طارق عبد العزيز.. عاش كريمًا ومات مكرمًا
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
"ما تسرسبيش يا سنينا من بين إيدينا.. ولا تنتهيش ده احنا يا دوب ابتدينا!".. تجرى بنا الأعوام، والأحبة يتساقطون بلا إنذار ولا وداع! لنشعر بالصدمة والوجع والإحساس بالتقصير بعد فوات الأوان!.. صفعة فراق الأحبة دون أن نعطيهم حقهم من التقدير تدعونا أن نستفيق، وننظر حولنا ولا نخفى مشاعرنا أو نؤجل التصريح بها، فالموت مباغت!.
طارق عبد العزيز إبن محافظة سوهاج، كان فخورًا أنه من صعيد مصر، وحفيد علماء بالأزهر الشريف.. وفخورًا بوالده الرجل الطيب المحترم مدرس اللغة العربية، والذى علمه الرجولة، والاعتماد على النفس وهو طفل صغير لم يكمل العشر سنوات.. أخذ طارق من صفات والده الكثير، ومنها شدة التدين وإحترام الذات وإحترام الآخرين.. أما أهم الصفات فهى الرضا بعطاء الله، وكان من أجمل ما يميز طارق حبه وإحترامه لزوجته، وقربه من أبنائه، فهم كل حياته، لأنه لم يجذبه ما نسمع عنه من سهرات وجلسات الفنانين، فكانت حياته بين عمله وبيته.. وكانت من أكبر الصدمات التى هزته وأتعبته، وربما كان لها أثر فى متاعب قلبه، فقدانه لأقرب أصدقائه الفنان خالد صالح، والذى كان شريكًا له فى مشروع تجارى بعيدًا عن الفن، كى لا تجبرهما الظروف على المشاركة فى أعمال لا تناسبهما، فكان الحزن عليه شديدًا لم يستطع أن يخفيه.. تخرج طارق من كلية الحقوق عام ١٩٩١، وشارك فى العديد من أفلام خريجى المعهد العالى للسينما، وهو دليل على حبه للإبداع وتطوعه لمساندة شباب السينمائيين، ووعيه بالدور الإجتماعى للفنان.
كانت بدايته عام ١٩٨٦ فى مسرح الجامعة، مع فرقة الحركة المسرحية، وكان خالد الصاوى وخالد صالح زميلاه بكلية الحقوق، وأيضًا فى فرقة الورشة مع حسن الجريتلي.. له العديد من الأعمال السينمائية بدأت مع محمد هنيدى بفيلم (صعيدى فى الجامعة الأمريكية)، و(فيلم ثقافي) و(أصحاب ولا بيزنس)، وتوالت الأعمال إلى فيلم (اشتباك).. ومن أهم أعماله الدرامية (رجل من هذا الزمان) الذى جسد من خلاله شخصية الزعيم مصطفى النحاس للمخرجة إنعام محمد علي، وشخصية بدير فى مسلسل (موعد مع الوحوش)، ومسلسل (أستاذ ورئيس قسم) مع الزعيم عادل إمام، ودوره الرائع الذى أبهر المشاهدين فى مسلسل (راجعين يا هوى) و(كناريا وشركاه) والذى أنتج عام ٢٠٠٣ وقال عنه: (فخور بالعمل مع السيناريست أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ والدور نجح والزعيم عادل امام اتصل بى وأشاد بالدور وأسعدنى جدا باتصاله وجبر خاطري) هذه الكلمات تشعرنى كم نحن مقصرون مع الكثير من المبدعين الذين لا نعطيهم حقهم المشروع فى التقدير، ونفعل نفس الشىء مع المقربين منا!.. ويوم يذهبون نبكيهم، ونتذكر تقصيرنا فى الاعتراف بقدر الحب والتقدير!..توفى طارق يوم الأحد وعمره ٥٥ عامًا، وهو فى قمة تألقه وعطائه، بعد تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة أثناء تصوير مشاهده فى مسلسل "بقينا اتنين"، والذى سيعرض قريبًا على إحدى قنوات المتحدة، وكان يصور مشهدًا يجمعه بالفنان شريف منير وفجأة سقط على الأرض، وعلى الفور نقله ابنه الذى يرافقه كمدير لأعماله، وكان متواجدًا معه فى اللوكيشن إلى المستشفى ولكنه كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول، ولكن رغم الحزن أسعدنى أن ألهم الله إبنه معتصم بأمرين فى حياة أبيه: الأول عمل فيديو قصير وقال عنه: «ده تقريبا حوالى ٨٥٪ من أعماله مفيهمش شخصية شبه التانية.. بفتخر إن حضرتك كنت جزء من الأعمال دى وعقبال ما تعمل قدهم مرتين تلاتة كمان.. ربنا يباركلنا فى صحتك وعمرك وتفضل دايمًا مجمعنا ومدفينا بوجودك وروحك الطيبة يا حاج"..والأمر الثانى: ما كتبه معتصم طارق عبد العزيز، الإبن والصديق المقرب لأبيه، والذى ألهمه الله قبل أسابيع قليلة أن يكتب عبر حسابه على الفيسبوك: (بيقولوا إن الأساطير فى الحواديت، وإنه لقب فيه مبالغة بس الراجل ده أسطورة حقيقية ماشية على الأرض.. أسطورة فى فنه واختياراته.. أسطورة فى حبه وتواضعه مع كل مخاليق ربنا.. أسطورة فى صياعته وفهمه للحياة وللبشر من أول نظرة، وأسطورة فى حبه وسعيه ورضا نفسه، بحمد ربنا أنى من صُلبه وإن معايا شنطة علم وحكايات منه تكفى حلقات وكُتب وبدعى فى كل وقت أنه يجعل يومى قبل يومه).. إنتهت كلمات معتصم التى أسعدت قلبى، وجعلتنى أرى طارق أمامى وهو يحكى لى عما كتبه معتصم وهو سعيد وفخور.. ربنا يبارك فيك يا معتصم يا ذرية الطيب إبن الطيبين، أكرمك الله بطبطبتك على قلب أبيك قبل الرحيل، وعرفته مكانته عندك، وأن له رصيدًا من الأعمال سيظل محفورًا فى وجدان الجمهور ويفخر به، وهذا والله يستحق أن نحمد الله عليه، مات طارق واقفًا على قدميه وهو يعمل ويجتهد، مات واقفًا كالأشجار التى لا تعرف الانحناء، لم يتعب أو يمرض أو يرى نظرة حزن فى عيون محبيه، لأنه أرق من أن يرى فى عيونهم خوفًا عليه، وحرمت من توديعه ومن حضور جنازته، ومن تعزية زوجته وأبنائه (معتصم ومنار) لوجودى خارج مصر.. سوف نبكيك كثيرًا، وندعو لك أكثر، ولن ننساك.. فأنت طرقت الدنيا زائرًا خفيفًا، وتركتها وأنت تسكن قلب كل من يعرفك.
د. رشا يحيى: أستاذة بأكاديمية الفنون
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: طارق عبد العزيز الفنان طارق عبد العزيز وفاة طارق عبدالعزيز طارق عبد العزیز أسطورة فى
إقرأ أيضاً:
إسماعيل الليثي يهدي طفله الراحل أغنية مؤثرة.. «ابن عمري»
لا زال قلب المطرب الشعبي إسماعيل الليثي ينزف دمًا حزنًا على فراق نجله الطفل ضاضا، والذى رحل عن عالمنا بعمر الـ 9 سنوات، إثر حادث مأساوي، أثار الحزن في قلوب الكثيرين بعد سقوطه من الطابق الـ10 بإحدى المناطق السكنية، والذى كان بمثابة الصدمة لدى أهله والوسط الفني، حزنًا على فراقه.
وقدم المطرب الشعبي إسماعيل الليثي أغنية بعنوان «ابن عمري»، وقام بطرحها عبر جميع المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من بينها موقع الفيديوهات يوتيوب، وفيسبوك، من كلمات محمد النجار، ألحان محمد عبد المنعم، كمانجا يحيي عمر.
وفاة ضاضا الليثيوكان ضاضا الليثي قد تعرض للسقوط المفاجىء سبتمبر الماضي من الطابق العاشر، والذى أدى إلى وفاته على الفور.