منذ سيطرة الإنجليز على جزيرة «مالطا» جنوب إيطاليا، فى سنة 1800 ميلادية، استخدمت الجزيرة ذات الموقع الإستراتيجي وسط البحر المتوسط ، كمنفي للخصوم السياسيين لبريطانيا فى مستعمراتها التي كانت تضم شعوبًا مختلفة ومن بينها مصر التي اُعتقل منها المئات، وكان أكثرهم ذيوعًا وشهرةً، الزعيم سعد زغلول وحمد الباسل ومحمد محمود وإسماعيل صدقي وهم أعضاء الطبقة الأولي للوفد المصري، الذين تم نفيهم إلي الجزيرة فى مارس 1919.

 

 

من أهم المصادر المُوثقة عن ملامح المنفي فى جزيرة مالطا، مرويات محمد عبد الرحمن الصباحي، عمدة قرية «مصطاي» إحدي قرى مركز قويسنا بمحافظة المنوفية، الذي نفاه الإنجليز إلى الجزيرة مدة 5 سنوات بسبب نشاطه السياسي المُعادي للإنجليز، وثق «الصباحي» مذكراته عن الجزيرة فى كتاب أسماه «5 سنوات فى مغاور الآسر»، أصدره فى مصر سنة 1921. 

 

 

يقول محمد عبد الرحمن الصباحي عن وصول سعد زغلول وحمد الباسل وإسماعيل صدقي ومحمد محمود، ورفاقه، إلى مالطا ..«وجاءوا بالبشوات الأربعة من هيئة الوزراء الأجلاء، ووضعو فى ثكنة بلفارستا وعُوملوا معاملة الخدم الذين اعتقلوا معهم فى المأكل والمشرب وكانوا فى السُكني كباقي الأسري الذين يقلون طبعًا عن طبقتهم».

 

وكتب «الصباحي» خطابًا إلى الزعيم سعد زغلول للترحيب به، ويـُورد المؤلف أن الزعيم سعد زغلول ردّ عليه بخطاب مماثل فى 19 مارس 1919 قال فيه «حضرة الفاضل محمد أفندي عبد الرحمن الصباحي عمدة مصطاي، عليك وعلى إخوانك السلام وأشكرك جميل الشكر على ما أبديت من  الشعور الراقي وكنت عازمًا عقب وصولي على زيارتكم وإخواني المصريين وإبلاغهم سلام إخوانهم ولكن الحجر الصحي على جهتكم منع  ذلك مؤقتًا وإن شاء الله عقب زواله سأجتهد  فى التمتع بهذه الزيارة وأرجو أن تبلغ فائق شكري وإحتراماتي لسائر الإخوان الذين أنابوكم فى الترحيب بنا وإخوانني يشاركوني فى الثناء عليكم نرجو الله سبحانه وتعالي أن يُحقق آمالنا وآمال المصريين ..سعد زغلول». 

 

من بين الصور الفوتغرافية التي ضمها كتاب «5 سنوات فى مـغاور الآسر»، صورة غير واضحة لشيخ معـمّم يستعد لأداء الصلاة وجواره العلم المصري، وعنونها مؤلف الكتاب بـ «الشيخ عبد المعطي عبد الوارث»، ولم يُورد المؤلف أية معلومات عن هذا الشيخ فى كتابه، سوي هذه الصورة! 

 

من هو «الحجاجي» ؟  

وقبل شهور، أطلع الباحث الأثري وقنصل إيطاليا الفخري فى محافظة الأقصر، فرنسيس أمين، الدوائر المهتمة بتراث الحركة الوطنية المصرية، على صورة نادرة أكثر وضوحًا للشيخ عبد المعطي عبد الوارث  الحجاجي، وهي ذات الصورة المنشورة فى الكتاب! وعرفه إنه الإمام الذي كان يُصلي ويُوئـم الأسري المسلمين ومن بينهم المصريين فى الجزيرة ذات الأغلبية المسيحية من السكان. 

فرنسيس أمين القنصل الفخري لإيطاليا فى الأقصر

بيّن فرنسيس أمين، فى تصريحات خاصة لـ «الـوفد»، أن الشيخ عبد المعطي عبد الوارث هو من سلساّل العارف بالله، يوسف بن عبدالرحيم بن يوسف عيسى الزاهد، الشهير بـ «سيدى أبو الحجاج الأقصرى»، الذى تحتفى به الأقصر من خلال مولد خاص يقام من أجله سنويا ويعرف بـ «مولد أبو الحجاج»، ويقع  مسجده وضريحه الشهير أعلي معبد الأقصر. 

 

وتابع أن «الحجاجي» وُلد فى الأقصر وتعلم فى الأزهر الشريف، وكان مثقفًا نابهًا، وانضم إلى الحركة الوطنية بعد نشؤها مباشرة عقب الحرب العالمية الأولي، على يد الزعيم سعد زغلول. 

 

وأوضح «أمين» أن الشيخ عبد المعطي الحجاجي نُفي إلى جزيرة مالطا بسبب نشاطه السياسي ضد الاستعمار البريطاني، وهناك عيّنه 

المنفيين؛ إمامًا يرفع الأذان ويُوئم الصلاة بالأسري المصريين والأترك فى مسجد أقيم بالجزيرة، ومن بينهم زعماء الوفد المصري. 

 

واستكمل إنه عقب عودته من المنفي  كان يتنقل ما بين الأقصر والقاهرة، وفى عام 1936 استقر فى الأقصر ليكون إمامًا وخطيبًا 

لمسجد «أمير الصعيد» نسبة إلى ولي عهد المملكة المصرية؛ فاروق الأول، مبينًا أن من شيد المسجد هو الوجيه إبراهيم عياد، أحد أثرياء الأقصر. 

   

وكشف فرنسيس أمين، أن الشيخ عبد المعطي الحجاجي، يرجع له الفضل فى إمداد عالم المصريات الفرنسي جورج ليجران، بسيرة 

السيد أبوالحجاج الأقصري، والتي وثقها عالم المصريات فى كتابه الصادر باللغة الفرنسية «الأقصر بلا فراعين». 

 

يقول المثل الدارج «يُؤذن فى مالطا» فى إشارة إلى ذهاب الكلام سدي أو عدم جدواه! غير أن الشيخ عبد المعطي الحجاجي لم يسر عليه ذلك المثل فقد أذن فى مالطا وصلي خلفه العشرات من الوطنيين المصريين المنفيين فى الجزيرة. 

صورة نادرة للشيخ عبد المعطي عبد الوارث هو يُقيم الصلاة فى مالطا 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اذن مالطا الصلاة سعد زغلول المنفى الحركة الوطنية جزيرة الإنجليز بريطانيا مستعمرات ثورة 1919 الزعیم سعد زغلول

إقرأ أيضاً:

المنفي يبحث مع السفير الفرنسي دور بلاده لدفع العملية السياسية في ليبيا

استقبل رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، اليوم الأحد بمقر المجلس، سفير الجمهورية الفرنسية لدى ليبيا، مصطفى مهراج.

وأوضح المكتب الإعلامي للمنفي على فيسبوك، أن “اللقاء تمحور حول المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، ودور فرنسا الفاعل للدفع قدماً بالعملية السياسية في ليبيا للوصول إلى حلول ونتائج توافقية تفضي إلى الانتخابات”.

وختم البيان موضحًا أن المنفي أكد خلال اللقاء على أن “الشعب الليبي قادر على المشاركة والمساهمة وتقرير المصير في الوصول لدولة مستقرة عبر الاستطلاعات و الاستفتاءات والانتخابات العامة”.

الوسومالمنفي

مقالات مشابهة

  • المنفي يبحث مع السفير الفرنسي دور بلاده لدفع العملية السياسية في ليبيا
  • «المنفي» يستقبل سفير الجمهورية الفرنسية لدى ليبيا
  • «المنفي» يطالب مجلس النواب بإقرار «قانون المصالحة الوطنية»
  • ستخسر أمانك الإلكتروني.. خبير يحذر من تطبيقات "باسورد الواي فاي"
  • خبير تكنولوجي يقدم نصائح مهمة لتأمين الشبكات الإلكترونية
  • ستخسر أمانك الإلكتروني.. خبير يحذر من تطبيقات باسورد الواي فاي
  • قيادة وموظفو مكتب الصحة بالأمانة يزورون ضريح الشهيد الصماد ورفاقه
  • زي النهاردة.. إنذار بريطاني لحكومة سعد زغلول عقب مقتل سردار الجيش المصري
  • حاصباني من مؤتمر مالطا: لمنع استعمال لبنان منصة للحروب
  • الجميّل من مالطا: نحذر من صفقة تراعي مصالح إيران وإسرائيل على حساب لبنان وسيادته