الشاعر شلاش الضاهر: الأغنية الشعبية حافظة لموروثنا الاجتماعي
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
حمص-سانا
تأثر الشاعر شلاش الضاهر بالأغاني الشعبية التي كان يرددها أهل قريته الجبلية في المناسبات والأعراس، وكان لها وقع جميل في ذاكرته منذ الطفولة ما أيقظ ملكته الشعرية ليغدو واحداً من كتابها ويغنيها كبار المطربين في سورية ولبنان.
وعن مسيرته في كتابة الأغنية الشعبية وغيرها من الأغاني، أوضح الضاهر في حديث مع سانا أنه بدأ بكتابة الأغاني والعتابا باللغة المحكية منذ كان في المرحلة الابتدائية ثم اتجه لكتابة الشعر العمودي في المرحلة الثانوية وصولاً إلى شعر التفعيلة، متأثراً بشعراء العصر الحديث، أمثال بدر شاكر السياب وبدوي الجبل ونازك الملائكة وسليمان العيسى الذين توقف عند قصائدهم خلال دراسته وتدريسه للغة العربية على مدى أربعين عاماً.
وأضاف: “إن قصائده التي نشرها في الصحف والمجلات على مدى عقود لفتت انتباه كثير من المطربين في سورية ولبنان، إضافة إلى أنه تعامل مع ملحنين محليين وعرب.
وعن حال الأغنية الشعبية اليوم رأى الضاهر أن هذه الأغنية التي هي حافظة موروثنا الاجتماعي الأصيل باتت في أدنى مستوياتها، وتعاني من ضعف شديد في بنائها واللحن، مع ظهور أصوات لا علاقة لها بالغناء وأصبحت في أغلبها للاستعمال مرة واحدة ومن ثم للأرشيف.
وكان لما شهدته سورية من أحداث والانتصارات التي حققها أبطال الجيش العربي السوري لعودة الأمن إليها تأثيره في نفس الشاعر فوجه بوصلة قصائده وأحاسيسه صوب الوطن، ممجداً فيها تلك البطولات لتتحول إلى أغان وطنية، ومنها أغنيته وطن الأبطال التي فازت بالجائزة الذهبية في المهرجان الدولي العاشر للأغنية المقاومة عام 2016.
وعن أغانيه الحالية كشف الضاهر أنه كتب أغنية عن القضية الفلسطينية والحرب الجائرة على غزة يتم تصويرها حالياً، وسيغنيها المطرب سومر الصالح مع الممثلة صفاء سلطان، كما سيتم إطلاق عدة أغان قريباً لمجموعة من الفنانين.
والشاعر الضاهر من مواليد قرية الشرقلية بريف حمص عام ثمانية وخمسين وتسعمئة وألف، ويحمل إجازة في اللغة العربية من جامعة البعث ودبلوم تأهيل تربوي، وله ثلاث مجموعات شعرية (أكثر من ضوء وأبعد من فضاء وأضمومة ياسمين ونقش على جدار الأنثى)، وحصل على عدة جوائز وتكريمات عن عمله في الحقل التربوي وعن أغانيه، حيث كرمته وزارة التربية عام 2019 كما كرمته وزارة الثقافة عام 2009.
حنان سويد
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
كلمات رديئة لميثم راضي.. أن تكون شاعرًا عراقيًا
(الشعر يولد في العراق، فكن عراقيًا لتصبح شاعرًا، يا صاحبي)، من منا ينسى هذا القول الخالد للعظيم محمود درويش؟ فور قراءتي لهذه الكلمات، أتذكر ميثم، الذي دوّخت قصائده الآلاف من قراء الشعر في عالمنا.
لماذا لم يصدر ميثم غير هذا الكتاب "كلمات رديئة"؟ أليس هذا محيرًا؟ لماذا لم يشارك في مهرجانات شعرية وهو الذي بالتأكيد تلقى عشرات الدعوات؟ لماذا لم يظهر للعلن أمام الجمهور إلا في مهرجان المعلقة الشعري في السعودية مؤخرًا؟
نسأل هذه الأسئلة ونحن نعرف أن ميثم، العبقري الذي يحترق في كل نص يكتبه، هو شاعر يتعذب بالشعر ويعذبنا معه. أكاد أتخيله بعد كل نص يذهب إلى المشفى، فالكلمات عظامه، والصور دمه، والحروف قلبه. يهرب ميثم إلى رسومات الكاريكاتير التي يبدع فيها، ويشارك من خلالها في معارض هنا وهناك. يحترق ميثم بالشعر، ويحرق قراءه، ويحرق العالم معه، وكأني به يريد أن يرأف بنا، قائلًا: يكفيكم شذراتي في تطبيق الفيسبوك، دعوكم من الكتب، فلو نشرت نصوصي عبر الكتب، ستسبب لكم حرائق أكبر، وقد تحرق حقولكم وبيوتكم وشرفات بيوتكم، ولن تجدوا أحدًا يقدر على وصف هذه الحرائق.
يكتب ميثم نص المذبحة، ليست المذبحة بالمعنى السياسي فقط، بل بكل المعاني النفسية والفلسفية والإنسانية: (أيها الملاك المسؤول عن توزيع المفاصل، امنح الفتاة التي سيُكتب لها أن تكون أرملة ركبةَ أب). عبقرية ميثم تتركز في موهبة توزيع الألم عبر نصوصه، ولأنه تشكيلي أولًا، فهو يلوّن الألم الإنساني بطريقة تصدم وعينا، ويرسمه وكأنه يحفره في ذاكرتنا. لم أقرأ لشاعر عربي هذه القدرة على ترتيب الكلمات بطريقة تشبه السحر: (أنا أعتذر لك يا صغيري، لقد علمتك الكلام ثم تركت لك الأيام التي لا يمكن التعبير عنها).
في العراق المذبوح حد اللامعقول، بالفعل، هنا ثمة عجز عن التعبير، إلا عند ميثم، فهو ملك العبارة المختلفة، الصاعقة، الحارقة، المنفلتة من كل معتاد. نمت قدرة ميثم على التقاط ورسم حواف الهاوية البشرية داخل جحيم الموت العراقي، وبموازاتها نمت معها لهفتنا في انتظار لسعاته الرهيبة.
صدر هذا الكتاب الصغير عام 2015 عن دار المتوسط في ميلانو، بواحد وعشرين صفحة، وما يعطي هذا الكتاب أهميته وما يجعلنا نحتفي به ليس فقط فوزه قبل أيام بجائزة المعلقة الشعرية في السعودية عن فئة النثر، حيث ضمت المسابقة ثلاث فئات شعرية رئيسية: الفصيح، الحر، والنبطي. تشكلت لجنة تحكيم فئتي الشعر الفصيح والحر من نخبة من الأدباء والشعراء، وهم الشاعر العراقي عارف الساعدي، والشاعرة والكاتبة السعودية فوزية أبو خالد، والشاعر السعودي محمد إبراهيم يعقوب.
فبعيدًا عن الجائزة، التي سبقتها آلاف الجوائز التي حصل عليها العراقي ميثم الراضي من متابعيه ومعجبيه، على شكل حب متواصل وبحث محموم عن كتبه، تشكل تجربة ميثم ظاهرة شعرية فريدة من نوعها. تصور هذه التجربة غرابة الحياة بطريقتها الخاصة، ففي الحياة داخل العراق، وهو بلد الشاعر، ثمة أحداث غير معقولة حدثت وتحدث. يكتب عنها الشاعر بلغة بسيطة، لكنها ليست أي لغة، بل داخل تجربة الشاعر ثمة دروب فلسفية تنتمي لتصوره وحده:
انظروا هذه الصورة في أول الكتاب: (تحاول الكلام مثل طفل لم يعرف نارًا أكبر من عود ثقاب، وعليه الآن أن يصف غابة كاملة تحترق).
كُتبت عن كتاب "كلمات رديئة" العديد من المراجعات النقدية والقراءات منذ صدوره نهاية 2015، وتوزعت عبر عدد من المواقع والصحف العربية. من بينها قراءة الشاعر والمترجم التونسي أشرف القرقني، التي جاءت بعنوان: نصوص شعرية يدخلها القارئ شخصًا، ويخرج منها شخصًا آخر. ومما جاء فيها:
"إنَّ الشَّاعر يدوّن محاولة خلق أيّامهِ من جديد في اللّغة وعلى نحو فنّي، بوصفها إشارة حارّة إلى ما لا يقال في أيّامنا المغرقة بدماء الأطفال ورؤوسهم المقطوعة. وفي هذا المستوى تستعيد الكتابة الحديثة عمقها الفلسفيّ، فلا مجال للخطابة والصّراخ الذي امتلأت به أرواحنا وآذاننا. لا مكان يتّسع لزركشة بلاغيّة أو حذلقة بيانيّة."
الشاعر في سطور
ميثم راضي عباس، من العراق، يسكن في مدينة العمارة جنوب العراق. يعمل مهندس كهرباء في دائرة الصحة، وهو رسام كاريكاتير منذ أكثر من 25 عامًا، حيث أقام معارض داخل العراق، ونشر رسوماته في الكثير من الصحف والمواقع العربية. يكتب منذ عام 2010، وينشر على الفيسبوك فقط، ولم يشارك في أي مهرجان شعري، ولم يصدر سوى كتاب واحد بثلاث طبعات.