السومرية نيوز – دوليات

لم تمضِ سوى بضعة شهور على إعلان قيام إسرائيل 1948 حتى نفذت إسرائيل اغتيالات عديدة كأداة لتصفية كل من يُمثل خطراً على "الدولة العبرية"، واستمرت حتى وقتنا الحاضر، وتم تصوير تلك العمليات في الدعاية الإسرائيلية، وحتى في بعض الأفلام على أنها مثال على قوة المخابرات الإسرائيلية وباقي الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية ودقتها.


دس السم في الشوكولاتة وأكثر من 2700 عملية اغتيال
بحسب رونين برغمان، مؤلف الكتاب "اقتل أولاً: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل"، فإن عدد عمليات الاغتيال التي قام بها جهاز الموساد الإسرائيلي منذ تأسيسه في ديسمبر/كانون الأول 1949 حوالي 2700 عملية.

استهدفت تلك الاغتيالات أفراداً من المقاومة الفلسطينية أو شخصيات عسكرية وعلماء وأدباء وصحفيين من مختلف الجنسيات، مثل الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وزعيمها حتى وفاته، وعلي حسن سلامة، القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، ورضائي نجاد، العالم النووي الإيراني، الذي اغتيل في شرق طهران خليل الوزير، وغسان كنفاني، عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

تنوعت عمليات الاغتيال تلك بين الطريقة التقليدية للاغتيالات، باستخدام وابل من الرصاص أو بالعبوات المتفجرة، أو بتخطيط جاسوسي وتكتيكي، مثل دسّ السم في قطع الشوكولاتة أو معجون الأسنان، ومعظم تلك العمليات نفذتها وحدة خاصة للاغتيالات، حملت اسم "جدعون"، ونُسجت عن تلك الوحدة أساطير المكر والدهاء والدقة في التنفيذ.

ولكن أرشيف الموساد والشاباك يكشف أن تاريخ تلك الوحدة لا يخلو من إخفاقات كارثية كانت تتم التغطية عليها، ومحاولة تسويق صورة أسطورية لذراع إسرائيل التي تصل إلى أي مكان وتطال أي شخص، لكن أرشيف الموساد والشاباك يكشف أن تاريخ تلك الأجهزة لا يخلو من عمليات فاشلة وإخفاقات كارثية.

فعلى سبيل المثال لَطالما حاول الإسرائيليون إلقاء القبض على الضباط والعلماء النازيين وإحضارهم للمحاكمة في إسرائيل أو اغتيالهم أينما وُجدوا، في عام 1977 قرّر الموساد ملاحقة "مارتن بورمان"، أحد أقوى قادة الجيش النازي ومِن المقرَّبين لهتلر، استمرت المطاردة لـ10 سنوات، ليتضح لاحقاً أنهم كانوا يطاردون شبحاً؛ لأن "بوزمان" كان ميتاً منذ عام 1945.

أسطورة "ميونيخ".. فيلم هوليوودي لا أكثر
بعد مقتل 11 إسرائيلياً في عملية نفّذتها منظمة "أيلول الأسود" الفلسطينية في دورة الأولمبياد سنة 1972 في ميونيخ، وبحسب الرواية الإسرائيلية، أعطت رئيسة الوزراء الاسرائيلية حينها، "جولدا مائير" الأوامر لتعقُّب المسؤولين عن الهجوم وقتلهم جميعاً.

وأصبحت "بطولة" عملاء الموساد ودهاؤهم في تنفيذ تلك العملية أسطورة تتناقلها الأجيال، تم تجسيدها لاحقاً في فيلم أمريكي عام 2005 يحمل اسم "Munich" أو "ميونيخ"، وقام بإخراجه المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ، لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن تفاصيل الفيلم، أو ما رَوَّج له الإسرائيليون حول تلك العملية.

كشف الصحفي الإسرائيلي رونين برغمان، في 2018، أن الأشخاص الذين قتلهم الموساد لم تكن لهم صلة بميونيخ على الإطلاق، أحدهم كان نادلاً مغربياً اسمه أحمد بوشيخي، والآخر كان عامل نظافة بركة سباحة اعتقدوا أنه علي حسن سلامة، رئيس العمليات في منظمة أيلول الأسود الفلسطينية.

ليس هذا فحسب، إحدى السيارات التي استُخدمت لتنفيذ العملية كانت مستأجرة، وقام أحد الشهود بإبلاغ الشرطة عن رقم لوحة التسجيل.

وبدلاً من أن يتخلص عملاء الموساد من السيارة واتخاذ القطار للوصول إلى المطار، استخدمها أحدهم لنقل الصنابير والتأسيسات الصحية، وغيرها من الأشياء التي اشتراها لمنزله الجديد في إسرائيل، لأنه لم يُرد نقلها في القطار وتم إلقاء القبض عليه، وأثناء التحقيق أسقط الشبكة من العملاء وزملاءه بالكامل.

قادة "حماس".. مشعل والضيف الإخفاق الإسرائيلي الأكبر
في سبتمبر/أيلول 1997 كانت هناك محاولة لخلية من "جدعون" لاغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، المقيم في الأردن حينها، وتم حقنه بمادة سامة، مَكَث على أثرها في العناية المُركزة، وفُضح أمر المنفذين واعتُقل اثنان منهم.

وهو ما أشعل غضب ملك الأردن آنذاك الحسين بن طلال، الذي أصرّ على تسليم إسرائيل المصل المضاد للسّم لإنقاذ حياة مشعل، وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، وكان له ذلك.

أما الهدف الأشهر الذي فشِلت إسرائيل في اغتياله على مدار ثلاثين عاماً، فهو القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف؛ حيث حاولت 3 مرات التخلص منه بقصفٍ جوي، أحدثها في حرب 2014 (قُتلت زوجته وطفله)، وما زال الضيف حياً.

ورغم تلك الإخفاقات والتبعات الكارثية لبعض العمليات الناجحة، بقيت سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية ركناً راسخاً في العقيدة الأمنية لإسرائيل، دون التفات لأي تبعات سياسية أو قانونية.

المصدر: السومرية العراقية

إقرأ أيضاً:

محمد حسن كنجو.. سفاح صيدنايا الذي قبض عليه في عمليات طرطوس

محمد حسن "كنجو" ضابط في جيش نظام بشار الأسد، حصل على شهادة في الحقوق من جامعة دمشق، ثم التحق بالجيش وتدرج في سلك القضاء العسكري، بدءا من منصب قاضي الفرد العسكري الثاني في حلب، ثم مستشارا بمحكمة الجنايات العسكرية في دمشق، وصولا إلى منصب النائب العام العسكري بالمحكمة الميدانية العسكرية.

ويلقب كنجو بـ"سفاح صيدنايا" إذ يعد من أبرز المسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في سجن صيدنايا سيئ الصيت والمسؤول الأول عن الإعدامات الميدانية فيه، ويتهمه ناشطون ومعارضون وسجناء سابقون بارتكاب جرائم إعدام جماعية وأحكام تعسفية بحق آلاف السجناء في هذا السجن العسكري.

المولد والتكوين العلمي

ولد محمد حسن المعروف بـ "كنجو" عام 1957 في قرية خربة المعزة التابعة لمدينة طرطوس. وحصل على شهادة في الحقوق من جامعة دمشق مطلع ثمانينيات القرن العشرين قبل أن يتطوع في جيش نظام الأسد.

التجربة العملية

فور تخرجه من الجامعة انضم كنجو إلى قوات جيش نظام الأسد وبدأ مسيرته في القضاء العسكري. وعمل قاضيا للفرد العسكري الثاني في حلب، ثم عين مستشارا بمحكمة الجنايات العسكرية في دمشق، وتدرج ليصبح النائب العام العسكري في المحكمة الميدانية العسكرية.

الثورة السورية

في مارس/آذار2011 ومع اندلاع الثورة السورية كان كنجو يشغل منصب النائب العام العسكري بالمحكمة الميدانية العسكرية في دمشق، برتبة عميد. وقد قام خلال توليه هذا المنصب بمحاكمة عدد من المعتقلين المدنيين، إلى جانب ضباط وعناصر عسكرية متهمين بمحاولات الانشقاق عن الجيش أو بناءً على خلفيات مذهبية.

ويُعد كنجو المسؤول الأول عن إصدار آلاف الأحكام بالإعدام أو السجن المؤبد، إضافة إلى السجن لفترات طويلة بحق المعتقلين. وفقا لشهادة أحد الضباط المنشقين، تعاون كنجو مع رؤساء أفرع التحقيق في الأجهزة الأمنية على إدخال عبارة في إفادات المعتقلين تنص على "كما أقدمت بالاشتراك مع آخرين على مهاجمة حاجز كذا أو مركز كذا أو النقطة كذا (مواقع عسكرية للنظام) بالأسلحة النارية، مما أدى إلى استشهاد عدد من عناصر هذه المواقع أو إصابة آخرين".

إعلان

وإضافة لذلك يتم إجبار المعتقلين على توقيع الإفادات دون الاطلاع على محتواها، وتُستخدم العبارة المتفق عليها باعتبارها حجة لفرض أحكام الإعدام بالتنسيق بين كنجو والأجهزة الأمنية، حتى في الحالات التي يثبت فيها براءة المعتقل.

وأشارت إفادات كثير من المعتقلين الناجين إلى أن المحاكمة الواحدة لا تستغرق أكثر من دقيقة إلى 3 دقائق، يُمنع خلالها المحكوم من الحديث، ويتم إخراجه فور صدور الحكم. وعلى الرغم من أن المحكمة كانت تُدار لفترة من الزمن برئاسة اللواء شيخ جابر الخرفان، فإن النائب العسكري كنجو كان يتمتع بالسلطة المطلقة.

واستمر الوضع على ما هو عليه حتى تمت ترقية كنجو إلى رتبة لواء وتعيينه رئيسا للمحكمة.

وفي شهادة أحد الناجين من سجن صيدنايا ذكر أنه "عند دخول المعتقلين إلى القاضي، لا تُعقد محاكمة حقيقية، بل الجلسة شكلية وسريعة لإقرار التهم الواردة في الملفات المُحالة من فروع الأمن، وكان كنجو يقرأ التهم علينا. ورغم إنكارنا، كان يخاطبنا كخصم وليس كقاض يُفترض أن يكون حياديا. وكان سلوكه سياسيا بحتا وليس قانونيا. وكان يعلم بما يحدث من انتهاكات على أيدي عناصر الأمن خارج المحكمة، لكنه ينكر ذلك علانية. ورأيت صديقا لي ينزف دما بسبب تعرضه للضرب قبل الجلسة. وعندما سأله كنجو عن السبب أجابه "اسأل عناصرك بالخارج، هم من فعلوا ذلك" فرد عليه "أنت هنا في محكمة، وهذا لا يحدث".

كما أشار تقرير صادر عن مركز توثيق الانتهاكات في سوريا -حول قانون مكافحة الإرهاب رقم 19- إلى أن كنجو كان من بين القضاة البارزين الذين استخدموا أساليب غير إنسانية في التعامل مع المعتقلين.

عملية طرطوس

عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت حكومة تصريف الأعمال السورية عملية أمنية يوم 26 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه بريفي طرطوس ودمشق ضد "فلول النظام" المخلوع، وحددت مهلة لتسليم السلاح بعد اشتباكات جرت في اللاذقية وحمص أسفرت عن قتلى وجرحى.

إعلان

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الاشتباكات التي وقعت يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 2024، جاءت أثناء محاولة القوات الأمنية القبض على كنجو الذي وصفه بأنه "أحد المسؤولين عن جرائم سجن صيدنايا".

وأثناء العملية، اعترضت القوات الأمنية شقيق كنجو وشبابا مسلحين آخرين وطردوا الدورية الأمنية من خربة المعزة، ونصبوا لها كمينا قرب القرية، واستهدفوا إحدى سيارات الدورية مما أدى لمقتل 14 عنصرا من قوى الأمن العام.

ويوم 26 ديسمبر/كانون الأول، أعلنت إدارة العمليات العسكرية إلقاء القبض على كنجو في مسقط رأسه بقرية خربة المعزة في ريف طرطوس الجنوبي.

الوظائف والمسؤوليات مدير إدارة القضاء العسكري. رئيس المحكمة الميدانية العسكرية. النائب العام العسكري بالمحكمة الميدانية العسكرية.

مقالات مشابهة

  • محمد حسن كنجو.. سفاح صيدنايا الذي قبض عليه في عمليات طرطوس
  • حصاد 2024.. أبرز اغتيالات الاحتلال الإسرائيلي لقيادات «حماس» و«حزب الله»
  • شاهد .. صورة زعيم خلية (الموساد والـ CIA) وعلاقته بتفجير ضحيان
  • صنعاء تعلن إفشال أنشطة استخبارية أمريكية وإسرائيلية في اليمن 
  • عاجل وردنا للتو| الأجهزة الأمنية تعلن إحباط أنشطة استخباراتية لوكالة المخابرات الأمريكية (CIA) و(الموساد) الصهيوني (تفاصيل ما حدث)
  • الأجهزة الأمنية تعلن عن إحباط أنشطة استخباراتية لوكالة المخابرات الأمريكية (CIA) وجهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)
  • الأجهزة الأمنية تحبط أنشطة استخباراتية لوكالة المخابرات الأمريكية (CIA) و(الموساد) الصهيوني
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • تصاعد الهجمات الحوثية على إسرائيل.. الاحتلال يتعهد بعدم السماح بمواصلة إطلاق الصواريخ من اليمن.. وإعداد استراتيجيات للرد تتضمن اغتيالات وتدمير البنية التحتية
  • وزير المخابرات الأشهر في جنوب أفريقيا: حماس كانت مهتمة بتجربتنا في الكفاح