تجهّز تغريد النجار خبز "الصاج" على الحطب وتعد الشاي، ثم تبدأ بتحضير وجبات خفيفة (سندويشات) من الجبن والفلفل الأحمر الذي يشتهر به أهل قطاع غزة لفطور صباحي على أنقاض منزلها المدمر في حي عبسان شرق مدينة غزة.

 

فعقب الإعلان عن الهدنة قبل 4 أيام، اتجهت تغريد مشيا من مدرسة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في خان يونس صوب منزلها في حي عبسان، لتجد المنزل مدمرا تدميرا كاملا، لكنها أصرت على العيش فيه ولا تبالي بالدمار المحيط به.

 

شعرت تغريد البالغة من العمر 46 عاما بغصة وقهر بعدما رأت أن 27 عاما أمضتها الأسرة في العمل على إنشاء هذا المنزل ذهبت هباء، ورغم انهيار الجدران وغرق الأثاث تحت الإسمنت، فإن تغريد شعرت براحة نفسية، وبأن روحها عادت لها بعد أسابيع من الفرار من المنزل منذ بدء العدوان على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

غير صالحة للعيش

 

ومنذ بدء العدوان على غزة وحتى إعلان الهدنة، ألقى جيش الاحتلال الإسرائيلي 40 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، كما أن القنابل التي ألقاها الاحتلال خلفت دمارا يعكس رغبته في جعل غزة غير صالحة للعيش.

 

اضطرت تغريد التي استشهد العشرات من أفراد عائلتها الكبيرة، إلى الفرار عندما بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف القطاع، وعاشت خلال الأسابيع الماضية مع أفراد أسرتها التسعة في مدرسة للأونروا باتت مخيما للنازحين في خان يونس.

 

وتقول تغريد "لم أتمكّن من تناول الطعام في اليومين الأولين بعد العودة للمنزل، ثم قلت يجب أن نعيش، فالبيت معوّض، نحن من بنيناه وبإمكاننا فعل ذلك مرة ثانية"، وتضيف "نقفز من شباك غرفة ما زالت جدرانها قائمة وننام فيها، أنشنا حماما صغيرا، ننام في أي مكان".

 

كل منازلنا دمّرت

 

وتقدّم تغريد كوبا من الشاي الساخن لجارها جميل أبو عاذرة الذي يجلس في ضيافتها وهو يقيم أيضا على أنقاض منزله المدمر مع 15 من أفراد عائلته بينهم 4 أطفال.

 

ويقول أبو عاذرة (64 عاما) "كل منازلنا دمّرت هنا، لكننا فضلنا البقاء رغم البرد والدمار، فهذا أفضل من البقاء في المدارس، لم نعد نحتمل"، ويضيف "حتى الأطفال يريدون البقاء هنا، ينامون في أي مكان، الأطفال حياتهم صعبة، جميعهم خائفون ومصدومون، حتى نحن الكبار خائفون لكننا نكذب ونتظاهر بالقوة من أجلهم".

 

وفي الشارع المقابل، يقف بسام أبو طيعمة أمام ركام عمارة كانت تضم 4 طوابق كان يعيش فيها مع زوجته وأطفاله الثلاثة وأشقائه الأربعة، ويقول أبو طيعمة "نعيش هنا نحو 40 شخصا، غادرنا مع بدء التصعيد، وعندما عدنا وجدنا البيت مسوى بالأرض، لا أعلم لماذا؟ لا علاقة لنا بالتنظيمات، جميعنا نعمل في الزراعة وقيادة سيارات الإجرة".

 

خيمة للسكن

 

ويتابع أبو طيعمة بغضب "أتيت مع إعلان التهدئة، وجدت البيت مدمرا، أنام هنا مع زوجتي منذ بدء التهدئة، بعد الحرب سأزيل الركام وسأقيم خيمة لنسكن فيها".

 

على الجهة الأخرى، يدقّ نعيم طعيمات (46 عاما) مسامير لتثبيت أعمدة خشبية لهيكل خيمة ينوي المكوث داخلها مع عائلته، ويقول "أجهز خيمة للعيش هنا بعد الحرب، أتيت إلى منزلي ووجدته مهدما بالكامل، أعيش أنا وزوجتي وأطفالي السبعة ووالدتي في المنزل، إضافة إلى إخوتي الأربعة وأبنائهم، كل منهم لديه 7 أبناء".

 

يطرق بمطرقة الكتل الإسمنتية التي تغطي كلّ شيء، محاولا شق فتحة للتمكن من دخول المنزل لإخراج بعض الملابس خصوصا أغراض زفاف ابنته التي كان يفترض أن تتزوج في الثاني من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

 

ويضيف وهو يمسح كفَّي يديه من رماد ودماء "ابنتي نيفين كانت ستتزوج الأسبوع المقبل، دمّر بيتنا وبيت خطيبها، أحاول إخراج جهازها (أغراض الزفاف) حتى تشعر ببعض الفرح".


المصدر: الموقع بوست

إقرأ أيضاً:

حكومة غزة: عمال القطاع يعيشون عجزا تاما بسبب الإبادة الإسرائيلية

قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة اليوم الخميس إن العمال الفلسطينيين بالقطاع يعيشون حالة من "العجز التام" في تأمين مصدر دخل بسبب الأزمة الإنسانية الناجمة عن الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب بدعم أميركي.

وأوضح المكتب في بيان له بمناسبة اليوم العالمي للعمال الذي يصادف الأول من مايو/أيار من كل عام "في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للعمال يمر قطاع غزة بظروف مأساوية نتيجة للحصار الإسرائيلي المستمر وما خلفته الاعتداءات العسكرية المتعاقبة من آثار مدمرة على كافة قطاعات الحياة".

وأضاف البيان "يأتي هذا اليوم الذي يكرس حقوق العمال ويدعو إلى تحسين أوضاعهم، في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني بشكل عام والعمال بشكل خاص في غزة من أشد صور الظلم والقهر، في ظل جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين".

وتابع "يعيش العمال في غزة أوضاعا صعبة للغاية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 18 عاما، وما تبعه من تدمير للبنية التحتية والمرافق الحيوية".

وأوضح البيان أن "هذه الظروف أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة بين فئة العمال بشكل غير مسبوق، حيث تجاوزت نسبة البطالة في القطاع 50%، مما جعل غزة من أكثر المناطق في العالم التي تعاني من معدلات بطالة مرتفعة".

إعلان

ولفت إلى أنه "مع تدمير المنشآت الصناعية ومرافق الخدمات العامة من قبل الاحتلال خلال الحروب بات العمال في القطاع في حالة من العجز التام عن تأمين مصدر دخل ثابت، ليجدوا أنفسهم في مواجهة مع أزمة إنسانية تتفاقم يوما بعد يوم".

استهداف المنشآت الحيوية

وأوضح البيان أنه "منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة كانت فئة العمال من أول المتضررين، حيث استهدفت إسرائيل المنشآت الحيوية والمصانع، مما أدى إلى فقدان الآلاف من العمال وظائفهم".

كما أن تدمير البنية التحتية -بما في ذلك محطات الطاقة والمرافق الصحية- "جعل من المستحيل على العمال العمل في بيئة آمنة"، حسب البيان.

وأشار إلى أن "الاحتلال يواصل استهداف المدنيين بالقطاع، بمن في ذلك العمال واستهداف الأماكن التي يحتشدون فيها، مما يزيد تعقيد الوضع ويؤدي إلى إلحاق خسائر مادية وبشرية جسيمة".

وحسب البيان، أظهرت التقارير الإحصائية أن العشرات من العمال الفلسطينيين سقطوا ضحايا القصف الإسرائيلي، في حين يعاني آخرون من إصابات بالغة تمنعهم من العودة للعمل.

وأضاف "اليوم العالمي للعمال يحمل في طياته رسالة إنسانية مهمة تدعو إلى احترام حقوق العمال وتحقيق العدالة الاجتماعية، في وقت تتواصل فيه الانتهاكات الإسرائيلية التي تتجاهل أبسط حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في العمل في قطاع غزة".

ودعا المكتب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى "التدخل الفوري لوقف الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب".

كما طالب "بتوفير حلول عاجلة تشمل إنشاء مشاريع تنموية تهدف إلى توفير فرص العمل، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وضمان حقوق العمال الفلسطينيين في جميع قطاعات العمل".

وشدد البيان على ضرورة "توفير الدعم الإنساني لتخفيف معاناة العمال وأسرهم جراء التدمير المستمر الذي يعصف بكل جوانب حياتهم".

وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 170 ألفا بين شهيد وجريح فلسطينيي -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل.

إعلان

مقالات مشابهة

  • حكومة غزة: عمال القطاع يعيشون عجزا تاما بسبب الإبادة الإسرائيلية
  • الحكومة الباكستانية: الحرب مع الهند ستكون مدمرة للبلدين
  • السلطات بالخرطوم تشرع في إزالة ونظافة أكبر البؤر التي كانت تستخدمها المليشيا للمسروقات والظواهر السالبة
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
  • كانت معدّة للتهريب.. شاهدوا كميات البنزين الكبيرة التي تم ضبطها في عكار (صورة)
  • فوق الركام وتحت الشوادر.. مأساة سكان بيت لاهيا تتفاقم
  • العائلات بمشروع بيت لاهيا يعيشون في خيام ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة
  • النواب يفضلون الدعاية على القوانين والبرلمان ميّت