من هو هنري كيسنجر.. حائز على نوبل للسلام ومتهم بارتكاب جرائم حرب
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
عن 100 عام قضى وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأشهر.
إنه هنري كيسنجر؛ الشخصية المثيرة للجدل الذي وصف بأنه عملاق الدبلوماسية الأمريكية وحاز على جائزة نوبل للسلام في الوقت الذي اتهم فيه بارتكاب جرائم حرب وأن يديه ملطخة بالدماء.
بالنسبة للشرق الأوسط، فهو شخصية معروفة جدا، وربما تتشابه الأجواء التي توفي فيها (معركة طوفان الأقصى) بالأجواء التي كانت سبب شهرته بالشرق الأوسط وهي حرب 1973.
لعب كيسنجر دورا بارزا في حماية الدولة العبرية التي تفاجأت بحرب 6 أكتوبر 1973، حين شن الجيشان المصري والسوري حربا ضدها.
كان كيسنجر في الخمسين من عمره في تلك الحرب، اعترف بأنه والرئيس ريتشارد نيكسون، وبقية طاقمه، عملوا بشكل قوي وحثيث في حرب 6 أكتوبر، على توفير الدعم المباشر والخدمات الحاسمة للدولة العبرية، حتى لا يتحقق نصر عربي عليها.
قال في مقابلة مع صحيفة "معاريف" العبرية في أيلول/ سبتمبر الماضي، إن هذا الموقف اتخذ فور وصول النبأ عن نشوب الحرب. وأضاف: "عقدنا العزم منذ اليوم الأول على منع نصر عربي في الحرب، ورأينا في نصر كهذا ضربة للولايات المتحدة نفسها؛ لذلك كنا مقتنعين منذ اللحظة الأولى بضرورة عودة القوات المصرية والسورية إلى الخطوط التي كانت معتمدة قبل اندلاع المعارك".
وأشار كيسنجر إلى أنه عارض مناقشة طلب إسرائيلي وقف إطلاق النار بينما كانت إسرائيل قد بدأت بالتحضير للهجوم على الجولان السوري، وقال: "كنت ضد وقف إطلاق النار بشدة، بينما تستمر المكاسب المصرية في ساحة المعركة".
ذات الموقف تعرضت له الدولة العبرية في 7 أكتوبر 2023، وبدت استراتيجية كيسنجر وكأنها يعاد إحياؤها وهو عمره المئة.
على الصعيد العالمي
كان كيسنجر فاعلا رئيسيا في الدبلوماسية العالمية خلال الحرب الباردة، فهو مهندس التقارب مع موسكو وبكين، لكن صورته تظل مرتبطة أيضاً بمحطات قاتمة، مثل انقلاب العام 1973 في تشيلي.
كان هذا الرجل القصير القامة ذو الصوت الخشن واللكنة الألمانية القوية، على الرغم من تقدمه في السن، حتى وقت قريب يُستشار من قبل الطبقة السياسية بأكملها، ويتم استقباله من رؤساء دول، ويلقي محاضرات في المؤتمرات في جميع أنحاء العالم.
وآخر مثال على ذلك، في تمّوز/يوليو الفائت حين التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ في بكين، والذي وصفه بأنه "دبلوماسي أسطوري".
ولم يترك أحد تأثيرا كبيرا أو بصمته على السياسة الخارجية الأميركية في النصف الثاني من القرن العشرين مثل هذا المفاوض البارع الذي كان حساسا بقدر ما كان سلطويا.
صقر وبراغماتي
يعد هنري كيسنجر صاحب نظرية "الواقعية السياسية" الأمريكية و"الصقر" الحقيقي، واحدًا من تلك الشخصيات المعقدة التي تجذب الإعجاب أو الكراهية.
كان للنازية تأثير عميق على الشاب اليهودي الألماني هاينز ألفرد كيسنجر، المولود في 27 أيار/ مايو 1923 في فورث في مقاطعة بافاريا، فقد اضطر إلى اللجوء إلى الولايات المتحدة في سن الخامسة عشرة مع أبيه المعلم وبقية عائلته.
وحصل على الجنسية الأمريكية في سن العشرين، وانضم إلى وحدة مكافحة التجسس العسكرية في الجيش الأمريكي الذي سافر معه إلى أوروبا كمترجم باللغة الألمانية.
وبعد الحرب العالمية الثانية، عاد لاستئناف دراسته، فالتحق بجامعة هارفرد حيث حصل على شهادة في العلاقات الدولية قبل أن يقوم بالتدريس هناك ويصبح أحد مديري الجامعة العريقة.
لكن الرجل الذي اشتهر بنظارتيه السميكتين فرض نفسه الوجه الرئيسي للدبلوماسية العالمية عندما عينه الجمهوري ريتشادر نيكسون في البيت الأبيض مستشارا للأمن القومي في العام 1969 ومن ثم وزيرا للخارجية وقد احتفظ بالمنصبين معا من 1973 إلى 1975.
وبقي في وزارة الخارجية في عهد جيرالد فورد حتى عام 1977. في ذلك الوقت، أطلق نظرية "الواقعية السياسة" الأمريكية، فباشر مرحلة انفراج مع الاتحاد السوفياتي وإذابة الجليد في العلاقات مع الصين في عهد ماو، خلال رحلات سرية لتنظيم زيارة نيكسون التاريخية إلى بكين في العام 1972.
كذلك، قاد في سرية تامة أيضا وبالتوازي مع قصف الجيش الأمريكي لهانوي، المفاوضات مع لي دوك ثو لإنهاء حرب فيتنام.
جائزة نوبل مثيرة للجدل
حاز في 1973 جائزة نوبل للسلام مناصفة مع لي دوك ثو بعد التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن الفيتنامي رفض الجائزة التي اعتبرت الأكثر إثارة للجدل في تاريخ نوبل.
وعلى العكس من ذلك، طالب منتقدو كيسنجر لفترة طويلة بمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
ونددوا بالجانب القاتم والأكثر إثارة للجدل والأقل انفتاحاً في سياسته الخارجية، وعلى وجه الخصوص ضلوعه في القصف المكثف على كمبوديا أو دعمه للرئيس الإندونيسي سوهارتو الذي أدى غزوه لتيمور الشرقية إلى مقتل 200 ألف شخص في عام 1975. ولكن أيضا الدور الذي لعبته وكالة الاستخبارات المركزية في أميركا اللاتينية، وغالبا ما كان ذلك تحت قيادته المباشرة، ما شوّه صورته، بدءاً بالانقلاب الذي وقع في تشيلي العام 1973 وأوصل أوغستو بينوشي إلى السلطة بعد وفاة سلفادور أليندي.
فعلى مر السنين، كشفت الوثائق الأرشيفية معالم ومدى اتساع "خطة كوندور" للقضاء على معارضي الديكتاتوريات في أمريكا الجنوبية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
اتهام بجرائم حرب
وقالت صحيفة "إنترسبت" نقلا عن كاتب سيرته غريغ غراندين إن كيسنجر ساهم في إطالة أمد حرب فيتنام وتوسيع هذا الصراع إلى كمبوديا المحايدة، وكذلك تسهيل عمليات الإبادة الجماعية في كمبوديا وتيمور الشرقية وبنغلاديش؛ وتسارع الحروب الأهلية في الجنوب الأفريقي؛ ودعمه الانقلابات وفرق الموت في جميع أنحاء أميركا اللاتينية، وإن يديه ملطخة بدماء ما لا يقل عن 3 ملايين شخص.
وقال المدعي العام المخضرم في جرائم الحرب ريد برودي للصحيفة إن "هناك عددا قليلا من الأشخاص الذين كانت لهم يد في هذا القدر من الموت والدمار والمعاناة الإنسانية في العديد من الأماكن حول العالم مثل هنري كيسنجر".
وخلص تحقيق أجراه موقع إنترسبت عام 2023 إلى أن كيسنجر -الذي ربما كان أقوى مستشار للأمن القومي في التاريخ الأميركي والمهندس الرئيسي لسياسة الحرب الأميركية في جنوبي شرقي آسيا من عام 1969 إلى عام 1975- كان مسؤولا عن مقتل عدد أكبر من المدنيين في كمبوديا مما كان معروفًا سابقًا، استنادا إلى أرشيف حصري للوثائق العسكرية الأميركية والمقابلات مع الناجين الكمبوديين والشهود الأميركيين.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: كيسنجر فيتنام واشنطن امريكا الكيان الصهيوني هنری کیسنجر جرائم حرب ما کان
إقرأ أيضاً:
جرائم الاحتلال بحق أطفال لبنان تتزايد.. الطفلة إيفانا تعيش مأساة بعد حرق جسدها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لم تكدُ الحياةُ تفتح أبوابها أمام الطفلة اللبنانية إيفانا سكيكي حتى باغتتها الحرب، فأرقدتها على فراش الموت مصارعة الموت، فباتت لا لم تكد الحياةُ تفتح أبوابها أمام الطفلة اللبنانية إيفانا سكيكي حتى باغتتها الحرب، فأرقدتها على فراش الموت مصارعة الموت، فباتت لا تعلم ما ألم بها ما ألم بها، وكيف آلت بها الأمور إلى ذلك، رغم أنها ليست سوى طفلة لم تتجاوز من الحياة غير خريفين، يبدو أن لا ربيع لهما.
ووفقا لتقرير عرضته قناة «القاهرة الإخبارية»، فإن الاحتلال أشعل جسد الطفلة اللبنانية بقذائفه لتصنف حروقها من الدرجة الثالثة، وبدلا من أن تحيا كرفيقاتها تحولت لضحية مسجون جسدها فوق فراش الألم.
وقال والدها: «إيفانا تعيش مع وجعها، هي لا تستطيع التعبير عما تشعر به لأن عمرها سنتين إلا شهر، ووضعها صعب للغاية، والقلب يبكي من أجلها».
ولم يدرك والد إيفانا ماذا يمكنه أن يقدم لطفلته التي حرمها الاحتلال من حقها في أن تحيا بأمان وتحولت إلى هدف مباشر لآلته العسكرية ووقف عاجزا أمام صرخات صغيرته التي وإن تحدت الموت والألم، فلن يمكنها الألم النجاة من تشوهات تلك الحرب على ملامحها أو داخل قلبها.