رأى المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العسكرية عاموس هاريل، أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقترب من لحظة الحقيقة المتمثلة في اتخاذ قرار بشأن استمرار الهدنة أو استئناف عدوانها المدمر على غزة؛ للقضاء على حركة المقاومة الفلسطينية حماس وإعادة الأسرى الذي تحتجزهم في القطاع، مشيرا إلى أن قرار تداعياته.

 

وأوضح أنه في الوقت ذاته فإن الدول العربية السنية التي تجد نفسها في وضع معقد بسبب التعاطف الشعبي غير المسبوق مع الفلسطينيين تتحدث إلى إسرائيل بلسانيين في هذه الصدد. 

ويأتي ذلك بالتزامن مع توقعات متصاعدة بأن يتم تمديد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة- كان من المفترض أن ينتهي صباح الخميس- لبضعة أيام أخرى بسبب التفاهمات التي تم التوصل إليها بين الطرفين. 

وليلة الأربعاء، كان من المقرر أن تطلق حماس سراح مجموعة سادسة من الرهائن، ووعدت الوسطاء القطريين بإطلاق سراح إسرائيليين إضافيين محتجزين في غزة في الأيام المقبلة. 

كما أطلقت حماس سراح روسيتين مختطفتين في غزة، في خطوة صورتها الحركة الفلسطينية على أنها لفتة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. 

بالنظر إلى مساعي حماس الرامية للاحتفاظ بالرهائن الذين تعتبرهم أوراق قيمة مساومة - حوالي 100 جندي إسرائيلي ومدنيين شباب بالغين - فإن استمرار المفاوضات حول الصفقات قد يصل إلى طريق مسدود في أوائل الأسبوع المقبل. 

 وفي ظل هذه الظروف فإن فرص استئناف الهجوم الإسرائيلي على غزة بكثافة عالية سوف تتزايد بشكل كبير. 

والأربعاء قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: لا يوجد وضع لن نستأنف فيه القتال حتى النهاية. 

الجميع مقابل الجميع  

على مدى الأيام القليلة الماضية، كانت هناك تقارير، أغلبها تخمينية، حول طرح صفقة "الجميع مقابل الجميع" على الطاولة ــ أي الاقتراح القطري بإطلاق سراح جميع الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس مقابل الجميع (أو معظمهم) لآلاف الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل، إلى جانب وقف إطلاق النار طويل الأمد. 

ولكن لا يبدو أن هذا حل عملي على الأقل في الوقت الحالي؛ لأنها على الأرجح لن تحظى بدعم شعبي واسع في إسرائيل. 

اقرأ أيضاً

ساوى بين هجوم حماس والتصعيد ضد غزة.. البابا فرانسيس يُغضب إسرائيل

 

وليس مستبعداً أن تكون التسريبات حول هذا الاقتراح تهدف في الواقع إلى خدمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يسعى إلى تصوير نفسه على أنه يقف في وجه الضغوط الخارجية. 

كما يصور نتنياهو الذي وثقت استطلاعات الرأي انهيار التأييد الشعبي له داخل إسرائيل، يصور نفسه أيضا على أنه الشخص الوحيد الذي يستطيع منع قيام دولة فلسطينية. 

في هذا الصدد فلن يحقق قرار بوقف إطلاق نار دائم، دون تدمير حماس كحكومة وقوة عسكرية، أهداف الحرب المعلنة من قبل الحكومة الإسرائيلية ومن المرجح أن يحسم ذلك مصير نتنياهو السياسي. 

وسيكون وقف دائم لإطلاق النار من وجهة نظر حماس بمثابة انتصار جاء بسبب شنها هجومها الأكثر فتكار في تاريخ إسرائيل وهو طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم. 

ومن شأن الإفراج الجماعي عن السجناء الفلسطينيين أن يرسخ مكانة حماس كلاعب فلسطيني وعربي، واللاعب الوحيد الذي ألحق إهانة مزدوجة بإسرائيل. وهو ما يضمن لها أيضًا دعمًا هائلاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي جميع أنحاء العالم العربي. 

اعتبارات متباينة  

وبعيدا عن حماس وإسرائيل فإن هناك العديد الأطراف الخارجية المتداخلة في الأزمة لديه اعتبارات متباينة. 

وبحسب المحلل فإن قطر لديها مصلحة في التوصل إلى صفقة تؤدي في نهاية المطاف إلى إنقاذ حكومة حماس. 

وذكر أن قطر استثمرت مليارات الدولارات في نظام حماس في غزة، ومن المرجح أن يضمن لهم النظام الجديد في غزة المدمرة، موطئ قدم أكبر، اقتصاديًا وسياسيًا، على ساحل البحر الأبيض المتوسط. 

ووفق المحلل الإسرائيلي فإن هناك طرفان أخران في هذا المشهد لديهم اهتمامات أكثر تعقيدا. 

اقرأ أيضاً

تحرير الأسرى بالضفة.. ارتفاع بشعبية حماس وتزايد الاستياء من فتح

 

الطرف الأول هو الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد كبح التحركات العسكرية الإسرائيلية، لكنها في هذه المرحلة لا تحاول فرض صفقة على إسرائيل أو منعها من مواصلة العمليات العسكرية في غزة. 

والطرف الثاني هما الدول العربية السنية في منطقة الشرق المتوسط والتي تتحدث يلسانين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتحديدا الأحداث الأخيرة منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين أول. 

 ففي العلن، تتفق بعض هذه الدول (مثل مصر والأردن) مع الرأي العام في بلدانها وتدين الوفيات بين المدنيين نتيجة للرد العسكري الإسرائيلي. 

ولكن وراء الكواليس، يحث كل زعيم في المنطقة تقريباً، بما في ذلك معظم دول الخليج، إسرائيل على إنهاء الحرب على قطاع غزة فقط بعد هزيمة حماس، حيث ينظرون إلى المنظمة باعتبارها عدواً محلياً خطيراً. 

معضلة إسرائيلية  

وراي المحلل أن إسرائيل سوف تجد نفسها في غضون الأيام القليلة الماضية، أمام معضلة كبيرة، فحماس ستنتهي إما من إعادة الرهائن المدرجين في القائمة الأصلية (أمهات، أطفال، مرضى وجرحى)، أو ستعلن أنها لم تتمكن من العثور على بعضهم.  

والأربعاء، أكدت حماس بالفعل أن الأسيرة الإسرائيلية شيري بيباس وابنيها قُتلوا في الأسر. وفي هذه المرحلة، من المرجح أن يتبدد الوهم بأن إسرائيل قادرة على مواصلة القتال والإفراج عن المزيد من أسراها. 

ولتحرير المزيد من الأسرى الإسرائيليين ستكون هناك حاجة لصفقة أخرى، وسيكون تحقيقها أصعب، بسبب الثمن الذي ستطلبه حماس من دولة الاحتلال. 

ومن دون التوصل إلى اتفاق، فإن الجيش الإسرائيلي سوف يستأنف عملياته المكثفة، وبالتالي يزيد من المخاطر على حياة أسرى الاحتلال، سواء بسبب القتال نفسه والظروف الصعبة التي يخلقها أو بسبب احتمال قيام حماس بقتلهم. 

من ناحية أخرى فإذا استأنفت إسرائيل القتال، فإن الإدارة تفضل أن تركز إسرائيل أولاً على المزيد من العمليات في شمال غزة بدلاً من بدء العمليات في الجنوب المكتظ بالسكان. 

 كما تطلب من جيش الدفاع الإسرائيلي توخي الحذر في استخدام الأسلحة الدقيقة وممارسة الحذر الشديد عند القتال في المناطق المزدحمة. 

ورغم تكبد حماس خسائر فادحة ودمارا هائل في شمال غزة وفقدها السيطرة على المدينة هناك، لكن يبدو أنها ما زالت بعيدة عن الهزيمة عسكريا. 

 وربما يفضل زعيمها في غزة، يحيى السنوار، المجازفة بمواصلة القتال، على افتراض أن إسرائيل لن تورط نفسها في المشاكل من خلال العمليات العسكرية في جنوب غزة، حيث ستضطر قواتها إلى المناورة وسط سكان مدنيين أكثر كثافة. 

ولا يمكننا استبعاد أنه مع حال اقتراب من النهاية، أن يفضل  السنوار مواصلة القتال عن الاستسلام، لينال الشهادة في المعركة. 

((3)) 

المصدر | عاموس هاريل/ هاآرتس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: وقف العدوان الإسرائيلي على غزة القضاء على حماس الهدنة قطر مصر والأردن فی غزة

إقرأ أيضاً:

أطباء أميركيون: لم نشهد دمارا كما فعل الاحتلال الإسرائيلي بغزة

قال أطباء أميركيون عملوا في مناطق ومستشفيات مختلفة بقطاع غزة ، إن الدمار الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي لم يروا مثله في مناطق صراع أخرى.

جاء ذلك في حديثهم للصحفيين بالأمم المتحدة، الخميس، بعد اجتماعهم مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وعلى مدار أكثر من 15 شهرا من الإبادة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بغزة، لم يسلم القطاع الصحي من دائرة الاستهداف المباشر، إلى جانب تبعات الحصار وإغلاق المعابر، ما أضاف عبئا هائلا على كاهل المواطنين الفلسطينيين.

وقتل الاحتلال عددا كبيرا من الكوادر الطبية باستهداف المنشآت الصحية واعتقل آخرين، ما أدى إلى نقص حاد في الطواقم الطبية داخل القطاع.

ومنع الاحتلال دخول فرق طبية دولية للمساهمة في تخفيف العبء، ما جعل النظام الصحي في غزة يواجه شبح الانهيار الكامل.

الطبيب ثائر أحمد الفلسطيني الأصل الذي يعمل في شيكاغو ذكر أنه خدم في مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة في كانون الثاني/يناير 2024.

وقال أحمد إن قتل العاملين في المجال الصحي أصبح أمرا "طبيعيا" بالنسبة لإسرائيل.

وأكد أن الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى الشهيد كمال عدوان المعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي، خسر كل شيء، ودفن ابنه بيديه، لكنه رغم ذلك لم يتخل عن واجبه.

وشدد الطبيب الأميركي على ضرورة الإفراج الفوري عن أبو صفية من سجون الاحتلال.

وفي 28 كانون الأول/ديسمبر 2024، اعتقلت قوات الاحتلال أبو صفية عقب اقتحامها مستشفى الشهيد كمال عدوان وإضرام النار فيه وإخراجه من الخدمة، كما اعتقلت أكثر من 350 شخصا كانوا داخله.

وأشار أحمد إلى أن غياب الدبابات أو قوات الاحتلال الإسرائيلي عن غزة لا يعني عدم موت مزيد من الناس، محذرا من أن العديد من الناس سيموتون إن لم تتوفر الإمدادات الطبية اللازمة.

وأضاف أنه كان من المقرر بناء آلية للإجلاء الطبي في إطار اتفاق وقف إطلاق النار لكن هذه العملية لم تتم.

من جانبها، قالت عائشة خان، الطبيبة بمستشفى جامعة ستانفورد الأميركي: "خدمت في حوالي 30 منطقة حول العالم. وما رأيته في غزة لم يسبق له مثيل".

وأشارت خان إلى أن أطفالا تراوحت أعمارهم من 5 إلى 6 سنوات كانوا يأتون إلى المستشفى مصابين بطلقات نارية وإصابات ناجمة عن المتفجرات.

وحذرت من أن الأطفال قد يموتون من الجوع حتى لو لم تسقط أي قنابل على غزة، وقالت: "هناك حاجة ملحة لإجلاء 2500 طفل وإلا فإنهم سيموتون خلال أسابيع قليلة ولا يوجد نظام لتنفيذ إجلائهم".

أما الطبيبة فيروزة سيدوا فقالت: "لم أر مكانا مثل غزة في حياتي، ما حدث كان أمرا فظيعا"، مبينة أن النظام الصحي كان مستهدفا بصورة مباشرة وأن كل مستشفى بالقطاع تعرض للهجوم.

وذكرت سيدوا أنه كان هناك 250 مريضا في المستشفى الأوروبي في خان يونس خلال فترة وجودها هناك، نصفهم من الأطفال.

ولفتت إلى أن واحدا من كل 20 عاملا في مجال الرعاية الصحية في غزة قتلته إسرائيل.

وأما الطبيبة محمودة سيد، فقالت إن غوتيريش تعهد بالتركيز على وضع الطبيب الفلسطيني أبو صفية وتسهيل عمليات الإجلاء الطبي.

وأوضحت أنها حاولت علاج الأطفال الذين أصيبوا برصاصة في الرأس دون أي إمدادات طبية تقريبا.

وعقب لقائه بالأطباء، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، بإجلاء 2500 طفل من قطاع غزة على الفور لتلقي العلاج الطبي.

وقال غوتيريش في منشور على منصة "إكس": "يجب إجلاء 2500 طفل على الفور (من قطاع غزة للعلاج) مع ضمان قدرتهم على العودة إلى عائلاتهم ومجتمعاتهم".

وذكر أنه تأثر بشهادات الأطباء الذين عملوا في قطاع غزة، مشيدا بجهودهم وتضحياتهم الكبيرة.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 دمرت إسرائيل 34 مستشفى من أصل 38، تاركة 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية.

كما أخرجت غارات الاحتلال على القطاع 80 مركزا صحيا عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى.

وتعرضت الكوادر الطبية في غزة لاستهداف مباشر، إذ استشهد 331 من العاملين في القطاع الصحي، بينهم ثلاثة ارتقوا داخل سجون الاحتلال.

وارتكب الاحتلال بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية شهيدان و10 إصابات في استهداف الاحتلال البقاع اللبناني شاهد: تفاصيل اصطدام طائرة ركاب بمروحية فوق واشنطن - 18 قتيل واشنطن تؤكد للقاهرة الحاجة للتعاون لمنع "حماس" من حكم غزة الأكثر قراءة أوتشا: الوصول إلى الرعاية الصحية يتدهور في الضفة بسبب القيود الإسرائيلية إصابة مسن برصاص الاحتلال في الفخذ بمخيم جنين صورة: سلطة المياه: الاحتلال دمر محطة تحلية المياه الوحيدة في غزة التربية والتعليم تبحث مع "اليونيسف" تنسيق الجهود للإغاثة في غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • تحدي الصعاب .. رحلة بين الحقيقة والخيال في راويات إيهاب ملاك مع ريهام الصيرفي
  • قناة عبرية تتحدث عن أماكن تسليم الأسرى الإسرائيليين في غزة
  • لحظة تسلم الصليب الأحمر محتجزين إسرائيليين بغزة (شاهد)
  • هل تتحدث النساء أكثر من الرجال؟.. دراسة تكشف الحقيقة
  • بقائمة جديدة.. حماس تعلن أسماء 16 من قادتها قتلتهم إسرائيل بغزة
  • «الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
  • أطباء أميركيون: لم نشهد دمارا كما فعل الاحتلال الإسرائيلي بغزة
  • ما السلاح الإسرائيلي الذي أظهرته القسام أثناء تسليمها أسيرة بجباليا؟
  • إسرائيل تتحدث عن ضمانات آمنة للإفراج عن الرهائن
  • صفقة التبادل تقترب من نهايتها: تفاصيل المرحلة الثالثة بين حماس وإسرائيل تثير التساؤلات