من يتحمّل المسؤولية عن غزوة بن لادن لعقول الأمريكيين؟
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
"ربما كان أسامة بن لادن في الجحيم، ومع ذلك ربما كان هو الذي يضحك أخيراً". هذا ما خلص إليه جيمس دورسو، المعلق والمحلل المتخصص في شؤون السياسة الخارجية والأمن القومي الأمريكي.
اكتشف مستخدمو تيك توك أخيراً رسالة من أسامة بن لادن في 2002 بعنوان "رسالة إلى أمريكا" والمنشورة على الإنترنت على مرأى من الجميع.وقال جيمس دورسو في موقع Defense.Info إنها مكتوبة بشكل واضح لتكون دعاية لتبرير الأعمال الإرهابية لبن لادن وأتباعه، لكن عودة الرسالة إلى الظهور في ظل المناخ الحالي تسلط الضوء على المشاكل التي تواجه أمريكا ودورها في العالم، فهناك عدد كبير جداً من الشبان الأمريكييين ببساطة لا يعرفون الكثير عن الماضي، واعتبروا الرسالة وصفاً دقيقاً لعالمنا اليوم.
تريند منتشر بشكل كبير في تيك توك لأمريكيين يعيدون قراءة رسالة أسامة بن لادن للشعب الأمريكي والتي يعزو فيها استهداف بلادهم بسبب دعم أمريكا للاحتلال الاسرائيلي ضد #فلسطين! المفاجأة: صحيفة ذا جارديان حذفت خطاب بن لادن أمس فقط بعد 21 سنة على نشرها عندما بدأ الناس بقراءة كلامه فعلا! pic.twitter.com/ZK6Wgc4L0B
— مُنى حوّا • Muna Hawwa (@MunaHawwa) November 16, 2023ويوجد مقطع فيديو للرسالة نشره لأول مرة على تيك توك "ناشط مؤيد للفلسطينيين" وحصل على حوالي 800 ألف مشاهدة، وأكثر من 80 ألف إعجاب. كما نشر بعض مستخدمي تيك توك منشورات حول هذه الرسالة حققت نتائج مماثلة.
وسرعان ما انتشر الوسم #lettertoamerica، عندما نشر الصحافي يشار علي تغريدة عنه، ليحقق 14 مليون مشاهدة، رغم انتقادات البعض لهذا المنشور.
وكان من بين ردود الفعل على الرسالة: "كل ما تعلمناه عن الشرق الأوسط، وأحداث 11 سبتمبر والإرهاب، كان كذبة"، و"لن أنظر إلى الحياة بنفس النظرة أبداً. لن أنظر إلى هذا البلد بنفس النظرة أبداً"، و"رسالة أسامة بن لادن ليست جنوناً أو تهديداً كما اعتقدت، بل مكتوبة بشكل جيد، وتطرح بعض النقاط الصادقة موضوعياً"، و"أسامة بن لادن كان رجلاً صالحاً. بل كان أفضل منّا".
والأغرب قول أحدهم: "تيك توك سينقذ هذا الجيل [الجيل زد]".
وبعد أن أعرب الشبان الأمريكيون على تيك توك عن تعاطفهم مع أسامة بن لادن، اضطر البيت الأبيض إلى تذكير الجميع بأن أسامة بن لادن كان رجلاً شريراً.
ويبدو أن أحد لا يعرف كيف وصلت رسالة بن لادن إلى Influencer Zero، والذين يدرسون حملات التأثير عبر الإنترنت لا يرون أن ما حدث جهوداً روسيةً أو صينية، لكن الأمر كله مجرد تخمين في الوقت الراهن. (رغم أنه لو كانت بكين وراء تيك توك كما يُزعم، فلا بد أنها تتعجب مما يمكن إغراء الأمريكيين لفعله).
مراهقون يروجون للوسم
على الأرجح أن الكثير من مستخدمي تيك توك الذين روجوا للوسم #lettertoamerica هم المستخدمون النمطيون ومعظمهم من المراهقين والشباب. فهناك 45 مليون مستخدم من الجيل زد في الولايات المتحدة، منهم 47.4% تتراوح أعمارهم بين 10 و 29عاماً، و 53.4% من الإناث.
والأرجح أن يقول حوالي ثلث مستخدمي تيك توك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 عاماً، إن تيك توك هو مصدرهم المنتظم للحصول على الأخبار. (تضم الولايات المتحدة أكبر عدد من مستخدمي تيك توك ب 116.5 لغمليوناً، أمام إندونيسيا في المرتبة الثانية بـ 113 مليوناً).
Does Bin Laden Get The Last Laugh? – OpEd https://t.co/NhNYfx6Inw
— Eurasia Review (@EurasiaReview) November 28, 2023فكيف يخطر على بال للشبان الأمريكيين أنه "ربما كان بن لادن هذا محقاً بعد أن قتل قرابة 3 آلاف من مواطنيهم؟ فلماذا لا يثقون في ما تقوله الشخصيات الحكومية أو صحافة المؤسسة عن شخصية بن لادن الرجل الشرير؟" يتساءل الكاتب
يقول الكاتب: "حسناً، هذا لأن المؤسسة لم تعطهم أي سبب يدعوهم للثقة فبها. فالحكومة وأعوانها الإعلاميون هم الذين شجعوا على غزو العراق في 2003 استناداً إلى محض أكاذيب، منها أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، وأن الزعيم العراقي صدام حسين يتعاون مع جماعة القاعدة الإرهابية التي يتزعمها بن لادن".
العراق وأفغانستان
وبلغت كلفة الحرب على العراق حوالي 3 ترليونات دولار وفق جوزيف ستيغليتز، الفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد، و 4492 قتيلاً أمريكياً، وأكثر من 200 ألف قتيل مدني عراقي. (بلغ إجمالي الوفيات المباشرة في حروب ما بعد 11 سبتمبر في أفغانستان، وباكستان، والعراق، وسوريا، واليمن حوالي 940 ألف شخص).
ثم هناك أفغانستان، فوفق ما كشفته "أوراق أفغانستان"، كان كبار المسؤولين الأمريكيين يعلمون أن حملة الناتو التي تقودها الولايات المتحدة فاشلة، لكنهم واصلوها على مدى نحو 20 عاماً حتى دخلت طالبان كابول منتصرة في 15 أغسطس (آب) 2021.
وفي 2011 قادت الولايات المتحدة الهجوم على ليبيا، ودمرت الحكومة الفاعلة التي كانت تتعاون مع واشنطن، وأطلقت العنان لموجة مهاجرين قلبت الوضع السياسي في أوروبا رأساً على عقب. ولا تزال القوات الأمريكية موجودة في سوريا بسبب "الإرهاب"، رغم هزيمة تنظيم داعش في 2018. ثم انطلقت الولايات المتحدة لمحاربة الروس في أوكرانيا، لكن بعدها تخلت الطبقة السياسية ووسائل الإعلام الأمريكية عن أوكرانيا عندما تعرضت إسرائيل لهجوم حماس.
الافتقار للتفكير النقدي
وبدأ الشبان الأمريكيون يدركون على الأرجح أن بلادهم يقودها أشخاص غير جادين يكذبون عليهم بطريقة روتينية. لكن الأمر لا يقتصر على الكَذَبة في واشنطن العاصمة، فحسب، بل يجب أن يتحمل الآباء والمعلمون بعض اللوم على افتقار الكثيرين من الشبان الأمريكيين إلى مهارات التفكير النقدي.
ويعاني أبناء الجيل زد من مستويات عالية من الاكتئاب، والقلق، والأرجح أن يتحدثوا عن سوء صحتهم النفسية، وفقاً لجمعية علم النفس الأمريكية. ولا شك أن الصحة النفسية السيئة، والتعليم السيئ، وانعدام الثقة في المؤسسات، والشعور بضيق الآفاق الاقتصادية، وبأن الحلم الأمريكي بعيد المنال، عوامل تساهم في خلق شعب يعتقد أن بن لادن كان رجلاً مناهضاً للامبريالية وكان مصيباً عندما قال: "قانونكم هو قانون الأغنياء والأثرياء".
القبلية الشبكية
وبعد كل هذا التشاؤم، أو ربما بالإضافة إليه، نأى الشبان الأمريكيون عن دعم آبائهم لكل ما تفعله إسرائيل. ووفق استطلاع لشبكة "سي إن إن"، وعند السؤل هل كان رد فعل إسرائيل على هجوم حماس مبرراً تماماً، لم يوافق على ذلك سوى 27% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عاماً، مقابل 81 % من الأمريكيين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً.
ويرجع هذا على الأرجح إلى انعدام الثقة في وسائل الإعلام والحكومة، وما يعرف بـ "القبلية الشبكية"، وهو التطور السريع للتعاطف والتقارب مع الآخرين عبر وسائل الإعلام عبر الإنترنت، ما يسفر عن تفكير متطرف لا يمكن فيه للأطراف المتعارضة حتى الاتفاق على الحقائق الأساسية.
باختصار، تنبأ بن لادن بأن أمريكا ستفقر نفسها بنفسها فيما تخلق أعداء أكثر عدداً من الذين تقتلهم. فقد أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 8 ترليونات دولار في حروب ما بعد 11 سبتمبر، معظمها اقترضته من الصين، وسيتجاوز دينها الوطني قريباً 34 ترليون دولار، لكن القادة الذين كذبوا للترويج لهذه الحروب لن يكونوا موجودين لدفع الفاتورة، تاركين هذا العبء على عاتق الشبان الأمريكيين الساخطين والمحبطين، الذين يشكلون أرضاً خصبة للمشاعر المتطرفة. ويحدونا الأمل أن يأتي يوم تدرك فيه واشنطن أن معظم دول العالم فشلت في دعم حملتيها في أوكرانيا وإسرائيل-غزة بسبب إهدارها الطائش للأموال والأرواح، وأغلبها من غير الأمريكيين.
واختتم جيمس دورسو تحليله بالقول: "قُتل بن لادن منذ 12 عاماً، لكن يجب أن تعترف بأنه حقق نجاحاً كبيراً باعتباره رجلاً ميتاً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أمريكا الولایات المتحدة مستخدمی تیک توک أسامة بن لادن
إقرأ أيضاً:
للرعايا السوريين الذين سيغادرون عبر مطار بيروت.. إليكم هذا البيان
صدر عن مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام البيان التالي:
"تعلم المديرية العامة للأمن العام الرعايا السوريين الراغبين بالمغادرة عبر مطار رفيق الحريري الدولي، الذين تستوجب أوضاعهم إنجاز تسوية للمغادرة، ويصادف موعد إقلاع رحلاتهم ضمن الفترة الواقعة بين منتصف الليل والساعة الثامنة من صباح اليوم التالي، بوجوب التقدم من شعبة التسويات قبل 24 ساعة لمغادرتهم على الأقل لتسوية أوضاعهم.
أضاف البيان:" للإستفسار والإطلاع على التفاصيل زيارة موقع المديرية العامة للأمن العام على الإنترنت :
www.general-security.gov.lb
أو مراجعة call center على الرقم 1717".