بوابة الوفد:
2024-11-12@23:59:14 GMT

العمامة المقدسة

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

لا تحتاج الدعوة الدينية لشئ أكثر من التحقق برافدين: العلم والنور. ولكن يُلاحظ أن الذين يكتبون فى الدين فضلاً عن الذين يقولون فيه ما ليس فيه، يركبهم غرور أجوف لا يستند لا على العلم، ولا على النور؛ بل على الصلف وحب الظهور وسياق الناس بالإكراه إلى حظيرة الإيمان، مع أن الدعوة الدينية شريفة سامية هى من معدن الرسالة تستقى مددها.

قال صاحبى وهو من ذوى العمائم المقدسة: لم ترد «التناكة» باسم الدين فى الذهن بالمرة، ولكننا حين نكتب فى الدين نكتب لأنفسنا لعل شيئاً ممّا كتبناه يرسخ فى النفس فيقوِّيها على الهداية ويلزمها الاستقامة. وهذا هو القصد حتى إذا صادف توافقاً مع أحد فمسّ كلامنا فؤاده؛ فبها ونعمت، وإنْ لم يكن فالله من وراء القصد، وهو خير شاهد وخير معين. قلت: وما الذى تراه من غرور بالعلم والعبادة، ومن تعالى بما ليس فى الإنسان من حقائق بل متاجرة بالأكاذيب، ألم يكن الأمر بحاجة إلى تطهير؟ ثم استطرد ليصف مهمة التجديد التى يعتبرها فى زماننا هذا مهمة شاقة، بل مستحيلة فرددت عليه قائلاً :

مهمة شاقة نعم. أمّا أن تكون مستحيلة أو شبه مستحيلة فلا؛ لأنها لو كانت مستحيلة لما وجد مجددون ومصلحون، وما تقدمت الإنسانية قيد أنملة. الأصل يا صديقى هو الإمكان لا الاستحالة، وبالإمكان يقدم التفاؤل البناء على الهدم والإنكار، وليس التجديد هدماً ولا إنكاراً، وإنما تفاؤل بمستقبل إنسانى أفضل وأرقى فى ظل قيم جديدة تتجاوز وتستنير.

فالإنسان ليس من طبيعته الميل إلى التقوقع والخلود إلى الراحة، وإلا لما عمّر الأرض وصعد القمر وتحالف مع الشيطان، فهو ابن النضال مجبول على العزم والمضاء. غير أن التجديد فى هذه المنطقة مشروط بشروط تستوفى فى المجدد وفق تقدير شروط الاجتهاد، لكن البصيرة يا صديقى كالبصر أقل هفافة عابرة تؤثر فيها. والدين قائم على البصيرة ومن فقدها فقد الدعوة إلى الله على بصيرة، وفقد تباعاً التجديد فى أسلوب الخطاب، ولم يعالج العارض الذى عرض لبصره حتى أعماه. خذ مثلا صارخاً على ما عساك هربت من التعليق عليه.

عندما اجتمع جلال الدين الرومى بشمس تبريزى للوهلة الأولى، كان الرومى ماسكاً بيده كتاباً، فأخذ التبريزى الكتاب من الرومى ومسكه بالمقلوب، وأخذ يتطلع فيه ثم رماه فى النهر، فجن جنون الرومى وقال له: لماذا ألقيته فى النهر، إنه علم، ولا توجد نسخة أخرى من الكتاب. غير أن التبريزى لم يكترث لحديث الرومى وقال: أتريد الكتاب؟ فقال الرومى: نعم فمد التبريزى يده فى الماء وأخرج الكتاب سليماً، فتعجب الرومى، ولم يكد التبريزى يراه على هذا الحال حتى قال: أطلب علماً لا يمحوه الماء، علماً يثبت فى القلب؛ فذهل الرومى وقال: أتبعك على أن تعلمنى، فقال التبريزى: إنك لن تستطيع معى صبراً، قال الرومى: بل أصبر. رد التبريزى: أريدك أن تأخذ جُرّة من الخمر وتطوف فى المدينة لتبيعه، فقال الرومى: كيف أعمل هذا المحرم؟ فقال: كما تشاء. قال الرومى: اطلب منى شيئاً آخر فقال: لا أريد غير هذا.

ذهب الرومى ومكث الليل يفكر فى الأمر ثم وافق. فأخذ جرة الخمر بملابسه وعمامته وهو يجوب الشوارع يبيع الناس الخمر، فقال الناس: جُن الرجل، وقال أناس آخرون: لقد فضحه الله، وهذه حقيقته. فعاد منكسراً ذليلاً إلى التبريزى وهو يقول: لم يشترِ منى أحد. قال التبريزى: هذا يكفى، ألقِ ثيابك واغسلها، وتطهر. فقال الرومى: ثم ماذا ؟ فقال لا شئ، بل أنت الآن إنسان عادى كنبتةٍ صغيرة، لقد كان على رأسك صخرة كبيرة من غرور عمامتك, وها قد كسرتها. إنّما أردت أن أزيل عنك هذا العجب والشعور الدائم بالأنا، لترجع الى حقيقتك بلا عنوان ولا ألقاب، ترجع كما أنت وتنزع عن روحك كل ما يكدرها، وأن تذهب هذه الهيبة المصطنعة لرجال الدين على أنهم مقدّسون فى أعين الناس.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدعوة الدينية الهداية

إقرأ أيضاً:

عز الدين اطلعت على حال النازحين في مدرسة كفرمتى

اجرت رئيسة "لجنة المرأة والطفل" النائبة عناية عز الدين زيارة لبلدة كفرمتى، حيث زارت منزل فؤاد الغريب، بحضور رئيس البلدية نظير خداج، رئيسة جمعية "إنماء كفرمتى" ريما الغريب خداج، مديرة مدرسة كفرمتى الرسمية ندى الغريب، مدير فرع كفرمتى في الحزب التقدمي الإشتراكي فيصل أبو لطيف، أجود خداج، جمعية "سيدات المشرف"، إضافة إلى شخصيات وفاعليات من البلدة.   بعدها، زارت عز الدين مدرسة كفرمتى الرسمية، حيث تابعت الحاجات الغذائية واللوجستية للنازحين المقيمين فيها، ثم انتقلت إلى "مركز كفرمتى الصحي"، الذي نظم يوما طبيا مجانيا، بالتعاون مع منظمة "أطباء بلا حدود".   وأثنت عز الدين على "احتضان البلدة بكل مكوناتها للنازحين"، وقالت: "هذا الاحتضان الوطني يشكل قاعدة يبنى عليها على المستوى السياسي الوطني في لبنان".

وأشارت إلى أن "التآلف الكبير بين أهالي كفرمتى والنازحين يشكل ترجمة حقيقية للمبادىء الوطنية التي أرساها الرئيس نبيه بري والرئيس السابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط".

كما أشادت بـ"جهود الحزب التقدمي الإشتراكي وكل الفاعليات السياسية والاجتماعية والبلدية في البلدة تجاه النازحين"، معتبرة أن "هذه المبادرات تجسد القيم الإنسانية والوطنية التي نحتاج إليها في لبنان".



بدوره، قال الغريب: "نعمل من أجل تخفيف أعباء النزوح انطلاقا مما قاله الزعيم وليد جنبلاط للرئيس نبيه بري منذ بداية الحرب: البيوت بيوتكم، والجبل جبلكم".

وأكد "الوقوف إلى جانب الأهالي في الجنوب في هذه الظروف الصعبة، والعمل على دعمهم بكل الوسائل المتاحة حتى انتهاء الحرب"، لافتا إلى أن "الآمال معقودة على الرئيس بري والزعيم وليد جنبلاط للحفاظ على الوحدة الوطنية ومستقبل لبنان".

مقالات مشابهة

  • عز الدين اطلعت على حال النازحين في مدرسة كفرمتى
  • نقابة الأطباء تهاجم وسام شعيب وتتوعدها بالتحقيق.. كسرت الأعراف المقدسة (فيديو)
  • هل يعودا مجدداً؟.. تامر حسني يرد على مي عز الدين
  • إيقاف حكم إنجليزي أهان كلوب مدرب ليفربول السابق
  • ملك الأردن: حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار والأمن في المنطقة
  • الإعدام لداعشي قتل نجل مسؤول كبير في شرطة صلاح الدين
  • الأمن الوطني يطيح بشبكة تزوير وتلاعب بأراضي الدولة في صلاح الدين
  • الأمن الوطني: ضبط شبكة تزوير وتلاعب في بيع الأراضي بمحافظة صلاح الدين
  • مجلس صلاح الدين يصوت على انتخاب علي عبد الجبار الكريم رئيسا له
  • مجلس صلاح الدين ينتخب علي الكريم رئيساً له