معالم غزة الثقافية..هدف آخر للحرب الإسرائيلية
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
يُرى أثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني في كل شيء، في وجوه ملايين المشردين، وفي حطام آلاف المباني المدمرة، حتى في المؤسسات الثقافية والمكتبات، كان لآلة التدمير حظ وفير من التخريب ومسح الهوية التاريخية والثقافية للمدينة المنكوبة.
وسلطت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها اليوم الجمعة، الضوء على حجم الدمار في قطاع غزة، وعلى أهم المباني الثقافية المستهدفة بالحرب المستعرة منذ قرابة شهرين، ورمزية كل منها.
وفي مقدمة تلك المباني، مكتبة بلدية غزة ومركز رشاد الشوا الثقافي، والذي احتضن قبل 25 عاماً اجتماعاً بين الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والآن أصبحا أثراً بعد عين، وكومة حطام، تحتهما آلاف الكتب القيمة والثمينة والوثائق التاريخية، بسبب القصف الإسرائيلي الذي استهدف كل شيء في غزة.
#مركز_رشاد_الشوا_الثقافي من أقدم وأعرق المراكز الثقافية في #فلسطين احتضن معظم الفعاليات الوطنية والثقافية والاجتماعية
معلم بارز في غزة، يضم صالات عدة للاجتماعات والأنشطة ومكتبة ومطبعة
????أتذكر كل جزء فيه خلال تغطياتي الميدانية صحفياًوالأخرى أكاديمياًخلال جولاتي التدريبية مع طلبتي pic.twitter.com/GbwdViUrAK
وبحسب الموقع الإلكتروني لبلدية غزة، تأسست المكتبة عام 1999 من خلال اتفاقية توأمة مع مدينة دونكيرك الفرنسية وبتمويل من البنك الدولي. وتتكون المكتبة من طابقين. وتضمنت 10.000 مجلد باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
متحدث بلدية #غزة للأناضول: #إسرائيل أعدمت آلاف الوثائق والكتب التاريخية بتوجيه ضربات مباشرة للـ #مكتبة الرئيسية في القطاع
https://t.co/uHVs7JgiGu pic.twitter.com/N2pAcdTFxc
أما مركز "رشاد الشوا" الثقافي ومكتبة ديانا تماري صباغ المجاورة له، والتي افتتحت عام 1988، فدمرا وحولا إلى خراب. وفي السابق كان الصرح الثقافي شاهداً على لحظات تاريخية ومفصلية في مسار القضية الفلسطينية، ففي في 15 ديسمبر (كانون الأول) 1998، وتحت أنظار كلينتون، صوّت مئات الفلسطينيين لصالح إلغاء فقرات في ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية تدعو إلى تدمير إسرائيل، ممهدين الطريق حينها للقاء معبر إيرز الذي جمع عرفات وكلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وطال الخراب متاحف وجامعات كثيرة في غزة، أبرزها الجامعة الإسلامية، التي زعم الجيش الإسرائيلي أنها مركز لنشطاء حماس. وفي 2010، أظهر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن هناك 13 مكتبة عامة عاملة في غزة، معظمها سيئة التجهيز.
من بين الأهداف الأخرى للقصف الإسرائيلي، مكتبة المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، والتي بنيت في 2017 بتبرع من أرملته مريم سعيد، ومن الروائي الفيتنامي فاييت ثانه نغويين الحائز على جائزة "بوليتزر". ولا توجد معلومات حالياً حول وضع المكتبة، في ظل استمرار الحرب بعد توقف وجيز لـ7 أيام، إثر هدنة توصلت إليها حماس وإسرائيل بوساطة من قطر ومصر وأمريكا.
يقول الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة، وهو مؤسس مكتبة إدوارد سعيد، إن سكان غزة يواجهون معركة شاقة في استيراد الكتب إلى القطاع، حيث لا يمكن للشحنات أن تذهب مباشرة إلى غزة بسبب الحصار، فيجب أولاً أن تمر إلى الضفة الغربية، ثم تبدأ رحلة العودة الطويلة إلى غزة.
وبسبب استمرار إسرائيل في استهداف المعالم الثقافية في غزة، دعت بلدية المدينة منظمة اليونسكو إلى حماية المؤسسات الثقافية في القطاع، مشيرة إلى أن هذه الأماكن "محمية بموجب القانون الإنساني الدولي".
وقالت اليونسكو رداً على هذه الدعوة، إنها "تشعر بقلق عميق إزاء التأثير السلبي الذي يمكن أن يخلفه القتال على أي تراث ثقافي في فلسطين وإسرائيل، والذي بات مضاعفاً في غزة بسبب نقص التمويل اللازم للحفاظ على تلك المكتسبات الثقافية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی غزة
إقرأ أيضاً:
سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (5)
قد يظن بعض القراء أن كثرة الحديث عن توظيف تكنولوجيا المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي فى الحروب الحديثة معناها خطر تلك المنصات فى المطلق وسوء ما تقدم من خدمات، وهو تفسير غير صحيح بالمرة، فالخطأ والصواب ثنائي لا يفترق فى توصيف أي معنى فى الحياة؛ بمعنى، قد نجد من يمارس مهنة الطب لإنقاذ جندي مصاب على الجبهة، وهناك طبيب آخر يمارس الطب بشكل غير شرعي لسرقة الأعضاء وبيعها فى السوق السوداء، وفى كلتا الحالتين دراسة الطب هي المشترك الأساسي، فهل معنى ذلك أن الطب كمهنة خطر على الأمن القومي؟!
نفس المسألة فى النظر إلى تكنولوجيا المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت ومؤخراً الذكاء الاصطناعي.
بيد أن تلك الوسائل إمكانياتها أكبر وأعمق، وتأثيرها أخطر سلباً وإيجاباً؛ فالطبيب الذى يمارس المهنة بشكل غير شرعي تقع جريمته على مجموعة من الأشخاص يمكن حصرهم، أما من يوظف الذكاء الاصطناعي فى اختراق عقول الناس وتحريكهم فى الاتجاه الذى يحقق مصالحه ويضر بمصلحة الوطن فهو يحقق ضرراً يصيب الملايين، وفى الوقت نفسه من الصعب تتبع الجاني أو العثور عليه بسهولة، هذا إن عُثر عليه فى الأساس!
فى مقال الأسبوع الماضي تحدثت عن تدشين 150 ألف مدونة أسسها شباب مصري على شبكات الإنترنت عام 2005، طبقاً لإحصائية صدرت عن المجلس الأعلى للثقافة عام 2009.
تلك المدونات كانت متنفساً للشباب فى ظل محيط بيئي غير صحى وقاتل للحريات؛ ليس على المستوى الرسمي فقط، وإنما على المستوى الخاص أيضاً؛ فمؤسسات النشر الخاصة باتت تحت سيطرة مجموعات بعينها من المثقفين المتنفذين والمسيطرين على كل شيء.
هنا لم يجد الشباب متنفساً سوى المدونات، والتي أخرجت لنا لاحقاً العديد من الكتابات الصادرة عن دور نشر مصرية شهيرة، وأخرجت لنا أيضاً أدباء وأديبات أصبح لهم أسماء معروفة فى عالم الكتابة، وخرج من تلك المدونات المئات من الصحفيين، وكُتاب السيناريو، والشعراء، وكُتاب القصة، ورجال السياسة.
لكن فى نفس الوقت خرج من تلك المدونات آلاف المستخدمين ضد أوطانهم لأنهم لم يدركوا كيفية التعامل مع تلك الأشياء، وبات العمل على المدونة ساحة حرب ثقافية تقاتل فيها أجهزة مخابرات مختلفة للسيطرة على أكبر عدد من العقول.
المسألة نفسها تكررت مع منصات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر، ومن خلال توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبح من السهولة بمكان على إدارة فيس بوك أن تحصل على ما يفكر فيه المستخدم بأسهل الطرق، وتوظيف ذلك فى الترويج للمنتجات وبيعها والتربح من اختراق عقول المستخدمين، وأغلبنا لاحظ فى أكثر من مرة ظهور إعلانات عن أشياء كان يفكر فيها ولم يخاطب أحداً فيها بالمرة، أو ربما تحدّث خلال «الماسينجر» أو مكالمة هاتفية قبل دقائق ثم فوجئ بالإعلان يقتحم عليه بروفايل فيس بوك الشخصي.
وهنا أقول لك لا تسأل كثيراً، فما حدث هو فى الواقع مهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي استطاع الغرب خلقها من خلال تدشين خلايا عصبية ذكية تشبه خلايا مخ الإنسان، ولا يزال العمل على تطويرها مستمرا.
والهدف أن يصلوا بتلك الخلايا إلى المرحلة التي تطور فيها قدراتها العقلية دون الحاجة إلى تدخل بشرى، وهو الخطر الذى يخشاه الكثيرون؛ فمعنى قدرتها على تطوير ذكائها دون تدخل بشرى أنها ستصل فى مرحلة من المراحل إلى التفوق على الإنسان ذاته، وربما السيطرة والحكم، تلك المخاوف التي سخرنا منها كثيراً فى أفلام الخيال العلمي الغربية، لكنها لم تصبح مجرد خيال، وباتت حقيقة أو كادت!