أثارت وفاة هنري كيسنجر، الشخصية الرئيسية في الدبلوماسية الأمريكية، جدلاً حول إرثه الشهير وتعقيدات تأثيره على الشؤون العالمية. يتعمق سيمون تيسدال في الطبيعة المتناقضة لمسيرة كيسنجر المهنية، حيث يوازن بين الإخفاقات المهنية والإشادة الدولية، ويتساءل عن التأثير الدائم لمساهماته.

 

وفقا لمقال سيمون تيسدال، في الجارديان البريطانية، فعلى الرغم من الاحتفاء بكيسنجر لاختراعات الدبلوماسية المكوكية، فإن مناصرة كيسنجر لقوة الولايات المتحدة والإمبريالية الجديدة تخضع للتدقيق.

 

تكشف إنجازاته الرئيسية ــ الانفتاح على الصين، والانفراج مع الاتحاد السوفييتي، وجهود السلام في الشرق الأوسط ــ الآن عن أسسها المعيبة وانهيارها اللاحق.

 

يعترف تيسدال بإنجازات كيسنجر الإستراتيجية، بما في ذلك الدبلوماسية المكوكية والسعي إلى السياسة الواقعية، معترفًا بمهندس الوفاق واللاعب الرئيسي في عملية السلام في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فهو يؤكد أن هذه الإنجازات ارتكزت على أسس هشة انهارت في نهاية المطاف، تاركة إرثًا مختلطًا.

 

تم انتقاد الانفتاح على الصين الشيوعية عام 1972، رغم أنه كان يُنظر إليه في البداية على أنه انتصار، لأنه أفاد الصين أكثر من الولايات المتحدة. ويسلط الازدهار الاقتصادي اللاحق والهيمنة العالمية للصين ما بعد الثورة الضوء على النجاح المحدود لمناورات كيسنجر الجيوسياسية. وكانت استراتيجية "بطاقة الصين"، التي كانت تهدف إلى الضغط على الاتحاد السوفييتي، سبباً في تغذية صعود الصين عن غير قصد.

 

يُنظر إلى الانفراج مع الاتحاد السوفييتي، والذي يرمز إليه بمعاهدات الحد من الأسلحة النووية، في سياق الانهيار السوفييتي والتحديات التي تلت ذلك والتي واجهتها روسيا. ينتقد تيسدال صناع السياسة الأمريكيين لعدم مساعدة موسكو في بناء دولة ديمقراطية مزدهرة بعد الحرب الباردة، مما أدى إلى فشل مشؤوم يساهم في التوترات الجيوسياسية الحالية.

 

بينما لعب كيسنجر دورًا في التوسط لإنهاء حرب أكتوبر عام 1973، إلا أن الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط لا تزال قائمة. يتحدى تيسدال وهم النجاح الأمريكي في المنطقة، مشيرًا إلى الانحياز الأحادي لإسرائيل والقضايا الأساسية التي لم يتم حلها بين اليهود والفلسطينيين باعتبارها عواقب دائمة لمبادرات كيسنجر.

 

تم انتقاد دور كيسنجر في دعم الانقلاب العسكري التشيلي عام 1973 ودعم الديكتاتوريين المتحالفين مع المصالح الأمريكية خلال الحرب الباردة باعتباره رمزًا للإمبريالية الأمريكية الجديدة المدمرة. يتم التدقيق في السياسات قصيرة النظر التي ينتهجها كيسنجر في الحروب بالوكالة والتحالفات مع الديكتاتوريين باعتبارها تساهم في عدم الاستقرار العالمي وانتهاكات حقوق الإنسان.

 

إن تورط كيسنجر في حرب فيتنام، التي تميزت بالقصف السري على كمبوديا المحايدة، يثير تساؤلات حول جرائم الحرب والاعتبارات الأخلاقية. يشير تيسدال إلى الفظائع التي ارتكبت أثناء الصراع واتهامات كريستوفر هيتشنز في "محاكمة هنري كيسنجر" كتذكير بالجوانب المثيرة للجدل في حياته المهنية.

 

يختتم تيسدال بالاعتراف بدور كيسنجر الفريد كشاهد على صراعات وانتصارات القرن الأمريكي. وبينما يشير المقال إلى وفاته، فإنه يشكك في التأثير الدائم لتفكير كيسنجر الجيوسياسي، مع التركيز على الحاجة إلى تجاوز العصر الذي كان يمثله.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هنري كيسنجر وفاة هنري كيسنجر

إقرأ أيضاً:

الدبلوماسية الاردنية.. المطاولة والتأثير الوقائي للحفاظ على امننا الوطني..سوريا إنموذجاً

#الدبلوماسية_الاردنية.. المطاولة والتأثير الوقائي للحفاظ على امننا الوطني..سوريا إنموذجاً
ا.د #حسين_طه_محادين*
(1)
مُخطئ من لا يعترف ويعتز بتميز دينامية الدبلوماسية الاردنية،رؤية وانجازات، مطاولات وردع بصورة متوازنة؛ وهي التي يقودها بحصافة جلالة الملك عبدالله الثاني،ويُعبر عنها ببلاغة وجرأة ؛سياسية ومتابعات دؤوبة مع الحكومات الاخرى وزير الخارجية نائب رئيس الوزراء الحالي ايمن الصفدي، لتظهر نتائج دبلوماسية إردننا الحبيب، رؤية أمنية وقائية واستشرافية لاحداث المنطقة المتلاحقة المهولة خصوصا في العامين الاخرين في غزة وسوريا ؛ لذا ليس سهلا ان نشهد ونتفكر كمتابعين اكاديميين ومن منظور علم اجتماع السياسة ، نضج دبلوماسي مُميز ولافت في نجاح دبلوماسية الدولة الاردنية، وادوارها المقدرة باستقطاب وتوافق الاطراف المتصارعة او حتى المتنافسة بعنف نحونا وإطلاقها ادوارا فاعلة على هيئة مشاورات ومبادرات من عمّان مثل دورنا في ارجاع النظام السوري السابق للجامعة العربية ونجاحنا في قبول العرب حضور رئيسها قمة الرياض الاخيرة، بعد ان طلبت عمّان إعفائها عام 2011 من قطع علاقتها مع دمشق بعيد اندلاع الثورة السورية وقمع النظام السوري للثورة بصورة دموية مدانه انسانيا ودوليا، بعد ان اتخذت الجامعة العربية قرارا بهذا الخصوص كعقاب للنظام السابق تعبيرا عن حرص الاردن على وحدة الجيرة والمصير مع سوريا، وهذا ليس غريبا علينا، فعمان التسامح واليقضة ،هي قائدة الوفاق والاتفاق دائما،وبالتالي مازلنا نقطف كأردنيين نتيجة لحنكتها المشهود بها في تفرد فهمها لحاضر الاقليم وتميزها الناجز، في قدراتها العلمية على إستشراف القادم تباعا وبذكاء سياسي عميق على هيئة انجازات اقليمية وعالمية لصالح أمن بلدنا الحبيب أولا وأول، في ظل ظروف اقليمية وعالمية اقل ما توصف به انها زئبقية التركيبة متأرجحة المواقف ، لذا من هنا يتجلى نجاح دبلوماسيتنا في تشخيصي هذا، عبر حِفاظها على مصالح وأمن بلدنا العزيز دون ان تغفل او تتباطأ عن تعميق وتكثيف تأثيرها عربيا وعالميا معا. وما استضافتنا حاليا لاجتماع اللجنة السداسية العربية المنبثقة عن قرارات وبحضور امين عام الجامعة العربية والمبعوث العالمي لسوريا، والعديد من وزراء الخارجية الاخرين ، فهذا اللقاء انما هو تتويج لمرحلة احداث الربيع العربي والثورة السورية منذ 2011 وصولا لما هو حالي بعد حدوث التغيير العميق والانتقالي في سوريا الشقيقة، والتي تُمثل عبر التاريخ المعاصر في الاقل ،الخاصرة الانتقالية وربما الرخوة حاليا التي ترتبط راهنا وفي المستقبل بأمن وحدود الاردن بصورة عضوية من حيث الاثر والتأثير المتبادل على علاقات الاخوة والتجارة والامن في البلدين الشقيقين كجزء من عدم استقرار الاقليم بصورة قوية بعيد غزوة 7/اكتوبر العام الماضي في غزة وإنكفأ الاذرع الايرانية ارضا وجوا في لبنان، واليمن، والعراق المنطقة بعد العدوان الاسرائيلي الاخير في لبنان وسوريا بالاساس.
(2)
“مخدرات ايدلوجية..”.
لا يمكن فهم الاهتمام الكبير جدا للدبلوماسية الاردنية بجذورها الامنية والعسكرية في واقع ومآلات التغيير الذي جرى في سوريا دون استحضار ابرز المحطات الاحتكاكية مع النظام السابق وتحالفه العضوي مع ايران عبر حزب الله وهي صاحبة مضمون تصدير الثورة والمخدرات الايدلوجية عبر الاراضي السورية التي يشترك معها الاردن بحدود تصل 375 كلم، دون ان ننسى بان ايران وعبر اذرعها في الاقليم هي الداعمة لمحور “المقاومة التي تحولت للممانعة” وما تحالف النظامين الايراني والسوري السابق باصرارهما في السنتين الاخيرتين على تصدير مخدراتهم الفكرية والصناعية نحو الاردن برا وجوا وفشلهما الذريع والحمد لله امام صمود الدولة الاردنية أمنيا وعسكريا ودبلوماسيا وهي التي لم تتوانى قواتنا العسكرية البطلة عن ردع مصادر التهديد وتنفيذ مداهمات القائمين على الداعمين والمصدرين للمخدرات من الاراضي السورية نحو بلدنا بشكل مشهود عامي 2023-2024.لذا كان الاردن من اوائل الذين رحبوا بصدور القانون الامريكي في عهد الرئيس بايدن 2022 وهو”قانون مكافحة الكبتاغون ” لأنه يدعم حقنا ومصالحنا الوطنية في ردع تحالف المصدرين لمخدراتهم الايدلوجية الدامية بكل عناوينها نحو اهلنا في اردن النبلاء والطيبين عروبة واسلام.
اخيرا..
حُق لنا ان نفتخر بانجازات وطننا الواثق ونجاحاتنا الدبلوماسية بعمقها الفكري الامني والعسكري في الحفاظ والمراكمة معا على أمننا الحالي نتيجة لنجاحاتنا المشرفة في مطاولات دولتنا ورجالاتها الاشاوس مدنيين وعسكرين على المسرحيّن الاقليمي والعالمي خدمة لاهلنا الاكارم في اردننا المغالب. ..وحمى الله اشقاءنا في سوريا العزيزة على قلوبنا كأردنيين ومتعها بالامن الامان راهنا وفي المستقبل.

قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

مقالات مشابهة

  • منتدى الإعلاميين الفلسطينيين يحذر من التعامل مع مؤسسة هنري جاكسون
  • القومي للمرأة يستعرض إنجازاته أمام المفوضة الإفريقية ويبحث آفاق التعاون المشترك
  • روسيا تجلي جزءا من موظفي بعثتها الدبلوماسية في دمشق وتنفي وقف تصدير القمح لسوريا
  • استقالة زعيم الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية تثير تساؤلات حول مستقبل القيادة
  • بعد الإطاحة بالأسد.. تركيا تنهي عقدا من القطيعة الدبلوماسية وتعلن استئناف عمل سفارتها في سوريا
  • السفير الحضرمي يحذر مجلس الشيوخ الأمريكي: هل الدبلوماسية كافية لإنهاء الحرب في اليمن؟
  • مستشار بـ القادة والأركان: تطور سريع في الوضع السوري .. ودور تركي بدعم تحرير الشام
  • غضب داخل إيران بعد خسارة سوريا وسقوط الأسد.. تساؤلات عن المال والدم
  • الأهلي يتحدى باتشوكا لتحقيق ثاني إنجازاته على الأراضي القطرية
  • الدبلوماسية الاردنية.. المطاولة والتأثير الوقائي للحفاظ على امننا الوطني..سوريا إنموذجاً