خطيب الجامع الأزهر: الصحابة ضربوا أروع الأمثلة في معاملة أسرى الحرب
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
قال الدكتور محمود الهواري الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، إنه ما زالت الأحداث تثبت أن الإسلام بما فيه من أنوار الوحي وإشراقات الفهم السديد والممارسة الصحيحة ما زالت تثبت أن الإسلام دين الرحمة والإنسانية والإحسان، وليس الكلام عن الإسلام ورحمته وسماحته كلاما نظريا أو طرحا وعظيا مجردا أو فلسفة تحلق في الآفاق دون أن تجد لها واقعا تطبيقيا على الأرض، ومن عقد مقارنة بين إحساننا وإساءتهم أدرك الفرق، كما أنه من عقد مقارنة بين أوامر ديننا التي التزمناها وبين المعاهدات الدولية التي وضعوها وخالفوها وانتهكوها أدرك الفرق.
وأضاف الهواري، خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر اليوم، أن من عقد مقارنة بين آداب الحرب في الإسلام وسلوك المعتدين أدرك الفرق، ومن عقد مقارنة بين معاملة أسرانا عندهم وأسراهم عندنا أدرك الفرق، حقا إن الإسلام دين الإحسان، ودين الرحمة، ودين السماحة.
وتساءل الهواري ألم يقل نبينا صلى الله عليه وسلم: « إن الله كتب الاحسان على كل شيء».؟ وتأملوا سيرة سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلم تعرف البشرية محاربا وفاتحا أرحم بمحاربيه ومن يقع في يديه من الأسرى من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وفي الوقت الذي كانت فيه الجاهلية لا تعرف أخلاقيات للحروب ولا حقوقا للأسرى، جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليضع للعالمين تصورًا سامياً يضمن حقوق الأسرى، ورغم أنَّ هؤلاء الأسرى ما هم إلا محاربون للإسلام، إلا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بالإحسان إليهم، وقرَّر لهم واجبات وحقوقاً على المسلمين ، منها: الحرية الدينية، والحق في الطعام والكسوة، والمعاملة الحسنة، وكلُّ ذلك له شواهد في سيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
وأوضح أن الشيء من معدنه لا يستغرب، ولم لا وهو صلى الله عليه وسلم الذي علمنا أن الأصل في الحياة السلام، لا الحرب وأن الأصل في الحياة الرحمة لا القسوة، وأن الأصل في الحياة التسامح لا التعصب، على عكس ما يقول فلاسفة الحضارة ومنظرو الحروب وسماسرة الشعوب الذين يشيعون أن الأصل في الإنسانية الحرب وأن السلام لاحق له، ولذا فإن المتأمل أوامر الأسلام ليتملكه الجلال والجمال والروعة من هذه الأوامر الربانية، أليس الله عز وجل هو الذي يقول: «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله» أتدرون ما موقع هذه الآية؟ إنها من سورة الأنفال جاءت في ترتيبها الترتلي بعد قوله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم».
وبين خطيب الجامع الأزهر أن المعنى المفهوم أنك بعد أن تملك أدوات النصر والغلبة من عدة وعتاد إن جنح من يحاربك ويعاديك للسلم فاجنح لها، ألم أقل لكم إن الأصل السلام؟! ويقول تعالى: "وإن أحد من المشركين استجارك فاجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه" أبلغه مأمنه وهو مكذب معاند محارب! وهو الذي يقول في الأسرى : "فأما منا بعد وأما فداء حتى تضع الحرب اوزارها" وهو الذي يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعامل الأسىشش شاء معاملة الرحيم فيأمره قائلا: «يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم»، بل قارنوا بين هذا الأدب الرباني وبين معسكرات التعذيب والقتل التي شيدت في عصر الحضارة، ما هذا الرقي؟ ما هذه الرحمة التي تفيض من الإسلام وأوامره؟.
وأشار إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أثناء القتال نمطا فريدا في الناس، فرغم أن القتال تزهق فيه الأرواح وتجرح الأبدان، ويحرص كل فريق على هزيمه غريمه وعدوه إلا أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شرع لأمته آدابا يتحلون بها قبل الحرب وأثناءها وبعدها .. فعن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال: «انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلًا صغيرًا، ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين».
وتابع قائلًا: فإذا وضعت الحرب أوزارها ، ووقع المقاتلون من الكفار أسرى في أيدي المسلمين، راعى النبي - صلى الله عليه وسلم - معاني الرحمة والكرامة الإنسانية التي تراعي مصلحة الدولة المسلمة وحقوق الأسرى ، والتي لم يبلغها القانون الدولي الإنساني المعاصر ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (استوصوا بالأُسَارَى خيرا ) رواه الطبراني.
وبهذه الوصية الكريمة عمل الصحابة، وظهر تحقيق قول الله تعالى : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} (الإنسان:8) ، فقد ضرب الصحابة - رضوان الله عليهم - أروع الأمثلة في معاملة الأسرى .. يقول أخٌ لمصعب بن عمير ـ رضي الله عنه ـ : "كنت في نفر من الأنصار، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا التمر وأطعموني البر، لوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ويقول أبو العاص بن الربيع: "كنت في رهط من الأنصار جزاهم الله خيراً، كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا التمر، والخبز معهم قليل، والتمر زادهم، حتى إن الرجل لتقع في يده كسرة فيدفعها إليّ".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: محمود الهواري خطبة الجمعة الجامع الازهر ـ صلى الله علیه وسلم ـ رسول الله
إقرأ أيضاً:
فاطمة الزهراء.. مدرسة الجهاد الأولى وصانعة أبطال تاريخ الإسلام
(ما رأيت إلا جميلا) تلك الكلمات التي هزت بها “بطلة كربلاء” زينب عليها السلام، أركان الدولة الأموية في أوج قوتها وظلمها وواجهت بها طغيان “يزيد بن معاوية” في عقر قصره، لم تأت من فراغ.. إنما تدل على عظمة مدرسة الجهاد الأولى التي صنعت أبطال تاريخ الإسلام من أهل البيت عليهم السلام بلا منافس، متمثلة بفاطمة الزهراء عليها السلام، والذي سجل التاريخ لها مواقف عديدة.. حيث عاشت مع أبيها بيئة الجهاد وشاركته معه ذهابا وإيابا، واضطلعت بهذه المهمة مذ وهي صغيرة، ولما كانت هي الأسوة والقدوة للمرأة المسلمة وهي (سيدة نساء العالمين)، تعمد أعداء الإسلام والمنافقين تغييبها ضمن سياسة التجهيل على مدى التاريخ بهدف إفساد الحياة الاجتماعية للشعوب المسلمة، لتحضر بالنيابة عنها أمثلة الانحراف في عالمنا اليوم متجردة من كل القيم والمبادئ بما يخدم أعداء الرسالة المحمدية ممن جعلوا من المرأة سلعة تم الزج بها في أسواق الرذيلة والتفسخ.
يمانيون| أعد المادة للنشر: محسن علي الجمال
ولادتها
ولدت عليها السلام في عام البعثة’ واختصت الزهراء في حال ولادتها بخصوصية إرضاع أمها خديجة لها، وبرعاية رسول الله المنفردة وإعدادها ثم إناطتها بأعمال وأدوار استثنائية أنجزتها في حياة والدها وبعد وفاته، وكانت أم المؤمنين خديجة إذا ولدت ولدا دفعته إلى من يرضعه، فلما وضعت فاطمة الزهراء لم ترضعها امرأة غيرها.
والدتها جدة آل البيت الكبرى (خديجة)
تنتمي الزهراء عليها السلام لمكة مكانا، أمها خديجة بنت خويلد من عقيلات قريش المبرزات، وأعظمهن شرفا، أكرمها الله تعالى بأن جعل من نسلها فاطمة الزهراء التي حفظ الله في نسلها ذرية الحبيب المصطفى، لذا فهي جدة آل البيت الكبرى وأمهم الأولى، توفيت في السنة العاشرة من البعثة بعد أن عاشت مع رسول الله صلى الله عليه وآله حوالي ربع قرن كانت له فيها الزوجة الحبيبة والسند القوي والظهير الرائع.
صنعاء تدعو الأمة للعمل على رفع يد السعودية عن المقدسات بعد منعها الحج للعام الثاني
نشأتها
قدمت فاطمة إلى هذه الدنيا مع قدوم الإسلام وبزوغ فجره، الذي دفن ثقافة براثن الجاهلية وكل مآثرها ونظرته للمرأة باعتبارها عارا وهونا، وجريمة وعارا، فنشأت على يد أمها خديجة وأبيها محمد، وترعرعت في كنف أبوين طاهرين، تحفها تعاليم جبريل عليه السلام، وتحط فيه آيات التنزيل، ورسول الله يعوذها وذريها من الشيطان الرجيم.
كما نشأت في بيت ربته تاجرة ذكية وعاقلة حصيفة، ورئيس هذا البيت قد كلف بمهمة عظيمة وجليلة ومقدسة وهي أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور، تعلمت وهي في بيئتها الأولى: القراءة والكتابة والحساب والمعارف الأولية، وفي دور أبويها تعلمت ما لم تتعلمه طفلة غيرها في مكة.
جهادها صغيرة
في غضون ظروف الإسلام الأولى في مكة’ رأت أباها كل يوم يحمل على عاتقه مسؤولية تبليغ الإسلام بإصرار عجيب، فتعلمت منه قوته في ذلك، وإصراره وأنسه بالله’ واستشعرت معية الله، وذاقت معه طعم الألم في سبيل الله، فكانت حريصة على نصرة أبيها.
أسماؤها وألقابها
لفاطمة 8 أسماء كما روي عن الصادق عليه السلام وهي (الصديقة، الزهراء، الطاهرة، الزكية، الرضية، المرضية، البتول، فاطمة) ولكل من هذه الأسماء والألقاب دلالات خاصة تشير إلى أوصافها العظيمة، منها ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال (إنما سميت ابنتي فاطمة، لأن الله تعالى فطمها وفطم من أحبها من النار) , وكانت تسميتها من الله أوحى به إلى نبيه.
وصفها الخلقي
شاء الله أن تكون هذه الأنثى امتداد أبيها، وتحمل في جيناتها أعلام الهدى الذين يخلفون رسول الله في أمته قائمين بالحق، ولهذا منحها الله خصوصية استثنائية أخرى، ألا وهي شبهها القوي برسول الله حتى في مشيتها, ويمكن استيحاء شخصيتها الجسمانية والخلقانية من صفات والدها الرسول الأنور وصاحب الجبين الأزهر.
فاطمة في القرآن
تحدث القرآن الكريم عن الزهراء باعتبارها من أهل بيت نبيها المصطفى وذوي قرباه ونسائه ومن الأبرار الزاكين ومنها قول الله:
-آية التطهير (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)
-آية المباهلة (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)
– (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)
– (إنا أعطيناك الكوثر)
– (إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا…)
فاطمة في كلمات الرسول وتعاملاته
-عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: قال رسول الله لفاطمة (إن الله تعالى يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)
-قال رسول الله (فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني)
-قال رسول الله (أفضل نساء أهل الجنة، وخير نساء العالمين أربع: , خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم)
– قوله صلوات الله عليه وآله (فاطمة حوراء إنسية، كلما اشتقت إلى الجنة قبلتها)
-قوله صلوات الله عليه وآله (كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما)
-كما أن رسول الله بتعاملات مميزة وكثيرة منها:
– أنه كان إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها، ورحب بها كما كانت تصنع به
-إذا سافر رسول الله يجعلها آخر الناس عهدا به، وإذا قدم قدم إلى بيتها أولا
– كان إذا بكت يمسح الدموع من عينها بطرف ثوبه واستمر على ذلك حتى مرضه الأخير
-كانت تضع خدها على خده، وإذا دعاها أجلسها بالقرب منه وأسر إليها دون من سواها،
-أمر رسول الله بسد أبواب بيوت الصحابة المشرعة إلى مسجده إلا باب على وفاطمة
-زوجها وصيه وخليفته من بعده من وصفه بقوله (سيد في الدنيا والآخرة)
– كناها بأم أبيها، وتولى الله أمر زواجها حيث كان بأمر منه سبحانه، وانقطع نسل رسول الله إلا منها،
علمها
كانت الزهراء عليها السلام تحمل علما جما ’ إذا أنها كانت تغرف من بحر مدينة العلم, فاستوعبت القرآن بشكل عميق, ووعت سنة أبيها وسيرته فكانت فقيهة عالمة, فامتلكت قدرة فائقة على التعامل مع مصادر التشريع , وكانت تتميز بقدرة أسلوبها الخطابي الذي يشبه إلى حد كبير أسلوب زوجها الإمام علي في نهج البلاغة, ولعل خطبتها البليغة العصماء “الشقشقية” التي أنكرت فيها على أبي بكر استيلاءه على املاكها في فدك ومواجهتها له والتي ابتدأتها(الحمد لله على ما أنعم, وله الشكر بما ألهم , الممتنع عن الأبصار رؤيته, ومن الألسن صفته’ ومن الأوهام الإحاطة به) وكذلك نكرانها على المسلمين تخاذلهم عن نصرة ابن عمها وزوجها في تضييع مبدأ ولايته, خير دليل وأنصع برهان, كما أنها أيضا كانت تمتلك مهارات تربوية , كما بلغ من حصافتها وحنكتها السياسية والاجتماعية أنها صارت مستشارة الإمام علي حين بويع أبو بكر, وفكرها الإبداعي حيث تعد أول من استحدث النعش للجنائز في الإسلام.
من مروياتها الحديثية
-روى عنها ولدها شهيد الكربلاء الإمام الحسين عليه السلام أنها قالت ” خرج رسول الله صلى الله عليه وآله عشية عرفة فقال: (إن الله باهى بكم، وغفر لكم عامة، ولعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي فقال: إن السعيد كل السعيد حق السعيد من أحب عليا في حياته وبعد مماته).
– روت رضوان الله عليها عن أبيها أنه قال (يحفظ المرء في ولده)
-وقولها عن رسول الله (ألا لا يلومن امرؤ إلا نفسه، يبت وفي يده ريخ غمر) وغيرها من الأحاديث الكثيرة.
جهادها
كان الجهاد يحتل مكانة مقدسة في وعي فاطمة، فكانت سلام الله عليها على علاقة خاصة بوالدها، وهي بضعة منه في كل شيء حتى في جهاده، ورغم صغر سنها , غير أن التاريخ سجل لها مواقف رائدة، منها:
-أن هذه الفتاة في عمر السادسة عشرة أنه: لما جرح رسول الله في معركة أحد، وظل جرحه ينزف، استطاعت أن توقف ذلك النزيف بفضل خبرتها الجراحية.
-عند فتح مكة خرجت مع أبيها وزوجها حيث تحكي السير أنه قد ضرب للنبي خباء بالبطحاء وجلس فيه يغتسل، وكانت فاطمة معه تستره، وامرها فسكبت له غسلا فاغتسل.
– هروعها مع أخريات من المدينة بعد معركة أحد لمعالجة الجرحى فعالجت النبي المصطفى، وحملها للطعام والشراب على ظهورهن للمجاهدين.
_إقبالهم على أبيها بأقراص الخبز إذا جاع كما فعلت في يوم الخندق.
– لما استشهد عم أبيها حمزة بكت، وتحركت في أنشطة عملية لتخليد ذكرى الشهداء وتقديس قضاياهم، وتأتي لزيارة قبور الشهداء غداة كل سبت.
زواجها من علي ووليمة عرسها
بعد تجاوز عمرها الخمسة عشر سنة, حيث تم ذلك بتوجيهات من الله كما روي عن رسوله أنه قال ( إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي ) عليهما السلام’, بعد أن تقدم لخطبتها أمير المؤمنين وآذنها أبيها, وبصداق خمس مئة درهم’ وزفت إلى منزل كان فرشه جلد كبش, وأرضه رمل من بطحاء الروحاء, ووسادة من أدم جلد, وقربة من جلد للشرب، وأما وليمة العرس الذي أقامه الإمام علي فكان : آصا من شعير، وتمر، وحيس، وكبش، فبارك لهما النبي وقال ( جمع الله شملكما وأسعد جدكما وأخرج منكما كثيرا طيبا).
الزوجية المثلى
ضربت فاطمة عليها السلام في بيت زوجها الأمثلة العالية للزوجة المثالية في الطاعة وحسن العشرة، معينة له في طاعة الله، تؤثره على نفسها، ولذا فقد وصفها سيد الوصيين بقوله (والله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز وجل، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرا، ولقد كنت أنظر إليها، فتكشف عني الهموم والأحزان)، ولقد كانت أيضا تطحن وتعجن وتستقي وتخبز وتربي الأولاد وتغزل الملابس وتسعد زوجها وتكرم ضيفها وتتفقد أباها وتصلح أمره وتقوم بأدوارها الجهادية والاجتماعية والتعليمية بأفضل ما يمكن.
تربية الأولاد
لقد أنشأت فاطمة بطريقتها التربوية أعلى مدرسة مثالية تخرج منها الحسنان وزينب العقيلة عليهما السلام, وكانت تحرص على اصحابهم إلى محراب عبادتها وتعلمهم أنواع التبتل والتهجد، وكذلك خطب رسول الله, وهما لم يبلغا الخامسة من أعمارهما، وأما أولادها فهم (الحسن, الحسين, زينب, ام كلثوم, المحسن).
دورها الاجتماعي والسياسي
كان للزهراء عليها السلام دور رائد في الدفاع عن قضايا الإسلام الكبرى, وتحرك جاد في الجانب الاجتماعي بين نساء المدينة المنورة، وفي مواجهة أول انحراف في الإسلام بما يخص الجانب السياسي، حيث صرخت بقوة في وجه السلطة الجديدة التي انحرفت بمسار الحكم عمن اختاره الله وأعلن ولايته رسول الله في أكثر من موقف، ولم تكتف بذلك بل دارت في بيوت الأنصار تحرضهم على الثورة في نصرة الحق واتخاذ الموقف الصحيح، وخطبتها في مسجد رسو الله بشأن الإمامة وفدك تسمى بالخطبة الكبرى.
وفاتها
بعد ان اتخذت المواقف القوية ضد السلطة الجديدة، هاجمها المرض, وكان قد أخبرها رسول الله بأنها أول اللاحقين به من أهل بيته، إذ أنها كانت قد عافت الدنيا،لموت أبيها، ثم لحصول الانحراف الخطير في حق الإسلام، ولحقت برسول الله بعد ستة أشهر، وأوصت أن تدفن سرا ودفنت بالبقيع بالمدينة المنورة عن 23 سنة., حيث دفن سبطها الحسن عليه السلام وآخرون من ذريتها.
الإمام علي ينعيها ببيت شعري:
لكل اجتماع من خليلين فرقة .. وكل الذي دون الممات قليل
وان افتقادي فاطما بعد أحمد .. دليل على ألا يدوم خليل.
وكان عليه السلام يزور قبرها في كل أسبوع مرة وينشد:
إلى الله أشكوا لا إلى الناس إنني.. أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب
أخلاي لو غير الحمام أصابكم.. عتبت ولكن ما على الموت معتب.
المصدر: اقتباسات من بحث علمي أكاديمي للدكتور حمود الأهنومي.