الخليج الجديد:
2024-12-23@04:06:09 GMT

الاستيطان والبروباغندا

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

الاستيطان والبروباغندا

الاستيطان والبروباغندا

لم تكن مصادفة أن يخرج الأمريكيون الأصليون مؤخرًا فى التظاهرات الداعمة لفلسطين!

بينما يعتبر «عيد الشكر» عطلة رسمية للاحتفال فإن مجتمعات السكان الأصليين تعتبره «يوم حداد»، وتطالب بتغيير الحكاية الرسمية فى الكتب المدرسية.

سفينة «الحجيج» لم تكن بحال بداية الاستيطان الأوروبى بأمريكا الشمالية.

فقد سبقهم الإسبان بقرون. والثابت أن الإنجليز استوطنوا فيرجينيا قبل ماساتشوستس.

أسطورة عيد الشكر تسدل ستارًا سميكًا على ما تعرض له السكان الأصليون بعد 1621 من مذابح وتهجير قسرى على يد المستوطنين من أوروبا عبر حروب مستمرة بدأت أواخر القرن 18 واستمرت قرنا حتى نهايات القرن 19.

* * *

احتفلت الولايات المتحدة الأسبوع الماضى «بعيد الشكر»، وفى تلك الليلة تُعد الأسر الأمريكية وليمة من الديكة الرومية والقرع العسلى احتفالًا بالمناسبة. وعيد الشكر ليس احتفالًا دينيًا ولا علاقة له بالمسيحية، وإنما حكاية تنطوى على جملة من الأساطير تروج لأمريكا باعتبارها الأمة «الاستثنائية» التى تتصف بـ«الكرم» والجود.

فالرواية الرسمية التى يدرسها أطفال المدارس تصف المستوطنين الأوروبيين بـ«الحجيج». فالإنجليز البروتستانت أبحروا هربًا من الاضطهاد الدينى، وبحثًا عن «أرض جديدة» يقيمون فيها «مملكة الله على الأرض»، واعتبروها «أرض الميعاد»، واعتبروا أنفسهم كالحجيج.

وهم وصلوا عام 1620 بليموث بولاية ماساتشوستس، فاحتفى بهم أهل الأرض الأصليون. ومن بينهم شاب يدعى سكوانتو كان قد تعلم الإنجليزية من الصيادين والتجار الذين كانوا يأتون فى السابق، فعلَّم المستوطنين فنون الزراعة فزرعوا الأرض. وعندما حل موعد الحصاد على «أرضهم الجديدة» أقاموا وليمة عام 1621 ليشكروا الرب، ودعوا لها السكان الأصليين فاحتفلوا معًا فى وئام!

تلك هى الرواية الرسمية للحكاية التى يتعلمها الصغار فيحتفلون بالمدارس، مرتدين ملابس الطرفين. فـ«الحجيج» يرتدون الملابس الثقيلة والقبعات، بينما «الهنود الحمر» (كما يطلقون عليهم لتجريحهم) شبه عرايا بملابس بدائية كلها من الريش! لذلك، فهى ليست مصادفة أن يصف إعلان الاستقلال الأمريكى الصادر عام 1776 الأمريكيين الأصليين بـ«الهمج».

غير أن المؤرخين فندوا تلك الحكاية. فسفينة «الحجيج» لم تكن بحال بداية الاستيطان الأوروبى فى أمريكا الشمالية. فقد سبقهم الإسبان بقرون. وحتى الإنجليز، فمن الثابت أنهم استوطنوا فيرجينيا قبل ماساتشوستس.

لكن قصة فيرجينيا لا تصلح «للأمة الاستثنائية». فقد أثبتت البحوث أنهم أتوا بحثًا عن الذهب، وظلوا يحفرون الأرض وينبشون القبور وينهبون كل ما يقع فى طريقهم، ثم أجبروا السكان الأصليين إجبارًا على تعليمهم الزراعة. حتى قصة ماساتشوستس نفسها حافلة بالمغالطات.

فلا سكوانتو تعلم الإنجليزية من الصيادين والتجار، ولا المستوطنون بادروا بدعوة السكان الأصليين للوليمة! فالثابت أن سكوانتو أسره التجار حين كان طفلًا وباعوه كعبد فى إسبانيا فهرب لاحقًا لبريطانيا وهناك تعلم الإنجليزية، ثم نجح فى إقناع إنجليزى بأن يصحبه معه للعودة لبلاده.

وحين وصل بليموث، موطن رأسه، وجدها خالية عقب وباء أتى على سكانها، بمن فيهم أهله، فبقى فيها، وعلَّم المستوطنين الزراعة فعلًا. وحين جاء موسم الحصاد أقام المستوطنون احتفالًا.

لكن مدن السكان الأصليين المجاورة سمعت أصوات طلقات صادرة من الاحتفال، فهرع تسعون مسلحًا منهم نحو المكان لاستطلاع الأمر. غير أن هناك غموضًا تاريخيًا حول ما إذا كان المستوطنون وقت أن رأوهم دعوهم لتناول الطعام، وما إذا كان الجنود شاركوهم الطعام أم حطموا الاحتفال. لكن القدر المتيقن هو أن الصورة لم تكن وردية مثلما تروج لها الكتب المدرسية الأمريكية.

وبينما يعتبر «عيد الشكر» عطلة رسمية للاحتفال فإن مجتمعات السكان الأصليين تعتبره «يوم حداد»، وتطالب بتغيير الحكاية الرسمية فى الكتب المدرسية. ويقولون إن تلك الحكاية لا تسمح للأطفال بإدراك أن السكان الأصليين كانوا أممًا وممالك لها حضارتها قبل قدوم المستوطنين.

كما أنها أسطورة تسدل ستارًا سميكًا على ما تعرض له السكان الأصليون بعد 1621 من مذابح وتهجير قسرى على يد المستوطنين «المهاجرين» من أوروبا عبر حروب مستمرة بدأت فى أواخر القرن الثامن عشر واستمرت مائة عام كاملة حتى نهايات القرن التاسع عشر.

لكل ما تقدم، لم تكن مصادفة أن يخرج الأمريكيون الأصليون مؤخرًا فى التظاهرات الداعمة لفلسطين!

*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي

المصدر | المصري اليوم

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الاستيطان أوروبا الانجليز المستوطنين الحجيج أمريكا الشمالية عيد الشكر السكان الأصليون السکان الأصلیین لم تکن

إقرأ أيضاً:

صحف عالمية: الاستيطان اليهودي يهدد الوجود المسيحي بالأراضي الفلسطينية

حظيت الأوضاع الإنسانية المتردية في قطاع غزة من جراء الحرب الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة باهتمام صحف عالمية، إضافة إلى التطورات الميدانية المتسارعة في سوريا واليمن.

وسلطت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الضوء على الوضع المتردي جدا للمنظومة الصحية في قطاع غزة، بسبب القصف الإسرائيلي المكثف للمستشفيات.

ونقلت الصحيفة عن عاملين طبيين قولهم إن من أسوأ الأضرار الناجمة عن القصف الإسرائيلي استهداف خطوط الغاز والمياه والكهرباء في المستشفيات، في ظروف عمل شبه مستحيلة لعلاج أعداد كبيرة من الجرحى بإمدادات طبية محدودة جدا.

وركزت صحيفة التايمز البريطانية على إلغاء الاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة بسبب الأوضاع الصعبة.

واعتبرت الصحيفة انخفاض عدد المسيحيين في بيت لحم والضفة الغربية "تهديدا ديمغرافيا واسعا يضع كنيسة المهد أمام مستقبل محفوف بالمخاطر".

وأشارت إلى أن ممارسات المستوطنين اليهود العدوانية تتزايد، وتهدد بعزل بيت لحم خلف سياج من المستوطنات التي ترعاها الحكومة الإسرائيلية.

بدورها، قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحيتها إن قمع منتقدي الحكومة الإسرائيلية أصبح الممارسة السائدة في عهد من سمته الصحيفة وزير انعدام الأمن إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي).

إعلان

ورأت الصحيفة أن حكومة بنيامين نتنياهو تتصرف وكأنها نظام قمعي يدوس على مواطنيه، والشرطة هي أداة في يدها، والنيابة العامة تتعاون معها، كما حثت المعارضة في إسرائيل على أن تصحو قبل أن يتم إسكاتها تماما.

المشهد السوري

وطالب المقال الرئيس في مجلة فورين أفيرز الأميركية واشنطن بمنح الأولوية للعمل مع الحكومة السورية الجديدة وحلفائها، لضمان التخلص من الأسلحة الكيميائية المتبقية في سوريا بشكل آمن وسليم.

وطالب المقال أيضا "بالعمل على محاسبة جميع المسؤولين في نظام بشار الأسد على جرائمهم بتنفيذ الهجمات الكيميائية".

وتطرقت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إلى توقف مصفاة نفط بانياس، وهي الأكبر في سوريا، عن العمل بعد توقف تدفق النفط الإيراني، مشيرة إلى أن نقص النفط يشكل تحديا كبيرا للحكومة السورية المؤقتة.

ونقلت الصحيفة عن رئيس المصفاة إبراهيم مسلم قوله إن أعضاء الحكومة السورية الجديدة أخبروه أنهم يتوقعون رفع العقوبات عن البلاد، مما يسمح لسوريا باستيراد النفط من مصادر غير إيرانية.

وخلص تحليل بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إلى أن الضربة الإسرائيلية على الحديدة وصنعاء في اليمن لن تؤدي إلى أي تأثير حقيقي على قوة الحوثيين.

ورأى التحليل أن التحرك الإسرائيلي الأميركي الواسع المشترك وحده هو الأكثر نجاعة في التعامل مع التهديد الحوثي، بمساعدة معلومات استخبارية دقيقة عن مواقع الحوثيين العسكرية رغم الصعوبات.

مقالات مشابهة

  • انتصار السيسي توجه الشكر للمتطوعين في الهلال الأحمر المصري
  • الفنانة التشكيلية «مريم الوهيبية» لـ «عمان»: أحب رسم الوجوه لأن عنوان الحكاية دائما يبدأ منها
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • وزير إسرائيلي: الاستيطان في غزة لن يعود ويجب إنهاء الحرب
  • طلعت فنكوش| حقيقة حذف الفنان ياسمين صبري من التموين.. ايه الحكاية؟
  • هضربك بالنار| تفاصيل خناقة لاعب الأهلي بشوارع العجوزة .. ايه الحكاية؟
  • المانيا ترفض الاستيطان الإسرائيلي في غزة
  • صحف عالمية: الاستيطان اليهودي يهدد الوجود المسيحي بالأراضي الفلسطينية
  • هالة صدقي توجه الشكر للنيابة العامة بعد براءتها من النصب على مساعدتها
  • مساعدات مصرية متواصلة لغزة.. وسكان القطاع يوجهون الشكر للسيسي والشعب