تقرير للخارجية الأمريكية يستعرض "أكبر التهديدات الإرهابية" في العام الماضي
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
كشف التقرير السنوي الذي أصدرته الخارجية الأمريكية عن الإرهاب، أنه رغم النجاحات في مكافحة الإرهاب، ظلت الجماعات الإرهابية نشطة ومصممة على الهجوم، وحافظ "داعش" على مشروع عالمي دائم.
إقرأ المزيدوقال التقرير إنه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، "واصلت المنظمات الإرهابية طوال عام 2022، العمل والحفاظ على ملاذات آمنة في المنطقة، واستمر تنظيم "داعش" وكياناته وتنظيم "القاعدة" والجماعات التابعة له والجماعات المدعومة من إيران في تشكيل أكبر التهديدات الإرهابية للمنطقة".
ووسعت هذه المجموعات بشكل خاص العمل في المناطق المتأثرة بالنزاعات، كما هو الحال داخل العراق وسوريا واليمن. ومع ذلك، تكبد تنظيما "داعش" و"القاعدة" خسائر كبيرة في القيادة خلال الفترة المشمولة بالتقرير، بما في ذلك مقتل أمير تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري وأميري "داعش" أبو إبراهيم الهاشمي القريشي، وفق التقرير.
وحسب التقرير، فإن إيران التي وصفت بأنها "لا تزال رائدة في رعاية الإرهاب"، واصلت "دعمها الواسع للإرهاب" في عام 2022، واستخدمت طهران "فيلق القدس" ووكلائه وشركائه لزعزعة استقرار المنطقة وتعزيز نفوذها في الخارج. ومن خلال "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، قدمت إيران التمويل والتدريب والأسلحة والمعدات للعديد من الجماعات التي صنفتها الولايات المتحدة إرهابية في المنطقة.
إقرأ المزيدوقال التقرير إن "حزب الله" اللبناني والمدعوم من إيران واصل جمع الأموال من قبل مؤيديه ومموليه في المواقع الرئيسية، وإنه يسعى مؤيدو "حزب الله" إلى توليد التمويل من خلال النشاط المشروع وغير المشروع ومن ثم نقله إلى مقر الجماعة لتمكين الحزب "من المضي قدما في أجندته الأوسع".
أما في جنوب ووسط آسيا عام 2022، فشهدت المنطقة نشاطا إرهابيا مستمرا في أفغانستان وباكستان، واستمرار هجمات المتمردين ضد قوات الأمن وحوادث الإرهاب في إقليم جامو وكشمير التابع للاتحاد الهندي، وتهديدات "ولاية خراسان" التابعة لتنظيم "داعش" ضد طاجيكستان وأوزبكستان. وبدا أن تنظيم "القاعدة" وفرعه الإقليمي، "تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية"، يظلان بعيدين عن الأضواء، وفقا لتوجيهات "طالبان" على ما يبدو.
وذكر التقرير أن الجماعات الإرهابية المتحالفة في المقام الأول مع تنظيمي "القاعدة" و"داعش" شنت هجمات ضد البنية التحتية المدنية والمدنيين في أفريقيا، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني والموظفون الحكوميون، وكذلك ضد قوات الأمن. ويتلاعب الإرهابيون بشكل روتيني بالنزاعات بين الطوائف لكسب الدعم للعمليات الإرهابية، وفق التقرير.
إقرأ المزيدأما في شرق آسيا والمحيط الهادئ فتضاءل التهديد الذي تتعرض له الحكومات في المنطقة من المنظمات الإرهابية الأجنبية والإرهابيين الذين يستلهمون أفكار "داعش"، واستمر ضغط مكافحة الإرهاب من قوات الأمن الإقليمية على الهيكل القيادي للعديد من المنظمات الإرهابية التابعة لـ"داعش" في الفلبين وإندونيسيا.
وصنف التقرير كوبا، إيران، كوريا الشمالية، وسوريا كدول "راعية للإرهاب"، فيما كان من البلدان التي اعتبرات "ملاذات آمنة للإرهاب" العراق، لبنان، ليبيا، اليمن، السودان، والصومال إضافة إلى أفغانستان وباكستان.
وحسب التقرير، فقد جمع التحالف الدولي ومن خلال القيادة الأمريكية أكثر من 440 مليون دولار من تعهدات تحقيق الاستقرار، فيما تعهدت الولايات المتحدة بمبلغ 107 ملايين دولار لدعم البنية التحتية وغيرها من المشاريع الحيوية في العراق وشمال شرق سوريا.
واشتركت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في استضافة مؤتمر للمانحين مع 14 حكومة، ومع العديد من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، لمناقشة خطوات تحسين الظروف الأمنية والإنسانية في مخيم الهول للنازحين في شمال شرق سوريا.
المصدر: وسائل إعلام أمريكية
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: آسيا إفريقيا الإرهاب الحرس الثوري الإيراني الشرق الأوسط تنظيم القاعدة جماعات ارهابية حزب الله داعش طهران وزارة الخارجية الأمريكية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
"مجلس شيوخ الجنوب".. بين البحث عن شرعية في صيغ الماضي وخطيئة استدعائه لمعالجة مشاكل الحاضر والمستقبل (تقرير)
تتواصل ردود فعل السياسيين والباحثين اليمنيين بشأن قرار عيدروس الزبيدي، رئيس ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، بتشكيل "مجلس شيوخ الجنوب العربي".
والخميس أصدر الزبيدي، سلسلة من القرارات المرتبطة بمليشياته المسلحة المدعومة إماراتيا، والأهداف الرامية لتحقيق الإنفصال، بينها تشكيل ما سماها بـ "اللجنة التحضيرية لمجلس شيوخ الجنوب العربي"، تتولى مهمة إشهار المجلس والمدة المحددة لعملها، حيث عين علي عبدالله سالم الكثيري - رئيساً للجنة التحضيرية ومشرفا على أعمالها.
وحذر سياسيون وباحثون من مخاطر احياء السلطنات والمشيخات والعودة إلى زمن ما قبل الدولة والمواطنة المتساوية، وتكريس التمزيق والتشرذم.
تسليم الجنوب لفك التمساح
وفي السياق قال السياسي والدبلوماسي ياسين سعيد نعمان، إن "استدعاء الماضي السياسي لمعالجة مشاكل الحاضر وصياغة المستقبل خطأ جسيم". مؤكدًا أن هذه قاعدة عامة في الحياة السياسية لا يجوز إغفالها.
وأضاف نعمان "يزخر الماضي بكنوز المعرفة التي تشكل تراثًا انسانيًا هائلاً، لكن هذا التراث يُفرز منه السياسي باعتباره حالة خاصة لا تتكرر، وكل الذين حاولوا تكرارها في ظروف وحقب مختلفة تقطعت بهم السبل وتخبطوا في معارك أفضت إلى انهيارات متلاحقة".
وأكد أن الماضي تاريخ له دوره في الاستدلال على المعطيات والاحداث والوقائع التي تكونت منها وبسببها الهوية الوطنية لكل شعب من شعوب الأرض، ولكل أمة من أمم الكون، عبر عمليات طويلة ومعقدة يشترك فيها المجتمع بكل مكوناته، وقدم ويقدم من خلالها التضحيات الجسيمة.
واستطرد سفير اليمن في لندن "لا أذهب باستدعاء الماضي هنا إلى الأفراد كأفراد مؤهلين للقيام بدور سياسي واجتماعي ما، وإنما إلى الرمزية والمسميات الماضوية التي يتم بها استدعاؤهم لتمثيل المكونات السياسية والاجتماعية لما قبل الدولة للقيام بهذا الدور".
وزاد "مكر التاريخ، في ظروفنا، يضع قراراً من هذا النوع، بغض النظر عما يحمله من أهداف، في فك الماضي؛ وللماضي السياسي في الجنوب فك تمساح توارى طويلاً في المياه الضحلة ينتظر أن يأتي اليه القارب المُتْعب والمبحر وسط العواصف ليصفي حسابات قديمة". حد قوله
وفي سياق تحذيره من انشاء مجلس شيوخ قبائل الجنوب قال نعمان "لا يمكن أن يُسلّم هذا البلد إلى فك التمساح بحثاً عن طريق يوصله بالمستقبل".
واستدرك "لتكن لدى البلد الوجاهات الاجتماعية التي يعتد بها، والتي تستولد من رحم المواطنة والدولة والأهلية والكفاءة، لا من أرحام المنزلة الاجتماعية والتراتبية المتيبسة، والتي تعيد تفكيك الجنوب إلى تكويناته السياسية والاجتماعية القديمة من خلال استدعاء الماضي السياسي الذي طوته الثورة، وأنتجت عوضاً عنه دولة صار فيها الجميع مواطنين".
واسترسل "أصبح فيها السلطان القديم لجغرافيا لا تتعدى حدود القبيلة محافظًا لرقعة جغرافية وبشرية واسعة عابرة لحدود القبيلة الصغيرة التقليدية؛ وأصبح الشيخ قائدًا عسكريًا يضم في لوائه أو فرقته أو جيشه كل البلاد متجاوزًا حدود السلطنة والمشيخة والامارة، وغيره .. وغيره ممن بإمكانه أن يصبح قائدًا لما هو أعم وأكبر، فكيف لنا أن نعيد ترسيم هؤلاء "المواطنين" في حدود قبيلتهم أو إمارتهم.. الخ.
وأكد ياسين سعيد نعمان أن الدولة الوطنية أكسبت الجميع "المواطنة"، وفتحت أمامهم الطريق الى أن يكونوا قادة وطن، وتكون الدولة بهذا قد تشكلت من ذلك النسيج الذي لم يعد بالإمكان فرزه دون أن يؤدي ذلك إلى تفكيكه.
وختم نعمان منشوره بالقول "مرة أخرى أقول إن استدعاء الماضي السياسي لمعالجة مشاكل الحاضر والمستقبل خطأ كبير، لقد أبحر الجميع على قارب اسمه " الوطن" واشتقوا منه صفة المواطنة، والتي تعني المساواة في الحقوق والواجبات، ومنها حقه في أن يصبح قائدًا في دولة عابرة لحدود القبيلة أو الامارة والسلطنة وغيرها من التكوينات السياسية القديمة، وحق البلاد عليه في أن يسهم في تحويلها إلى وطن".
تفتيت المفتت
الكاتب الصحفي عامر الدميني قال "عيدروس أعلن عن تشكيل هيئة تحضيرية لما سماهم مجلس شيوخ الجنوب العربي ويتشكلون من 23 شيخ وسلطان سابق على غرار وعدد السلطنات السابقة التي كانت خاضعة لبريطانيا، ووحدتها ثورة 67 وأغلبهم يتوزعون على مسميات ومناطق تلك السلطنات المنتهية".
وأضاف "عيدروس وافي مع الاستعمار البريطاني، ويعيد له وسائله، وأدواته، ويعتقد أن ذلك صحيا وصحيحا ويخدمه، ولا يدرك أن ذلك سيزيد من تفتيت المفتت وسيصعب عليه رتقه لاحقا".
ويرى الدميني أن هذه مرحلة جديدة لعيدروس ومجلسه في إعلان كيان جديد للمجلس الانتقالي تحت مسمى الجنوب العربي، وهي الدولة المنشودة في رأس عيدروس وشلته ومجلسه، ومموليه.
وتابع "يحن عيدروس للماضي البغيض بمسمى الجنوب العربي، في الوقت الذي لم يعد فيه عرب، ولم تعد التسمية صالحة ولا مثل هذه التشكيلات والمسميات".
وأردف الدميني مخاطبا عيدروس بالقول "على الأقل تراعي مشاعر الحزب الإشتراكي اليمني الذي وحد تلك السلطنات وبنى دولة من الصفر، وتعتبر هذه من منجزاته وأدبياته، وأنت تهدها من الأساس، رغم وفاء الحزب لعيدروس والانتقالي، ودور الحزب الكبير في تأسيس الانتقالي والانخراط في قيادته وتشكيلاته ودوائره".
البحث عن شرعية في صيغ الماضي
في حين اعتبر الباحث مصطفى الجبزي تشكيل مجلس شيوخ قبائل الجنوب محاولة جديدة لإيداع جنوب اليمن في ثلاجة الماضي.
وقال الجبزي "صدر قبل أيام قليلة قرار بتشكيل مجلس شيوخ الجنوب من قبل الرئيس عيدروس الزبيدي، وضمت اللجنة أسماء شخصيات يمنية بارزة تحمل صفات الأمير والسلطان والشيخ. قبل عام، صدر قرار مشابه لتشكيل مجلس الجنوب، وتم تكليف الشخص نفسه باستكمال الإجراءات ولكن بصفة مختلفة".
ويرى أن صيغة القرارين تفصح عن الكثير من المسار الذي يتجه إليه الوعي المواطني والسياسي في جزء من اليمن، أو ربما في اليمن برمته.
وقال "أمام تحديات معيشية كبيرة تفتك بمجمل اليمنيين جراء انهيار الدولة منذ الانقلاب الحوثي-الصالحي، وفشل السياسات المتعددة للحكومة، أو قصدية السياسات الحوثية في الإفقار، يبدو القرار هامشيًا وضمن سلسلة من القرارات التي تخص النخب السياسية وصراعاتها، لكنه في الحقيقة يندرج ضمن تحولات عميقة في المجتمع اليمني تجري على وقع هذه الحرب".
وأكد أن معظم هذا التحول يقود اليمن واليمنيين إلى الماضي، سواء بالمعنى التقني من حيث مؤشرات التنمية والظرف الإنساني، أو بالمعنى السياسي والفكري، حيث تعمل كل المشاريع السياسية الميليشياوية على تكريس تصورات ماضوية حول السلطة، وعلاقات الأفراد الهرمية، أو علاقات الأفراد بعضهم ببعض، أو علاقتهم بالسلطة.
وقال الجبزي "ليس المجلس الانتقالي بعيدًا عن هذا، فهو لا يستطيع تقديم مشروع مستقبلي يستمد منه مشروعيته، لكنه يبحث في صيغ الماضي الاجتماعية والسياسية عن شرعية ما، ومثله مثل بقية المشاريع المناهضة ليمن موحد وديمقراطي يقوم على المواطنة، فإن النظر في ركائز الشرعية السياسية ما يزال غامضًا، تقوده قوة السلاح أو العلاقات الخارجية، وهذان العاملان لا يكفيان لإقامة شرعية على المدى المتوسط والطويل".
واضاف "الذهاب باليمن إلى الماضي هو الأسهل. وهنا تكمن الانتكاسة الجمعية. فإذا نظرنا إلى تاريخ النضال السياسي والاجتماعي في محافظات الجنوب، وفي إطار المشروع السياسي الذي قادته مختلف تيارات العمل السياسي منذ الخمسينيات، فإنه يتلخص في تحقيق تقدم اجتماعي يعيد الاعتبار للأفراد، ويغرسهم في علاقة بنّاءة تقوم على المواطنة، وتحررهم من أشكال السلطوية العبثية والأنانية".
سيفجر نزاعات حقيقية
"من حيث الشكل والجوهر، وبناءً على السلوك السياسي-الاجتماعي للمجلس الانتقالي، فإن هذا الكيان السياسي، الذي يكبر يومًا بعد آخر، هو النقيض الموضوعي لدولة الجنوب التي يزعم العمل على استعادتها". وفق الباحث.
وأشار إلى أن دولة الجنوب قامت منذ صبيحة الاستقلال على علاقة مباشرة بين الأفراد والسلطة، حيث وضعت الجماهير المتحفزة أيديولوجيًا – بطبيعة الحال – في قلب العمل السياسي، وصمّيم المعادلة المؤسسة للعقد الاجتماعي.
يمضي الجبزي بالقول "إلا أن بناء مجلس شيوخ بقرار رئاسي يعني أن البناء الهرمي للسلطة المنظورة في المجلس الانتقالي هو سلطة مشيخية وليست مواطنية. إنها هرمية عنقودية فيها حلقات وسيطة تفصل بين القيادة العليا والقاعدة الجماهيرية، التي ستجد نفسها مع الوقت خارج المعادلة كليًا".
وهذا النموذج حسب الباحث يمثل قطيعة مع الحقيقة السياسية والتاريخية اليمنية، ليس فقط في جزء من اليمن، بل في مجمله. لكنه مستلهم من دول النفط المجاورة، حيث قامت السلطة في بعض منها على هذا النمط الهرمي، ولها حيثياتها التاريخية في ذلك. ومع أن بعضها، كالكويت، قد أرست علاقة الحكم على أسس تشاركية مواطنية عبر انتخابات، إلا أنها تعثرت ونهضت ثم تعثرت مجددًا.
وزاد "ما يغيب عن الأذهان أن هذا البناء الهرمي، الذي يُراد غرسه لتجاوز أزمة الشرعية مؤقتًا وأزمة القبول الحادة، خصوصًا في محافظات الشرق، لا ينبع من مراعاة حقيقية لاعتبارات اقتصادية كبرى أسهمت في ترسيخه في بلدان معينة بحكم الثروة والنمط الاقتصادي الريعي".
وأكد أن مجلس المشيخات سيصطدم بالإرث السياسي المكتسب منذ الاستقلال، وسيفجر نزاعات حقيقية لن تقود إلى الاستقرار. مشيرا إلى أن الملفت في مسار المجلس الانتقالي هو عدم الاستقرار البنيوي.