هل أربك التصعيد في الضفة الغربية الحسابات الأمريكية؟
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
اكتسبت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية قوة دفع كبيرة بفعل التصعيد الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه في الضفة الغربية بعد عملية طوفان الأقصى، خصوصا أن التصعيد اقترن بأجندة يمينية متطرفه للانتقام من الفلسطينيين وإرهابهم وتهجيرهم من أراضيهم إن أمكن ذلك.
المقاومة في الضفة الغربية اكتسبت زخما مضاعفا بفعل ممارسات الاحتلال والنجاح الذي حققته المقاومة في قطاع غزة بصمودها وأدائها العسكري والميداني، الذي دفع الاحتلال ليبدي تراجعا عن أهدافه وغاياته من الهجوم البري والجوي الذي أطلقه على القطاع خلال شهر ونصف من العمليات الجوية والبرية ليذهب نحو هدنة أطلق بموجبها 150 أسير.
صمود المقاومة في قطاع غزة وفرضها صفقات متتابعة لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الذين كان أغلبهم من الضفة الغربية؛ رفع أسهم المقاومة في الضفة الغربية، وهدد بإعادة رسم المشهد السياسي والأمني والاقتصادي بتوسيع حاضنة المقاومة وتعزيز مشروعها في الضفة الغربية؛ الذي اكتسب مزيد من المشروعية لمواجهة جرائم الاحتلال اليومية بمصادرة الأراضي والاعتداء على الفلسطينيين قتلا واعتقالا، دون رادع من السلطة وأجهزتها في رام الله ودون أفق لحل سياسي حقيقي ينهي معاناتهم.
القلق الأمريكي من إمكانية تفجر الأوضاع في الضفة الغربية وتصاعد التوتر وانتقاله إلى دول الجوار والإقليم وعلى رأسها الأردن؛ دفع الإدارة الأمريكية وأشد المدافعين فيها عن برنامجها المتطرف للبحث في السبل الممكنة لتحقيق الهدوء؛ بعد أن حذر الأردن، أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية، من تصعيد كبير ومواجهة مع "إسرائيل" في حال تهجير الفلسطينيين باتجاه الحدود الأردنية
التصعيد في الضفة الغربية أربك الحسابات الأمريكية، فالوزير بلينكن الذي عُرف بتطرفه الشديد في الدعوة للحرب على غزة والانتقام من المقاومة وحركة حماس وتبنيه لطروحات بلغت حد الدعوة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؛ دعا وعلى نحو مغاير لقناعاته إلى خفض التوتر في الضفة الغربية، خلال لقائه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الخميس (30 تشرين الثاني/ نوفمبر المنتهي) قبيل توجهه للقاء رئيس السلطة محمود عباس في رام الله.
القلق الأمريكي من إمكانية تفجر الأوضاع في الضفة الغربية وتصاعد التوتر وانتقاله إلى دول الجوار والإقليم وعلى رأسها الأردن؛ دفع الإدارة الأمريكية وأشد المدافعين فيها عن برنامجها المتطرف للبحث في السبل الممكنة لتحقيق الهدوء؛ بعد أن حذر الأردن، أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية، من تصعيد كبير ومواجهة مع "إسرائيل" في حال تهجير الفلسطينيين باتجاه الحدود الأردنية؛ وإمكانية إعلان الحرب وإلغاء العمل باتفاقية وادي عربة، وذلك على لسان عدد كبير من المسؤولين منهم رئيس مجلس الأعيان (مجلس الملك) فيصل الفايز، ورئيس الوزراء بشر الخصاونة.
المعركة في قطاع غزة خلقت مسارات أمنية وسياسية وانسانية واقتصادية في الضفة الغربية وأخرى في الأردن دفعته لاتخاذ إجراءات تصعيدية؛ امتنع فيها عن التوقيع على اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء" مع الاحتلال الإسرائيلي، وأعلن فيها بدء البحث عن بدائل للغاز المستورد من الكيان المحتل؛ مقرونا بمراجعة اللجنة القانونية في مجلس النواب لبنود اتفاقية وادي عربة للسلام مع الاحتلال. وهي مواقف تعكس منسوب التوتر والاضطراب المرتفع في علاقات واشنطن بدول الإقليم وخصوصا الدول العربية.
تواصل الحرب في قطاع غزة غذّى التوتر والتصعيد في الضفة الغربية، وأطلق ديناميكية سياسية وأمنية عجزت الولايات المتحدة عن التحكم فيها، وردود الفعل الأمريكية غير المحسوبة والمدروسة بعد طوفان الأقصى وتشجيعها الاحتلال على عدوانه وجرائمه؛ تولدت عنها سلسلة من الأخطاء المتتابعة التي يصعب معالجتها دون تقديم تنازلات حقيقية على الأرض
التوتر في الضفة الغربية سينتقل إلى كافة أرجاء المنطقة والعالم ليشمل شركاء أمريكا وحلفاءها المقربين،وسيرفع مستوى المخاطر من التصعيد في الجبهة الشمالية (لبنان وسوريا + العراق واليمن) في ظل فقدان الولايات المتحدة للأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية الفاعلة لتنفيذ سياساتها في الضفة الغربية أسوة بقطاع غزة. فأمريكا لن تتمكن من حشد الإجماع الأوروبي الذي حققته بعد ساعات من عملية طوفان الأقصى فيما عُرف بالبيان الخماسي (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا)، وستواجه معارضة عربية أكبر في حال التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية؛ وهي حقائق تعطي المقاومة هامشا أوسع للمناورة والعمل مستقبلا لمواجهة التصعيد الإسرائيلي.
فتواصل الحرب في قطاع غزة غذّى التوتر والتصعيد في الضفة الغربية، وأطلق ديناميكية سياسية وأمنية عجزت الولايات المتحدة عن التحكم فيها، وردود الفعل الأمريكية غير المحسوبة والمدروسة بعد طوفان الأقصى وتشجيعها الاحتلال على عدوانه وجرائمه؛ تولدت عنها سلسلة من الأخطاء المتتابعة التي يصعب معالجتها دون تقديم تنازلات حقيقية على الأرض توقف حالة التدهور والانتكاس للنفوذ الأمريكي في المنطقة والعالم.
ختاما.. أمريكا باتت مطالبة بوقف الحرب والعدوان على قطاع غزة؛ وصولا لوقف التصعيد وكبح الاستيطان في الضفة الغربية والمسجد الأقصى؛ إذ بدونها لا يمكن خفض الكلف والحد من الخسائر الأمريكية المرتقبة والمتوقعة للتصعيد المتواصل في الضفة الغربية خلال الأسابيع والأشهر القليلة المرتقبة.
twitter.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية الضفة الغربية الإسرائيلي الاردن إسرائيل امريكا فلسطين الضفة الغربية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة سياسة صحافة صحافة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التصعید فی الضفة الغربیة الولایات المتحدة طوفان الأقصى المقاومة فی فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ما الذي يريده محمود عباس من مطاردته لرجال المقاومة بعد كل تلك الملاحم؟!
ارتفعت وتيرة الصدام بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة لرئيس السلطة السيد "أبو مازن" وبين رجال المقاومة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، وذلك حين قررت الأجهزة القيام بحملة أمنية موسعة في إطار العملية التي أسمتها "حماية الوطن"! ما أدى إلى مقتل "يزيد الجعايصة"، القيادي في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، والمطارد من سلطة الاحتلال. ومن المعلوم بحسب الإحصائيات أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية قد قتلت 13 فلسطينيا منذ بداية طوفان الأقصى 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وانطلقت الأحداث في المخيم عقب اعتقال أجهزة الأمن لـ"إبراهيم طوباسي" و"عماد أبو الهيجا"، مما أثار غضب "كتيبة جنين" التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما، ورفضت السلطة ذلك المطلب وأرسلت رسالة واضحة بأن هدفها هو إنهاء حالة المقاومة وتسليم السلاح، كما جاء على لسان الناطق بإسم أجهزة الأمن الفلسطينية العميد "أنور رجب"، وهو ما رفضته المقاومة.
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين
وحاصرت الأجهزة الأمنية المخيم أكثر من 7 أيام، ونشرت القناصة على أسطح المنازل وأطلقت النار على كل هدف متحرك داخل مخيم جنين! وحاصرت كذلك المستشفى الحكومي للمخيم وفتشت سيارات الإسعاف وقطعت التيار الكهربائي، ثم اقتحمت مستشفى ابن سينا ومنعت الأهالي من وداع "الجعايصة"..
وقد استنكرت الفصائل الفلسطينية في بياناتها ما تفعله الأجهزة الأمنية من استهدافها للمقاومة وخدمتها للكيان الصهيوني، من قبيل أن "استمرار أجهزة السلطة في هذا النهج المشين يدق ناقوس الخطر ويؤجج خلافات داخلية في توقيت مصيريّ"، و"حماية الوطن لا تكون إلا بدرء الفتن والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي"، و"عنجهية السلطة والأجهزة -خيلاؤها وكِبْرها-! هي ما أوصلتنا إلى هذه النقطة".
عجيب أمر السيد "أبو مازن"، لا يتعلم من الأخطاء والكوارث التي ارتكبها في ماضيه قبل وبعد انفراده بالسلطة، وخطيئته كانت ولا زالت في الثقة -المصطنعة!- في المُفاوض الإسرائيلي والداعم الأمريكي، وفي الجلوس على موائد المفاوضات في (مدريد، أوسلو)، والتعاون والتنسيق الأمني المشترك مع سلطات الاحتلال..
ولقد كانت مكاسب الكيان في تلك المفاوضات العبثية التي حمل لواءها "عباس" فرصة رائعة لتجميل صورة الصهاينة أمام العالم الغربي وأمام شعوبهم بأن إسرائيل دولة تسعى للسلام، والحقيقة أن ذلك لم يكن إلا عملية تخدير طويلة المدى اقتضتها الفترة الزمنية إبان التسعينات من القرن الماضي وساهم فيها أبو مازن بكامل طاقته!..
وهذا بخلاف ما تورط فيه رئيس السلطة ضد شعبه المحاصر في عام 2009 -على سبيل المثال لا الحصر!- من تأجيل التصويت على "تقرير غولدستون" المتضمن للأدلة والشواهد الدامغة بالصور والشهود على جرائم الصهاينة في غزة والساعي لإدانة الاحتلال بسبب جرائمه التي ارتكبتها آلته الحربية، وأشار المفوض الأممي لحقوق الإنسان حينها إلى أن سلطة رام الله التي يفترض أنها تمثل الشعب الفلسطيني! قامت بإنقاذ الكيان الصهيوني من الإدانة الدولية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف..
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين، وتكفينا إشادة واحد من أهم الصحف الإسرائيلية، "معاريف"، بالتنسيق القائم لملاحقة الناشطين الفلسطينيين لضمان أمن مواطني الكيان، الأمر الذي ساهم في إنقاذ حياة المئات منهم! وهذا ما ذكره الكاتب بالصحيفة "جاكي خوجي" حين أكد أن التنسيق الأمني هو الاسم السري للتعاون على أعلى المستويات بين أجهزة الأمن من الجانبين لملاحقة ناشطي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وذلك بأن توفر إسرائيل المعلومات الاستخبارية عن وجود خلية مسلحة تخطط لتنفيذ عملية ما، فينطلق الأمن الفلسطيني لاعتقال أفرادها، مما يعفي إسرائيل من المخاطرة بجنودها لدى تنفيذها عمليات الاعتقال!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة
ما الذي يريده السيد "أبو مازن" ومن أين له بتلك الجرأة في خيانة شعبه؟!
سؤال مُلح يحتاج إلى الإجابة عليه، بعد كل تلك الملاحم التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني الأبي خاصة في غزة، وقد وضح للشعب الفلسطيني أن خيارات "عباس" في الثقة بالصهاينة وفي المراهنة على خيار المفاوضات كانت كارثية، وأن التنسيق الأمني مع الاحتلال وكشف عورات المقاومة خيانة عظمى يستحق عليها المحاكمة، وعلى أقل تقدير أن يشعر ببعض الخجل من ماضيه الأسود وأن يتوارى عن المشهد الفلسطيني!
ويبدو أن الرجل ماض في غيه مدعوما بالرضا الأمريكي، والدعم السياسي والمالي من حكومات المنطقة العربية، ومن الجامعة العربية المنحازة لخيارات الحكام لا الشعوب، وهو معروف بغلظته واستعلائه على قادة المقاومة وبوده وانكساره مع داعميه، وكلنا يذكر حالة الود التي ظهر عليها حينما حضر جنازة المجرم "شيمون بيريز" وتجاهله حضوره جنازة زعيم المقاومة الشهيد "إسماعيل هنية" التي جرت بالدوحة، رغم كون هنية رئيسا شرعيا لوزراء فلسطين!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة حتى ولو هدم المسجد الأقصى!
لا قدر الله..