صحيفة تركية: دور أنقرة بشأن الحرب في غزة يزعج إسرائيل
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
نشرت صحيفة "ستار" التركية مقال رأي للكاتب حيدر عروج تناول فيه دور تركيا في قطاع غزّة وتأثيرها على الأحداث الإقليمية.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته "عربي21"، إن الرأي العام العالمي ووسائل الإعلام الدولية شهد هفوة ذهنية كبيرة بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر. لقد لعبت إسرائيل ووسائل الإعلام الكبرى التي يسيطر عليها رأس المال اليهودي الأمريكي دورًا كبيرًا في ذلك، حيث صوّرت إسرائيل كضحيّة وحماس كمنظمة إرهابية شريرة.
وبينما تمّ تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين وقتل عشرات الآلاف منهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية بسبب القمع الإسرائيلي المستمر واحتلال الأراضي الفلسطينية منذ سنة 1948، تم تعريف عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على أنها مثل أحداث 9/11 وحتى المحرقة الثانية، مما يضمن وقوف الكتلة الغربية، على وجه الخصوص، إلى جانب إسرائيل وخلفها دون قيد أو شرط.
لجأوا إلى التضليل والفبركة
أفاد الكاتب بأن إسرائيل، بعد عملية طوفان الأقصى، قدّمت أخبارًا وصورًا ومشاهد تبين فيما بعد أنها جميعها تضليلية ومفبركة. وقد انتشرت معلومات تفيد بأن مهرجان سوبر نوفا، الذي أقيم في مستوطنة كيبوتس رعيم، على بعد حوالي 6 كيلومترات شرق غزة، صباح يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، تم استهدافه بشكل خاص وأن معظم عمليات الاختطاف أو القتل كانت من هذه المنطقة. وكان الهدف من ذلك خلق انطباع بأن حماس ليست فقط تدافع عن أرضها، بل تستهدف أسلوب الحياة الحديث تمامًا كما يفعل تنظيم الدولة.
بعد الهجمات مباشرة، انتشر خبر كاذب مفاده أنه تم العثور على رؤوس 40 رضيعًا مقطوعة، بناءً على تقرير بثته قناة آي 24 نيوز، نقلاً عن مسؤول عسكري في المنطقة. وعلى الرغم من دحض الجيش الإسرائيلي للخبر مباشرة، إلا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ووسائل الإعلام الغربية كلها لم تتردد في جعله عنوانًا رئيسيًا.
وأشار الكاتب إلى أن الدعاية الإسرائيلية كانت فعالة للغاية لدرجة أن جميع القادة الغربيين تقريبًا، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي رفض الاجتماع وجهًا لوجه مع بنيامين نتنياهو منذ توليه منصبه، سارعوا إلى إسرائيل للتعبير عن دعمهم لها حتى النهاية وحقهم في الدفاع عن نفسها.
عبارة "لن يحدث مرة أخرى"
وذكر الكاتب أن حكومة إسرائيل، بينما كانت تحاول تشكيل الغرب وفقًا لرغباتها، جربت طريقة مختلفة لقمع الأصوات المعارضة في الداخل. وفي هذا السياق، أصبح خطاب "لن يحدث مرة أخرى"، وهو الشعار اليهودي بعد المحرقة، بمثابة هستيريا في إسرائيل. حتى أن أشخاصاً يُعرفون بأنهم ليبراليون، مثل الرئيس هرتسوغ، بقوا صامتين بشأن المجازر التي ارتكبها حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو بل وحاولوا إيجاد مبرر مقبول لقتل آلاف المدنيين في غزة.
وأوضح الكاتب أن الرئيس أردوغان ووزير الخارجية فدان كانا يقومان بدبلوماسية مكثفة ويبذلان جهودًا كبيرة لوقف الهجمات. ومع ذلك، كانت تركيا بطريقة ما مستبعدة من العملية ولم يُسمح لها حتى بالتوسط أو التواصل مع حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن، ناهيك عن القيام بدور الضامن.
ولأن تركيا لا تدين بشيء لليهود بسبب الهولوكوست، جعل ذلك إسرائيل تعتقد أن تركيا لن تكون محايدة أو عادلة في الوساطة. والذين شاركوا في الوساطة أو المفاوضات، باستثناء قطر، كانوا يتبعون سياسات داعمة لإسرائيل. لذلك لم تكن إسرائيل ترغب في منح تركيا دورًا بهذه الصفة فهي لا تعتبر حماس منظمة إرهابية، وكانت تنتقد إسرائيل بسبب عدم توفير الحساسية المدنية في هجماتها اللاحقة.
وأضاف الكاتب أن حدة الانتقادات التركية لإسرائيل زادت بشكل كبير خصوصًا بعد الهجوم على مستشفى الأهلي. في هذه الفترة، أعطت تصريحات الرئيس أردوغان خلال مشاركته في اجتماع الكتلة النيابية لحزبه "أننا لا نرى حماس كمنظمة إرهابية، بل كمقاومين يدافعون عن وطنهم" إشارة إلى تغيير واضح في السياسة التركية بشأن هذه العملية.
وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر، في تجمع "دعم فلسطين" الذي عُقد في حديقة مطار أتاتورك، قال أردوغان في خطابه إن حماس ليست منظمة إرهابية، واتهم إسرائيل بقتل المدنيين، وقال إن إسرائيل دولة إرهابية ومجرمة حرب. بعد هذا التصريح، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية سحب سفيرها الذي سبق أن استدعته إلى بلاده لأسباب أمنية. كما استدعت تركيا سفيرها في تل أبيب للتشاور. وهكذا، انخفضت عملية التطبيع بين تركيا وإسرائيل، التي بدأت في أيلول/ أغسطس 2022، إلى أدنى مستوى لها مرة أخرى حتى لو لم تنقطع رسميًا.
وأضاف الكاتب أنه على الرغم من كل القمع والتعتيم من قبل إسرائيل وعملائها، فقد رأى ملايين الأشخاص في الغرب ومناطق أخرى، بفضل وسائل الإعلام المتفانية في عدد قليل من البلدان مثل تركيا (تي آر تي ووكالة الأناضول، وقد أبدت جميع القنوات تقريبًا حساسية كبيرة بشأن هذا الأمر) وقطر (الجزيرة)، أن ما يحدث على الأرض ليس كما تقوله إسرائيل، وخرجوا إلى الشوارع ونقلوا الصورة كما هي.
وأكد الكاتب أن إسرائيل بدأت تفقد الحرب النفسية من هذه النقطة بالذات. فقد بدأت منصات مثل مركز مكافحة المعلومات المضللة التابع لرئاسة الجمهورية التركية، وخط التمييز وخط التدقيق التابعان لوكالة الأناضول، بالإضافة إلى منصات مستقلة مثل "إيها ميديا وجي دي إتش وأوسنت تورك" في مشاركة أدلة تثبت عدم صحة المحتويات التي نشرتها إسرائيل مع العالم بأسره.
أدى هذا التطور إلى قيام وسائل الإعلام مثل وكالة فرانس برس والأسوشيتد برس وحتى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالتشكيك في كل صورة تتلقاها من إسرائيل بدلاً من نشرها كما لو كانت حقيقية. وهكذا ذهبت جهود التضليل الإسرائيلية هباءً، ولم تتمكن من تحقيق نجاح عسكري واضح في الصراعات الميدانية، كما خسرت الحرب الإعلامية.
في هذه المرحلة، يُوجد آراء متنوعة حول كيفية استمرار إسرائيل في العملية فيما بعد، ومع ذلك، هناك شيء مؤكّد وهو أن دعم الرأي العام الدولي لإسرائيل لن يكون كما كان في السابق. بدأنا نرى علامات ذلك. حتى الشعب الإسرائيلي بدأ يستجوب قادتهم ويطالبهم بالمساءلة عن الأكاذيب التي قالوها. خصوصاً في مرحلة الهدنة الإنسانية وتبادل الأسرى، كانت الصور المقدمة تفند جميع أكاذيب إسرائيل، وحركت ضمير العالم العام بشأن جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل.
وفي الختام، قال الكاتب إن تركيا، والرئيس أردوغان على وجه التحديد، برزت كأصوات الضمير العالمي في هذه العملية ولعبت دورًا مهمًا في التغيير. ونتيجة لهذا التغيير، زادت الضغوط على إسرائيل وتم فرض وقف إطلاق النار، وإن كان على مضض. وبهذه الطريقة، حتى لو تم إنقاذ حياة شخص واحد على الأقل من سكان غزة، سيكون ذلك مكسبًا كبيرًا لمستقبل البشرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية تركيا إسرائيل حماس غزة إسرائيل احتلال تركيا حماس غزة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشرین الأول أکتوبر الکاتب أن
إقرأ أيضاً:
صحيفة: إسرائيل ترفض التعهد بتجنب تصفية كبار مسؤولي حزب الله
نقلت صحيفة "إسرائيل هيوم" عن مصدر وصفته بالسياسي قوله، إن إسرائيل لم تتعهد بتجنب تصفية كبار مسؤولي حزب الله، عند وقوع أي انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يتم التفاوض بشأنه.
وحسبما نقلت الصحيفة عن المصدر، فإن إسرائيل لن تطلق سراح مقاتلي حزب الله الذين أسرتهم.
كما أشار المسؤول إلى أنه من غير المتوقع أن تدعو الحكومة الإسرائيلية سكان الشمال للعودة إلى منازلهم فورا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر قد قال يوم الإثنين إن الولايات المتحدة تضغط بكل ما في وسعها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، لكنه أوضح أنه لم يتم إنجاز اتفاق بعد.
وقالت أربعة مصادر لبنانية رفيعة المستوى إنه من المتوقع أن يعلن الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون عن وقف إطلاق النار في لبنان بين حزب الله وإسرائيل في غضون 36 ساعة.
وتدفع الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق بين حزب الله المدعوم من إيران وإسرائيل لإنهاء القتال الذي اندلع في أكتوبر 2023 بالتزامن مع حرب إسرائيل ضد حركة حماس في قطاع غزة.
وتصاعد الصراع في لبنان بشكل كبير على مدى الشهرين الماضيين.
وظهرت مؤشرات حدوث انفراجة دبلوماسية مصحوبة بغارات جوية إسرائيلية كثيفة على الضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها حزب الله في بيروت، إذ تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية التي وسعتها في سبتمبر بعد ما يقرب من عام من القتال عبر الحدود.
ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التعليق على التقارير التي تفيد بأن إسرائيل ولبنان وافقا على نص الاتفاق.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير لرويترز إن مجلس الوزراء سيجتمع الثلاثاء لمناقشة اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله والموافقة عليه.