إسرائيل: المعركة الأصعب بانتظارنا
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
إسرائيل: المعركة الأصعب بانتظارنا
نزعة تأييد الحرب والمطالبة بعودتها تؤكّد الفشل في تحقيق الغايات منها حتى الآن، وتشير في العمق إلى قدرات المقاومة.
رغم اتّضاح أن الجيش الإسرائيلي أخفق في إحراز النصر، لا تزال الروح العامة في تغطية الحرب، بالمفهوم الاستراتيجي، غير نقدية عيانًا بيانًا، منذ لحظة اندلاعها.
ينأى الإعلام الإسرائيلي عن البحث في الخفايا البعيدة عن الضوء وفي كل ما يتعلّق بتحدّي الرقابة العسكرية التي لا يُخفى أنها الآن أكثر صرامةً من أي وقتٍ مضى.
يعتقد الجنرال احتياط عاموس يدلين أنه في إطار السعي لإنجاز هدف تقويض حماس لم تجتز إسرائيل سوى 50% من الطريق، وما زال الوصول إلى النقطة المرغوبة طويل جدًا.
لا تزال وسائل الإعلام الإسرائيلي مساهما رئيسيا في تأجيج مناخ عام من التأييد المطلق للحرب وإن كان بعضها لا يُقصي علامات استفهام طرحت منذ أول يوم بشأن مسؤولية نتنياهو عنها.
* * *
لا يُعدّ أداء وسائل الإعلام الإسرائيلي في الحرب الحالية ضد قطاع غزّة مختلفًا عن أدائها في الحروب السابقة، سواء في القطاع أو في جبهات أخرى، سيما من ناحية النأي بالنفس عن البحث في الخفايا البعيدة عن الضوء، وفي كل ما يتعلّق بتحدّي الرقابة العسكرية التي لا يُخفى أنها الآن أكثر صرامةً من أي وقتٍ مضى.
كما يتّسم أداء وسائل الإعلام هذه بتغييب الجانب المدنيّ للحرب، وعلى وجه الخصوص الجانب المدنيّ المتعلق بالطرف الآخر، الفلسطيني، حيث إن قصص المعاناة لدى السكّان المدنيين الفلسطينيين لا تجد لها حتى موطئ قدم على الشاشة الصغيرة، وكذلك ضمن جلّ تقارير الصحافتين المكتوبة والمسموعة.
وحتى اللحظة ما انفكّت وسائل الإعلام الإسرائيلي مساهما رئيسيا في تأجيج مناخ عام من التأييد الكامل والمطلق للحرب وترويج "عدالتها"، وإن كان بعضها لا يُقصي علامات استفهام طرحت منذ اليوم الأول لاندلاعها، بشأن مسؤولية رئيس الحكومة نتنياهو عنها.
ومع كل هذا تظهر بين الفينة والأخرى، في موازاة هذا التأييد، مواقف نقدية تشي ببعض العناصر المتعلقة بإدارة الحرب، والأهم بقدرتها على تحقيق الأهداف الموضوعة لها، وقد تعاظمت هذه المواقف النقدية مع الاقتراب من مرحلة الهدن التي توصف بأنها إنسانية، وبعد أن اتّضح جليا أن الجيش الإسرائيلي قد أخفق في إحراز النصر، غير أن الروح العامة التي تظهر من تغطية الحرب، بالمفهوم الأوسع، أي الاستراتيجي، لا تزال غير نقدية عيانًا بيانًا، منذ لحظة اندلاعها.
يتمثّل الجزء الأكثر إثارة من نزعة تأييد الحرب والمطالبة بعودتها إثر انتهاء الهدن، والتي تهيمن على معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية حاليا، في وجود تصميم على تحقيق غاياتها مثلما جرى صوغها في قرار الحكومة الإسرائيلية شنّها، وهي القضاء على قدرات حماس العسكريّة والسلطوية، والسعي نحو إقامة "واقع أمني" جديد في القطاع، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن المدنيين.
وهي نزعة تؤكّد في قراءتنا الفشل في تحقيق تلك الغايات حتى الآن، وتشير في العمق إلى قدرات المقاومة.
وبحسب معظم المحللين العسكريين في الصحف الإسرائيلية الرئيسية، يديعوت أحرونوت ويسرائيل هيوم ومعاريف وهآرتس، حقّق الجيش على مدار الأسابيع الثلاثة من المناورة البريّة (بدأت يوم 27102023) إنجازات مهمّة ولكنها تكتيكية، وتلقّت حركة حماس ضربات عسكرية كبيرة، ورغم ذلك كله ما زال حسم حماس بعيدًا جدًا بقدر ما إن هذه الحركة بعيدة كثيرًا عن رفع الراية البيضاء.
وفي الواقع المستجد في القطاع، يسيطر الجيش على معظم مناطق الشمال، باستثناء القسم الشرقي الذي تنتظر الجيش فيه معارك ضارية في جباليا والشجاعيّة.
في الأيام التي سبقت الهدن، شهدت مناطق شمال القطاع التي يسيطر عليها الجيش مواجهات يومية مع فرق مقاتلين من "حماس" كانت تشن هجماتها من فتحات الأنفاق، أو من خلال قنّاصة كانوا متمركزين وراء نوافذ بنايات شاهقة، وأدّت إلى تدفيع الجيش ثمنًا.
وكانت هذه الهجمات بمثابة روتين يومي عايشه الجنود الإسرائيليون في بيت حانون والشاطئ والشيخ عجلين والرمال وتلّ الهوى وأحياء وبلدات أخرى في شمال القطاع. كما أثبت مسار الهدنة أن حماس لا تزال تعمل في أطر منظمّة للغاية، ووفقًا لهيكلية قيادية.
لئن كان كل ما تقدّم نقله من تقارير الصحف الإسرائيلية هو بمنزلة معلومات عامة غير تفصيلية أو نسبية لا أكثر، من دون التقليل من دلالاتها، فإن أقصى المتفائلين بشأن الإنجازات التي حقّقتها الحرب الإسرائيلية في قطاع غزّة يبدون متشائمين أيضًا، وفي مقدمتهم الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية وقيادة سلاح الجو، الجنرال احتياط عاموس يدلين، الذي يعتقد أنه في إطار السعي إلى إنجاز هدف تقويض حماس لم تجتز إسرائيل سوى 50% من الطريق، وما زالت طريق الوصول إلى النقطة المرغوبة طويلة جدًا.
*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل غزة حماس المقاومة نتنياهو الجيش الإسرائيلي الإعلام الإسرائيلي وسائل الإعلام الإسرائیلی لا تزال
إقرأ أيضاً:
الإعلام العبري: اتفاق غزة لا يحقّق الهدفين الذين وضعتهما “إسرائيل” للحرب
الجديد برس|
كشفت “القناة 12” الصهيونية، اليوم الخميس، إنّ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لا يضمن تحقيق الهدفين الذين وضعتهما “إسرائيل” لنفسها كالقضاء على حماس واستعادة الأسرى.
وأفادت المراسلة العسكرية ليلاخ شوفال اوضحت، أنّه “لا يزال هناك عشرات الأسرى الإسرائيليين، وليس واضحا كيف وإذا ما كانت ستستمر الى المرحلة الثانية، وحماس في ظل غياب بديل آخر ما تزال المنظمة الحاكمة في القطاع، بل وعلى العكس يحررون لها قيادة جديدة من داخل السجون الإسرائيلية الى قطاع غزة”.
من جانبه رأى الصحفي في “يديعوت أحرونوت”، آفي يسسخاروف أنّ هذا اتفاق سيئ لـ”إسرائيل”، وعلّل ذلك قائلاً إنّه “بالرغم من تعرّض شبكة الأنفاق التابعة لحماس لأضرار جسيمة، فإن هذه الشبكة ما زالت تعمل بدرجة كبيرة. كما أن قدرات الإدارة والسيطرة المدنية لحماس نجت”.
بدورها أكدت مقالة في صحيفة “إسرائيل اليوم”، إلى أنّه “بعد 15 شهراً من القتال، لا تزال حماس على قيد الحياة، تتنفس، وتنشط، وتفاوضنا على المطالب”.
من جهته اعتبر ضابط في قيادة المنطقة الجنوبية بـ “الجيش”، في حديث مع مراسل “قناة 14” الإسرائيلية، أنّ “كل ما فعلناه في الحرب سيذهب هباءً”.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عن ضابط ميداني في “الجيش” الإسرائيلي، شارك في القتال في غزة، أنّه “لا يمكن خلال سنة واحدة القضاء على جيش تم إنشاؤه وبناؤه على مدار 15‑20 عامًا“.
من جهته، كتب يوآف زيتون، في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أنّه “لا تزال حماس تمتلك عشرات الكيلومترات من الأنفاق التي لم يتمكن الجيش الإسرائيلي حتى الآن من كشفها في قطاع غزة”.
ويوم الأربعاء، قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنّه في “عام 2023، صرّح نتنياهو أنه لن يكون هناك وجود لحركة حماس في غزة، وبحلول عام 2025، أشار نتنياهو إلى أنهم ينتظرون رد حماس على اقتراح وقف إطلاق النار”.