شهد قطاع البترول والغاز الطبيعى خلال فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى اهتماماً كبيراً من الدولة، باعتباره أحد وأهم القطاعات الوطنية التى تحقّق عائداً كبيراً لإيرادات الدولة، ورافداً أساسياً فى توفير العملة الصعبة، وهو ما جعل القيادة السياسية تتّجه للتركيز على هذا القطاع وتحديثه وتنميته ووضع استراتيجيات خاصة به منذ عام 2014.

ورصد المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فى كتابه «حكاية وطن»، أبرز الإيجابيات التى استطاعت الدولة تحقيقها خلال السنوات الماضية فى زيادة إنتاج الغاز الطبيعى والبترول، والاتجاه إلى التصدير، وجذب استثمارات كبيرة، واستغلال القدرة التى تمتلكها الدولة، سواء سياسية أو ثروات أو مواقع جغرافية وبنية تحتية.

وعملت الدولة على التوسّع فى المشروعات الاستكشافية للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعى، وزيادة العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية للعمل فى السوق المصرية من خلال تذليل الكثير من العقبات التى تواجه المستثمر الأجنبى، وإنهاء البيروقراطية والروتين الذى كان يضيع الكثير من الوقت.

وخطفت الطاقة الجديدة والمتجدّدة مثل الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء اهتمام خطط الدولة خلال الفترة الماضية، باعتبارها وقود وطاقة المستقبل الذى تسعى مصر لتحقيق الريادة العالمية به، فى ظل الإمكانيات والموارد المتاحة لديها، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات العالمية لهذا القطاع.

تتحول لمركز إقليمى للطاقة.. والدولة الأولى فى إقليم «شرق المتوسط» فى الخدمات اللوجيستية والبنية التحتية والقدرة على التصدير

تمتلك مصر محطتين لإسالة الغاز الطبيعى لتصديره، هما مصنعا «إدكو» و«دمياط»، حيث تعتبر خطوة أولى للوصول إلى دول أوروبا، وهو ما يسهم فى تحقيق التحول لمركز إقليمى لتداول الغاز المسال، ونفذت الدولة عدداً من الاتفاقيات التى تسهم فى تحقيق مساعيها، وذلك مع الدول المنتجة للغاز الطبيعى فى إقليم شرق المتوسط، كان من ضمنها اتفاقية قبرص لإنشاء خط أنابيب بحرى يربط حقل غاز «أفروديت» القبرصى بمحطات الإسالة، حيث تستهدف نقله لمصر لتسييله، ثم إعادة تصديره إلى دول الاتحاد الأوروبى.

كما وقعت مصر اتفاقاً، فى فبراير 2018، يقضى بتصدير الغاز الطبيعى من الحقول الإسرائيلية إلى منشأة الإسالة بـ15 مليار دولار لنقل 32 مليار متر مكعب، وقد تم تعديل الاتفاق خلال شهر أكتوبر 2019، تضاعفت خلاله الصادرات الإسرائيلية إلى 60 مليار متر مكعب على مدار 15 عاماً.

كما يمثل الاتفاق بين مصر وسوريا والأردن ولبنان، خلال شهر سبتمبر 2021، فيما يتعلق بإحياء خط الغاز العربى، بهدف نقل الغاز المصرى إلى لبنان عبر سوريا والأردن، مؤشراً على دورها فى إدارة قواعد اللعبة المنظمة لنقل الغاز الطبيعى لدول إقليم شرق المتوسط، خاصة بعدما توقف الخط خلال عام 2011 بسبب الأحداث التى مرت بها المنطقة.

وتعمل الحكومة على توظيف كل إمكاناتها اللوجيستية الفريدة، خاصة أنها تتميز دون غيرها من دول إقليم شرق المتوسط بالبنية التحتية التى تؤهلها لتحقيق حلم التحول لمركز إقليمى للطاقة، سواء من التقارب الجغرافى بين حقول الغاز المكتشفة فى كل من قبرص وإسرائيل ومصر، أو قناة السويس وخط أنابيب «سوميد»، حيث يعملان كممر وطريق لعبور النفط والغاز الطبيعى الذى يتم شحنه من الخليج إلى أوروبا، بجانب قناة السويس وما تحمله من أهمية كأسرع طريق بحرى بين قارتى آسيا وأوروبا، علاوة على مرور نحو 15% من حركة الملاحة العالمية فيها، حيث يوفر خط سوميد طريقاً بديلاً لنقل الطاقة من البحر الأحمر إلى المتوسط فى حال تعثر عملية النقل عبر قناة السويس، ويمتد الخط البالغ طوله 322 كم من العين السخنة على خليج السويس إلى سيدى كرير على البحر الأبيض المتوسط.

كما تمتلك مصر محطتى إسالة إدكو ودمياط، وهما المصنعان الوحيدان للغاز المسال فى شرق البحر المتوسط، ما يمنحها ميزة لا تتوافر لباقى الدول، حيث تستطيع المنشأتان تسييل ما يقدر بنحو 19 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.

كما اتخذت دوراً قيادياً فى تأسيس واستضافة منظمة غاز شرق المتوسط، وانخراطها فى التفاعلات الجماعية والتعاونية بالمنطقة، ما يسهم بشكل كبير فى تحولها إلى مركز إقليمى للطاقة، حيث تحقق مصانع إسالة الغاز الواقعة على البحر المتوسط فى دمياط وإدكو عائدات مالية لصالح الاقتصاد، وتلعب دوراً مهماً فى المستقبل فى ظل الاكتشافات الغازية التى تحققت فى منطقة شرق البحر المتوسط.

من جانبه، قال المهندس وائل حامد عبدالمعطى، الخبير فى الصناعات الغازية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك»، إن مصر استطاعت تصدير كميات كبيرة من الغاز الطبيعى المسال، وتسعى بشكل كبير لزيادتها، حيث استطاعت أن تكون منافساً قوياً لصادرات الغاز الطبيعى للدول الأوروبية، خاصة فى ظل الأزمات الحالية وانخفاض واردات أوروبا من الغاز الروسى، المورد الأكبر لاحتياجاتها من الغاز، وهو ما يجعلها تبحث عن بدائل لتلبية احتياجاتها.

خبير: تستهدف الوصول إلى 8 ملايين طن من صادراتها للغاز للدول الأجنبية والأوروبية

وأضاف «عبدالمعطى»، لـ«الوطن»، أن مصر تسعى إلى تحقيق أرقام جديدة وقياسية فى كميات الصادرات من الغاز الطبيعى المسال، حيث تستهدف الدولة أن تصل إلى 8 ملايين طن من صادراتها للغاز الطبيعى للدول الأجنبية والأوروبية والدول الأخرى، وتستخدم بيع الشحنات الفورية للغاز، والتى يتم إرسالها حسب السعر الذى يتم الاتفاق عليه للبيع حسب العقد، ومن يرغب فى شرائه يطلب الشحنة له، وهو ما حدث خلال الفترة الماضية، إذ كان هناك نقص وتخوف فى إمدادات الغاز الطبيعى إلى أوروبا.

ولفت الخبير فى الصناعات الغازية بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» إلى أن العالم خلال الفترة الماضية شهد العديد من التغيرات فى الأسواق العالمية والمنطقة فيما يخص الغاز الطبيعى، وتعتبر مصر من الدول التى استفادت من ارتفاع أسعار الغاز العالمية بتصديرها للغاز المسال للدول الأوروبية بعد تقليل اعتماد هذه الدول على الغاز الروسى بسبب الأزمة الروسية - الأوكرانية.

وأكد أن مصر شهدت طفرة كبيرة فى قطاع الغاز الطبيعى وتصديره، وكان أبرز الأسباب فى دخولها واتجاهها نحو التصدير هو اكتشاف حقل «ظهر» عام 2015، ووضعه على خطوط الإنتاج عام 2018، حيث يعد من أكبر الحقول المكتشفة فى منطقة المتوسط بمخزون يقدر بـ30 تريليون قدم مكعب، وبفضله تمكنت من إيقاف اعتمادها على استيراد الغاز المسال عام 2018، بعد أن اضطرت لاستيراده نتيجة تراجع الإنتاج المحلى منذ 2012 وعدم كفايته لتلبية الطلب، وكانت مرشحة فى هذه الفترة لأن تكون أكبر دولة مستوردة للغاز فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو الأمر الذى كان سيشكل عبئاً كبيراً على الدولة وميزانيتها، من حيث تكاليف الاستيراد، إلا أن الاكتشافات الجديدة حالت دون حدوث ذلك.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الطاقة النظيفة وقود المستقبل الغاز الطبیعى شرق المتوسط من الغاز وهو ما

إقرأ أيضاً:

انخفاض للإنتاج وارتفاع الطلب.. كيف تواجه مصر أزمة الطاقة في 2025؟

تسعى مصر  إلى تعزيز علاقاتها مع كبرى شركات الطاقة العالمية، حيث تعمل حالياً على إجراء محادثات، مع عدّة شركات دولية، بينها أمريكية، لعقد اتفاقيات طويلة الأجل، بغية شراء الغاز الطبيعي المسال، وتجنّب التقلبات العالمية في السوق الفورية الأكثر تكلفة.

وبحسب وكالة "رويترز" قالت ثلاثة مصادر، إنّ: "مصر تجري محادثات مع شركات أمريكية وشركات أجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال، عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في إطار سعيها إلى تجنب الشراء من السوق الفورية الأكثر تكلفة لتلبية الطلب على الطاقة".

إثر ذلك، عادت مصر إلى وضع المستورد الصافي للغاز الطبيعي، إذ اشترت عشرات الشحنات خلال العام الجاري، وتخلّت عن خطتها للتحول إلى مورد لأوروبا، وسط انخفاض حاد في إنتاج الغاز المحلي.


وأشارت بيانات "مبادرة بيانات المنظمات المشتركة" (جودي) إلى: "تراجع إمدادات الغاز الطبيعي المحلية في أيلول/ سبتمبر  إلى أدنى مستوى، خلال سبع سنوات، ويرجع ذلك إلى انخفاض الإنتاج وزيادة استهلاك الطاقة".

كذلك، تشير بيانات شركة الاستشارات "إنرجي أسبكتس" إلى: "توقعات بانخفاض إنتاج الغاز المحلي 22.5 في المئة إضافية بحلول نهاية 2028". وفي الوقت نفسه، يتوقع محللون زيادة استهلاك الطاقة في البلاد 39 في المئة، على مدى العقد المقبل.

وقال مصدر بالقطاع، إن "وزارة (البترول) تسعى إلى توفير إمدادات لثلاث أو أربع سنوات، لتجنّب الزيادات المفاجئة في الأسعار. وترغب أيضا في الاتفاق على شروط مرنة، أملا في العثور على إمدادات غاز في وقت قريب أو عدم الحاجة إلى إمدادات كبيرة".

وقال مصدران تجاريان، إنّ: "القاهرة تجري محادثات بشكل أساسي مع شركات في الولايات المتحدة وشركات تتولى تجميع وبيع الإنتاج من شركات أمريكية، نظرا لمرونتها مقارنة بالمنتجين الآخرين". فيما طلبت المصادر الثلاثة عدم ذكر أسمائها.


وقالت مصادر تجارية، في تشرين الأول /أكتوبر  إنّ: "مصر من المتوقع أن تجري مناقصة لشراء ما يصل إلى 20 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، لتغطية الطلب في الربع الأول من 2025". ودفعت مصر علاوة تتراوح بين دولار ودولارين مقابل مشتريات من الغاز المسال، حصلت عليها في وقت سابق من العام الجاري.

وارتفعت أسعار الغاز المسال في السوق الفورية مؤخرا، إلى ما يقرب من 14.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من نحو 12 دولارا، حينما بدأت القاهرة طرح مناقصات للشراء؛ ما يرفع تكلفة الشحنات الجديدة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة في النقد الأجنبي.

وقال المصدر الأول، إنّ: "مصر تعكف على تجهيز البنية التحتية اللازمة لاستيراد الغاز المسال في العين السخنة والإسكندرية". فيما أفادت شركة "كبلر" لتحليل البيانات، الشهر الماضي، بأن مصر من المتوقع أن تضع وحدة عائمة ثانية للتخزين وإعادة التغويز في أوائل العام المقبل.

وأظهرت بيانات تتبع السفن من "كبلر" أنه منذ أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر ، حوّلت أربع شحنات من الغاز الطبيعي المسال مسارها من مصر إلى أوروبا.


من جهته، قال وزير البترول، كريم بدوي، الاثنين. إنّ: "إنتاج الغاز شهد زيادة 200 مليون قدم مكعبة بحلول  تشرين الأول/ أكتوبر الماضي". مضيفا أنه "يأمل في إضافة 420 مليون قدم مكعبة يوميا بحلول العام المقبل، من حقلي ظهر وريفين، وهما اثنان من الامتيازات الرئيسية في مصر".

وعلاوة على الزيادة المحتملة في الإنتاج، قال المصدر الأول إنّ: "درجات الحرارة الأقل عن المتوقع، قد ساهمت في تقليل استهلاك الطاقة وحجم الهدر عبر شبكة التوزيع".

مقالات مشابهة

  • مصر بانتظار اكتشاف ضخم شرقي المتوسط
  • ثروة يمنية غير متوقعة قد تغيّر مصير البلاد وتضع اليمنيين بين الأغنى عالميا!
  • ‏خلال COP29.. الطاقة والبنية التحتية تستعرض جهود الإمارات في تعزيز الاستدامة بقطاع البناء
  • إمبراطورية لوكهيد مارتن.. لماذا صارت الأولى عالميا في صناعة الأسلحة؟
  • العجز الطاقي بتونس يتفاقم وخبراء يقترحون هذه الحلول
  • كيف تبخرت الوعود المصرية بالتحول إلى مركز لتصدير الغاز في المتوسط؟
  • مؤسسة النفط تنظم ورشة عمل حول مؤشرات الأداء في صناعة الغاز
  • عاجل.. عودة نظام تقسيط تكلفة توصيل الغاز الطبيعى للمنازل على ٧ سنوات
  • انخفاض للإنتاج وارتفاع الطلب.. كيف تواجه مصر أزمة الطاقة في 2025؟
  • الإمارات الأولى عالمياً في نصيب الفرد من الكهرباء النظيفة