بسبب غزة.. حزب العمال البريطاني مهدد في الانتخابات المقبلة وزعيمه في مهب الريح
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
قال تحليل نشرته مؤسسة "أوبزرفر" للأبحاث للكاتبة شيري مالهوترا، أن الحرب الحالية في غزة باتت تشكل خطرا على صناع السياسة البريطانيين، وبالتحديد حزب العمال، الذي بات مستقبل زعيمه الحالي كير ستارمر مهددا سياسيا، مع تصاعد المشاعر المؤيدة للفلسطينيين والرافضة للمجازر الإسرائيلية بين البريطانيين أنفسهم.
وتقول الكاتبة إن التظاهرات الضخمة التي خرجت في لندن ومناطق أخرى في بريطانيا لم تقتصر على المسلمين، بل باتت مشاركة الجمهور البريطاني واضحة خلالها، وفقا للتقرير الذي نقله موقع "أوراسيا ريفيو" وترجمه "الخليج الجديد".
اقرأ أيضاً
رغم تهديدات ستارمر.. 56 من نواب حزب العمال البريطاني يطالبون بوقف إطلاق النار بغزة
خطر على حزب العمالمن هنا، ترى مالهوترا أن الخطر سياسيا سيكون أكبر على حزب العمال، قبل نحو عام على الانتخابات العامة البريطانية المقبلة، حيث تضرب الحزب أزمة ثقة داخلية بسبب موقف ستارمر من العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو مؤقف غريب على الحزب الذي يشكل المسلمون واليساريون جزءا مهما من قاعدته الانتخابية، ويتبنى – بطبيعته – مواقفا ضد الإمبريالية وينادي بتعزيز القضايا التقدمية للعدالة وحقوق الإنسان.
وقبل بضعة أسابيع من الحرب في غزة، بدا من المأمول أن كير ستارمر، زعيم حزب العمال، سيكون رئيسا لوزراء بريطانيا خلال الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في أوائل عام 2025، لا سيما مع تقدم حزب العمال المريح بفارق 18 نقطة في استطلاعات الرأي على حزب المحافظين الحاكم.
لكن الحرب في غزة والعدوان الإسرائيلي الذي أوقع نحو 15 ألف شهيد فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، تسبب في حدوث انقسامات خطيرة على مستوى العالم، بما في ذلك داخل حزب العمال البريطاني.
وكان دعم ستارمر القاطع لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس ورفضه الدعوة إلى وقف إطلاق النار سبباً في استياء واسع النطاق داخل حزب العمال.
اقرأ أيضاً
زعيم حزب العمال البريطاني يهدد نوابه: لا تصوتوا لوقف إطلاق النار في غزة
انقسامات داخل الحزبووفقًا لتقارير، أيد ما لا يقل عن 50 نائبًا من حزب العمال و250 مستشارًا وقفًا فوريًا لإطلاق النار، بما في ذلك أعضاء حزب العمال البارزين مثل عمدة لندن صادق خان وعمدة مانشستر الكبرى، آندي بورهام. وقد استقال آخرون مثل وزير الظل عمران حسين من أدوارهم فيما يتعلق بموقف الحزب.
ووصل الوضع إلى ذروته خلال اقتراح قدمه الحزب الوطني الاسكتلندي لدعم وقف إطلاق النار، حيث أُجبر 10 من أعضاء الجبهة الذين صوتوا لصالح الاقتراح على ترك حزب العمال.
وعلى الرغم من رفض القرار بأغلبية 125 صوتًا مقابل 293 صوتًا، إلا أنه حظي بدعم قوي من أعضاء حزب العمال، حيث صوت 56 من أصل 198 لصالح الاقتراح وضد الموقف الرسمي للحزب وستارمر، معربين عن أسفهم لأن القيادة "خسرت بوصلتها الأخلاقية".
اقرأ أيضاً
استقالة نائب جديد بحزب العمال البريطاني احتجاجا على موقف زعيمه من حرب غزة
مبادئ الحزب تنهاروترى الكاتبة أن المشكلة لا تكمن فقط في تباين موقف زعيم حزب العمال كير ستارمر مع مواقف أعضاء الحزب مما يحدث في غزة، بل إن الخطر يضرب مصداقية الحزب نفسه، ومنهجه الذي يعارض الحروب والإمبريالية، والقائم على تعزيز القضايا التقدمية للعدالة وحقوق الإنسان بما في ذلك حرية التعبير.
وعلى النقيض من حزب المحافظين، فإن قاعدة الدعم الانتخابي لحزب العمال تتكون من السكان المسلمين والطبقة المتوسطة اليسارية الليبرالية، والتي تشكل أهمية بالغة لنجاح حزب العمال.
ومع وجود مسيرات في جميع أنحاء لندن تضم ما يصل إلى 300 ألف متظاهر تطالب بوقف إطلاق النار، هناك أدلة على أن الدعم بدأ يتضاءل بالفعل.
غضب المسلمينويظهر استطلاع للرأي حديث أن 64% من المسلمين سيصوتون لصالح حزب العمال، أي أقل من 71% الذين فعلوا ذلك في عام 2019.
ومع استمرار ارتفاع عدد القتلى في غزة، يجد ستارمر نفسه في معضلة، حيث تكون المعارضة وليس أولئك الموجودين في السلطة أكثر عرضة للمساءلة، نظرًا لأن موقف حزب المحافظين اليميني الحاكم في المملكة المتحدة، والذي كان متحدًا بشأن قضية ما، كان متوقعًا.
اقرأ أيضاً
زعيمه يدعم إسرائيل.. موجة استقالات تعصف بحزب العمال البريطاني
ويرى خبراء مثل ريتشارد هاس من مجلس العلاقات الخارجية أن هدف إسرائيل المعلن المتمثل في القضاء على حماس إنجاز مستحيل، مما يجعل من الصعب على الحكومات أن تستمر في دعم الأهداف المزعومة المستحيلة والمصحوبة بأضرار جانبية هائلة.
ونظراً للتكلفة البشرية الهائلة للصراع وتصعيد العمل العسكري الإسرائيلي في غزة، فإن معارضة وقف إطلاق النار ربما كانت موقفاً لا يمكن الدفاع عنه في المقام الأول، ومن المرجح أن تتعرض الحكومات التي تتبنى هذا الخط لضغوط لتغيير سياستها.
غزة تكرار لأزمة حرب العراقوتخلص الكاتبة إلى أن موقف ستارمر اليوم يمكن أن يؤثر على النتائج الانتخابية لحزب العمال في عام 2025.
ومع تراكم الاستقالات وسط دعوات لستارمر بالتنحي عن منصب زعيم حزب العمال، ومع امتداد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط إلى السياسة البريطانية، قد يحتاج ستارمر إلى احتواء التداعيات بشكل أكثر فعالية خشية أن تشبه حظوظه حظوظ حكومات حزب العمال السابقة التي خيمت على إنجازاتها قرارها بالمشاركة في حرب العراق.
المصدر | شيري مالهوترا / أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حزب العمال البريطاني كير ستارمر غزة الانتخابات البريطانية حزب العمال البریطانی زعیم حزب العمال وقف إطلاق النار اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
في "البام"، مسافة "أمان" مع "الأحرار" تحولت إلى قناعة تمهيدا لانتخابات 2026
مبكرا، دشنت المنسقة الوطنية لحزب الأصالة والمعاصرة، فاطمة الزهراء المنصوري، حملة حزبها لانتخابات 2026. في مناسبتين متتاليتين في أسبوع واحد، أعلنت بوضوح، عن مطامحها في قيادة الحكومة التي ستتشكل بعد هذه الانتخابات.
في 9 يناير، عبرت المنصوري أول مرة عن هذا الطموح في لقاء مع دبلوماسيين أجانب. في الواقع، قبل ذلك، كان قادة الحزب الحاليين، يشيرون إلى مقدرته على فعل ذلك، لكن أصواتهم بالكاد كانت مسموعة في المرحلة التي تلت صعود قيادة جماعية، حيث كان الحزب يحاول تثبيت قدميه أولا تحت وطأة المشاكل التي برزت فجأة بعد فبراير 2024.
تعبير المنصوري عن طموح حزبها في لقاء مع « المؤسسة الدبلوماسية » التي تتولى إقامة لقاءات مع القادة السياسيين، ليس جديدا على هذا الحزب. لنعد إلى شتنبر 2016، حيث عبر إلياس العماري، الأمين العام للحزب وقتئذ، عن الهدف ذاته خلال لقاء مع المؤسسة نفسها.
لكن هناك اختلاف بين الحدثين؛ فإلياس العماري أعلن عن طموح حزبه في تصدر الانتخابات شهرا فقط قبل الاقتراع الذي جرى في 7 أكتوبر من ذلك العام. أما فاطمة الزهراء المنصوري، فقد وضعت الهدف أمامها قبل حوالي 20 شهرا عن الانتخابات المقرر إجراؤها في خريف العام المقبل.
بعدما خرج العماري من لقائه مع المؤسسة الدبلوماسية، كيلت إليه انتقادات حادة، فقد أوحت تلك الثقة التي عبر بها عن طموحه بالكثير من الشكوك بين خصومه السياسيين لاسيما حزب العدالة والتنمية. ولقد كان التعبير عن ذلك للدبلوماسيين الأجانب أصلا بدل الرأي العام المحلي، يثير أسئلة حول ما إن كان العماري يتحدث انطلاقا من ضمانات قدمت إليه. في نهاية المطاف، غلبت قصة تصريحاته في ذلك اللقاء عن الإسلام السياسي على باقي التفاصيل، وقد ساعدت أيضا في هزيمته خلال تلك الانتخابات التي أفضت إلى نهاية مساره السياسي.
مثل هذه الأخطاء لم ترتكبها المنصوري هذه المرة. مكتفية بتصميمها على تصدر الحزب الذي تقوده لنتائج الانتخابات المقبلة، لم تثر سوى ضجيجا أقل. لكن هذا التصميم لا يفل. لم تنتظر المنصوري سوى أسبوع واحد فقط، كي تؤكد هذه الرغبات القوية لحزبها. وهذه المرة في لقاء يوم 17 يناير، مع منتخبيها الكبار في جهة مراكش، التي تعد في الوقت الحالي، مركز الثقل الرئيسي في هذا التنظيم السياسي.
من المؤكد أن هذه الرغبة ستصبح خطابا موحدا في الحزب من الآن فصاعدا. لكن تداعياته غير محددة.
في لقائها بمراكش، كان الحدث كذلك العودة المنتظرة لهشام المهاجري، هذا النائب في البرلمان يملك الوجوه المتعددة التي يحتاجها « الجرار » في هذه الأوقات التي تسبق الانتخابات. فهو يعد من القوى الأساسية على الصعيد الانتخابي في جهة مراكش، وقد حاز في انتخابات عام 2021 على أكثر من 50 ألف صوت، ضعف ما حصل عليه في انتخابات 2016، وما جمع منافسه مرشح التجمع الوطني للأحرار. مثل هذه القدرات حاسمة في السعي إلى تحقيق نتائج متقدمة في الانتخابات المقبلة.
لكن للمهاجري مقدرة إضافية تجعله في موقع أفضل من باقي الأعيان المسيطرين في الانتخابات. باعتباره خطيبا مفوها، يكتسب شعبية متزايدة بين الأوساط المنتقدة للسلطات الحكومية. بالفعل، تسببت هذه المقدرة في الكثير من الأذى لمساره السياسي، وقد أجبر على التواري سنتين طويلتين جراء انتقادات حادة كالها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش في البرلمان.
إدارة علاقات صعبة
بقدر ما تمثل هذه العودة تصحيحا لنظر الحزب بينما يقترب موعد الانتخابات، فهي أيضا تعكس نظرة الحزب إلى الطريقة التي يتعين بها إدارة الفترة المتبقية على الانتخابات.
بعد فبراير الفائت، كان واضحا أن الحزب مستمر في التخلي عن قادته البارزين الأكثر انتقادا لحزب التجمع الوطني للأحرار. مشتكيا من مضايقته، راح ضحيته أفراد كانوا يشكلون النواة الصلبة على الصعيد الانتخابي، مثل محمد الحموتي. واجه هذا الرجل محاولة إضعاف منهجية في المرحلة التي قاد فيها حكيم بنشماش هذا الحزب، وقد عبر عن ذلك علانية. بإبعاده لاحقا من مناصبه في الحزب، تعزز الشعور بوجود مقايضة بين الحزبين. سيتبين لاحقا، بأن هذه المقايضة كانت مؤقتة. الحموتي، المدير الفعلي للانتخابات على وشك العودة، مثله في ذلك مثل زميله العربي المحرشي، الذي يملك خبرة في إدارة الموارد البشرية خلال الانتخابات.
عودة هؤلاء الأفراد بهذه الطريقة، يشير إلى النتيجة المحتملة بقوة: المواجهة المقبلة ستكون بين « البام » والأحرار. لم يكن إلياس العماري بهذا الحظ في مرحلته، حيث واجه من موقعه في المعارضة، خصما حكوميا شديد الصلابة.
لكن كيف ستدار هذه المواجهة بينن حليفين حكوميين على امتداد الأشهر العشرين المتبقية على إجراء الانتخابات؟
تسعى المنصوري إلى تعزيز قدرات حزبها على الصمود بإعادة بناء الفروع، وتدشين حملة استقطاب قوية. غارقا في مشاكله، فهذه وسائل عمل ضرورية في مرحلة لم يبد فيها « البام » ضعيفا مثلما ظهر في الشهور التالية لمؤتمره الخامس، لكن ما سيحدد فعالية ذلك هو ما سيفعلونه إزاء الحليف الحكومي الساعي بثبات وشراسة أيضا، إلى تكريس سيطرته الانتخابية. لنتذكر أن التجمع الوطني للأحرار عمل على إضعاف حزب الأصالة والمعاصرة تمهيدا لانتخابات 2021، وهي أشياء لا تنسى بين قادة « الجرار » كما قالوا لنا.
لا يصدق قادة الأغلبية أنفسهم العبارات التي تتحدث عن تماسك هذا التحالف. لكن يتعين الحفاظ على المظاهر. لذلك، يجب بذل الكثير من الجهد في سبيل عدم الانجرار إلى مواجهة مبكرة.
لكن من الواضح ما سيفعلونه في الوقت الحالي: مسافة أمان ضرورية من عزيز أخنوش. في « البام »، يعتقدون أن المشاكل المتأتية من أخنوش نفسه أكثر من تلك التي تتسبب فيها الحكومة ككل.
لم يعد « البام » بحاجة إلى دعم التجمع الوطني للأحرار أو رئيسه، عزيز أخنوش، في الحكومة بعد الآن. فالمشاريع الرئيسية المصطبغة بقيم الحزب، قد أجيزت في البرلمان، والطريقة الوحيدة للعمل كما قيل لنا، أن يدافع « البام » عن حصيلة وزرائه فقط. وقد بدأ في فعل ذلك.
في مقابلة أجراها حسن بنعدي، الأسبوع الفائت مع موقع Le360، لخص الفكرة التي تترسخ في الأذهان داخل « البام » هذه الأيام.
عندما سُئِل عن الانتخابات المقبلة، قال بنعدي إن من الأفضل لحزب الأصالة والمعاصرة أن يتخذ مسافة من الائتلاف الحكومي.
بنعدي واحد من الأفراد العائدين إلى حزبه. غادره غاضبا، ثم ظهر بجانب المنصوري في المجلس الوطني ماي الفائت حيث لقي حفاوة كبيرة. من المؤكد أن المسافة التي تحدث عنها، هي نفسها ما يخطط إليه الحزب الطامح إلى إزاحة حجر ثقيل من طريقه إلى مقعد رئيس الحكومة الذي طال انتظاره منذ 2008.
كلمات دلالية أحزاب أخنوش الأحرار البام المغرب المنصوري حكومة