أجمع جنود روس، وقعوا في الأسر لدى القوات الأوكرانية، في أطراف مدينة أفدييفكا، التي تعد من أبرز أهداف الكرملين الحربية، أنهم صدموا من ضراوة المعارك التي خاضوها.

وأدلى بعضهم بتصريحات نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" كشفت حجم المعاناة التي عايشها هؤلاء الذين انضموا للجيش الروسي إما عن طريق التجنيد الإجباري أو المغريات المالية.

وتم القبض عليهم من قبل القوات الأوكرانية خلال القتال العنيف من أجل مدينة أفدييفكا. 

"والآن ينتظرون إرسالهم إلى مرافق أسرى الحرب، بعيدا عن خط المواجهة" تقول الصحيفة.

وأدى الهجوم الذي شنته موسكو في أوكرانيا، والذي تعد أفدييفكا هدفه الرئيسي، إلى تدفق مستمر لأسرى الحرب الروس. 

وفي كثير من الأحيان، يقول الرجال المأسورون إنهم ضلوا طريقهم وانتهى بهم الأمر بين الأوكرانيين عن طريق الخطأ، بينما يعتبر الاستسلام الطوعي جريمة في روسيا.

وكان العديد من رفاقهم أقل حظا منهم، حيث أن الكثير منهم لقي حتفه في الطريق.

وتمتلئ الحقول ومناطق المصانع حول أفدييفكا بجنود المشاة الروس القتلى، الذين تم إرسالهم لمهاجمة المواقع الأوكرانية في هجمات أمامية مكلفة لناحية الخسائر البرشية.

"موجات اللحم"

تتقدم القوات الروسية تدريجيا نحو ضواحي أفدييفكا، بينما تحاول أيضا تطويقها من خلال السيطرة على المناطق الريفية المحيطة بها.

ويطلق الأوكرانيون على الهجمات الروسية اسم "موجات اللحم" في إشارة إلى أعداد القتلى الروس. 

ويلحق جيش الدفاع الأوكراني خسائر كبيرة بالمدفعية والطائرات بدون طيار والألغام والدبابات الروسية، بينما يكافح جنوده من أجل التعامل مع الأعداد الهائلة للجنود الروس (المشاة). 

وتقدر كييف أن روسيا لديها حاليا أكثر من 400 ألف جندي في أوكرانيا. رغم أن موسو لم تكشف قط عن أعداد قواتها.

قال سيرغي، وهو عامل سابق في مصنع بالقرب من جبال الأورال، والذي سجل في صفوف الجيش، في أكتوبر "من أجل المال" إن القتال في أفدييفكا كان بمثابة "كابوس". 

وقال إن وظيفته القديمة كانت تمنحه نحو 30 ألف روبل شهرياً، (حوالي 340 دولار) بينما عرض عليه الجيش 100 ألف روبل.

ولم يكن سيرغي يتوقع أن يكون في الخطوط الأمامية، وقال إنه كان يعتقد أنه سيقود الشاحنات في الخلف فقط.

تم إرسال وحدته مباشرة إلى أفدييفكا، وصدرت لها أوامر بمهاجمة منطقة خطوط الأشجار التي يسيطر عليها الأوكرانيون على الجانب الشمالي للمدينة. 

يطلق الأوكرانيون على الهجمات الروسية اسم "موجات اللحم"

لكن الهجوم تم صده بواسطة المركبات المدرعة الأوكرانية، حيث تراجعت الوحدة إلى موقعها الأصلي، تاركة القتلى متناثرين عبر الحقول الموحلة.

وأصيب سيرغي ولكن سرعان ما أُعيد إلى خط المواجهة. 

وأضاف أنه تم القبض عليه في أواخر نوفمبر وهو مشوش"شعرت بالارتياح الآن، لا أريد أن أرى هذا الكابوس بعد اليوم".

وقال إن عائلته لم تتلق أيا من راتبه الموعود بعد، حيث سمح له الأوكرانيون ولأسرى الحرب الآخرين بالاتصال بعائلاتهم.

رجل آخر اسمه، بافيل، يروي قصة مماثلة، حيث تم تجنيد في أواخر عام 2022، خلال أول موجة كبيرة من التجنيد الإجباري لدعم القوات الروسية في أوكرانيا.

وقال بافيل من سيبيريا "كان خياري إما أن آتي إلى هنا أو أواجه الغرامة أو السجن".

وقال إن التدريب التكتيكي يتألف من الهجوم، على غرار أفلام الحرب العالمية الثانية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية والتي يصرخ فيها الجنود "من أجل ستالين!".

"بابا ياغا"

وأمضى بافيل عدة أشهر في شمال شرق أوكرانيا، ولم ير سوى القليل من التحرك الميداني، لكنه الآن أصبح يخشى على حياته من طائرات بدون طيار أوكرانية كبيرة تباغت الخطوط الروسية دون أن يراها أحد.

وأطلق الجنود الروس على المسيرات الأوكرانية اسم "بابا ياغا"، أي الساحرة الشريرة، المشهورة في الحكايات الشعبية في أوروبا الشرقية.

وفي خريف هذا العام، تم إرسال وحدة بافيل إلى أفدييفكا وإبلاغهم بأنهم أصبحوا الآن قوات هجومية.

وقال بافيل إن فرقته أمرت بعبور خطوط القطارات المتنازع عليها بشدة شمال المدينة والسيطرة على بعض الخنادق. 

ودمرت المدفعية العديد من مركباتهم قبل وقت طويل من وصولهم إلى الموقع الأوكراني. 

وسقط المشاة الروس قتلى وجرحى في الوحل، واستولت الوحدة على الخنادق واحتفظت بها، مما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا قبل أن يتم إعفاؤها.

وكشف قائلا "وقتها قال لنا الكابتن أننا حققنا هدفنا، لكن كيف يمكنك أن تقول ذلك لو أن 35 رجلاً فقط من أصل 100 عادوا؟ 

ثم تابع "لقد كان ذلك في يوم واحد فقط" وألقى باللوم في الخسائر على التكتيك العشوائي الذي اتبعه القادة الروس في الهجمات الأمامية وعلى افتقار الرجال للتدريب.

وقال إن "التحول إلى قوات هجومية حقيقية يتطلب العمل والكثير من الوقت".

وأشار بافيل إلى أن السلطات الروسية كشفت عن معلومات قليلة للغاية حول الخسائر الفادحة في الحرب "لكن الآن رأيتهم بأم عيني" حسب تعبيره.

يواجه الأوكرانيين الغزو الروسي باستبسال منذ أكثر من عام ونصف

من جانبه، قال أندريه، الذي تم أسره أيضًا شمال أفدييفكا، إن إصرار القادة الروس على إعادة الجرحى إلى الجبهة هو سبب آخر لانخفاض الروح المعنوية.

وأضاف أن الجنود الروس يموتون لأنهم تلقوا أوامر بمهاجمة مواقع ليس لديهم فيها حماية من النيران الأوكرانية.

وتابع "إذا لم تتبع الأوامر، فسوف تواجه إما فترة طويلة في السجن أو سيتم إطلاق النار عليك".

أندريه، سرعان ما وجد نفسه في أفدييفكا، يتقدم في مركبة مدرعة مع 11 رجلاً آخر عندما اصطدمت بلغم. 

وقُتل نصف الرجال، وفق وصفه،  بينما أصيب هوبارتجاج شديد. 

وقال إنه استلقى هناك طوال الليل حتى وجد الطاقة اللازمة للعودة إلى القاعدة. 

وبعد ثلاثة أسابيع، عاد إلى الخندق، حيث قُتل الرجال من حوله بسبب القصف، قبل أن ينسحب هو والمتبقين.

وقال: "لقد ضللت.. رأيت جنديين وطلبت الماء، بالنهاية تفطنت إلى أنهم كانوا أوكرانيين".

وقال إن الخسائر على الجانبين "غير مبررة"، واصفا إياها بالحرب بين الإخوة. 

وهو الوصف الذي يرفضه الأوكرانيون بشدة، بعد سنوات من الجهود الروسية للسيطرة عليهم وغزوهم وإخضاعهم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: وقال إن من أجل

إقرأ أيضاً:

موجات التفاؤل بشأن وقف إطلاق النار.. هل يمكن التعويل عليها؟!

 
منذ أيام، تتصاعد موجات "التفاؤل" بإمكانية التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، ما يضع حدًا للحرب الإسرائيلية الهمجية المتواصلة منذ أكثر من شهر، وقد بلغت أوجها مع استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمبعوثين الأميركيين بريت ماكغورك وآموس هوكستين، وسط مساعٍ نشطة تقودها إدارة الرئيس جو بايدن التي يقال إنّها تطمح لإنجاز الاتفاق قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. المقرّرة الثلاثاء المقبل.
 
ولعلّ ما عزّز التفاؤل تمثّل في التسريبات التي تولاها الإعلام الإسرائيلي نفسه، والتي عكست مناخًا غير مسبوق من "الإيجابية"، وصل لحدّ الكشف عن فحوى ما قيل إنّها "مسودّة الاتفاق" التي عرضها الأميركيون على الجانبين، وسط معلومات أوحت بأنّ الجانب السياسي الإسرائيلي أعطى "الضوء الأخضر" للمضيّ بالاتفاق، بعد "إجماع" سُجّل في الاجتماع الوزاري الأخير على أنّ العملية البرية في لبنان حقّقت أهدافها، وبات بالإمكان البحث في التسوية.
 
وجاء كلام الأمين العام الجديد لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ليكرّس أجواء التفاؤل، ولو أكّد استعداد الحزب لحرب طويلة الأمد إن تطلّب الأمر، إذ حرص في الوقت نفسه على القول إنّه منفتح على اتفاق لوقف إطلاق النار، إذا كانت شروطه مناسبة للمقاومة، لكن من دون أن يظهر كمن "يستجديه"، وهو ما يفتح الباب أمام سلسلة من علامات استفهام، فهل يمكن القول إنّ موجة التفاؤل "جدّية" ويمكن التعويل عليها، وما حقيقة تراجعها في الساعات الأخيرة؟
 
مؤشرات "إيجابية"
يتحدّث العارفون عن سلسلة من المؤشرات التي يصحّ وصفها بـ"الإيجابية"، والتي ربما تنطلق منها موجة التفاؤل المستجدّة، ومنها مجرّد استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي للمبعوثين الأميركيين بريت كاكغورك وآموس هوكستين، ما يعني أنّ ثمّة أرضيّة مشتركة قد تمّ الوصول إليها، علمًا أنّ الزيارة كانت مجدوَلة يوم الأحد الماضي، لكنها لم تحصل، ما يعني أن تقدّمًا سُجّل في الأيام الماضية، سمح بحصولها أخيرًا، بصورة أو بأخرى.
 
في السياق نفسه، يقول العارفون إنّ ما يُسرَّب إسرائيليًا وأميركيًا، ويُنسَب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يلعب دورًا في ضخّ الأجواء الإيجابية أيضًا، إذ إنّ نتنياهو يتحدّث صراحةً عن شروط تل أبيب لإبرام الاتفاق، ومنها أن يكون "ضامنًا" لأمن إسرائيل، وأن يمنع أن تهديد مصدره لبنان، وهو ما يعني أنّ الرجل منخرط فعليًا في المفاوضات، ويضع شروطه على الطاولة، ولو أنّها لا تزال "متعثّرة" بصورة أو بأخرى.
 
بالحديث عن المؤشرات أيضًا، يتحدث العارفون عن سياق عام يوحي بأنّ إسرائيل لا تريد إطالة أمد الحرب على لبنان، كما حصل في غزة، علمًا أنّ أهدافها المُعلَنة لم تصل إلى حدّ "القضاء على حزب الله"، بل "منع إعادة تسليحه"، وهو سياق تجلّى في الردّ "المحدود" على إيران أولاً، ومن ثمّ القول إنّ العملية البرية توشك على نهايتها، وكلّها أمور يمكن أن تكون ممهّدة وفق العارفين لاتفاق دبلوماسي، يكرّس القرار الدولي 1701.
 
.. ومؤشرات "مقلقة"!
لكن، في مقابل المؤشرات التي قد يصحّ وصفها بـ"الإيجابية"، ثمّة مؤشرات أخرى تبدو "مقلقة"، أو بالحدّ الأدنى "غير مطمئنة"، ويُخشى معها أن تكون موجة التفاؤل الحالية شبيهة بموجات التفاؤل التي تكرّرت لأكثر من مرّة في قطاع غزة، أو ربما بموجة التفاؤل التي أحاطت بالحرب على لبنان في أيامها الأولى، وتبيّن لاحقًا أنّها كانت بمثابة "خديعة"، خصوصًا أنّها ترجمة بجريمة اغتيال الأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله.
 
من هذه المؤشرات ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد لقائه الموفدين الأميركيين، خصوصًا حين أطلق معادلة جديدة قوامها أنّ "منع حزب الله من إعادة تسليح نفسه أهم بالنسبة لإسرائيل من تطبيق القرار 1701"، ما يعني أنّ القرار الدولي المذكور الذي يفترض أن يكون عامود أيّ اتفاق يمكن التوصل إليه، لا يبدو كافيًا بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي، الذي بات يشترط ما هو أكثر منه، في محاولة لفرض شروطه، إن صحّ التعبير.
 
ومن هذه الشروط أيضًا، الأداء العسكري في اليومين الأخيرين، والذي لا يعكس عمليًا "رغبة" بالاتفاق، سواء لجهة تكثيف القصف الجوي في العديد من المناطق، وصولاً لحدّ نسف قرى بأكملها، كما حصل مع قرية الضهيرة مثلاً، فضلاً عن الضربات الممنهجة لبعض المدن والمناطق، كما حصل في صور وبعلبك، وهو ما يوحي بأنّ "بنك الأهداف" لم يستنفد بعد، علمًا أنّ "حزب الله" كان واضحًا منذ فترة طويلة بقوله إنّ "لا مفاوضات تحت النار".
 
هو "سباق" إذاً بين العمليات العسكرية المستمرّة بوتيرة عالية، والحلّ السياسي الذي ينشط خلف الكواليس، من دون أن تكون له ترجمة ملموسة بعد، وقد أضيف إليه "عنصر ثالث" إن صحّ القول، يتمثّل في الانتخابات الأميركية التي بدأ عدّها العكسي، والتي يرى كثيرون أنّها قد تخلط الأوراق. وسط هذا السباق، يبدو أنّ كل الاحتمالات مفتوحة، ولو أنّ الانطباع بأنّ أيّ حلّ يبقى مؤجّلاً لما بعد الثلاثاء، حتى لو لم يكن التفاؤل "وهميًا"!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • مسؤول أمريكي سابق: ترامب يستطيع إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية خلال 24 ساعة
  • القوات الروسية تحرر بلدتين جديدتين وتكبد القوات الأوكرانية خسائر فادحة
  • بسبب جنود كوريا الشمالية..زيلينسكي: أمريكا وبريطانيا وألمانيا تكتفي بالمشاهدة
  • وجود آلاف الجنود الكوريين الشماليين بالقرب من الحدود الأوكرانية سيدخلون المعركة “خلال أيام” حسب الولايات المتحدة
  • موجات التفاؤل بشأن وقف إطلاق النار.. هل يمكن التعويل عليها؟!
  • الدفاعات الروسية تدمر عشرات الطائرات المسيرة الأوكرانية
  • جنود من كوريا الشمالية في كورسك الروسية.. أرقام مفاجئة يكشفها السفير الأمريكي
  • مصير نوادي "سيتي كلوب" على كف عفريت بينما ينتظر صاحبها بدء قاض للتحقيق استجوابه
  • برو بعد لقائه محافظ عكار: الوضع تحت السيطرة
  • مقتل وإصابة 29 في ضربة روسية على خاركيف الأوكرانية