يقول نديم خوري الأستاذ المشارك في الدراسات الدولية بجامعة النرويج الداخلية للعلوم التطبيقية إن اعتقاد الغرب -بأن إسرائيل وحدها هي التي لها الحق في الدفاع عن نفسها، وأن الفلسطينيين لا يمكن النظر إليهم إلا من ناحية إنسانية- يعود إلى اتفاقيات أوسلو.

ويوضح خوري المختص بأخلاقيات مفاوضات السلام والوساطة -في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني- أن الخطاب السياسي الحالي حول فلسطين وإسرائيل اندمج في إطارين رئيسيين: الأول يتعلق بالمساعدة الإنسانية، والثاني يتعلق بالأمن.

وتساءل بهذا الشأن عمن يستحق -في هذا الخطاب- المساعدة الإنسانية؟ ومن الذي يستحق الأمن؟ قائلا إنه ونظرا للمستوى العالي من العنف، أصبح الإطار الإنساني مهيمنا، ويشمل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

الأولوية لأمن إسرائيل

وقال المقال إن إطار الأمن أصبح أيضا على شفاه الجميع، من الصحفيين إلى النقاد وخاصة قادة العالم. ولكن عندما يتعلق الأمر بالأمن، فإن الخطاب السياسي الغربي يعطي الأولوية لطرف واحد: إسرائيل.

وأوضح أن الغرب يقول إن إسرائيل وحدها هي التي لها الحق في الدفاع عن نفسها، وأنه يجب على الدول الغربية أن تفعل كل شيء للحفاظ على أمن إسرائيل، مضيفا أن هذا يتطلب تسليح مجتمع مدجج بالسلاح أصلا، وتوفير غطاء دبلوماسي لاحتلاله واعتداءاته، وتقديم دعم سياسي ومعنوي غير مشروط له.

وتساءل المقال عن سبب استبعاد الفلسطينيين عند التفكير بالأمن في لحظة يتعرضون فيها لما يسميه الكثيرون الإبادة الجماعية؟ ولماذا لا يمكن لأي شخص تصور حق فلسطيني في الأمن؟ لماذا يهتمون فقط بالمساعدة الإنسانية، ممرات، مساعدات، هدنات أو وقف إطلاق النار؟

وأجاب بأنه يبدو أن الفلسطينيين مهمون فقط (إذا كانوا مهمين على الإطلاق) عندما يُقتلون أو يُشوهون أو يُجرحون أو يُرملون أو يتيتمون أو يتضورون جوعا أو يُسجنون.

نفاق وازدواجية

وأشار الكاتب إلى أن هذا ليس هو الحال بالنسبة للإسرائيليين الذين لديهم الحق في أن يكونوا آمنين، مؤكدا أن هذا النفاق يدل على ازدواجية المعايير التي أصبحت حجر الزاوية بالمجتمع الدولي، حيث يستحق بعضه الأمن، وبعض آخر لا يستحقه.


وقال أيضا إن التركيز الحصري على أمن إسرائيل ليس حديثا، ولا يقتصر على حروبها العديدة على الفلسطينيين، بل كان محوريا في اتفاقية السلام (أوسلو) التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية.

وأوضح الكاتب أن إعلان المبادئ لعام 1993 نص على "الكرامة والأمن المتبادلين" للإسرائيليين والفلسطينيين. ومع ذلك، كان الأساس المنطقي لها هو الأمن الإسرائيلي.

ولفت الانتباه إلى أن الخارجية الإسرائيلية ذكرت صراحة على موقعها على الإنترنت أن الهدف هو "حماية المصالح الحيوية لإسرائيل، ولا سيما المصالح الأمنية، سواء فيما يتعلق بالأمن الخارجي أو الأمن الشخصي لمواطنيها في الضفة الغربية".

وقال أيضا إن المقصود بالأمن الخارجي لإسرائيل هو حدودها الفعلية مع الدول العربية والمناطق الحدودية لدولة فلسطينية مستقبلية مع الأردن ومصر، والمقصود بمواطنيها في عبارة "الأمن الشخصي لمواطنيها" هم مواطنوها داخل الخط الأخضر. ولكن الأهم من ذلك، جميع مستوطنيها بالضفة الغربية، وفي وقت إبرام اتفاقيات أوسلو، وفي غزة أيضا.

أمن غير مشروط لإسرائيل

وأوضح المقال أن إسرائيل يمكنها تبرير أي شيء باسم الأمن الخارجي والأمن الشخصي لمواطنيها: توسيع المستوطنات غير القانونية، بناء مستوطنات جديدة، ضم الأراضي الفلسطينية، تأجيل المفاوضات، إقامة نقاط التفتيش، شن التوغلات بمناطق الحكم الذاتي الفلسطينية، حسب الرغبة.

وفي سياق اتفاقيات أوسلو، تم تقليص الأمن الفلسطيني إلى "الأمن الداخلي". وهذا يعني أنه يمكن للفلسطينيين إدارة أنفسهم إذا، وفقط إذا، قاموا أيضا بحماية الإسرائيليين من الجماعات الفلسطينية المعارضة لعملية السلام، مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ونقل المقال عن الصحفي البريطاني غراهام آشر في ذلك الوقت قوله إن هذا التعريف للسلام "يُترجم على أنه أمن غير مشروط للإسرائيليين وأمن مشروط للفلسطينيين". وأضاف الكاتب أنه في السلام، كما في الحرب آنذاك، كان أمن إسرائيل هو الأولوية الرئيسية.

لا وجود لها باتفاقيات أوسلو

وقال الكاتب إن فكرة أن للفلسطينيين الحق في الأمن -الأمن من المستوطنين الإسرائيليين، ومن الاستعمار الإسرائيلي، والهجمات الإسرائيلية- لا يمكن العثور عليها في أي مكان باتفاقيات أوسلو.

وختم الكاتب مقاله قائلا إن الحل هو الاتفاق السياسي الذي يأخذ على محمل الجد الحق في الأمن للعرب واليهود على حد سواء، بدلا من نظام الفصل العنصري الذي يعطي الأولوية لأحدهما على الآخر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أمن إسرائیل فی الأمن الحق فی

إقرأ أيضاً:

محلل سياسي: إسرائيل تسعي إلى إخلاء المنطقة الشمالية لقطاع غزة من الفلسطينيين

قال الدكتور شفيق التلولي، المحلل السياسي، إنّ الجرائم الإسرائيلية في بيت لاهيا ومواصلة تدمير المباني تعد عملية جديدة تُضاف إلى سجل رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحافل بالمجازر، موضحا أنّ هذا يؤكد أن شهية نتنياهو وجيشه لا زالت منفتحة على قتل الفلسطينيين والارتواء بدمائهم بهذا المستوى غير المسبوق على مدار تاريخ البشرة.

الاحتلال يريد إخلاء المنطقة الشمالية

وأضاف «التلولي»، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي رعد عبدالمجيد، المُذاع عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تنفيذ خطة الجنرالات في شمال قطاع غزة وتحديدا في جباليا، بهدف إخلاء المنطقة الشمالية من المواطنين الفلسطينيين وإقامة منطقة عازلة تُضاف إلى الخطط التي ينفذها نتنياهو على مستوى القطاع بدءا من محور نتساريم وعدة محاور أخرى سينفذها لفرض وقائع جديدة على الأرض في قطاع غزة.

فلسطينيون تحت الأنقاض في محيط مستشفى كمال عدوان

وتابع: «المجزرة الإسرائيلية في بيت لاهيا أسفرت حتى اللحظة عن ما يزيد عن 100 شهيد، فضلا عن مئات الجرحى والمصابين، كما يوجد مواطنين لم يُعرف مصيرهم موجودين تحت الأنقاض في محيط مستشفى كمال عدوان وجباليا».

مقالات مشابهة

  • لماذا تركز إسرائيل جهدها الحربي على قضاء صور بجنوب لبنان؟
  • إسرائيل توقف أوامر اعتقال المستوطنين بتهمة الاعتداء على الفلسطينيين
  • هل يستطيع نتنياهو وغالانت مغادرة “إسرائيل” بعد اليوم؟ 
  • إسرائيل النازية تبيد الفلسطينيين بـ«الفيتو» الأمريكى
  • الإعلان عن جوائز “لايت ميدل إيست” 16 يناير
  • محلل سياسي: إسرائيل تسعي إلى إخلاء المنطقة الشمالية لقطاع غزة من الفلسطينيين
  • كاتب صحفي: أمريكا تشارك إسرائيل في قتل الفلسطينيين واللبنانيين
  • إسرائيل تقدم وعداً لبايدن: لن نسعى لتهجير الفلسطينيين
  • راشيل كرم: إسرائيل تُعرقل أي مفاوضات لإحباط الفلسطينيين واللبنانيين
  • كاتبة صحفية: إسرائيل تُعرقل أي مفاوضات لإحباط الفلسطينيين واللبنانيين