البوابة نيوز:
2025-02-01@19:40:02 GMT

نهاية الحرب وبداية الدبلوماسية

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

بعد أن نجحت الوساطة المصرية- القطرية- الامريكية فى تنفيذ هدنة مؤقتة فى غزة، ومهما طالت الحرب البربرية التى قامت بها إسرائيل فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، فسوف تنتهى هذه الحرب الأكثر وحشية فى العصر الحديث، وسوف تبدأ الدبلوماسية فى إيجاد حل سياسى لهذا الصراع الدموي، فهل نحن مستعدون لذلك؟ وهل بدأت مراكز الأبحاث العربية فى إيجاد بدائل أمام المفاوض الفلسطيني، أم أننا سوف ننتظر ونتردد إلى أن تضيع الفرصة، ثم نبكى على الفرص الضائعة؟.


من خلال تطور الأحداث منذ السابع من أكتوبر، اتضح جليًا أن القاهرة هى العاصمة العربية الوحيدة التى تمتلك رؤية واضحة لمستقبل حل الدولتين. استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، للعديد من قيادات العالم، واخرها استقبال كل من رئيس وزراء إسبانيا وبلحيكا فى القاهرة والتصريحات الجريئة التى أدلى بها رؤساء وزراء البلدين، أثبتت أن بعض الدول الأوربية قد أصبحت أكثر تحمسًا لحل الصراع، والمتمثل فى حل الدولتين، رغم اعتراض إسرائيل على ذلك.
وتاريخيًا، كان الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات هو أكثر رؤساء العرب حنكة وبُعد نظر، واستطاع أن يستغل النصر العسكرى فى حرب أكتوبر ٧٣، لتحقيق سلام دائم مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأمريكية. وحصلت مصر على ماتريد، وعادت سيناء كاملة إلى أرض الوطن. فهل تستطيع السلطة الفلسطينية الحالية تحقيق السلام للشعب الفلسطينى وحقه فى إنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو ٦٧؟
بمعنى آخر، هل عند العرب خطة جاهزة قابلة للتنفيذ؟ آخذًا فى الاعتبار أن الولايات المتحدة غير مستعدة فى ظل الإدارة الحالية للقيام بدور الوسيط النزيه فى ظل انحيازها الكامل لإسرائيل. أعتقد أن مصر أيضا هى الدولة العربية الأكثر خبرة لوضع تصور لتحقيق حل الدولتين.. المتابع لموقف مصر  خلال هذه الأزمة، يرى أنها اتبعت سياسة قوية تهدف إلى رفض التهجير القسرى للفلسطينيين، ووقف الحرب، والبحث عن مخرج سياسى فى ظل التعاطف الدولى الغير مسبوق من شعوب العالم وبعض الدول مع القضية الفلسطينية.
استضافة مصر لوفود الدول الأكثر تعاطفًا مع القضية الفلسطينية، يجب ان يتبعه تحرك دبلوماسى مكثف، فى عدة عواصم عربية، وبتنسيق كامل مع القيادة الفلسطينية (الحالية أو المستقبلية) لوضع عدة بدائل للخروج بنصر سياسى من الأحداث الاخيرة. يجب ألا نسمح لإسرائيل أن تكون هى الفاعل فى الأحداث، ونجلس نحن على مقاعد المتفرجين، خاصة وأن إسرائيل تتابع الموقف الدولى وردود الأفعال دقيقة بدقيقة. الدليل على ذلك أن مراكز الأبحاث الإسرائيلية (Think Tanks) قد أعلنت أن الرأى العام العالمى قد تحول لصالح الفلسطينيين بنسبة ٩٥٪ خلال النصف الثانى من شهر أكتوبر، ووضعت سيناريوهات وبدائل للالتفاف على هذا التأييد غير المسبوق للحق العربي. خير دليل على ذلك هو استدعاء إسرائيل لكل من سفيرى إسبانيا وبلجيكا فى تل ابيب وتوبيخهما بسبب موقف رئيسى وزراء البلدين المؤيدين للحق الفلسطيني. ونفس الشئ فعلته الدوائر المؤيدة لإسرائيل مع إليون ماسك، صاحب منصة (X) تويتر سابقا، والذى أبدى رغبته فى مساندة أهل غزة، فكان جزاؤه العقاب بوقف إعلانات كبرى الشركات المؤيدة لإسرائيل من التعامل مع منصة X، وإلحاق خسارة مالية كبيرة لشركته، وكانت النتيجة أن تراجع إليون ماسك عن موقفه، وأعلن أنه سوف يقوم بزيارة إسرائيل ومقابلة قادتها، وهو ما حدث بالفعل. كل ما أخشاه هو، أن تتبع إسرائيل نفس السياسة مع كل من يؤيد الحق الفلسطينى وتنتهى الحرب، وينتهى التعاطف، وتعود القضية الفلسطينية إلى الثلاجة مرة أخرى، فماذا نحن فاعلون؟.
د. السعيد عبدالهادي: رئيس جامعة حورس
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الوساطة المصرية العصر الحديث بداية الدبلوماسية نهاية الحرب غزة الحق الفلسطيني القضية الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

الكارثة والبطولة على الطريقة الفلسطينية

انتصرت المقاومة الفلسطينية على غزو المنظومة الاستعمارية الدولية بقيادة "إسرائيل" لقطاع غزة، كان انتصارا مرا مكلفا وكارثيا بكل المعاني، وكان يفترض وفق المعايير المادية الظاهرة أن يخرج مقاتلو القسام من خنادقهم وهم يرفعون الرايات البيضاء، ولكن هذا المشهد الذي انتظر رؤيته الغزاة لم يقع، وبدلا منه رأوا خروجا ملحميا للمقاتلين من تحت الأنقاض وهم بكامل أناقتهم وانضباطهم وكأن شيئا لم يحصل جراء إلقاء ما يوازي أكثر من ست قنابل نووية خلال أربعمائة وواحد وسبعين يوما من النار والجحيم!

لم بدأت الحرب؟ ولم كان الرد العالمي على هجوم السابع من أكتوبر بمثل هذه الوحشية المفرطة، التي ستسجل كأكثر مواجهة دموية في العصر الحديث؟ ما الذي فعلته المقاومة الفلسطينية حتى تستدعي هذا الاستنفار العالمي المجلجل، فتتداعى قوى دولية جرارة لإسكاتها ومحاولة سحقها؟

كان "التحرش" الخشن بالسياج الأمني بين غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948 تحرشا بحدود العالم، كان ذلك السياج المحصن إلكترونيا وعسكريا بشكل أسطوري، تحرشا بمنظومة معقدة من القوة العالمية المتحالفة مع القوة الصهيونية الغاشمة، والحقيقة أن كلمة "متحالفة" ليست دقيقة هنا، فالقوة الإسرائيلية كانت مجرد رأس حربة لقوة عالمية تضم طيفا واسعا من الترسانات العسكرية يقودها البنتاغون، ويصطف وراءها قوى الغرب المتوحش، الذي استنفر كل ما يقع تحت يديه من آلة التدمير لشحنها إلى الجبهة التي فتحتها "إسرائيل".

لم بدأت الحرب؟ ولم كان الرد العالمي على هجوم السابع من أكتوبر بمثل هذه الوحشية المفرطة، التي ستسجل كأكثر مواجهة دموية في العصر الحديث؟ ما الذي فعلته المقاومة الفلسطينية حتى تستدعي هذا الاستنفار العالمي المجلجل، فتتداعى قوى دولية جرارة لإسكاتها ومحاولة سحقها؟وبهذا المعنى، مقاومة غزة لم تكن تقاتل "جيش الدفاع" بل كانت تواجه "جيوش الدفاع" الغربية بكل ما أوتيت من قوة تدمير واستطلاع وجمع معلومات وحصار وخبراء وبوارج حربية وأساطيل ودعم سياسي ولوجستي، ومن وراء كل هذا دعم مرئي وغير مرئي من نظام عربي رسمي لم يكتف بالجلوس في مقاعد المشجعين للعدوان، بل نزل بعضه إلى "الملعب" ليحاول تسجيل الأهداف، وكانت النتيجة النهائية لغزا كبيرا سيحار المؤرخون العسكريون كثيرا في تفكيكه ومحاولة فهمه.

كان من الطبيعي أن يتمكن العدوان المحلي والدولي من تدمير كل مقدرات الحياة في تلك البقعة الصغيرة المسماة قطاع غزة، ولكن لم يكن طبيعيا أن "يصمد" هذا القطاع متشبثا بما لديه من أسرى للعدو، وما بقي له من أسباب الحياة رافعا إشارة النصر، وهذا المشهد كان كفيلا بتحرك محموم في اللحظات الأخيرة للملمة وستر "الفضيحة" الغربية  عبر إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، ليس لإنقاذ ما بقي من حياة في غزة، بل لإنقاذ ما بقي في وجه "العدو" من ماء صهيونيا كان أو أمريكا أو أوروبيا.

هل نكون مبالغين حين نقول إن غزة هزمت الغرب كله (والنظام العربي الرسمي أيضا!) عسكريا وأخلاقيا وسياسيا، ولم تهزم "إسرائيل" فقط؟

لا أعتقد ذلك، نعم هزمتهم جميعا، وكان الثمن باهظا جدا إلى حد كارثي، فكانت كصاحب النقب في التاريخ العسكري الإسلامي الذي ضحى بنفسه من أجل تحقيق نصر كبير، ولمن لا يعرف قصة صاحب النقب هذه نقول باختصار، أن مسلمة بن عبد الملك كان أميرًا على جيش من جيوش الدّولة وكان يُحاصِر بجيشه حصنًا من حصون الأعداء، واستعصى هذا الحصن على الجيش، فلم يستطع له فتحًا ولا اقتحامًا، فحرّض جُنده على التضحية والإقدام حتى يحدث بعضهم في ذلك الحصن ثغرًا أو نقبًا، فتقدّم من وسط الجيش جندي مُلثّم غير معروف وقذف بنفسه إلى جهة الحصن غير مبالٍ بسهام الأعداء ولا خائف من الموت؛ حتى أحدث فيه نقبًا كان سببًا في سقوط الحصن ودخول الجيش فيه، ولئن كان صاحب النقب نجا من سهام الأعداء، فصاحب النقب الغزي لم يزل يواجه طيفا واسعا من القوى التي تريد أن تأخذ منه بالسياسة ما عجزت الحرب على سلبه منه.

لم تضع الحرب أوزارها، فقد بدأت للتو حرب أخرى اعتدنا على رؤيتها عقب كل مواجهة بين غزة والعدو، حيث يعمد "الحلفاء" جميعا عربا وعجما إلى حرمان المقاتلين من قطف ثمار ثباتهم ومقاومتهم و"نصرهم" المجلل بالدم، ثبتت غزة ولهذا يجب معاقبتها على هذا الثبات، لأنها كسرت كل قواعد الحروب في التاريخ العسكري كله، وخرج علينا من يقترح "تهجير" المنتصرين من ساحة انتصارهم بحجة أنها لم تعد صالحة للحياة، واشتعلت العواصم العربية بنقاشات وجدل علني لا علاقة له بما يجري بالسر(!) فقد اعتدنا في بلاد العرب أن نسمع علنا كلاما وتصريحات لا علاقة لها بما يجري في الغرف المغلقة، والعمدة في كل هذا هو موقف صاحب النقب وجماعته، فهم أصحاب القرار، وهم ملاذ المرتعدين من "غضب" مطور العقارات الذي بدا أنه يحكم العالم، ويحسب سكان القصور له ألف حساب، أما سكان الخنادق والأنفاق فلهم حساباتهم من قبل ومن بعد، فالكلمة الأخيرة لهم شاء من شاء وأبى من أبى، فهم لم يدفعوا كل ما دفعوا من أثمان باهظة كي يستمعوا إلى هذيان هذا أو ذاك سواء كانوا مطوري عقارات أو مقاولين بدم الشعوب ومصائرهم!

انتصرت غزة انتصارا وبطولة بطعم الكارثة، والسفر لم يزل طويلا، أطول من زحف الغزيين من جنوبهم إلى شمالهم، لكنهم بدأوا بكتابة أول سطر في كتاب التاريخ الجديد ليس لغزة وللعرب فقط بل للعالم كله.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس حزب مصر أكتوبر: اجتماع وزراء خارجية العرب بالقاهرة تأكيد على الثقة في الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية
  • الكارثة والبطولة على الطريقة الفلسطينية
  • تصفية القضية الفلسطينية نهاية الوطن العربى
  • للمرة الأولى.. حكومة نتنياهو تناقش تشيكل لجنة تحقيق في أحداث 7 أكتوبر
  • مصر تواصل خطواتها الدبلوماسية.. دعم ثابت لقطاع غزة والقضية الفلسطينية
  • الرئيس اللبناني يشدد على ضرورة إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال الحرب
  • حركة الفصائل الفلسطينية لإسرائيل: أعطونا آليات لرفع الأنقاض حتى نعطيكم رفات مواطنيكم
  • معهد صهيوني: صورة قاتمة لـ”وضع إسرائيل” في الحرب منذ 7 أكتوبر 
  • ترجيحات إسرائيلية باقتراب نهاية الحرب في غزة.. ترامب يلعب ورقته القوية
  • مصر أكتوبر: الرئيس السيسي أكد أن القضية الفلسطينية قضية مصرية