البوابة نيوز:
2024-10-05@12:41:08 GMT

طارق عبد العزيز.. عاش كريمًا ومات مكرمًا

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

"ما تسرسبيش يا سنينا من بين إيدينا.. ولا تنتهيش ده احنا يا دوب ابتدينا!".. تجرى بنا الأعوام، والأحبة يتساقطون بلا إنذار ولا وداع! لنشعر بالصدمة والوجع والإحساس بالتقصير بعد فوات الأوان!.. صفعة فراق الأحبة دون أن نعطيهم حقهم من التقدير تدعونا أن نستفيق، وننظر حولنا ولا نخفى مشاعرنا أو نؤجل التصريح بها، فالموت مباغت!.

. حزنت بشدة لوفاة الصديق الطيب الإنسان الفنان طارق عبد العزيز صاحب المبادىء الذى لا يلين فى الحق، صدمتى كبيرة وخاصة أن الدنيا مازالت تلعب لعبتها السخيفة، فى إدخالنا ساقية ندور فيها محاطين بالمتاعب والمشاكل والإلهاء عن الصحبة الحلوة والونس الجميل..عرفت طارق إنسانيًا منذ سنوات طويلة، عندما إشتركنا معا فى لجنة تحكيم مهرجان المعاقين ذهنيًا فى أسيوط، وكانت رئيسة اللجنة النجمة شيرين، أما رئيس المهرجان فكان الفنان القدير طارق دسوقى.. كان الكل يترك مشاغله ويسافر إلى أسيوط لعدة أيام، كنا نقضى فيها أمتع الأوقات ونحن محاطين بالملائكة المبتلين وذويهم.. لنشعر بالرضا التام وهوان الدنيا، ونحمد الله فى كل لحظة على نعمه التى منحنا إياها.. ومنذ عرفت طارق وله مكانة كبيرة فى قلبى، لشدة طيبته وتلقائيته، وشهامة ورجولة إبن الصعيد.. كما أنه من حزب أسود شهر أغسطس، فتجمعنا صفات كثيرة، ورغم هذه المكانة، إلا أن الأيام تمر دون لقاء، إلا فيما ندر، حين يشرفنى فى حفل فى الأوبرا، أو عندما شاركنا فى القاهرة أيضا فى تحكيم فعاليات للمعاقين ذهنيا.. ولم تخل أيضًا من مكالمات إشادة بعمل من أعماله، أو إعتذاره عن حفل من حفلاتى تحول الظروف دون حضوره.. ومنذ عامين تقريبًا حكى لى عن إحدى تجاربه الفنية الهامة، وهى فيلم قصير قام ببطولته وقتها باسم "صورة سيلفى" وأرسل لى تسجيل الفيلم الممتع، وبالفعل كتبت مقالًا عنه فى مجلة "صباح الخير"، ورغم أننى أشدت بالفيلم وبتمثيله الرائع فى المقال، إلا أن ما يؤلمنى هو شعورى بأننى لم أعطه حقه!.. فرغم شدة إعجابى بأدواره وأدائه بشكل عام، وما قدمه من أدوار فائقة الروعة بعدها، إلا أنى كنت أرجىء الكتابة عنه لشعورى أنه مازال فى جعبته الكثير!.. فكنت دائمًا أشعر به كالعملاق صلاح منصور أداء طبيعى لدرجة الشك أن ما يؤديه هو شخصيته الحقيقية!.
طارق عبد العزيز إبن محافظة سوهاج، كان فخورًا أنه من صعيد مصر، وحفيد علماء بالأزهر الشريف.. وفخورًا بوالده الرجل الطيب المحترم مدرس اللغة العربية، والذى علمه الرجولة، والاعتماد على النفس وهو طفل صغير لم يكمل العشر سنوات.. أخذ طارق من صفات والده الكثير، ومنها شدة التدين وإحترام الذات وإحترام الآخرين.. أما أهم الصفات فهى الرضا بعطاء الله، وكان من أجمل ما يميز طارق حبه وإحترامه لزوجته، وقربه من أبنائه، فهم كل حياته، لأنه لم يجذبه ما نسمع عنه من سهرات وجلسات الفنانين، فكانت حياته بين عمله وبيته.. وكانت من أكبر الصدمات التى هزته وأتعبته، وربما كان لها أثر فى متاعب قلبه، فقدانه لأقرب أصدقائه الفنان خالد صالح، والذى كان شريكًا له فى مشروع تجارى بعيدًا عن الفن، كى لا تجبرهما الظروف على المشاركة فى أعمال لا تناسبهما، فكان الحزن عليه شديدًا لم يستطع أن يخفيه.. تخرج طارق من كلية الحقوق عام ١٩٩١، وشارك فى العديد من أفلام خريجى المعهد العالى للسينما، وهو دليل على حبه للإبداع وتطوعه لمساندة شباب السينمائيين، ووعيه بالدور الإجتماعى للفنان.
كانت بدايته عام ١٩٨٦ فى مسرح الجامعة، مع فرقة الحركة المسرحية، وكان  خالد الصاوى وخالد صالح زميلاه بكلية الحقوق، وأيضًا فى فرقة الورشة مع حسن الجريتلي.. له العديد من الأعمال السينمائية بدأت مع محمد هنيدى بفيلم (صعيدى فى الجامعة الأمريكية)، و(فيلم ثقافي)  و(أصحاب ولا بيزنس)، وتوالت الأعمال إلى فيلم (اشتباك).. ومن أهم أعماله الدرامية (رجل من هذا الزمان) الذى جسد من خلاله شخصية الزعيم مصطفى النحاس للمخرجة إنعام محمد علي، وشخصية بدير فى مسلسل (موعد مع الوحوش)، ومسلسل (أستاذ ورئيس قسم) مع الزعيم عادل إمام، ودوره الرائع الذى أبهر المشاهدين فى مسلسل (راجعين يا هوى) و(كناريا وشركاه) والذى أنتج عام ٢٠٠٣ وقال عنه: (فخور بالعمل مع السيناريست أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ والدور نجح والزعيم عادل امام اتصل بى وأشاد بالدور وأسعدنى جدا باتصاله وجبر خاطري) هذه الكلمات تشعرنى كم نحن مقصرون مع الكثير من المبدعين الذين لا نعطيهم حقهم المشروع فى التقدير، ونفعل نفس الشىء مع المقربين منا!.. ويوم يذهبون نبكيهم، ونتذكر تقصيرنا فى الاعتراف بقدر الحب والتقدير!..توفى طارق يوم الأحد وعمره ٥٥ عامًا، وهو فى قمة تألقه وعطائه، بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة أثناء تصوير مشاهده فى مسلسل "بقينا اتنين"، والذى سيعرض قريبًا على إحدى قنوات المتحدة، وكان يصور مشهدًا يجمعه بالفنان شريف منير وفجأة سقط على الأرض، وعلى الفور نقله ابنه الذى يرافقه كمدير لأعماله، وكان متواجدًا معه فى اللوكيشن إلى المستشفى ولكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول، ولكن رغم الحزن أسعدنى أن ألهم الله إبنه معتصم بأمرين فى حياة أبيه: الأول عمل فيديو قصير وقال عنه: «ده تقريبا حوالى ٨٥٪ من أعماله مفيهمش شخصية شبه التانية.. بفتخر إن حضرتك كنت جزء من الأعمال دى وعقبال ما تعمل قدهم مرتين تلاتة كمان.. ربنا يباركلنا فى صحتك وعمرك وتفضل دايمًا مجمعنا ومدفينا بوجودك وروحك الطيبة يا حاج"..والأمر الثانى: ما كتبه معتصم طارق عبد العزيز، الإبن والصديق المقرب لأبيه، والذى ألهمه الله قبل أسابيع قليلة أن يكتب عبر حسابه على الفيسبوك: (بيقولوا إن الأساطير فى الحواديت، وإنه لقب فيه مبالغة بس الراجل ده أسطورة حقيقية ماشية على الأرض.. أسطورة فى فنه واختياراته.. أسطورة فى حبه وتواضعه مع كل مخاليق ربنا.. أسطورة فى صياعته وفهمه للحياة وللبشر من أول نظرة، وأسطورة فى حبه وسعيه ورضا نفسه، بحمد ربنا أنى من صُلبه وإن معايا شنطة علم وحكايات منه تكفى حلقات وكُتب وبدعى فى كل وقت أنه يجعل يومى قبل يومه).. إنتهت كلمات معتصم التى أسعدت قلبى، وجعلتنى أرى طارق أمامى وهو يحكى لى عما كتبه معتصم وهو سعيد وفخور.. ربنا يبارك فيك يا معتصم يا ذرية الطيب إبن الطيبين، أكرمك الله  بطبطبتك على قلب أبيك قبل الرحيل، وعرفته مكانته عندك، وأن له رصيدًا من الأعمال سيظل محفورًا فى وجدان الجمهور ويفخر به، وهذا والله يستحق أن نحمد الله عليه، مات طارق واقفًا على قدميه وهو يعمل ويجتهد، مات واقفًا كالأشجار التى لا تعرف الانحناء، لم يتعب أو يمرض أو يرى نظرة حزن فى عيون محبيه، لأنه أرق من أن يرى فى عيونهم خوفًا عليه، وحرمت من توديعه ومن حضور جنازته، ومن تعزية زوجته وأبنائه (معتصم ومنار) لوجودى خارج مصر.. سوف نبكيك كثيرًا، وندعو لك أكثر، ولن ننساك.. فأنت طرقت الدنيا زائرًا خفيفًا، وتركتها وأنت تسكن قلب كل من يعرفك.
د. رشا يحيى: أستاذة بأكاديمية الفنون

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: طارق عبد العزيز الفنان طارق عبد العزيز وفاة طارق عبدالعزيز طارق عبد العزیز أسطورة فى

إقرأ أيضاً:

استشهاد عبد العزيز صالحة صاحب أشهر صورة بالانتفاضة الفلسطينية الثانية

استشهد فجر اليوم الخميس الأسير المحرر المبعد إلى غزة عبد العزيز صالحة في غارة على دير البلح وسط القطاع، وهو صاحب الصورة الشهيرة في رام الله بعد قتل جنديين داخل مركز شرطة.

وأفادت مصادر محلية بأن صالحة استشهد في قصف إسرائيلي لخيمة للنازحين داخل مدرسة في مدينة دير البلح.

والشهيد صالحة أحد مبعدي صفقة وفاء الأحرار لغزة من دير جرير شرق رام الله، وقد شارك بقتل جنديين إسرائيليين في مركز شرطة في رام الله عام 2000 في بداية الانتفاضة الثانية.

البطل عبدالعزيز صالحة بيحكي أنه دخلت سيارة جنديين صهاينة بعد تشييع الشهيد عصام جودة (حرقه العدو وقطّع جثمانه) فتجمهر الناس لمهاجمتهم لكن حاولت الشرطة أن تحميهم بالمركز ولكن لم يستطيعوا أمام الغضب فدخل عبدالعزيز ومعه ٤ أشخاص للغرفة بعدها ألقوا جثث الجنديين وخرج بصورته البطولية هذه https://t.co/wRH1D6nklQ pic.twitter.com/hqnmtnxW7b

— نور (@NourThranduil) August 24, 2024

واشتهر بصورة أيقونية له وهو يرفع كفيه المخضبتين بالدماء بعد قتل جنديين من جيش الاحتلال في عملية كانت لها أصداء واسعة في فلسطين. ووقعت العملية في مركز الشرطة بمدينة رام الله، حيث تعتبر إحدى أبرز عمليات المقاومة خلال تلك الفترة.

وبعد تلك العملية، اعتقلت قوات الاحتلال صالحة، وحكم عليه بالسجن المؤبد، ولكن في عام 2011، أُفرج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، التي أُبرمت بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، والتي تضمنت إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

وبعد تحريره، أبعد صالحة إلى قطاع غزة، وعاش فيه حتى استشهاده.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة اليوم الخميس إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 8 مجازر ضد عائلات بالقطاع خلال 24 ساعة وصل من ضحاياها إلى المستشفيات 99 شهيدا و169 مصابا، مما رفع عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى أكثر من 41788 شهيدا فلسطينيا وإصابة 96 ألفا و794 آخرين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

مقالات مشابهة

  • «منتظرين اللبنانيات» كلمة السر.. الجمهور يفتح النار على مراد مكرم والفنان يرد (صورة)
  • تحت اسم “كريم عبد العزيز”.. الإعلان عن لجنة تحكيم مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة
  • معتصم اقرع: أعترف، أنا بليد
  • المخرج محمد عبد العزيز: ل "الفجر "تراجعنا في مناخنا الفني وانفصلنا عن الاستعانة بالأدب.. وتفاجئت بدور أبني كريم في الحشاشين
  • معتصم النهار برسالة أمل وسط الأزمات: “الله خير حافظ”
  • استشهاد عبد العزيز صالحة.. صاحب الصورة الأشهر في الانتفاضة الثانية
  • الاحتلال يقتل "عبد العزيز صالحة" منفذ عملية الطعن في رام الله منذ 24 عاما
  • استشهاد عبد العزيز صالحة صاحب أشهر صورة بالانتفاضة الفلسطينية الثانية
  • استشهاد عبد العزيز صالحة.. صاحب الصورة الشهيرة في الانتفاضة (شاهد)
  • رئيس الشيوخ يعلن اختيار طارق عبد العزيز رئيس لبرلمانية "الوفد" بالمجلس