روسيا تسيطر على أكبر اكتشاف نفطي في العراق منذ 20 عاما
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرا تحدث فيه عن سيطرة روسيا على أكبر اكتشاف نفطي في العراق خلال العقدين الماضيين يقع في منطقة كركوك ويمكن أن يعزز مكانة روسيا في صناعة النفط العالمية.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التقديرات الأولية تشير إلى أن حقل إريدو النفطي العراقي يزخر بنحو 7 إلى 10 مليارات برميل من الاحتياطيات.
وهذا يتماشى مع هدف موسكو وبكين المتمثّل في إبقاء الغرب خارج صفقات الطاقة في العراق لإبقاء بغداد أقرب إلى المحور الإيراني السعودي الجديد و"إنهاء الهيمنة الغربية في الشرق الأوسط التي ستصبح الفصل الحاسم في زوال الغرب النهائي". وموافقة وزارة النفط العراقية الأسبوع الماضي بأن تبيع شركة إنبكس – شركة النفط الرئيسية التابعة لليابان الحليف الرئيسي للولايات المتحدة – حصتها البالغة 40 في المائة في منطقة المربع 10 التي تحتوي على اكتشاف إريدو الضخم، تترك الطريق مفتوحًا أمام لوك أويل للسيطرة الكاملة على المنطقة الغنية بالنفط.
وأوضح الموقع أن شركة لوك أويل كانت تمتلك حصة 60 بالمئة في المنطقة 10 بأكملها، بينما تملك الشركة اليابانية النسبة المتبقية. ومنذ آذار/ مارس، كانت تبحث عن طرق لإخراج إنبكس من الكتلة ومعها آخر بقايا النفوذ الغربي في المنطقة. في شهر آذار/ مارس وافقت شركة نفط ذي قار المملوكة للدولة العراقية رسميًا على تطوير احتياطيات المربع 10، بما في ذلك حقل إريدو بأكمله. وتقع المنطقة رقم 10 في جنوب شرق العراق على بعد حوالي 120 كيلومتراً غرب طريق تصدير النفط الرئيسي من البصرة، وجنوب حقول النفط الضخمة في الناصرية وما حولها.
وأضاف الموقع أن عقد المنطقة 10 الذي تم منحه إلى شركتي لوك أويل وإنبكس في سنة 2012 في جولة التراخيص الرابعة في العراق وضع أجرًا مرتفعًا نسبيًا لكل برميل يبلغ 5.99 دولارًا أمريكيًا، على الرغم من أنه في تلك المرحلة لم يكن حقل إريدو الضخم قد تم اكتشافه. وفي سنة 2021، بعد بعض الاختبارات الأولية، قالت وزارة النفط العراقية إنها تتوقع ألا تقل ذروة الإنتاج عن 250 ألف برميل يوميًا من إريدو بحلول سنة 2027.
حسب تقديرات مصادر رفيعة المستوى في صناعة النفط الروسية، فإن ذروة الإنتاج يمكن أن تزيد بما لا يقل عن 100 ألف برميل يوميًا عن الرقم السابق، وذلك يرتبط بما إذا كانت تقديرات الاحتياطيات الجديدة صحيحة. ورغم التأخير في التطوير منذ سنة 2021، إلا أن التاريخ الذي ستنتهي فيه الأعمال قرب نهاية سنة 2029.
بالعودة إلى سنة 2021 - على الأقل قبل انسحاب الولايات المتحدة رسميًا من العراق - كان من الواضح أن واشنطن تعرف ما تخطط له روسيا والصين على المدى الطويل في البلاد، وكيف وقع التلاعب بالولايات المتحدة من قبل العراق. صرّحت دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي آنذاك: "من الواضح أن بعض البلدان والشركاء سيرغبون في التحوط واختبار ما قد يكون بمقدورهم الحصول عليه من الولايات المتحدة من خلال اختبار التعاون الأعمق مع الصينيين أو الروس، لاسيما في المجال الأمني والعسكري".
لم تكن هذه التعليقات موجّهة إلى العراق فحسب، بل إلى أغلب الدول الأخرى في الشرق الأوسط في ذلك الوقت وأبرزها المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة. في المقابل، لم يكن لهذه الرؤية العميقة أي تأثير على واشنطن في تلك المرحلة، ولم تشكل أي عائق على الإطلاق أمام مساعي روسيا أو الصين المستمرة لدفع الولايات المتحدة بالكامل إلى الخروج من الشرق الأوسط، كما تم تحليله بعمق في كتابي الجديد عن الشرق الأوسط "النظام العالمي الجديد لسوق النفط".
وبالنسبة للعراق، كانت نهاية اللعبة واضحة من استيلاء روسيا الفعلي على صناعة النفط والغاز في منطقة كردستان التي تتمتع بحكم شبه ذاتي في البلاد في الشمال. وحدث هذا في ظل الفوضى التي أعقبت القمع الوحشي للمنطقة بعد أن صوت 93 بالمئة من سكانها لصالح الاستقلال الكامل عن العراق في أيلول/ سبتمبر 2017. وتم تأمين السيطرة الروسية على كردستان العراق عبر وكيل الدولة، روسنفت، من خلال ثلاث وسائل.
وفي وقت لاحق، تلاعبت روسيا بالمنطقة وأدخلتها في مواجهة سامة مع الحكومة العراقية المركزية في بغداد، حيث تسير المرحلة الأخيرة من خطة دمج إقليم كردستان العراق بشكل فعال في بقية العراق بأقصى سرعة الآن. ونظرا لهذا، تتحرك روسيا والصين الآن لتأمين هيمنتهما على بقية العراق، وتعدّ إزالة "إنبكس" من حقل إريدو الضخم مجرد مثال أحدث لاستراتيجيتهما الأوسع في العمل.
وذكر الموقع أن صفقات الاستكشاف والتطوير المتعددة للحقول، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من اتفاقيات "التعاقد فقط" الأقل أهمية، مع الشركات الروسية والصينية تتيح للبلدين مجالًا واسعًا للاستفادة من هذه الاتفاقيات في وجود جيوسياسي أصعب في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك داخل نسيج بنيتها التحتية الرئيسية.
وفي اجتماع مجلس الوزراء العراقي الأخير، تم الاتفاق على أنه يجب على البلاد حاليًا تقديم دعمها الكامل لطرح جميع جوانب "الاتفاقية الإطارية العراقية الصينية" واسعة النطاق الموقعة في كانون الأول/ ديسمبر 2021، ولكن تم الاتفاق عليها من حيث المبدأ قبل أكثر من سنة. وتشبه هذه الاتفاقية إلى حد كبير "اتفاقية التعاون الشامل بين إيران والصين لمدة 25 سنة" من حيث النطاق والحجم.
وأوضح الموقع أن الجزء الرئيسي من كلا الصفقتين يكمن في أن الصين ترفض أولا جميع مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات التي ستطرح في العراق طوال مدة الصفقة، وأن يتم منحها خصمًا بنسبة 30 بالمئة على الأقل على جميع مشاريع النفط والغاز والبتروكيماويات التي تشتريها. وهناك جزء رئيسي آخر من الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين وهو السماح لبكين ببناء مصانع في جميع أنحاء البلاد، مع ما يترتب عليه بناء بنية تحتية داعمة.
ويشمل ذلك خطوط السكك الحديدية، التي يُشرف عليها جميعها موظفو إدارتها من الشركات الصينية الموجودة على الأرض في العراق. وسيتم الانتهاء من البنية التحتية للسكك الحديدية في العراق بعد الانتهاء من الشبكة في إيران، وقد بدأ ذلك بشكل جدي في أواخر سنة 2020 بعقد كهربة خط سكة الحديد الرئيسي الذي يبلغ طوله 900 كيلومتر والذي يربط طهران بمدينة مشهد الشمالية الشرقية.
وكعامل مساعد لذلك، تم وضع خطط لإنشاء خط قطار فائق السرعة بين طهران وقم وأصفهان وتوسيع هذه الشبكة المطورة حتى الشمال الغربي عبر تبريز. وستكون تبري نقطة محورية لطريق الحرير الجديد الذي يبلغ طوله 2300 كيلومتر والذي يربط أورومتشي (عاصمة مقاطعة شينجيانغ الغربية الصينية) بطهران، وسيربط كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان على طول الطريق، قبل أن يصل إلى أوروبا عبر تركيا.
وترتبط هذه الخطط بدورها بالخطط الطبيعية التي وضعتها روسيا والصين لتحويل المنطقة الجنوبية الشرقية من العراق بأكملها إلى منطقة يتقاطع فيها النفط والغاز الذي تسيطر عليه روسيا والصين. كانت إحدى هذه الصفقات الأساسية تقوم على موافقة بغداد على ما يقارب تريليون دينار عراقي (700 مليون دولار أمريكي) لمشاريع البنية التحتية في مدينة الزبير إلى الجنوب من البصرة. وقال محافظ المدينة وقت إبرام الصفقة، عباس السعدي، إن مشاركة الصين الكبيرة في المشاريع كانت جزءًا من اتفاقية "النفط مقابل الإعمار والاستثمار" ذات القاعدة العريضة.
وحسب الموقع، جاء إعلان الزبير بعد فترة وجيزة من منح بغداد عقدًا كبيرًا آخر لشركة صينية أخرى لبناء مطار مدني ليحل محل القاعدة العسكرية في عاصمة محافظة ذي قار الجنوبية الغنية بالنفط. وتضمّ منطقة ذي قار اثنين من أكبر حقول النفط المحتملة في العراق - الغراف والناصرية - وقالت الصين إنها تعتزم استكمال المطار بحلول سنة 2024. وتقع هذه المنطقة أيضًا إلى الشمال مباشرة من حقل نفط إريدو الضخم وإلى الشمال الغربي من البصرة. وسيتضمن مشروع المطار إنشاء العديد من مباني الشحن والطرق التي تربط المطار بوسط المدينة وبشكل منفصل بالمناطق النفطية الرئيسية الأخرى في جنوب العراق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة سيطرة روسيا العراق النفط العراق النفط روسيا سيطرة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط روسیا والصین النفط والغاز صناعة النفط الموقع أن فی العراق فی منطقة
إقرأ أيضاً:
سوق النفط.. دعوات لتخفيض الأسعار بموازنة 2025
الاقتصاد نيوز - بغداد
تواصل تقلبات اسعار النفط اثارة الشكوك في الاوساط العراقية، بظل الانعكاسات الكبيرة على اقتصاد البلد الذي يعتمد بشكل كبير جدا على الذهب الاسود. وشهدت أسعار النفط هبوطًا حادًا هذا العام، لاسيما خلال الأسبوعين الماضيين، بعد أن أثارت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب اضطرابات في الأسواق العالمية. وكان البرلمان قد صادق في منتصف عام 2023 على خطة إنفاق تمتد حتى عام 2025، بافتراض سعر 70 دولارًا للبرميل في موازنة 2023، مع إمكانية مراجعة الأسعار في السنوات اللاحقة. وبهذا الصدد، أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، إن السعر التقديري للنفط لعام 2025 سيكون أقل من 80 دولارًا للبرميل. وقال صالح، إن أسعار النفط تشكل مؤشرًا أساسيًا في بناء إيرادات الموازنة العامة للعام 2025، لكنها ليست العامل الوحيد الحاسم. وأوضح صالح خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، أن الأهم في إدارة المالية العامة هو سقف الإنفاق الكلي والانضباط المالي، إلى جانب التحوّط تجاه تقلبات دورة الأصول النفطية، مشددًا على ضرورة اعتماد نهج حذر في احتساب الإيرادات النفطية وتقدير مستويات الاقتراض المحتملة. وأشار إلى أن أولويات الإنفاق يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار في إعداد الموازنة، وفي مقدمتها تأمين الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية، والرعاية الاجتماعية، والدعم الزراعي، واستكمال المشاريع التنموية والخدمية وفقًا للبرنامج الحكومي. وبيّن المستشار الاقتصادي أن البلاد دخلت الفصل الثاني من السنة المالية 2025 وسط استقرار ملحوظ في الشأن المالي، مما يُعزز من إمكانية تنفيذ السياسات المالية بكفاءة واتزان. جهات نيابية واقتصادية حذرت الحكومة العراقية من انخفاض كبير للاسعار بالمرحلة المقبلة، وهو ما يدفعها لوضع سعر ملائم لتحديات المرحلة الحالية. بدوره، أكد عضو اللجنة المالية النيابية، النائب حسين مؤنس، إن اللجنة طالبت منذ إقرار قانون الموازنة الثلاثية في عام 2022 بضرورة التحوط في تسعير النفط، وحذر مؤنس خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز" من توجه الأسعار العالمية نحو الانخفاض، وهو أمر متوقع نتيجة تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، التي رفعت الأسعار إلى مستويات غير طبيعية. وأوضح مؤنس أن وزارة النفط تمتلك مؤشرات واضحة تؤكد أن الأسعار متجهة نحو التراجع، مشيرًا إلى أن تثبيت سعر النفط لثلاث سنوات متتالية في إطار الموازنة الثلاثية يمثل “خطأً تخطيطيًا”، بدأت تداعياته تظهر فعليًا على المشهد الاقتصادي في العراق. وأضاف أن جداول الموازنة للعام الحالي لم تصل بعد إلى مجلس النواب، كما لم يُبلغ المجلس حتى الآن بالسعر المفترض للنفط الذي سيتم اعتماده في إعداد الموازنة، مؤكدًا أن “واقع الحال المالي والاقتصادي يُلزم الحكومة بمراجعة تقديرات أسعار النفط نحو التخفيض، تماشيًا مع المستجدات في الأسواق العالمية”. ويعتمد العراق بشكل كلي على الإيرادات النفطية، بالرغم من وجود بنود في الموازنات الاتحادية تتمثل بتعزيز الإيرادات غير النفطية، مثل المنافذ الحدودية والجباية، لكن جميعها لم تفعل بشكل صحيح، وبقيت إيراداتها قليلة، ولا تشكل نسبة يعتد بها. الى ذلك، حذر الخبير في الشأن الاقتصادي، صلاح الموسوي، من أزمة مالية مستقبلية قد تواجه العراق نتيجة التراجع الحاد المتوقع في أسعار النفط العالمية، مشيرًا إلى أن المؤشرات على هذا التراجع بدأت منذ أزمة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وقال الموسوي خلال حديثه لـ"الاقتصاد نيوز" إن "أسعار النفط تتجه نحو الهبوط منذ تلك الأزمة، ومن المتوقع أن تصل في عام 2033 إلى نحو 15 دولارًا للبرميل الواحد"، مؤكدًا أن مثل هذا الانخفاض سيتسبب في تراجع كبير في إيرادات العراق النفطية، وقد ينعكس سلبًا على تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين. واقترح الموسوي على الحكومة العراقية أن تعتمد سعرًا تحوطيًا للنفط يبلغ 50 دولارًا للبرميل في الموازنة، لافتًا إلى أن هذا السعر يعكس واقع السوق الدولي. وبيّن أن السعودية قادرة على رفع إنتاجها بمقدار مليوني برميل يوميًا، في حين يمكن للولايات المتحدة زيادة إنتاج النفط الصخري بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا، وهو ما سيسهم في هبوط الأسعار إلى أقل من 50 دولارًا للبرميل، الأمر الذي يصب في مصلحة الأسواق الغربية، لاسيما أوروبا والولايات المتحدة ويصدّر العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، نحو 85 بالمئة من نفطه الخام عبر موانئ في جنوب البلاد، لكن الطريق الشمالي عبر تركيا ما يزال يمثل نحو 0.5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية. يشار إلى أن موازنة العراق لهذا العام تجاوزت الـ226 ترليون دينار، بعد إقرارها من قبل البرلمان، وهي أعلى من موازنة العام الماضي البالغة 198 ترليون دينار.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام