إسرائيل بين خيارات ثلاثة كلها مُرّ
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
إسرائيل بين خيارات ثلاثة كلها مُرّ
تتكبد إسرائيل خسائر أخرى تصل إلى 600 مليون دولار أسبوعياً بسبب نقص العمالة.
مواصلة جيش الاحتلال حربه الإجرامية على غزة عقب انتهاء الهدنة يعني حدوث مزيد من الانهيارات في مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي.
قد تختار حكومة الاحتلال خياراً ثالثاً، هو مسك العصا من المنتصف، وهو ما يعني مواصلة الحرب على غزة مع تقليص عدد أفراد قوات الاحتياط.
مواصلة جيش الاحتلال حربه الإجرامية على قطاع غزة عقب انتهاء الهدنة القصيرة الحالية، يعني حدوث مزيد من الانهيارات في مؤشرات الاقتصاد.
خطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء بات هدفاً بعيد المنال، في ظل تمسك أهل غزة بأرضهم ودفاعهم عنها ببسالة، ورفض الفلسطينيين لما يسمى بصفقة القرن.
مع تهاوي مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي، فإن حكومة الاحتلال باتت مخيرة بين ثلاثة أمور، كلها مُرّ ومذل ويهدد مستقبل حكومة نتنياهو والائتلاف الحاكم داخل إسرائيل.
* * *
مع تهاوي مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي، فإن حكومة الاحتلال باتت مخيرة بين ثلاثة أمور، كلها مُرّ ومذل ويهدد مستقبل حكومة نتنياهو والائتلاف الحاكم داخل إسرائيل.
الخيار الأول، هو أن يواصل جيش الاحتلال حربه الإجرامية على قطاع غزة عقب انتهاء الهدنة القصيرة الحالية، وهو ما يعني حدوث مزيد من الانهيارات في مؤشرات الاقتصاد، وزيادة عجز الموازنة بشكل قياسي، وتراجع إيرادات الدولة، وإفلاس الشركات وارتباك الأسواق وزيادة الأسعار، وسوء الأحوال المعيشية للمواطن، واستمرار هروب الأموال والاستثمارات الأجنبية والأموال الساخنة، ووقف مشروعات التطبيع التي كان من المتوقع أن تضخ عشرات المليارات من الدولارات في شرايين الاقتصاد ومشروعاته وقطاعه المصرفي والمالي والاستثماري.
والخيار الثاني، أن توقف الحكومة الحرب وتسمح لجنود الاحتياط البالغ عددهم نحو 360 ألف بالعودة إلى مزاولة أعمالهم ووظائفهم المدنية التي كانوا يلتحقون بها قبل الاستدعاء، للحيلولة دون انهيار الاقتصاد والقطاعات الإنتاجية وتعطل العديد من الأنشطة الاقتصادية التي تأثرت بشدة على مدى ما يزيد على 50 يوماً، والإبقاء على حالة الاقتصاد بشكل جيد تمكن من مواصلة القتال وتدبير السيولة النقدية لتمويل المجهود الحربي.
وهنا يكون جيش الاحتلال قد مُني بهزيمة ساحقة أمام المقاومة الفلسطينية، ولم يحقق الحد الأدنى الذي وعد به الإسرائيليين وهو القضاء على حركة حماس وقتل قادتها والجناح العسكري فيها.
كذلك فإن خطط تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء بات هدفاً بعيد المنال، في ظل تمسك أهل غزة بأرضهم ودفاعهم عنها ببسالة، ورفض الفلسطينيين لما يسمى بصفقة القرن.
وقد تختار حكومة الاحتلال خياراً ثالثاً، هو مسك العصا من المنتصف، وهو ما يعني مواصلة الحرب على غزة مع تقليص عدد أفراد قوات الاحتياط في الجيش وتطبيق سياسة التسريح الهادئ والممتد لجنود الاحتياط الذين استدعوا للقتال مع اندلاع الحرب في 7 أكتوبر الماضي.
وهنا يتم ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول مواصلة القتال لإرضاء الرأي العام الإسرائيلي الغاضب مما جرى من هزيمة يوم 7 أكتوبر أعقبها فشل الهجوم البري في القضاء على المقاومة أو حتى شلّ حركتها القتالية، وهو ما يعني استمرار الخسائر الاقتصادية والبشرية لإسرائيل مع طول أمد الحرب.
والثاني تسريح جنود الاحتياط بهدوء للحيلولة دون انهيار الاقتصاد ومؤشراته، وهنا يتحقق هدف آخر تعمل عليه الحكومة، وهو توفير التكلفة الاقتصادية المرتفعة والمباشرة لجنود الاحتياط البالغة 1.3 مليار دولار شهرياً، أي ما يعادل 3.5 مليارات شيكل، تُصرَف في شكل رواتب لهؤلاء.
كذلك تتكبد إسرائيل خسائر أخرى تصل إلى 600 مليون دولار أسبوعياً بسبب نقص العمالة الناجمة عن عملية الاستدعاء الواسعة.
ويبدو أن حكومة الاحتلال تعمل بالفعل على الخيار الأخير، فوفقاً للمعلومات المتاحة، فإنه سُرِّح بالفعل آلاف من جنود الاحتياط في جيش الاحتلال خلال الأيام الماضية، خصوصاً من بين هؤلاء الذين يلتحقون بالوحدات غير القتالية، كقيادة الجبهة الداخلية أو الوحدات القتالية غير الفاعلة في الحرب داخل القطاع.
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل الاحتلال بنوك إسرائيل الاقتصاد الإسرائيلي الحرب على غزة المقاومة الفلسطينية جنود الاحتياط مؤشرات الاقتصاد حکومة الاحتلال جیش الاحتلال کلها م ر
إقرأ أيضاً:
حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.
فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.
zuhair.osman@aol.com