إبادة الرموز والمعالم التاريخية.. إسرائيل تدمّر تاريخ غزة
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
غزة- لم يقتصر العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، على قتل المدنيين، وتدمير المنازل والبنية التحتية، بل تعدى ذلك إلى استهداف المعالم التاريخية والثقافية والعلمية، بالإضافة للرموز السيادية الفلسطينية.
وأظهرت مشاهد خاصة حصلت عليها الجزيرة نت، صور دمار واسع تعرضت له مساجد ومبانٍ تاريخية ومؤسسات تعليمية وثقافية ومواقع "سيادية".
ويرى مراقبون أن إسرائيل تسعى من هذا الاستهداف إلى "كي الوعي الثقافي" للشعب الفلسطيني، وقطع الصلة بينه وبين تراثه وتاريخه، ومحاولة توجيه "إهانة" لنضال الشعب الفلسطيني الطويل.
وتطرق الناطق الرسمي باسم بلدية غزة حسني مهنا، في حديث للجزيرة نت، لأهم المواقع التي استهدفتها آلة الحرب الإسرائيلية. وقال إن "إسرائيل تتعمد استهداف المعالم التاريخية والرموز الخاصة بالشعب الفلسطيني بغرض استكمال مسلسل جرائمها ضد الأطفال والمدنيين والمرافق المدنية".
الجندي المجهولوأوضح مهنا أن الاحتلال دمر كليا النصب التذكاري للجندي المجهول والحديقة الخاصة به، حيث تم تجريفها بالكامل. وهي تُعد "من أهم معالم قطاع غزة، وذات مكانة كبيرة، حيث ترمز لنضال الشعب الفلسطيني".
وبني النصب -بحسب مهنا- عام 1956 إبان الإدارة المصرية لقطاع غزة، تجسيدا "لتضحيات الشعبين الفلسطيني والمصري ودفاعهما عن الحقوق الوطنية وعزة وكرامة الشعبين".
ودمر جيش الاحتلال الإسرائيلي النصب مع احتلاله لقطاع غزة عام 1967، وأعادت السلطة الفلسطينية إعماره عام 2000.
تدمير النصب التذكاري للجندي المجهول وتجريف الحديقة المحيطة بالكامل (الجزيرة) أرشيف مركزيوأظهرت مشاهد خاصة حصلت عليها الجزيرة نت، صور الدمار الواسع والإتلاف الكبير الذي تعرضت له الوثائق التاريخية في مبنى الأرشيف المركزي بمقر بلدية غزة، وهو ما أدى إلى إعدام آلاف الوثائق التاريخية التي توثق مباني المدينة ومراحل تطورها العمراني.
وتحدث رئيس بلدية غزة الدكتور يحيى السراج، بحزن وبغضب شديدين، بسبب الاستهداف المباشر للمبنى، الذي أدى إلى إعدام وثائق لها قيمة تاريخية، وتوثيق الحياة بمدينة غزة لما يزيد عن 50 عاما.
مركز رشاد الشوا
ودمر جيش الاحتلال مركز رشاد الشوا الثقافي، الذي يُعد من أعرق وأهم مباني قطاع غزة، ويتميز بطرازه المعماري الخرساني، ويقع غرب المدينة التي تعرضت للاجتياح من قبل جيش الاحتلال.
وقال مهنا في حديثه للجزيرة نت إن "المركز يحمل اسم رئيس بلدية غزة السابق، رشاد الشوا، إبان سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي".
وبُني المركز في العام 1985، وافتتح في العام 1988، ويضم "مكتبة ديانا تماري صباغ"، التي تعتبر من أهم المعالم والمكتبات في المدينة.
وشهد المبنى فعاليات مهمة في تاريخ القضية الفلسطينية منها استضافته لجلسات المجلسين الوطني والتشريعي، وزيارات لرؤساء دول منهم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عام 1998 في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات وشخصيات عالمية ودولية عديدة.
وصمم المركز المهندس السوري سعد محفل، ويتكون من 3 طوابق بسقف مثلث، ورُشّح المبنى في عام 1992 للحصول على "جائزة الآغا خان" للإبداع في الهندسة المعمارية.
المجلس التشريعيومن المقرات التي تفاخر جيش الاحتلال بتدميرها، مقر المجلس التشريعي الفلسطيني يوم 15 نوفمبر/شرين الثاني الجاري. وهو من المباني القديمة في غزة، وذات المكانة الخاصة حيث أنشئ في عام 1958، بقرار من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
وتقول اللوحة التعريفية للمبنى "في عهد فخامة الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، أناب سيادته السيد أنور السادات لافتتاح أول مجلس تشريعي لقطاع غزة، في يوم السبت 15 مارس 1958″. وعقب انتخاب أول مجلس تشريعي للسلطة الفلسطينية عام 1996، تم اتخاذ ذات المبنى مقرا له.
منتزه ومكتبة البلديةوتطرق مهنا إلى تدمير الاحتلال الإسرائيلي على نحو متعمد لمبنى المكتبة العامة التابع للبلدية بشارع الوحدة، وإعدام الوثائق والكتب التاريخية في مختلف العلوم الإنسانية والطبيعية.
كما ذكر أن الاحتلال استهدف متنزه البلدية الرئيسي، الذي بُني في عهد رئيس البلدية الراحل فهمي الحسيني (1928-1938)، ومركز "إسعاد الطفولة"، المخصص للأطفال.
مساجد وكنائس
ودمّر الاحتلال، وفقا لرئيس البلدية، مئذنة المسجد العمري الكبير، في البلدة القديمة بغزة الذي يعود بناؤه إلى نحو 1400 عام، حيث كان معبدا كنعانيا ثم كنيسة قبل أن يتحول إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي، وحمل اسمه تكريما للخليفة عمر بن الخطاب.
كما استهدف الاحتلال كنيسة القديس برفيريوس العريقة، التي تعد أقدم كنيسة في غزة ويعود بناؤها إلى عام 407 ميلادية، وهو ما أسفر عن مقتل 18 من المسيحيين الذين اتخذوها ملجأ لهم، وإلحاق أضرار في بعض مبانيها.
وكشف مهنا عن أن الاحتلال دمر منزلين أثريين، هما "السقا" و"ترزي"، اللذين يرجع بناؤهما إلى نحو 400 عام، بالإضافة إلى دائرة المخطوطات في وزارة الأوقاف التي تضم لوحات حجرية وبعض المخطوطات التاريخية.
ولم يسلم المستشفى الأهلي العربي، المعروف باسم "المعمداني"، من القصف الذي أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 400 شخص، وتضرر مبانيه.
وأسست المستشفى جمعية الكنيسة الإرسالية التابعة لكنيسة إنجلترا في عام 1882، وأعيد بناؤها عام 1950.
"كي الوعي"
يرى أستاذ التاريخ في جامعة القدس المفتوحة البروفيسور مروان جرار، أن الهدف الإسرائيلي من العدوان على المعالم التاريخية والسيادية في غزة، هو "كي الوعي الفلسطيني".
وقال جرار للجزيرة نت "ما يجري هو محاولة لكي الوعي الفلسطيني، وجزء من إستراتيجية تهويد المنطقة، من خلال قطع الصلة بين السكان وتاريخهم وتراثهم، إسرائيل تسعى إلى ضرب الشعور الوطني والقومي والتاريخي والديني المرتبط بالمكان".
ومضى موضحا أن "الاحتلال يريد مسح المكان حتى تنقطع الصلة التاريخية والمعنوية به، ومن ثم ينتهي التواصل الفكري والحضاري والثقافي تدريجيا، وهو جزء من عملية التهويد".
وحول استهداف النصب التذكاري للجندي المجهول، لفت جرار إلى أن إسرائيل تريد "إبادة كل ما يذكّر بالحالة النضالية والسيادية الفلسطينية التي كانت موجودة في غزة عبر فترات تاريخية".
ويضيف "حينما يضربون نصب الجندي المجهول، يعتقدون أنهم يضربون ما يرمز له، وهو النكبة ونضال الشعب الفلسطيني، ويعتقدون أنهم يمسحون أيقونات مرتبطة بالوعي الفلسطيني، ويبيدون حالة نضالية معينة، وكل هذا يصب باتجاه هدف محو الذاكرة الفلسطينية".
وضرب مثلا لتبسيط ما ذهب إليه، وقال "حينما يكون لجدي المتوفى قبر أزوره باستمرار، فهذا يجعلني مرتبطا بفترات تاريخية معينة لها علاقة بجدي، ولكن حينما يتم إزالة القبر وإنشاء مبنى بدلا منه، فإن ارتباطي بالمكان يتراجع وارتباطي بالزمان يتراجع أيضا، وهذا الإجراء يسعى كما ذكرت لكي الوعي الفلسطيني وتثبيت واقع جديد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المعالم التاریخیة الوعی الفلسطینی جیش الاحتلال بلدیة غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
زعمت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024، بأن "حركة حماس ترفض تقديم قائمة المحتجزين الأحياء والأموات الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى، وسيتم تبادلهم مع أسرى فلسطينيين، في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار والافراج عن المحتجزين".
وأضافت الهيئة نقلاً عن مصادر، أن الحركة تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف المحادثات وعادت لتطالب بإنهاء الحرب.
إقرأ أيضاً: الإعلام العبري: مفاوضات غزة لم تنهار وتفاهمات بشأن فيلادلفيا ونتساريم
وفي وقت سابق، أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلًا عن قيادي في حركة حماس، بأن اتفاق وقف إطلاق النار سيقضي بوقف الحرب تدريجيًا والانسحاب الإسرائيلي من غزة.
وأضاف القيادي بحركة حماس، أن اتفاق وقف إطلاق النار سينتهي بصفقة جادة لتبادل الأسرى والمحتجزين ووقف دائم للحرب، ومن الممكن أن يرى اتفاق وقف إطلاق النار النور قبل نهاية العام الجاري، إذا لم يعطله رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو .
وأشار إلى أن هناك بعض النقاط العالقة في مفاوضات وقف إطلاق النار لكنها لا تعطل التوصل لاتفاق، مضيفًا أنه تم الاتفاق على معظم النقاط المتعلقة بقضايا وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين.
وأكدت قناة كان العبرية نقلاً عن مصادر مطلعة على مفاوضات صفقة الأسرى، أن المفاوضات لم تنهار، وأن عودة الوفد الإسرائيلي كانت بهدف اتخاذ قرارات في إسرائيل بشأن كيفية المضي قدمًا في المفاوضات.
وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أكد، مساء أمس، عن عودة فريق المفاوضات الإسرائيلي الذي يضم مسؤولين رفيعي المستوى من الأجهزة الأمنية إلى تل أبيب، وذلك بعد أسبوع من مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، المكثفة في قطر.
وقال مكتب نتنياهو، في بيان صحفي، إن الوفد الذي يضم مسؤولين من جهاز الموساد والأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي، يعود لـ"إجراء مشاورات داخلية في إسرائيل بشأن استكمال المفاوضات لإعادة الأسرى" المحتجزين في قطاع غزة.
وأشار مكتب نتنياهو إلى "أسبوع مهم من المفاوضات" في قطر، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
المصدر : وكالة سوا