فى صفحة «وراء الجريمة» الأسبوعية، منهج جديد لمتابعات الجرائم بشكل تحقيقى.. نعرض اعترافات وأقوال الجانى والمجنى عليه، وشهود العيان وأسر الضحايا، واستكمالا وبحثا من جريدة «الوفد» عن الحقيقة، نفتش ونبحث وراء الجرائم والوقائع الشائكة، بالتواصل مع طرفى كل قضية وحادثة أينما كانوا، للاستماع إلى وجهتى النظر، المتهم والضحية، نضع أقوال الطرفين أمام القارئ والحكم له فى النهاية.
جريمة هذا الأسبوع واقعة بشعة هزت القلوب وحركت الرأى العام، شهدتها إحدى قرى منشأة القناطر بالجيزة، عقب ذبح عامل لزوجته، وهى على سجادة الصلاة، أمام طفلها صاحب الخمسة اعوام، بسبب خاتم ذهب، رفضت أن تبيعه لشراء المخدرات.
مدمن يذبح زوجته أمام طفلهما بمنشأة القناطر
«بابا دبح ماما» جملة صاح بها الطفل الصغير «صدام» صاحب الـ5 سنوات بعد أن امتلئ قلبه رعبا من هول المشهد الذى وقعت عليه عيناه عندما شاهد والده يذبح أمه من عنقها ويطعنها فى الظهر خلال أدائها صلاة المغرب ووقوفها على سجادة الصلاة.
داخل منزل صغير كانت تعيش الضحية «مروة السيد» 34 عاما مع زوجها «محمد فؤاد» صاحب الـ35 عاما بعد أن مر على زواجهما ما يقرب من 16 عاما مرا فيها الاثنان بلحظات قاسية لكنهما تعودا على النهوض مرة أخرى ومواصلة مشوارهما فى تلك الحياة وتربية أبنائهما الثلاثة، رغم طباع الزوج الصعبة وعدم خلو المنزل من المشكلات إلا أن الزوجة كانت تتحمل كل تلك اللحظات الصعبة من أجل تربية أبنائها.
لم يكن الزوج مستقرًا فى عمل، وطلبات البيت لم يكن قادرا على تلبيتها خاصة مع تقدم أحد الشباب لخطبة ابنته «هالة» صاحبة الـ16 عاما، ومؤخرا وجد عملا فى الصوب الزراعية وكان يتقاضى راتبا قيمته حوالى 4 آلاف جنيه يعطى زوجته ألف جنيه تقريبا لم يكن يكفيها لشراء خبز للمنزل والأسرة المكونة من 5 أفراد.
لم تجد الزوجة أمامها حلا سوى النزول للعمل لتوفير نفقات أبنائها وتجهيز ابنتها العروس، طالما الأب ينفق ما يتبقى من رابته على شراء المخدرات، لم يكتفِ الأب القاتل بترك زوجته فى مهمتها الصعبة وقيامها بدور «الأب والأم» بعد أن غيبت المخدرات عقله، لكنه راح يمارس عليها دورا آخر لا يقل عن بلطجية الشوارع فى استنزاف أموالها التى تحصلت عليها من جهدها.
بعد مجهود صعب ومساندة المقربين نجحت الأم فى فتح مشروع صغير «محل ملابس» يساعدها على ما فشل فيه الزوج والإنفاق على أبنائها، لكنه دائما كان يستولى على ما تملكه من أموال بالقوة ويلقنها الصفعات يمينا ويسارا ويحصل على ما يريد ويذهب لشراء المخدرات التى لحست عقله وغيبته عن الوعى.
لم تجد الزوجة البائسة امامها سوى أسرة زوجها لتشكو لهم حالها لعلها تجد من يقف لجوارها ويساندها ويمنع عنها بطش الزوج، لكن خاب أملها بعد أن امتنع شقيقاه عن التصدى له «ملناش دعوة بيكم أنتم حرين مع بعض»، وعادت الزوجة تجر أذيال الخيبة مجبرة على مواجهة مصيرها مع ذلك الزوج عديم الرحمة والإنسانية.
كانت الأمور تسير بصورة شبه عادية تثور الزوجة أحيانا وتترك البيت وتعود مرة أخرى من أجل الحفاظ على أبنائها، لكن يوم الجمعة الماضية أخذت منعطفا آخر أكثر قسوة وحدة عندما حضر الزوج فى الخامسة مساءً وقت أذان المغرب وصفع ابنه الصغير على وجهه وطلب منه الخروج لكن الطفل لم ينصع لكلمات الأب وظل بالمنزل يراقب حركته وتحركاته المريبة.
دخل الزوج كالثور الهائج يبحث عن فريسته، فوجدها على سجادة الصلاة، فحاول انتزاع خاتم من الذهب ترتديه الزوجة فى إصبعها، لكنها تشبثت به ورفضت أن تتركه، فتوجه إلى المطبخ وأحضر سكينا وذبح بها عنقها على سجادة الصلاة وهرول فى الشارع مسرعا ويده تطبق على سلاح الجريمة وفشل الجميع فى الإمساك به.
صوت صراخ وبكاء كان مصدره الطفل «صدام» الشاهد على الجريمة الصعبة فقد فقد فى لحظة واحدة والديه وشاهد أصعب صورة لوالدته وهى ملقاة على الأرض ودماؤها تسيل منها تُغرق الأرض، هرول الطفل إلى الشارع مستنجدا بالجيران، وعندما حضروا وجدوا الضحية «مروة» جثة هامدة فأبلغوا رجال الشرطة بالواقعة.
أسرة المجنى عليها: قتلها بسبب فلوس المخدرات
فى حالة من الحزن تجمعت أسرة الضحية داخل منزل والدها يروون تفاصيل الحادث ويتذكرون مواقف الضحية التى رفضت ان تتخلى عن بيتها وأبنائها وتحملت معاملته الصعبة لها وإهانتها من اجل تربية أبنائها.
وقالت ابنتها هالة، إنها كانت تتمنى أن تعيش أمها لتلبسها فستان الزفاف بيديها فقد حُرمت منها بسبب أب عديم الرحمة لم يكن يشغله غير تناول المخدرات ولم يكن يعلم شيئا عن أبنائه أو كيف يعيشون، بينما «أحمد» صاحب الـ14 عاما استرجع بذاكرته قبل الحادث بـ3 أيام عندما وجد والده يضع سكينا أسفل الوسادة التى ينام عليها فأخبر عمه بما يفعله الأب لكن الأخير طلب منه عدم الخوف «متخافش مش هيعملك حاجة».
على الأرض كان يجلس والد الضحية فى حالة يرثى لها غير مصدق أن ابنته رحلت عن دنياه فى لحظة غدر على يد زوجها، وقال بأن ابنته قررت العمل لمساعدة زوجها بعد ان عرف طريق المخدرات؛ لتلبيه احتياجات أطفالها، وخاصة أنها لديها (فتاة على وش جواز)، فعملت بمحل ملابس، وكانت تسعى لرزقها بالحلال، ولكن زوجها المتهم كان يطاردها ليحصل على أموالها وكانت تمنحه أحيانا واوقات أخرى تمتنع، وكثيرا كانت تترك له البيت، ولكنها فى النهاية تعود من اجل أبنائها.
وأكد الاب أن ابنته حاولت أن تعالج زوجها لكنه كان يرفض ويعود للمخدرات مرة أخرى فطلب منها ان تطلب الطلاق لكنها رفضت «قولتلها اطلقى منه وعيشى مع عيالك لكن هى مرضيتش»، وأنهى الأب حديثه «ياريتها كانت سابت البيت».
وقال الحاج محمد عم الضحية فى يوم الواقعة، إن المتهم طلب من زوجته 50 جنيهًا لشراء مخدرات فرفضت إعطاءه المال، فتشاجر معها، وتدخل أحد الجيران لفض الشجار، وبعدها صعدت الضحية إلى شقتها لتؤدى صلاة المغرب، صعد المتهم وراءها، واستل سكينًا من المطبخ، وبينما كانت راكعة تسبح الله، انقض عليها من الخلف وذبحها فى رقبتها، لتقتل على سجادة الصلاة.
واستكمل الحج محمد حديثه، قائلاً: «صراخ مروة جذب انتباه أهل القرية، لكن المتهم هرب سريعًا إلى قرية مجاورة.. حسبى الله ونعم الوكيل فى هذا المتهم الذى قتل امرأة صالحة وترك ثلاثة أولاد بلا مأوى.. القصاص هو الوحيد الذى يشفى غليلنا».
الجاني: ذبحتها عشان أسرق خاتم ذهب و50 جنيها
فور وصول البلاغ إلى قسم شرطة منشأة القناطر، انتقل المقدم أحمد عكاشة رئيس مباحث القسم، إلى مكان الحادث، وتم إجراء المعاينة الأولية، وتبين ان الزوجة تعرضت للطعن والذبح من آلة حادة «سكين» على يد الزوج، ومن خلال عدة أكمنة تمكن رجال المباحث من القبض عليه بعد مرور أقل من 24 ساعة على الجريمة، وأمام جهات التحقيق اعترف بارتكابه الحادث لامتناعها عن إعطائه أموالا لشراء المخدرات.
وقال المتهم فى اعترافه امام اللواء محمد الشرقاوى مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، إن الخلافات بدأت مع المجنى عليها منذ سنوات، بسبب ادمانه للمخدرات، وان عمله لم يكن يكفى مصاريف المزاج، فاضطر ان تمتد يده إلى اموال زوجته، فكانت ترفض دائمًا.
واستكمل المتهم، يوم الواقعة كنت مش عارف اتصرف فى «فلوس لاحضار كيفي»، فطلبت من زوجتى «المجنى عليها»، 50 جنيها لكنها رفضت، وتركتنى فى الشارع وصعدت الى منزل الزوجية، فصعدت خلفها بعد قليل فشاهدتها على سجادة الصلاة، فتوجهت اليها وحاولت ان انزع الخاتم الذهبى الذى فى اصبعها، فتشبثت به، فدخلت إلى المطبخ واحضرت السكين، وطعنتها عدة طعنات، وفور ان رأيت الدماء، هربت مسرعا إلى الشارع، وكل من حاول الامساك بى هددته بالسكين حتى تمكنت من الهرب، واختبأت فى احد المساكن المجاورة، منتظرا الفرصة للخروج من المنطقة، لكن رجال المباحث ألقوا القبض على.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صدام على سجادة الصلاة على سجادة الصلاة بعد أن لم یکن
إقرأ أيضاً:
في كل حرب الحقيقة هي الضحية الأولى وليس كل مدردم ليمون
إن الجانب الأكثر أهمية في المشاركة في الخطاب السياسي هذه الأيام هو فهم الطرق التي تعمل بها الدعاية وتقنيات التحكم في التفكير.
إذا كنت لا تفهم كيف يتم التلاعب بالفكر والرأي السياسي، فسوف تكون فريسة سهلة للدعاية الخبيثة، وخاصة أن هناك جهات رئيسية تدفع ملايين أو مليارات الدولارات لتمويل الدعاية للتحكم في طريقة تفكيرك وشعورك وتصرفك. ويجب أن تعلم أن من يتحكم في طريقة تفكيرك وإحساسك يتحكم بالضرورة في أفعالك وكيف تتصرف وتتموقع سياسيا وأخلاقيا .
يجب أن تفهم أن الفضاء السياسي مليء بالدعاية والأكاذيب والأخبار المزيفة والمبالغات وإخراج الأمور من سياقها وإخفاء أشياء معينة والتركيز على جوانب أخرى. الأكاذيب معروفة ولا تحتاج لشرح معناها المتعلق باختلاق أشياء لم تحدث أو إنكار أشياء حدثت.
ولكن التلاعب أخطر من الأكاذيب. علي سبيل المثال من الممكن أن يرتكب جيش أو مواطنين إنتهاكات في كمبو واجبة الإدانة الصارمة ولكنك تكون متلاعب أشر لانك تجاهلت مجازر الجنجويد السابقة في الجزيرة وسكت عن إنتحار عشرات المغتصبات ممن حبلن بجنا جنجويد أو علي الأقل لم تعر الأمر إدانة تساوي إدانتك لتجاوزات الجيش أو خصومك الآخرين. وفي هذا التلاعب فجاة يصبح الجنجويد هم حماة زرقة الكنابى رغم تاريخهم الطويل في إبادة زرقة الغرب والجنوب.
في هذه اللحظة أنت إنسان يتاجر بموت الآخرين للكسب السياسي ولن تخفي عورتك دموع التماسيح التي تسكبها علي ضحايا إنتهاكات حقيقية أو مفتعلة أو مزركشة. بالنسبة لك الضحية هنا مجرد فرصة إسترباح سياسي مفهوم في سياق سكوتك الكامل أو النسبي عن جرائم أخري أرتكبها حلفك المفضل.
وهذا يعني أنه يجب ألا تصدق كل ما تسمعه أو تقرأه. ولكن هذا لا يعني أن كل شيء في الأخبار السياسية كذبة. يمكن أن تكون أشياء كثيرة صحيحة ويمكن أن تكون أشياء كثيرة أكاذيب، ولهذا السبب تحتاج إلى ما يسميه نعوم تشومسكي مصفي ترشيح للتمييز بين الحقائق من ناحية وبين الدعاية والتلاعب من ناحية أخري.
هذا المصفي أساسي لغرض الدفاع عن الذات الفكرية والأخلاقية. ولكن بناء هذا المصفي صعب ومعقد ومكلف ماديا وإجتماعيا لانه سيفقدك الكثير من الأصدقاء وفرص الترقي في ميدان التنافس البرجوازي المزري. ولكنك ستكسب عقلك وإحترامك لذاتك وقد تكتشف أن خروج الأغبياء والمدلسين من حياتك نعمة وقد تكتشف ألا متعة تفوق معانقة الحقيقة. لذلك جاء في القرآن أن “مَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا”.
وقد حذر الحاج مالك الشعباز – المعروف بمالكولم إكس – من قوة وسائل الإعلام، الكيان الأقوى على وجه الأرض. لانها قادرة على تصوير الأبرياء كمذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة التي تتيح السيطرة على عقول الجماهير .وإن لم تنتبه فإن الصحف (السوشيال ميديا) ستجعلك تكره المضطهدين، المظلومين أو تناصر المجرمين أو تحايد في قضية غزو أجنبي علي يد ميليشا همجية إقطاعية.
نتذكر جميعًا أنه في عام 2019، استأجر الجنجويد شركة دعاية كندية في عقد أولي بقيمة ستة ملايين دولار. وبهذا المعنى، فإن تمويل الكتاب والصحفيين والمؤثرين والباحثين الأجانب والسودانيين أكثر أهمية من تمويل الجنود الأغبياء ذوي الأجور المنخفضة. تخيل كم ملايين الدولارات التي يتم إنفاقها بعد اندلاع هذه الحرب بهدف التلاعب بعقلك وموقفك السياسي.
معتصم أقرع:
إنضم لقناة النيلين على واتساب