«الطاقة» القوة الاقتصادية.. مصر تدخل نادي صناعة الغاز عالميا بمحطات «التسييل والنقل»
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
شهد قطاع البترول والغاز الطبيعى خلال فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى اهتماماً كبيراً من الدولة، باعتباره أحد وأهم القطاعات الوطنية التى تحقّق عائداً كبيراً لإيرادات الدولة، ورافداً أساسياً فى توفير العملة الصعبة، وهو ما جعل القيادة السياسية تتّجه للتركيز على هذا القطاع وتحديثه وتنميته ووضع استراتيجيات خاصة به منذ عام 2014.
ورصد المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فى كتابه «حكاية وطن»، أبرز الإيجابيات التى استطاعت الدولة تحقيقها خلال السنوات الماضية فى زيادة إنتاج الغاز الطبيعى والبترول، والاتجاه إلى التصدير، وجذب استثمارات كبيرة، واستغلال القدرة التى تمتلكها الدولة، سواء سياسية أو ثروات أو مواقع جغرافية وبنية تحتية.
وعملت الدولة على التوسّع فى المشروعات الاستكشافية للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعى، وزيادة العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية للعمل فى السوق المصرية من خلال تذليل الكثير من العقبات التى تواجه المستثمر الأجنبى، وإنهاء البيروقراطية والروتين الذى كان يضيع الكثير من الوقت.
وخطفت الطاقة الجديدة والمتجدّدة مثل الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء اهتمام خطط الدولة خلال الفترة الماضية، باعتبارها وقود وطاقة المستقبل الذى تسعى مصر لتحقيق الريادة العالمية به، فى ظل الإمكانيات والموارد المتاحة لديها، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات العالمية لهذا القطاع.
تتحول لمركز إقليمى للطاقة.. والدولة الأولى فى إقليم «شرق المتوسط» فى الخدمات اللوجيستية والبنية التحتية والقدرة على التصديرتمتلك مصر محطتين لإسالة الغاز الطبيعى لتصديره، هما مصنعا «إدكو» و«دمياط»، حيث تعتبر خطوة أولى للوصول إلى دول أوروبا، وهو ما يسهم فى تحقيق التحول لمركز إقليمى لتداول الغاز المسال، ونفذت الدولة عدداً من الاتفاقيات التى تسهم فى تحقيق مساعيها، وذلك مع الدول المنتجة للغاز الطبيعى فى إقليم شرق المتوسط، كان من ضمنها اتفاقية قبرص لإنشاء خط أنابيب بحرى يربط حقل غاز «أفروديت» القبرصى بمحطات الإسالة، حيث تستهدف نقله لمصر لتسييله، ثم إعادة تصديره إلى دول الاتحاد الأوروبى.
كما وقعت مصر اتفاقاً، فى فبراير 2018، يقضى بتصدير الغاز الطبيعى من الحقول الإسرائيلية إلى منشأة الإسالة بـ15 مليار دولار لنقل 32 مليار متر مكعب، وقد تم تعديل الاتفاق خلال شهر أكتوبر 2019، تضاعفت خلاله الصادرات الإسرائيلية إلى 60 مليار متر مكعب على مدار 15 عاماً.
كما يمثل الاتفاق بين مصر وسوريا والأردن ولبنان، خلال شهر سبتمبر 2021، فيما يتعلق بإحياء خط الغاز العربى، بهدف نقل الغاز المصرى إلى لبنان عبر سوريا والأردن، مؤشراً على دورها فى إدارة قواعد اللعبة المنظمة لنقل الغاز الطبيعى لدول إقليم شرق المتوسط، خاصة بعدما توقف الخط خلال عام 2011 بسبب الأحداث التى مرت بها المنطقة.
وتعمل الحكومة على توظيف كل إمكاناتها اللوجيستية الفريدة، خاصة أنها تتميز دون غيرها من دول إقليم شرق المتوسط بالبنية التحتية التى تؤهلها لتحقيق حلم التحول لمركز إقليمى للطاقة، سواء من التقارب الجغرافى بين حقول الغاز المكتشفة فى كل من قبرص وإسرائيل ومصر، أو قناة السويس وخط أنابيب «سوميد»، حيث يعملان كممر وطريق لعبور النفط والغاز الطبيعى الذى يتم شحنه من الخليج إلى أوروبا، بجانب قناة السويس وما تحمله من أهمية كأسرع طريق بحرى بين قارتى آسيا وأوروبا، علاوة على مرور نحو 15% من حركة الملاحة العالمية فيها، حيث يوفر خط سوميد طريقاً بديلاً لنقل الطاقة من البحر الأحمر إلى المتوسط فى حال تعثر عملية النقل عبر قناة السويس، ويمتد الخط البالغ طوله 322 كم من العين السخنة على خليج السويس إلى سيدى كرير على البحر الأبيض المتوسط.
كما تمتلك مصر محطتى إسالة إدكو ودمياط، وهما المصنعان الوحيدان للغاز المسال فى شرق البحر المتوسط، ما يمنحها ميزة لا تتوافر لباقى الدول، حيث تستطيع المنشأتان تسييل ما يقدر بنحو 19 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.
كما اتخذت دوراً قيادياً فى تأسيس واستضافة منظمة غاز شرق المتوسط، وانخراطها فى التفاعلات الجماعية والتعاونية بالمنطقة، ما يسهم بشكل كبير فى تحولها إلى مركز إقليمى للطاقة، حيث تحقق مصانع إسالة الغاز الواقعة على البحر المتوسط فى دمياط وإدكو عائدات مالية لصالح الاقتصاد، وتلعب دوراً مهماً فى المستقبل فى ظل الاكتشافات الغازية التى تحققت فى منطقة شرق البحر المتوسط.
من جانبه، قال المهندس وائل حامد عبدالمعطى، الخبير فى الصناعات الغازية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك»، إن مصر استطاعت تصدير كميات كبيرة من الغاز الطبيعى المسال، وتسعى بشكل كبير لزيادتها، حيث استطاعت أن تكون منافساً قوياً لصادرات الغاز الطبيعى للدول الأوروبية، خاصة فى ظل الأزمات الحالية وانخفاض واردات أوروبا من الغاز الروسى، المورد الأكبر لاحتياجاتها من الغاز، وهو ما يجعلها تبحث عن بدائل لتلبية احتياجاتها.
خبير: تستهدف الوصول إلى 8 ملايين طن من صادراتها للغاز للدول الأجنبية والأوروبيةوأضاف «عبدالمعطى»، لـ«الوطن»، أن مصر تسعى إلى تحقيق أرقام جديدة وقياسية فى كميات الصادرات من الغاز الطبيعى المسال، حيث تستهدف الدولة أن تصل إلى 8 ملايين طن من صادراتها للغاز الطبيعى للدول الأجنبية والأوروبية والدول الأخرى، وتستخدم بيع الشحنات الفورية للغاز، والتى يتم إرسالها حسب السعر الذى يتم الاتفاق عليه للبيع حسب العقد، ومن يرغب فى شرائه يطلب الشحنة له، وهو ما حدث خلال الفترة الماضية، إذ كان هناك نقص وتخوف فى إمدادات الغاز الطبيعى إلى أوروبا.
ولفت الخبير فى الصناعات الغازية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» إلى أن العالم خلال الفترة الماضية شهد العديد من التغيرات فى الأسواق العالمية والمنطقة فيما يخص الغاز الطبيعى، وتعتبر مصر من الدول التى استفادت من ارتفاع أسعار الغاز العالمية بتصديرها للغاز المسال للدول الأوروبية بعد تقليل اعتماد هذه الدول على الغاز الروسى بسبب الأزمة الروسية - الأوكرانية.
وأكد أن مصر شهدت طفرة كبيرة فى قطاع الغاز الطبيعى وتصديره، وكان أبرز الأسباب فى دخولها واتجاهها نحو التصدير هو اكتشاف حقل «ظهر» عام 2015، ووضعه على خطوط الإنتاج عام 2018، حيث يعد من أكبر الحقول المكتشفة فى منطقة المتوسط بمخزون يقدر بـ30 تريليون قدم مكعب، وبفضله تمكنت من إيقاف اعتمادها على استيراد الغاز المسال عام 2018، بعد أن اضطرت لاستيراده نتيجة تراجع الإنتاج المحلى منذ 2012 وعدم كفايته لتلبية الطلب، وكانت مرشحة فى هذه الفترة لأن تكون أكبر دولة مستوردة للغاز فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو الأمر الذى كان سيشكل عبئاً كبيراً على الدولة وميزانيتها، من حيث تكاليف الاستيراد، إلا أن الاكتشافات الجديدة حالت دون حدوث ذلك.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الطاقة النظيفة وقود المستقبل الغاز الطبیعى شرق المتوسط من الغاز وهو ما
إقرأ أيضاً:
البحوث الزراعية ينظم ورشة عمل عن الطاقة وآثارها الاقتصادية على الإنتاج الزراعي
نظم البحوث الزراعية ورشة عمل بعنوان الطاقة وأثارها الاقتصادية على مدخلات ومخرجات الإنتاج الزراعي و ذلك فى ظل دعم الطاقة في العديد من دول العالم، يمثل سياسة جوهرية ضمن سياسة الانفاق الحكومي لتحقيق عدة أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية، إلا أنه مع توسع الدول في سياسات الدعم، فقد شكل ذلك ضغطا متزايدا على ميزانيات الدول، وتشوهات في الأسعار، و سوء تخصيص الموارد، كما شجع وبدون قصد على الهدر في موارد الطاقة بسب سوء الاستهلاك، وما ترتب على ذلك من أثار بيئية بسبب ارتفاع الغازات الدفيئة، وهو ما دفع الدول والهيئات والمؤسسات الاقتصادية الدولية نحو ضرورة القيام باتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح دعم الطاقة للحد من أثاره الاقتصادية والبيئية.
وفى ضوء توجيهات علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بضرورة الوقوف على التحديات التي تواجه القطاع الزراعي المصري وايجاد حلول لها وتحت رعاية الدكتور عادل عبدالعظيم رئيس مركز البحوث الزراعية.
نظم معهد بحوث الاقتصاد الزراعي تحت إشراف الدكتور عبدالوكيل محمد أبوطالب القائم بأعمال مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي، ورشة عمل بعنوان "أسعار الطاقة وأثارها الاقتصادية على مدخلات ومخرجات الإنتاج الزراعي"، بوحدة بحوث الشرقية التابعة للمعهد.
وقد استهدفت الورشة التي حاضر كلا من الدكتورة إيمان رجب حسن سليمان، والدكتور أحمد جلال نورالدين للتعرف على مفهوم الدعم وصوره وكيف يمكن قياسه،و بدائل الطاقة التقليدية ومدي إتاحتها.
وقد أشارت توصيات ورشة العمل الي ان العلاقة الطردية بين تخفيض دعم الطاقة وتناقص العجز الكلي في الموازنة، هو ما يعكس أهمية دور إصلاح دعم الطاقة في خفض معدلات العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة.
وفيما يتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي يؤدي إلى إعادة توزيع الموارد على أنشطة أقل كثافة في استخدام الطاقة وراس المال وأكثر كفاءة، بما يساعد على زيادة البحث والتطوير في مجال التقنيات البديلة الموفرة للطاقة،
وفيما يتعلق بالتضخم فإن إصلاح دعم الطاقة سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار منتجات الطاقة بشكل مباشر وأسعار السلع الأخرى بشكل غير مباشر وهو ما يزيد في معدلات التضخم في الأجل القصير أما في الأجل الطويل فإن إصلاح دعم الطاقة سيؤدي إلى التراجع في معدلات استهلاك الطاقة، ويحفز القطاعين الإنتاجي والاستهلاكي للتحول نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة.
وأخيرا بالنسبة للاستدامة البيئية ترتبط مشاكل الطاقة والمشاكل البيئية ببعضها ارتباطا وثيقا لأنه يكاد يكون من المستحيل إنتاج أو نقل أو استهلاك الطاقة بدون حدوث أثار بيئية ملحوظة.
ومن خلال المناقشات وتبادل الخبرات توصلت الورشة إلى بعض التوصيات منها تطوير التكنولوجيا المستخدمة في إنتاج الأسمدة النيتروجينية لخفض معدلات استهلاك الغاز الطبيعي داخل المصانع، وزيادة الاستفادة من الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية، ووضع المعايير اللازمة لتقييم كفاءة استخدام الطاقة في القطاع الزراعي وما يترتب عليه من تطوير المنظومة الإنتاجية في هذا القطاع.