سودانايل:
2025-03-05@19:05:47 GMT

المجتمع السوداني ومشهد الانقسام

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

منذ بداية حرب 15 أبريل (نيسان) الماضي في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، انقسم المجتمع السوداني كما لم ينقسم من قبل، وصاحبت ذلك مواقف حدية لا تقبل النقاش أو المساومة، وإنما تتبادل اتهامات الخيانة والعمالة والتفريط في وحدة الوطن والارتهان لقوى خارجية.... إلخ.

الغريب عن المشهد السوداني سيفترض ببساطة، وله الحق في ذلك، أن الانقسام بين مؤيدي الجيش من جانب ومؤيدي الدعم السريع، ولكن الحقيقة الغريبة والمدهشة تقول بغير ذلك، فمنذ بداية اندلاع الحرب لم تعلن أي جهة تأييدها للدعم السريع، ولم يحدث ذلك إلا بعد مرور أشهر من الحرب، وبعد بروز حقيقة تقدم قوات الدعم السريع، إذ أعلنت بعض المجموعات القبلية في دارفور تأييدها للدعم السريع، كذلك أعلنت ذلك بعض المجموعات المسلحة التي خلقتها الاستخبارات العسكرية، مثل قوات درع السودان في البطانة بقيادة أبو عاقلة كيكل، وقوات تمازج بقيادة محمد علي قرشي.



كان الانقسام الحقيقي منذ اليوم الأول للحرب بين مجموعات سياسية واجتماعية وناشطين سياسيين مؤثرين على السوشيال ميديا أعلنوا تأييدهم القوي للجيش وللحرب كوسيلة لحل إشكالات كثيرة، وبين قوى سياسية واجتماعية ومدنية أعلنت معارضتها للحرب من حيث المبدأ وقالت إنه لا رابح في هذه الحرب وإن الخاسر الوحيد هو الوطن.

كانت القوى التي أعلنت الحرب تعتبر أن الموقف الوطني الوحيد والصحيح هو الوقوف مع الجيش في الحرب، وأن أي موقف غير ذلك، بما في ذلك معارضة الحرب والمطالبة بوقفها، هو موقف خائن للوطن والشعب، وأن من يطالبون بذلك يخشون من قضاء الجيش على قوات الدعم السريع التي كانت قد أخذت موقفاً تكتيكياً قبل الحرب بأسابيع، تبنت فيه كل مطالب القوى المدنية الديمقراطية.

وللحقيقة والإنصاف فإن دوافع مواقف ومنطلقات هذه القوى لم تكن واحدة، فبعضها انطلق من دوافع وطنية صرفة، يشارك كثير من القوى المدنية الديمقراطية الدعوة إلى وجود مؤسسة عسكرية واحدة وتصفية كل الميليشيات والقوى المسلحة، ورأى أن الحرب فرصة لا يمكن تفويتها، يمكنها أن تنتهي من خطر وجود قوات الدعم السريع في أسبوع أو 10 أيام، بدلاً من مسألة الدخول في تفاوض مطول وورش عمل ومناقشات، كما بادرت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، وأن الخلافات مع قيادة الجيش يمكن حلها بعد ذلك. ومن ضمن هؤلاء شباب وطنيون هالهم ما ارتكبته قوات الدعم السريع من انتهاكات وعمليات نهب وسرقة، ورأوا في محاربتها حلاً واحداً وناجعاً.

وكانت هناك مجموعات من المنتمين لوسط وشمال السودان لديهم تخوفات من تمدد أبناء دارفور وغرب السودان بشكل عام على الساحة السياسية والعسكرية، ويشمل ذلك الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع وأنهم يفعلون ذلك على حساب أبناء الشمال والوسط، الذين سيتعرضون لتصفيات عرقية، وشواهدهم على ذلك تسجيلات وتصريحات غير مسؤولة لبعض أبناء دارفور من السياسيين والناشطين. ويرى هؤلاء أن هذه الحرب فرصة لإعادة التوازن بإضعاف الميليشيات والحركات المنتمية لغرب السودان، بينما يطالب بعضهم بفصل دارفور وغرب السودان وإقامة «دولة البحر والنهر» التي تشمل وسط وشرق وشمال السودان.

المجموعة الثالثة تنتمي لتيار الحركة الإسلامية، وهؤلاء كان هدفهم الأساسي العودة للساحة السياسية عبر التحالف مع قيادة الجيش وتشكيل ظهير سياسي لها، ومدّ الجيش بمتطوعين من كتائب الإسلاميين المسلحة تؤثر في القرار السياسي والعسكري، وبالتالي تضمن لهم نصيبهم من السلطة بعد النصر. والغريب أن هؤلاء لم يقدموا كوادرهم للجيش كأفراد، وإنما ككتائب لها مسميات مثل «كتيبة البراء بن مالك» ولها أمراء وشعارات وأعلام وأناشيد مميزة، وكان مدهشاً أن الجيش يريد أن يحارب ميليشيا بميليشيا جديدة، وكأنه لم يتعلم الدرس.

المشترك بين كل هذه المجموعات كان الاعتقاد أن الجيش قادر على هزيمة بل إبادة الدعم السريع في أسبوع أو 10 أيام، كيف لا، وهو يمتلك سلاح طيران وسلاح مدرعات وأسلحة ثقيلة، بينما لا تملك ميليشيا الدعم السريع غير سيارات الدفع الرباعي المعروفة شعبياً باسم «تاتشر». هذا الاعتقاد هو السبب في أنهم افترضوا أن كل من يعارض الحرب هو ظهير للدعم السريع يخاف من انتصار الجيش عليه.

في المقابل، فإن المجموعات الرافضة للحرب كانت أكثر واقعية في حساباتها، إذ كانت ترى أن الجيش السوداني قد ترهل كما ترهلت قياداته، وانشغلت بالعمل السياسي والأعمال الضخمة لمؤسسة الصناعات الدفاعية، وتركت الساحة خالية لقوات الدعم السريع لتنمو وتتسلح وتستقطب عشرات الآلاف من المقاتلين. وبالتالي فإن الظن بأن هذه الحرب ستأخذ أسبوعاً أو 10 أيام هو ظن خائب، وإن الأمر سيطول وستدفع البلاد ثمناً باهظاً لذلك، ولو انتصر الجيش في الخرطوم بعد زمن طويل، وكان هذا اعتقاداً سائداً، فإن قوات الدعم السريع ستتجه لبوادي دارفور وكردفان لتصبح مشكلة دائمة وصعب احتواؤها لأي حكومة مركزية.

ولعل المأخذ الجدي الوحيد والقابل للنقاش في موقف مؤيدي الحرب من المجموعة الرافضة للحرب، ومن ضمنها قوى الحرية والتغيير، هو أنها لم تقم بإدانة قوات الدعم السريع على الانتهاكات الكبيرة التي ارتكبتها، وأنها اكتفت بعبارات عامة، ساوت في بعض الأحيان بين الجيش والدعم السريع في حجم ونوع الانتهاكات، وهذا قول فيه بعض الصحة، لكنها اتخذته دليلاً على موالاة هذه المجموعات للدعم السريع، وهذا أيضاً أمر فيه أخذ ورد.
نقلا عن الشرق الأوسط  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع للدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يتقدم شرقي الخرطوم

أفادت مصادر سودانية، اليوم الاثنين، بسيطرة الجيش السوداني على محطة 13 بشرق النيل وتقدمه ضد قوات الدعم السريع واقترابه من جسر المنشية الرابط بين وسط الخرطوم ووسط محلية شرق النيل.

وأوضحت مصادر عسكرية أن الجيش أحرز تقدما في أحياء عدة بشرق النيل، فيما قال مصدر مطلع في قوات "درع السودان" التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، إن الجيش والقوات المساندة له اقتربت من الوصول إلى الناحية الشرقية من جسر المنشية.

وأضاف المصدر أن السيطرة على الجسر باتت مسألة وقت، وأن قوات الدعم السريع بدأت في الانسحاب، "ولم يتبق منها سوى قناصة يتخندقون في بعض البنايات، ويجري التعامل معهم".

كما قال مصدر عسكري للجزيرة، إنّ الجيش تقدم في أحياء عدة بشرق النيل من بينها أحياء النصر، والهدى، ومرابيع الشريف، إلى جانب تقدمه نحو حي القادسية.

وكان مصدر ميداني قال للجزيرة، إن الجيش سيطر على المحطة رقم 13 بشرق النيل، واقترب من جسر المنشية، في حين أظهرت صور بثها سلاح المدرعات بالجيش السوداني اقتراب وحداته من وسط العاصمة الخرطوم.

وقد تعهد قائد منطقة الشجرة العسكرية وسلاح المدرعات في الجيش اللواء نصر الدين عبد الفتاح لدى تفقده دفاعات الجيش بجسر الحرية الرابط بين وسط الخرطوم وجنوبها، "بتحقيق النصر" والوصول إلى القصر الجمهوري وجزيرة توتي خلال شهر رمضان.

إعلان

بدورها، قالت الخارجية السودانية إن القوات المسلحة تتقدم في جميع المحاور توطئة لبسط السلام والاستقرار في جميع أنحاء البلاد.

من جهتها، أفادت غرفة طوارئ شرق النيل، بولاية الخرطوم في وقت سابق، بأن تصاعد الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى نزوح آلاف الأسر السودانية من مدينة شرق النيل، شمالي العاصمة الخرطوم.

وأشارت غرفة الطوارئ إلى أن الوضع الإنساني يزداد سوءا، بسبب تكدس السكان في مناطق النزوح، تزامنا مع دخول شهر رمضان، ما يجعل الحاجة ملحة لتوفير الملاجئ الآمنة والغذاء والماء والرعاية الطبية لأصحاب الأمراض المزمنة.

كما ناشدت الغرفة المنظمات الإنسانية والجهات ذات الصلة بضرورة المساهمة الفورية، وتقديم الدعم الإنساني العاجل.

مواجهات الفاشر

وفي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أعلن الجيش السوداني أن عشرات من الدعم السريع سقطوا بين "قتيل وجريح" في 4 غارات شنها بمحيط المدينة.

وكان إعلام الفرقة الخامسة مشاة التابعة للجيش بمدينة الفاشر قال أمس الأول، إن ما سماها المليشيا استهدفت بالمسيّرات والمدافع عددا من المواقع بالمدينة، من بينها حيي أبو جَربون "دون وقوع خسائر".

وأوضح إعلام الجيش أن قيام قوات الدعم السريع بقصف الفاشر يأتي بعد أن "منيت بخسائر" بمناطق ودَعة ودارالسلام جنوبي وغربي الفاشر، حسب البيان.

كما أضاف أن الجيش أوقع خسائر بشرية ومادية في صفوف قوات الدعم السريع القادمة من مدينتي نِيالا بولاية جنوب دارفور، والضِعين بولاية شرق دارفور القادمة "بغرض الهجوم على الفاشر".

وتسيطر قوات الدعم السريع على 4 ولايات في إقليم دارفور (غرب) من أصل 5 ولايات، في حين تخوض اشتباكات ضارية مع الجيش في مدينة الفاشر التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات الإقليم.

ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

إعلان

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين الأشخاص إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني: دمرنا أسلحة ومعدات عسكرية لميليشيا الدعم السريع في عدة مناطق
  • الجيش السوداني يستعيد مدينة مهمة في ولاية سنار من قبضة الدعم السريع
  • قوات الدعم السريع وحلفائها توقع على "دستور انتقالي"  
  • هكذا يتم تهريب الصمغ العربي السوداني الشهير.. ما علاقة الدعم السريع؟
  • الجيش السوداني: “الدعم السريع” هاجمت بمسيرات سد مروي شمال البلاد
  • السودان: الدعم السريع وجماعات متحالفة معها توقّع على دستور انتقالي
  • «شرق النيل» في قبضة الجيش السوداني
  • مكاسب الجيش في العاصمة… هل تُنهي حرب السودان؟ توقعات بأن تنتقل المعارك منها إلى غرب البلاد
  • السودان: هل تنهي مكاسب الجيش في العاصمة الحرب؟
  • الجيش السوداني يتقدم شرقي الخرطوم