الثورة نت:
2024-11-24@09:28:57 GMT

الاستقلال لا يعني الثبات

تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT

لكل مرحلة من تاريخ المجتمعات مفاهيمها الخاصة التي تؤطر طريقة تفكير الأفراد والجماعات، وتحدد هوية وطبيعة العلاقات بينهم، ولا تكاد تقتصر جدلية الفكر واللغة على إنتاج مفاهيم جديدة تستجيب للتحولات التي تطرأ على علاقة الفكر بالأشياء وبالعالم بل تعمل على تحسين المحتوى العام للمفردات وتحسين المفاهيم في اتجاه توسيع المحتوى الدلالي أو تضييقه أو تعديله بشكل من الأشكال.


ولذلك نقول ن المعركة الثقافية اليوم لا تقل شأنا عن المعركة العسكرية ولا بد لنا من خوض غمارها بقدرة كبيرة حتى نحقق الانتصار الذي نرغب ما لم فنحن ندور في دوائر مفرغة لا قيمة لها في الواقع ولا أثر لها في المستقبل، فدوائر التطور متعددة وتشمل إلى جانب الدين العقل والفن ولا بد من التوازن بين الدوائر حتى لا تطغى دائرة على أخرى فيكون الصراع تعبيرا عن النقص لا استقرارا من توازن الكمال بينهم .
نحن ندرك اليوم أن العالم أصبح قرية صغيرة لابد أن نتلقى أفكاراً ونعطي أفكاراً، لأن من يعرف يحب المعرفة في غيره، والمهم حسن الاختيار، وبعد حسن الاختيار حسن الاستخدام، والمهم أن نكتشف على ضوء الفكر مكامن قوتنا ومواطن ضعفنا، وبمعرفتنا نفوسنا نعرف من أين نبدأ؟ وكيف؟ فالواقع يتحرك من حولنا ومن تحتنا، ولا نقدر على تسييره إلا بالفكر المثقف والاستزادة من التثقف والتفكير، لأن الواقع لا يبدو في أحلامنا وإنما يتحرك من خارجنا ويمتد منه إلينا.
ولعل الواقع أخصب مادة للفكر، لأن للفكر موارد كما له منابع، وليست المعرفة الفكرية مقصورة على الكتب ومناهج الدراسة وإنما كل قضية وكل شيء يعطي فكرةً ويلهم رأياً، وقديما كانت العرب لا تصدر عن أصحاب الحكمة والتجربة والرأي.
ومن يحب معرفة نفسه يعرفها من تجارب غيره ومن وقائع تجربته، فوراءنا طريق طويل من التجارب، فإذا كان الماضي من العصر قد هجم علينا قبل الاستعداد له، فإن علينا أن نواجه الحاضر بنفس روح العصر وآلاته، فطول احتمائنا بالماضي أو حفاظنا على الحاضر لا يدفعان عنا هجوم الغد، ولكي لا يهاجمنا الغد كالأمس علينا أن نهاجم الغد من أوسع أبوابه، لان أمسنا من صنع غيرنا أما الغد فهو من صنعنا أو صنع حاضرنا .
وتحرك الجماهير دليل على رفضها للواقع ورغبتها في الأفضل الذي يحظى فيه الإنسان اليمني بإنسانيته ليعيش الحياة لا ليكابدها، واليوم وقد رفضت الجماهير واقعا وحل محله واقع أجدّ نسبيا، فمن الممكن إبداله بواقع أكثر جدة، وأكثر نظافة وأكثر إمكانا لتجديد كل واقع، فالسلطة مدينة بوجودها للمواطن العادي الذي ينكر كل سلطة سيئة، ويبحث عن سلطة أفضل لأن كل زعامة سياسية أو قيادة عسكرية لا بد أن تكون وليدة ظروف، لكن هذه الظروف من خلق المواطنين العاديين لكثرتهم وحرارة تجاربهم مع محترق السياسة، والتأريخ يتحدث أن الذين ترفعهم أحداث تسقطهم أحداث، والذين تخلقهم فرص تعدمهم فرص أخرى، والوسيلة الوحيدة لبقاء أي زعامة هو النزول عند رأي الشعب مفجر الأحداث وصانع الحدث، كما دلت الأحداث والوقائع .
وطالما وقد تحمل أنصار الله مسؤولية القيادة والريادة في هذه المرحلة فلابد لهم من التجدّد والأخذ بمبدأ المبادرة وصفات الرائد والقائد، ليقودوا شعبهم بكل دراية ووعي واقتدار إلى مرحلة التعامل مع التغيرات.. أي مرحلة الانتقال من عقلية عصر الصناعة إلى عقلية عصر المعلومات، والفرق بينهما أنه في عصر الصناعة كان يتم الحصول على المعلومات كلما كانت هناك حاجة إليها في حين تتواجد المعلومات في عصر المعلومات بشكل دائم وهي تدور في حيز التشغيل، وكما كان الحال في عصر الصناعة يتصرف القادة فيه وكأنهم أصحاب القرار، ولا بد من إدراك الحقيقة التي نحن عليها أن هذا المبدأ قد تغير بتغير الأحوال والمستويات الحضارية والمعرفية، إذ فقدَ القادة في عصر التكنولوجيا خاصية صنع القرار بل أصبحت مهامهم أكثر يسرا وأكثر تفاعلا مع الحدث من خلال العمل على تشغيل المعلومات المتوفرة، وهذا هو الحال الذي نحن عليه في عصر التكنولوجيا ولابد من الوعي به، والاشتغال على الخطط الاستراتيجية التي تصنع المستقبل وليس انتظار المستقبل حتى يأتي، والاشتغال على الخطط لا يمكن أن يكون عفو الخاطر بل برؤى وأفكار قادرة على التحرك والتفاعل مع واقعها من خلال بنية تنظيمية وبنية توجيهية، وبنية رقابية، ترصد الحالات المنحرفة لتعمل على تعديلها حتى تتسق مع البناءات المختلفة.
فاحتفالنا بعيد الاستقلال — كثورة أخرجت مستعمرا – لا يعني الثبات بل يعني أن ثورتنا مستمرة – كما قال قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي – واستمرار الثورة لا يعني الحصول على الاستقلال والحرية والسيادة فقط بل يعني التجدد والتفاعل وإحداث متغير حقيقي في حياة المجتمع لا بشبه ما كان في سالف الأيام بل يبدع ما سوف يكون في قابل أيامنا من خلال الصناعة والوعي وتجديد المفاهيم وإعادة تعريف مفاهيم الوطن والهوية والحرية والاستقلال والسيادة، بعد أن فسد هذا المفهوم وتبدل بفعل الخطاب الإعلامي المكثف للخونة ومرتزقة العدوان .

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: فی عصر

إقرأ أيضاً:

في عيد الاستقلال الـ81... هذا ما قاله السياسيون

علّق عدد من الشخصيّات السياسيّة والمؤسسات الأمنية، على الذكرى الـ81 لعيد الاستقلال من خلال بيانات أو تعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي.     وحيّت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينس بلاسخارت الشعب اللبناني بمناسبة عيد الاستقلال، معتبرة ان "في ⁧‫عيد استقلال‬⁩ ⁧‫لبنان‬⁩ الواحد والثمانين، أحيي الشعب اللبناني الذي يستحق الأمن والاستقرار الدائمين للبدء في التعافي وإعادة البناء والمضي قدماً".


من جهته، أكد وزير الصناعة جورج بوشكيان إن ذكرى عيد الاستقلال ثابتة في التاريخ منذ رفض الاحتلال والوصاية وتضحية آباء الاستقلال ورجاله بحياتهم وسقوطهم شهداء على مذبح الوطن."


وقال: "لم يتحقق استقلال لبنان بنزهة وسهولة، وإنما بالنضال والتمسّك بسيادة لبنان وحرية اللبنانيين. وبعد ٨١ عاماً، ما زال لبنان يدفع فريضة عشق أبنائه لما يتميّزون به من فكر حر وثقافة تفاعلية وحياة تشاركية بين مكوّناته وطوائفه."

وختم: " نحن نعيش الاستقلال يومياً بروحية وطنية متجذرة وشهامة متعالية. هكذا تعوّد آباؤنا، ونحن نحمل هذا الإرث جيلاً بعد جيل. وهذه السنة، مجبولة الذكرى بالدم والشهادة التي بفضلها يدوم لبنان بالعزّ والكرامة."     وكتب النائب طوني فرنجيه عبر حسابه على منصة "X": "على وقع الغارات وانتهاك السيادة، نحتفل بذكرى استقلالنا. نحتفل لنؤكّد أنّ اليأس لن يجد طريقه إلينا، لأنّنا مؤمنون أنّ لبنان سينهض من جديد، فيكون أقوى وأجمل. أقوى بالتزامنا بمنطق الدّولة والدّستور، وأجمل بوحدتنا وإرادتنا الجامعة، فيعلو صوت الحق والعقل على أصوات التّفرقة والتّعصب التي ألحقت بلبنان أضراراً تفوق أذى العدوّ". وتابع: "الخيار أمامنا واضح: إما مصلحة لبنان واستقراره، أو الغرق في المصالح الفئوية والخارجية التي تؤجّج الفتن وتعيق البناء.
مع أملنا بأن تنجح محادثات وقف إطلاق النار قريباً، نجدّد العهد باستعادة لبنان الذي نحب، بلد الشجاعة والتضحيات، وفاءً لدماء الشّهداء، وإيماناً بمستقبل أفضل. كل عام ولبنان بخير، وكل عام واستقلالنا ينبض بروح الصّمود والأمل".
 
بدوره، لفت المدير العام السابق للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الى انه "في هذا اليوم الذي يُخلّد لنا الذكرى الحادية والثمانين للاستقلال، يواجه لبنان حربا مدمّرة تمتد من أقصاه إلى أقصاه، حيث بلغ عدد الشهداء والجرحى الآلاف، نتيجة لعدوان إسرائيلي غير مسبوق. في ظل هذه الظروف العصيبة، فإننا كلبنانيين مدعوون للإجابة الموحّدة على سؤال لا وطن موحّدا قبل الإجابة عليه: ما هي معايير الاستقلال والتبعيّة لدينا؟

في الاجابة نضع مداميك لبنان المستقل والموحد، ذلك الوطن الذي نؤمن بأنه آت بنضال شبابه، ليحمل فجر الثاني والعشرين من تشرين الثاني الإجابة الجامعة التي تبزغ مع حلول يوم الاستقلال الموعود. وكل عام ووطننا بخير".

مقالات مشابهة

  • طقس العراق.. أجواء ممطرة مع تراجع بدرجات الحرارة وتصاعد للغبار ابتداء من الغد
  • ما بعد المأساة
  • خلال مؤتمر وطن رقمي.. غرفة التكنولوجيا تطلق 3 مبادرات جديدة لخدمة الصناعة
  • المفتي إمام: جمال الاستقلال بانتخاب رئيس للجمهورية
  • صباح الغد.. لقاء وزير الصناعة مع المستثمرين الصناعيين بالمنوفية بحضور المحافظ
  • الراعي: في القلب غصّة في عيد الاستقلال جراء ما يصيب لبنان
  • في عيد الاستقلال الـ81... هذا ما قاله السياسيون
  • الأرصاد الجوية: كتلة هوائية باردة نسبياً تؤثر على مناطق الشمال
  • بوشكيان: بفضل الشهادة يدوم لبنان بالعزّ والكرامة
  • وكيل تعليم الدقهلية يشهد فعاليات ورشة عمل مشروع التعليم من أجل الغد