شاهد المقال التالي من صحافة الإمارات عن لو تبدل المقال عن الحال، ماذا لو تبدل مقالنا عن وصف واقع حالنا، وغادرتنا الكلمات المعتادة، وفاجأتنا الكلمات البديلة، وخرجنا من مربع .،بحسب ما نشر جريدة الاتحاد، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات لو تبدل المقال عن الحال، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
- ماذا لو تبدل مقالنا عن وصف واقع حالنا، وغادرتنا الكلمات المعتادة، وفاجأتنا الكلمات البديلة، وخرجنا من مربع التسامح الذي يسيّر يومنا، ويجعل من حياتنا سلسة ومتوازنة، وقابلة للأخذ والعطاء مع الآخر، تلك الكلمات المرسلات لكل أوضاعنا، والتي تجعلنا أكثر هدوءاً، وليناً وطيبة، لكن لو صارت المرسلات عكس ما اعتدناه، كيف ستكون ردة أفعالنا؟ كأن تفتح صباحاً باب دارك، لتلقى جارك بوجهه العبوس القمطرير، وهو يجلدك بكلمات غير معتادة، راداً على تحيتك صباح الخير والسرور: كان صباحي أجمل قبل أن اتصبح بوجهك، شاه هذا الوجه، لا أم لك، لا بارك الله هذا الجوار، وضيّق عليكم الأسوار، وأحرق عليكم الدار!- كيف ستكون ردة فعلك إن كنت مسافراً على متن طائرة، وما أن حطت على مدرج أرض المطار، حتى سمعت قبطان الطائرة بدلاً من أن يهنئك بسلامة الوصول يقول:«يا الله فكوا الأحزمة وانزلوا.. خلصونا.. أووف.. ما أثقلكم، وما أثقل طينتكم»؟!- يظهر مذيع على القناة الفضائية، وهو يبتسم غصباً عنه، ويفاجئك بالقول:«أيها السيدات والسادة، خذ الله هذه الوجوه، اسمعوا نشرتنا الإخبارية لهذا اليوم، والتي لا تسر عدواً، ولا صديقاً، أنتم تجلسون مرتاحين في بيوتكم، وغيركم يذبح في الشارع، ناموا، ناموا أحسن لكم.. نامت عليكم حيطة، ولا أقام لكم قيامة»!- تسمع موظفة المطار بصوتها الذي كله غنج ودلال، وهي تعلن للمسافرين:«على السادة الركاب المتجهين إلى موريشيوس سرعة التوجه إلى الطائرة عبر البوابة رقم (13)، إن شاء الله سيرة بلا ردّة.. وعساها سيرة بن عروة»!- يأتي نادل المطعم، ويضع الصحون من دون نفس، أو يضرب بالملاعق على الطاولة وهو يتنفس من منخر واحد، ويصرعك بالقول:«ها.. شو بتطفحون؟ ما عندنا غير السم الهاري، تريدون (زغنبوت) تشربون (تيزاب)»!- يلقاك شخص مصادفة، وأنت تقود أولادك في الـ «مول» تضاحكهم، وتحدثهم عن الفيلم الكرتوني الذي شاهدوه، وتخيرهم ما بين المطاعم التي يحبون الأكل فيها، وفجأة ومن دون سابق معرفة، يقفز ذاك الشخص أمامك، وقلبه يشتعل، وعينه زرقاء وأسنانه فرقاء:«وين ساير هالقطيع.. كأنهم مشكوكون مثل حبات المسبحة، لا والعافية بتطفح من خدودهم، ما أعتقد أن واحداً منهم زار الطبيب منذ ولادته»!- تمر بجانب سيارة اضطرتك الإشارة الحمراء أن تتوقف بصفها، فيخرج سائقها رأسه من زجاجها الذي بالكاد ينزل، ويعطيك قاصمة المحرك، بقوله:«عنبوه هالسيارة تقول تغرّها سمن الدار.. أقولك ليش ما تدخلها الرَيّس أحسن لك»! - يصادف ويلتقيك رجل ضعيف شبه مسلول، ويرى النعمة والعافية باديتين عليك، والضحكة تملأ وجهك، فيغيظه هذا الأمر، فيطلق عليك رصاصة من رصاصات الحسد: «أعنبوك.. تقول بعدك ما انفطمت»!- تذهب لتصرف شيكاً مصرفياً، وما أن تقف خلف شباك الصراف، وتدفع له بالصك، ويرى الأصفار الكثيرة في حسابك، فتحدثه نفسه: «شوف.. مال قارون، ومال فرعون، أموال ما تأكلها النيران، تراه يجمعها يوم كان الحصا رطباً، وأنا العبد الفقير، المصلي، المسمي، الحاج مرتين، والمزكي، لو أظل أعمل الليل والنهار، ولسنين طويلة وقاسية، لن أجمع فائدتها لمدة سنة، شلك طهف أنت وغوازيك.. يعلها صرصراً عاتية»!- تدخل على حلاقك اللطيف النظيف، ويظهر لك وجهه القبيح لأول مرة، ويأمرك: «قعمز على الكرسي، ليته كرسي الإعدام، تريد صبغاً وإلا صمغاً، ليته بكرا الصبح ما تبقى لك شعره»!- لو تبدل المقال عن الحال، وصار حديثنا اليومي خارج مربع التسامح الأخضر، لأصبحت الحياة جحيماً.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس
إقرأ أيضاً:
نبض الوطن
د. محمد بن عوض المشيخي **
هناك ارتباط مُتلازم بين من يُحسِن ويُجِيد فن الكتابة ومُخاطبة الآخرين، وبين من يملك رصيدًا فكريًا ومفاتيحَ للمعرفة والاطلاع على مختلف الثقافات والتجارب لكي يستخدم ذلك الكم المعرفي الذي اكتسبه من القراءة المُتعمِّقة من الكتب والدراسات العلمية التي تحتاج من الذي يقدم نفسه ككاتب يخاطب عامة النَّاس.
ويُقاس تطور الشعوب والأمم بما تقرأ، ثم تأتي بعد ذلك ترجمة ذلك الزخم المعرفي بالكتابة للجماهير والقدرة على جذبهم للقراءة، التي هي في الواقع غذاء الروح، والأهم من ذلك كله حقيقة استخدامهم للمهارات والخبرات التي يكتسبونها من الاطلاع في حياتهم اليومية. والثقافة الحقيقية جواز سفر للنجاح في الدنيا والآخرة؛ فهي- أي الثقافة- عنوان لكل الشهادات العلمية التي نحصل عليها بانتظامنا في الدراسة الأكاديمية من المرحلة الابتدائية إلى شهادة الدكتوراه.
والتجارب اليومية تُعد من أهم دروس الحياة التي تضيف إلى رصيد الإنسان وتُنير له دروب المستقبل، وتُساعده على استخدام هذه الذخيرة المعرفية في اتخاذ القرارات السليمة. ومن هنا فإنَّ الكتابة للجماهير ليست بالأمر السهل؛ بل من أصعب وأكبر التحديات التي تواجه الكاتب غير المُتفرغ، وخاصة عند ما يكون له عمود ثابت بشكل أسبوعي في صحيفة مُعينة ويحافظ على الوفاء بمواعيد النشر دون تأخير. وتتعقد الأمور أكثر وأكثر في الحالات التي يتطرق فيها الكاتب للشأن العام، ويكون عكس التيار في طرحه لقضايا المجتمع وهموم عامة الناس بكل صراحة وشفافية، في الوقت الذي يكون فيه على الجانب الآخر من الذين يمكن أن نُصنِّفَهُم بـ"المُجامِلِين"، خاصة الذين يُجيدون أسلوب المدح والنفاق الاجتماعي، بزعم أن كل شيء على ما يرام من حولنا.
ولا شك أن الفكرة أو الموضوع الذي يختاره الكاتب للمقال ليس بالأمر اليسير، فكم هي الساعات الطويلة التي يَقضيها الكاتب في البحث والاستقصاء عن العنوان الأنسب والمُعبِّر عن المقال الذي ينوي كتابته، وذلك هو الذي يجذب القراء ويُجبِر الناس على الاطلاع حتى من باب الفضول أولًا، ثم يأتي المضمون وما يحمله من أفكار مُرتَّبة ومُفردات مُعبِّرة وجمل تشرح ما يُريده الكاتب أن يصل للقراء. هذا فضلاً عن عبارات السجع التي تُناسب ذوق الجمهور وتُلامس العقول والقلوب معًا. صحيحٌ أن هناك أحيانًا أحداثًا ومناسبات تفرض نفسها من حيث أهميتها وتتحول إلى حديث الساعة، مما يُسَهِّل من أمر تناولها وتحليلها من وجهة نظر الكاتب، لكن نجد اختلافًا في وجهات النظر للذين يفكون رموز الموضوع المنشور؛ فكل واحد من هؤلاء يفسر المقال بطريقته؛ انطلاقًا من الخلفيات والانتماءت السياسية والعقائدية، بعيدًا عن الموضوعية. فقد تضيق صدور البعض بما يحمله المقال من طرح، ولا يدرك هؤلاء القراء أن ما يُسطِّرُه أي كاتب عبارة عن آراءٍ وانطباعاتٍ، وليست بضرورة أن تكون الحقيقة الكاملة؛ فهناك فرق شاسع بين الخبر الذي يكتبه الصحفي والذي يجب أن يكون قائمًا على الحقائق الدامغة بعيدًا عن التأويل، وبين الرأي المُعبِّر عن كاتبه، وهناك قاعدة في علم الإعلام وأدبياته مفادها "الخبر مُقدَّس والتعليق حُر".
من محاسن هذا العصر- والمتمثل في الإعلام الرقمي الذي نعيش أجمل أيامه- التفاعل المباشر حول المضامين، ومعرفة ردود الأفعال على كل ما نكتبه وبشكل سريع، من خلال منصات ووسائل التواصل الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص تطبيق "واتساب"، الذي أتاح لنا معرفة أعداد الذين يقرؤون مقالاتنا ومدى رضاهم عن تلك الكتابات، وكذلك الرصد الذي تُجريه صحيفة "الرؤية" ويظهر مباشرة في نهاية قراءة المقال، خاصة إذا كان مُتصدرًا وضمن قائمة الأكثر قراءة على الموقع الإلكتروني للجريدة. ومن هنا يعلم الكاتب رجع الصدى أو رد الفعل على الرسالة الإعلامية التي تَعبُر للجمهور عبر 6 عناصر تُشكِّلُ منظومة الاتصال الجماهيري، وتحتاج إلى دراسات مُطوَّلة وجهد بحثي لا يتوافر للإعلاميين، إلّا في مناسبات نادرة وبعد عدة أشهر من إجراء تلك الدراسات- إن وُجِدَتْ في الأصل- والمتعلقة بالمشاهدين والقراء ومتابعي الإذاعات المسموعة، وبالتالي كانت هذه العملية الاتصالية التي تفتقد لمعرفة رغبات الجمهور ومدى رضاهم عن كتاباتنا، تُشبِه الذي يمشي في الظلام، لا يعرف أين يضع قدمه؛ بل يمكن أن يسقط في أي لحظة!
لقد فكَّرتُ أكثر من مرة أن أتوقف موقتًا عن الكتابة أو على الأقل أَخْذْ إجازة لمدة شهر مثلًا، ولكن كلما وصلتني ردود إيجابية على ما أكتبه، أجد نفسي مستمرًا ومُتشجِّعًا على الصمود. ولعل الرسالة التي وردتني ضمن مجموعة رسائل هذا الأسبوع حول مقالى الأخير الموسوم "حدود الحرية في قانون الإعلام الجديد"، قد أثلجت صدري وشكّلت نقطة تحوُّل في ثقتي المطلقة في القراء الذين يقرأون مقالاتي، فقد كتب الأستاذ سالم مسعود تبوك الرسالة التالية: "مقال تناول كل ما يدور في أنفس الصادقين والوطنيين؛ والله العظيم إن هذا المقال لم يغادر في نظري شيئًا إلّا وذكره بالكلمة والجملة. والواقع الملموس الذي يدور في أذهان المجتمع العماني. وكذلك هذا المقال في نظري تجاوز بصدقه التحفظات الجبانة التي كثرت وتعاظمت إلى أن أوصلت البعض لأن يتكلموا في الشؤون العامة، والنتيجة تأجيج الرأي العام ضد الحكومة. وفي نظري يا دكتور محمد ما تشتد الحلقة وتقوي الربطة وتمتد الوصلة إلّا لتنفك باتجاه الانفراج الذي سيضع الكل حسب الترتيب العادل في المكان الذي ينبغي عليه الجلوس فيه. التحية والاحترام من قلب صادق لشخص صريح ووطني وشجاع في وقت صمتت فيه الكثير من الأقلام لتترك الفرصة للآخرين للحديث إلى الجماهير. أرجو منكم الاستمرار في البيان الصريح والكتابة المُعبِّرة عن المجتمع".
بينما سطّرت قامة أكاديمية رفيعة أخرى من أساتذة جامعة السلطان قابوس هذه الكلمات: "مقال جريء وحصيف وحريص على الوطن.. لله درك أخي العزيز د. محمد".
وفي الختام.. أسجِلُ الشكر والتقدير لكل من يتفاعل مع ما نكتبه؛ سواء بالإشادة أو النقد البناء، وأقول للذين اقتبست كتاباتهم في هذا المقال، أِعِدُّ كلماتكم أوسمة على صدري ليس من أجل الكاتب؛ بل بهدف الارتقاء بهذا الوطن الذي له مِنَّا الولاء والإخلاص والصراحة في قول كلمة الحق، مهما ترتب على ذلك من أثمان، فسوف نُعبِّر عمَّا يدور في نفوس أبناء هذا الوطن العزيز بصدقٍ وشفافيةٍ بعيدًا عن الرياء والنفاق.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصر