواصلة بأن لها رسالة تاريخية بحكم المركزية الجغرافية لها، وبحكم الطاقة الاقتصادية التي تمتلكها.. فهي المرجع في التقدم لتأسيس المغرب الكبير".

وأضاف "نحن في تونس، مررنا بثورة ديمقراطية زعزعت أركان الأنظمة المحيطة بنا.. إلا أن الجزائر حافظت على خيارها السياسي ومد يد المساعدة إلى تونس التي احتاجت إلى مساعدة اقتصادية أعمق من جيرانها".

من جهته، لفت أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي إلى جوانب أخرى اقتصادية شجّعت على العلاقات الجيدة بين تونس والجزائر.

وقال للأناضول "العلاقة الاقتصادية التونسية الجزائرية أحادية الجانب على أساس أن تونس لها عجز طاقي في الغاز الذي تحتاجه من الجزائر".

وأضاف الشكندالي "الاقتصاد لا يتحرك إلا بالطاقة، وهناك نوع من التبعية التونسية للجزائر التي لم يكن لنا عجز تجاري معها.. الآن أصبحت الثالثة بعد الصين وروسيا".

إعلان

وحذر من أنه "ربما تكون هناك تبعية في اتخاذ القرارات السياسية المهمة، ومنها التوجه نحو المعسكر الشرقي وحتى اتباع سياسات تتجه للحمائية".

مقالات مشابهة

  • «التجارة الخارجية»: 40 مليار دولار صادرات خلال 2023.. والمستهدف 145 مليارا في 2030
  • بالأرقام.. خسائر الكوارث الطبيعية «العام الماضي» تتجاوز 320 مليار دولار
  • شمال الباطنة تحتفل بذكرى الحادي عشر من يناير
  • لماذا تواصل الجزائر مساعدة تونس اقتصاديا؟
  • انخفاض الإيرادات النفطية نحو 6.447 مليار دولار مقارنة بالعام 2023.. والوطنية للنفط توضح!
  • "أدانتِ العقارية" تطلق مشروع "مساكن يناير" بمدينة السلطان هيثم
  • واشنطن بوست: تفاصيل عن حالة المحتجزين المتبقين في غزة
  • ذكرى محبة.. لروح عمان
  • بالأرقام.. خسائر إسرائيل جرّاء الحرب على غزة ولبنان 
  • وزير الاستثمار أمام النواب: ارتفاع الصادرات السلعية إلى 40.8 مليار دولار خلال 2024