يناقش مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة، خطابا تقدمت به الحكومة السودانية في السادس عشر من نوفمبر تطلب فيه إنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان "يونيتامس"؛ والتي بدأت عملها هناك في مطلع العام 2021؛ لكنها وجدت معارضة كبيرة من تنظيم الإخوان وقادة كبار في الجيش.

ولدى مخاطبتها ورشة لتدريب الصحفيين في العاصمة الكينية نيروبي؛ وصف إنوسنت باليمبا زاهندا مسؤول مكتب حماية المدنيين في "يونيتامس" طلب الحكومة السودانية بإنهاء مهمة البعثة، بأنه محاولة لوقف توثيق الانتهاكات التي ستكون أدلة لمحاكمة أطراف القتال المستمر في السودان بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل والذي قتل فيه أكثر من 10 آلاف شخص وأدى إلى تشريد نحو 7 ملايين.

وكان عبدالله حمدوك رئيس وزراء الحكومة السابق، قد وجه الثلاثاء رسالتين باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية التي تسعى لايقاف الحرب؛ إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن طالب فيهما بالإبقاء على البعثة وتجديد تفويضها.

 وقال حمدوك "ان كانت يونيتامس قد شكلت فى عام 2020 لدعم الانتقال فقد أضحت الحاجة إليها اليوم أكثر الحاحا فى ظل إنقلاب أكتوبر 2021 وحرب الخامس عشر من أبريل التى قضت على الأخضر واليابس فى البلاد". وأضاف "الشعب السودانى المنكوب فى حاجة إلى الأمم المتحدة أكثر من أى وقت مضى".

يعود تاريخ "يونيتامس" إلى يوليو 2020؛ عندما أصدر مجلس الأمن الدولي القرلر 2524 الذي قضى بتشكيل البعثة برئاسة الدبلوماسي الألماني فولكر بيرتس. وتضمنت مهامها دعم الانتقال السياسي في السودان؛ وحماية المدنيين.

ومنذ توليها مهمتها في مطلع العام 2021؛ واجهت يونيتامس معارضة قوية من تنظيم الإخوان الذي حكم السودان منذ 1989 قبل الإطاحة به في أبريل 2019. وتزايدت تلك المعارضة أكثر بعد الدور الذي لعبته في التوصل لاتفاق في الخامس من ديسمبر 2022 بين المدنيين والجيش عرف باسم "الاتفاق الإطاري".

 وفي خضم انخراط البعثة في العملية السياسية التي هدفت لإنهاء الأزمة السودانية التي نشبت عقب الانقلاب؛ نظمت مجموعات موالية لتنظيم الإخوان عدة مسيرات تطالب بإنهاء مهمة البعثة متهمة إياها بالتدخل في الشأن السوداني؛ لكن متحدث باسم البعثة قال في تصريحات سابقة لموقع سكاي نيوز عربية إن ما تقوم به البعثة يأتي ضمن اختصاصاتها وتكليفاتها المنصوص عليها في قرار تأسيسها من قبل مجلس الأمن الدولي.

محطات في مسيرة يونيتامس بالسودان:

يونيو 2020؛ تم تشكيل بعثة يونيتامس برئاسة الألماني فولكر بيرتس. نوفمبر 2021 انخرطت البعثة في عملية سياسية شاقة بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة وعدد من الدول العربية والأوروبية لنزع فتيل الأزمة التي نجمت عن قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 22 أكتوبر 2022: طالب مشاركون في مسيرة نظمتها جماعات إسلامية متشددة لمناصرة الجيش بانهاء مهمة يونيتامس وهددو قطع رأس بيرتس. ديسمبر 2022: نجحت جهود قادته يونيتامس مع الاتحاد الأفريقي والإيقاد وأطراف دولية وإقليمية في التوصل إلى اتفاق بين الجيش وقوى مدنية لتسليم السلطة للمدنيين عرف باسم الاتفاق "الإطاري". يوليو 2023: مجلس الأمن يجدد مهمة يونيتامس لمدة 6 أشهر حتى الثالث من ديسمبر 2023 سبتمبر 2023 أعلن فولكر بيرتس استقالته في اعقاب تقديم إحاطة لمجلس الأمن حول الأوضاع الأمنية والانسانية الخطيرة السائدة في السودان بسبب الحرب المستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات عبدالله حمدوك يونيتامس فولكر بيرتس يونيتامس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس فولكر بيرتيس عبدالله حمدوك يونيتامس فولكر بيرتس أخبار السودان مجلس الأمن فی السودان

إقرأ أيضاً:

رشان اوشي: المأزق السوداني متعدد الأوجه

فداحة الأمر أن المأزق ليس عسكرياً فقط ، ولكنه متعدد ومختلف الاسماء ، أنه دولياً، سياسياً، عسكرياً، وداخلي أيضاً يتعلق بتركيبة المجتمع السوداني ، والأهم أنه مأزق أخلاقي.
وما حرب 15/ابريل الا نقلة كبيرة بين لحظتين قريبتين زمنياً تكشف عن الاحتمالات الغزيرة للتقلبات السياسية، وأن الأمور فعلاً في البركة الآسنة المسماة السياسة ليست اختياراً بين لونين، الأبيض والأسود، بل هي في أغلب الأحيان، درجات من الألوان، بما فيها المنطقة الرمادية.

سياسياً.. ولأن البندقية لا تعرف الألوان الرمادية ، قاتل الجيش الوطني بظهر مكشوف ، بدون حاضنة سياسية ، ولا غطاء سياسي ، ولا خطاب تعبوي ، كل ذلك نتاج مواقف القوى السياسية التي تقوم على البراغماتية ، وهي بالطبع لا تتسق مع موقف الجيش الذي أعلنه الرئيس “البرهان ” في خطاب شهير إبان أزمة “الإطاري”، قال فيه:”الجيش يقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية” .

الجميع يسعى لامتطاء ظهر القوات المسلحة وصولاً إلى السلطة، عندما أيقنوا أن الجيش وقيادته لن يتحالفوا مع حزب سياسي بل مع الوطن فقط، انفضوا عنه، والذاكرة القريبة تحتفظ بالرحلات المتكررة بين القاهرة بورتسودان ، وحماسة المؤتمرات التي عقدت خلال الأشهر الماضية .

عسكرياً .. لا تزال هناك عراقيل مستمرة تعمل على حرمان الجيش السوداني من أخذ دوره في استعادة استقرار البلاد، فبعد أن تعرض الجيش لأكبر عملية إبادة وتدمير لبنيته ومعسكراته وآلياته وقواعده وطائراته في خلال عام ونيف من الحرب ، يعيش الآن تحت نير الحرب النفسية ، التي تحاول صنع هوة بين قيادته والشعب بأنها قيادة مهزومة عسكرياً، وأن الجيش يفر من المواجهة الميدانية.

والحقيقة أن الجيش السوداني لم يقاتل من قبل داخل المدن وبين المواطنين ، بجانب الاستنزاف المادي اليومي في ظل حصار دولي ، وحدود مفتوحة مع جيران متآمرين ،قبضوا ثمن تأجيج الحريق في السودان على الملأ.

دولياً.. جرت محاولة لإسقاط الدولة من خلال استخدام الغرب لقوته السياسية التدميرية بحجة حماية المدنيين، وغض الطرف عن حرب غير اخلاقية، استخدمت فيها كل المحرمات الدولية ، جعلت السودان أرضاً مشاعاً للفارين وقُطّاع الطرق والإرهابيين، ينهبوا ،يغتصبوا ويقتلوا المدنيين وكان الهدف من ذلك هو إسقاط الدولة ونشر الفوضى.

الأزمة بجميع تعقيداتها الداخلية والخارجية، وتناطح السياسيين، وهم المناط بهم توفير الغطاء السياسي ، والخطاب التعبوي لمساندة الجيش الوطني وهو يخوض حرباً وجودية ، قد تكون نتائجها كارثية، ومنها أنهم لن يجدوا بلداً يتصارعون على حكمه .

بجانب تآمر بعض السياسيين مع مشغليهم من الخارج لإفشال جهود الجيش في حماية الدولة من السقوط في أيدي مليشيات المرتزقة الأجانب ، بل وحاولوا إصابته في مقتل بالمساهمة في حملات الحرب النفسية التي تصف الجنود والضباط بالفارين من سوح القتال ، حتى يتراجع دور الجيش بقصد تفكيكه وهو الأمر الذي تسعى إليه بعض الدول الكبرى المتدخلة في الشأن السوداني .

داخلياً.. تعقيدات المجتمع السوداني كانت سبباً آخر ولكنه ثانوي في استمرار الحرب بهذه الوتيرة ، لأن الشعب لم يجد سياسياً محترماً يقدمه قائداً ملهماً للجماهير ، حتى رجال الإدارة الأهلية ولغوا في المؤامرة وقبضوا الثمن.

أهم خطوة يجب أن تسبق أي حوار سياسي حول تقاسم السلطة ، هي السعي لإخلاء السودان من الميليشيات والمرتزقة والقوات الأجنبية وإلا أصبحت كل مجهودات التسوية السياسية حرث في البحر .

يجب أن تعلم دول الجوار التي ترعى مشروعات التسوية السياسية ،ان المرتزقة خطر على الجوار أيضاً، وهناك من يرى أن حتى خروجهم بأسلحتهم يعتبر خطراً إقليمياً آخر، وبخاصة في ظل وجود صراعات في المنطقة .

ملف الميليشيات والمرتزقة ليس ملفاً سودانياً خالصاً بالمطلق، ومن يظن أن خروجهم هو رهين إرادة سودانية خالصة هو مخطئ، فوجود المرتزقة هو نتيجة تدخلات خارجية وحرب بالوكالة في السودان ، وبالتالي أي مطالبة لإخراج هذه الجماعات لا بد أن تمر عبر بوابة الدول الكبرى المتدخلة في الشأن السوداني ، فمن جلب العفريت هو من يصرفه.
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مجلس الدولة يشارك بجلسة حوارية من تنظيم البعثة الليبية الدائمة في جنيف
  • وزير الخارجية المصري: حل الأزمة السودانية يجب أن يكون بقيادة سودانية
  • كاتبة صحفية: دعوات وقف إطلاق النار في السودان مصرية صادقة
  • بالبرهان السودان في كف عفريت
  • ستارمر يثير أفراحا بريطانية.. وتأملات سودانية
  • البرهان : الجيش يحقق انتصارات وخسارة بعض المدن لا تعني الهزيمة
  • رشان اوشي: المأزق السوداني متعدد الأوجه
  • الأمم المتحدة تدعوا الجيش السوداني والدعم السريع لمفاوضات الأسبوع المقبل
  • الإعلام ومآلات حسم الحرب في السودان
  • تنسيقية لجان مقاومة سودانية: قوات الدعم السريع تسيطر على منطقة الميرم في الجنوب