مكافحة التغير المناخي.. مسؤولية مجتمعية
تاريخ النشر: 1st, December 2023 GMT
خولة علي (دبي)
يسعى الكثير من الباحثين والمتخصصين في البيئة إلى نشر الوعي وتثقيف أفراد المجتمع بمخاطر التغيير المناخي ومسؤوليتهم تجاهه، والعمل على طرح الكثير من الوسائل والأساليب التي بدورها يمكن أن تعيد التوازن للبيئة، وتعمل على استدامة مواردها والحيلولة من دون استنزافها. ولربما يجهل الكثير من أفراد المجتمع مشكلة التغير المناخي ومدى تأثيرها على البيئة وكيف يمكن أن يلعبوا دوراً في الحفاظ عليها من خلال إعادة النظر في بعض السلوكيات الضارة.
الغلاف الجوي
عن مفهوم التغير المناخي توضح المهندسة فاطمة الحنطوبي، باحثة في مجال البيئة، أن هذه الظاهرة البيئية التي باتت تهدد العالم بموارده، ناجمة عن اختلال في تراكيز المركبات في الغلاف الجوي بسبب زيادة الانبعاثات لغازات دفيئة تنطلق من عمليات التصنيع وتشكل سحابة في أغلفة الجو، ما يزيد من ارتفاع درجة الحرارة وتواتر الأزمات البيئية والظواهر الجوية المتطرفة. وتذكر أن هذه الأزمات البيئية المتفاقمة تشكل تهديداً خطيراً على صحة الإنسان واقتصاده، لاسيما في منطقة الخليج، وهذه الظروف الجوية المتطرفة في منطقة الخليج ليست سوى أحدث علامة على المخاطر التي يشكلها تغير المناخ، حيث تتعرض مدن دول مجلس التعاون الخليجي بشكل متزايد للسيول والأمطار والثلوج والعواصف الرملية.
التوازن البيئي
وتؤكد الحنطوبي أهمية إعادة التوازن البيئي قائلة: الاستدامة تصب في الحفاظ على الموارد، ومنها الموارد البيئية، كالمياه والتنوع الأحيائي والقطاع الزراعي وجودة الهواء. وأي عملية ممكن أن تضر في استدامة هذه الموارد، سيتم معالجتها لتفادي حصول أي ضرر لها، ومن هنا كانت الاستدامة منهجية فاعلة في التصدي للتغيرات المناخية. وتشدد على ضرورة أن يتكاتف أفراد المجتمع لمكافحة التغير المناخي من خلال تغيير نمط معيشتهم واستهلاكهم، وتحويله إلى ممارسات خضراء، مثل إعادة التدوير والزراعة واستخدام الطاقة النظيفة.
أهمية الاستدامة
وتشير حبيبة المرعشي عضو مؤسس ورئيسة مجموعة عمل الإمارات للبيئة، إلى أن الاستدامة تلعب دوراً حاسماً في إعادة التوازن البيئي عبر العديد من الطرق، إذ تشجع على استخدام الموارد الطبيعية بشكل مستدام، مثل المياه والطاقة والمواد الخام.
وهذا يقلل من استنزاف الموارد، ويسهم في الحفاظ على التوازن البيئي. وتشجع الاستدامة على استخدام الطاقة المتجددة، فالانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما يقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة ويحافظ على جودة الهواء.
كما تشجع الاستدامة على استخدام تقنيات وعمليات صديقة للبيئة في الصناعة والزراعة وسواهما، وهذا يؤدي إلى تخفيف التلوث البيئي، ويحمي الحياة الفطرية والموائل الطبيعية، مما يحافظ على التنوع البيولوجي وعلى الأنواع المهددة بالانقراض، وينتج عن هذا الحفاظ على التوازن في النظم البيئية.
وتؤكد المرعشي أهمية تعزز إعادة التدوير والاستخدام الفعّال للمواد، إذ إن إعادة التدوير تقلل من كمية النفايات التي تنتهي في المكبات، وتساعد في استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة.
كما تشجع على الاستهلاك المستدام، فضلاً عن أن الاستدامة في الزراعة تشمل ممارسات مثل الزراعة العضوية والزراعة من دون استخدام المبيدات الكيميائية، تحمي التربة وتحسن جودة المياه وتحفظ التوازن البيئي. وعليه فإنه من خلال هذه الجهود المشتركة والمستدامة، يمكن تحقيق التوازن البيئي والحفاظ على كوكبنا للأجيال المقبلة.
حملات إعلامية
وعن مدى وعي الأفراد بخطر التغير المناخي تقول المرعشي: يزداد وعي أفراد المجتمع في الإمارات بخطر التغير المناخي بفعل التطورات العلمية والتكنولوجية والجهود المستمرة للتوعية، مثل جهودنا في مجموعة عمل الإمارات للبيئة. وقد أسهمت عدة عوامل في زيادة وعي أفراد المجتمع بخطر التغير المناخي، ومنها التوعية من خلال المنصات الحكومية عبر حملات إعلامية ومشاريع توعوية، وتنظيم ورش العمل والمحاضرات لشرح أثر التغير المناخي على المنطقة، وكيفية التخفيف من تأثيراته، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع بيئية تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون، وتعزيز الطاقة المتجددة، ما يشجع على الوعي بأهمية التحول إلى مصادر الطاقة المستدام. وتلفت إلى أهمية تدريس موضوع التغير المناخي في المناهج الدراسية في المدارس والجامعات ساهم في زيادة وعي الشباب بهذا الخطر، وأثره على المستقبل، فضلاً عن تنفيذ مشروعات بيئية رائدة تُظهر أثر التغير المناخي محلياً، مثل مشاريع الاستدامة وحماية المحميات الطبيعية، ما يشجع على تفعيل الوعي والمشاركة المجتمعية.
نصائح وإرشادات
تقدم حبيبة المرعشي بعض النصائح والإرشادات التي يمكن أن يتبعها الأفراد للمساهمة في التصدي ومكافحة التغير المناخي، منها استخدام وسائل النقل العامة أو مشاركة السيارات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، واختيار السيارات ذات الكفاءة الوقودية العالية، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المنزل عبر استخدام لمبات LED وأجهزة كهربائية فاعلة من حيث الطاقة، واستخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في المنازل والشركات. وتنصح باستخدام المياه من خلال ترشيد الاستهلاك المنزلي وجمع مياه الأمطار، والتشجيع على إعادة التدوير والتحكم في إنتاج النفايات، والمشاركة في حملات تشجيعية لتنظيف الشواطئ والمناطق البيئية، ودعم المنظمات البيئية والمشاركة في الأنشطة التطوعية المحلية. وتدعو إلى المشاركة في ورش العمل والمحاضرات لزيادة المعرفة حول التغير المناخي، وشراء منتجات مستدامة ودعم الشركات التي تتبنى الممارسات البيئية. وترى أنه من خلال اتباع هذه النصائح والمساهمة في الجهود المشتركة، يمكن للأفراد أن يلعبوا دوراً فاعلاً في التصدي للتغير المناخي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مكافحة التغير المناخي التغير المناخي المناخ تغير المناخ أزمة المناخ التغیر المناخی التوازن البیئی استخدام الطاقة أفراد المجتمع إعادة التدویر الحفاظ على من خلال
إقرأ أيضاً:
ما العلاقة بين البراكين والتغير المناخي؟
تشير معظم الدراسات إلى أن تأثير الانفجارات البركانية على الانحباس الحراري ضئيل، وهو يختلف حسب نوع الانفجار ومدته وطبيعة المواد التي تطلقها تلك الانفجارات.
وحسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن النشاط البركاني يولّد ما بين 130 مليون طن و440 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، وهو مقدار ضئيل مقارنة بما تولده الأنشطة البشرية المختلفة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دراسة: غرينلاند تفقد غطاءها الجليدي بأكبر من المتوقعlist 2 of 2بريطانيا تلجأ للصين لمواجهة سياسات ترامب المعادية للمناخend of listويولّد النشاط البشري نحو 35 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، أي 80 ضعفا عن الحد الأعلى للتقديرات الخاصة بالنشاط البركاني، و270 ضعفا عن الحد الأدنى للتقديرات.
ويتعلق الأمر هنا فقط بثاني أكسيد الكربون، لأن النشاط البشري يطلق غازات دفيئة أخرى في الغلاف الجوي -مثل الميثان- بكميات أكبر كثيرا من تلك التي تطلقها البراكين.
وكان أكبر ثوران بركاني في القرن الـ20 هو ثوران جبل "بيناتوبو" في الفلبين في عام 1991، وإذا حدث انفجار بهذا الحجم كل يوم -وفقا لحسابات وكالة ناسا- فإنه سوف يطلق نصف كمية ثاني أكسيد الكربون التي يطلقها النشاط البشري اليومي.
ويمكن أن يكون للبراكين أيضا تأثير تبريد قصير المدى عندما تطلق البراكين القوية انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت (إس أو2) إلى الغلاف الجوي مثل بركان "بيناتوبو" عام 1991م أو "كراكاتوا" في إندونيسيا عام 1883.
إعلانكما تُطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت إلى "الستراتوسفير" (الطبقة العليا من الغلاف الجوي) فيتفاعل هذا الغاز مع الماء ليشكل ما تسمى هباءات كبريتات تعكس أشعة الشمس، مما يؤدي إلى تبريد مؤقت لسطح الأرض، وقد يستمر هذا التأثير من أشهر إلى بضع سنوات.
وعلى سبيل المثال، تسبب ثوران جبل "بيناتوبو" في الفلبين في انخفاض متوسط درجة الحرارة العالمية بنحو 0.5 درجة لمدة عامين.
أما على مستوى التأثير طويل المدى (على الاحترار المحتمل) فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (سي أو2) التي تطلقها البراكين تكون كمياتها ضئيلة مقارنة بانبعاثات البشر الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، وبالتالي يكون تأثيرها ضعيفا.
وحتى التبريد البركاني يكون مؤقتا، ولا يعادل تأثير الاحترار الناتج عن الأنشطة البشرية حيث يكون مستمرا ومتصاعدا بسبب تراكم غازات الدفيئة (مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان) بكميات تفوق بكثير ما تطلقه البراكين.
وفي فترات جيولوجية معينة قد تساهم النشاطات البركانية الهائلة والممتدة مثل انفجارات "المصاطب القاعدية" (كتلك التي شكلت "مصاطب ديكان" في الهند) في ارتفاع معدلات ثاني أكسيد الكربون على مدى آلاف السنين، مما قد يسهم في احترار طويل المدى، ولكن لا يوجد دليل على أن النشاط البركاني قد زاد على مدار المائتي عام الماضية.
وهناك تأثيرات أخرى للبراكين، من بينها تصاعد الرماد البركاني الذي قد يحجب أشعة الشمس مؤقتا، لكنه يترسب بسرعة ولا يؤثر على المناخ عالميا، لكن للانفجارات البركانية تفاعلات مع الأوزون، إذ يمكن أن تساهم "هباءات الكبريت" في التأثير طبقة الأوزون في المناطق القطبية.
وفي تقريرها لعام 2013 وجدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن التأثيرات المناخية للنشاط البركاني كانت "غير ذات أهمية" على نطاق قرن من الزمان.
إعلانوعموما، تؤثر البراكين على المناخ عبر التبريد المؤقت الناتج عن انبعاثات الكبريت، في حين يعد تأثيرها في الاحترار العالمي ضئيلا مقارنة بالأنشطة البشرية، ومع ذلك تبقى دراسة البراكين مهمة لفهم التقلبات المناخية الطبيعية وتأثيراتها على النظام البيئي.