عن 100 عام قضى وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأشهر.

إنه هنري كيسنجر؛ الشخصية المثيرة للجدل الذي وصف بأنه عملاق الدبلوماسية الأمريكية وحاز على جائزة نوبل للسلام في الوقت الذي اتهم فيه بارتكاب جرائم حرب وأن يديه ملطخة بالدماء.

بالنسبة للشرق الأوسط، فهو شخصية معروفة جدا، وربما تتشابه الأجواء التي توفي فيها (معركة طوفان الأقصى) بالأجواء التي كانت سبب شهرته بالشرق الأوسط وهي حرب 1973.



لعب كيسنجر دورا بارزا في حماية الدولة العبرية التي تفاجأت بحرب 6 أكتوبر 1973، حين شن الجيشان المصري والسوري حربا ضدها.

كان كيسنجر في الخمسين من عمره في تلك الحرب، اعترف بأنه والرئيس ريتشارد نيكسون، وبقية طاقمه، عملوا بشكل قوي وحثيث في حرب 6 أكتوبر، على توفير الدعم المباشر والخدمات الحاسمة للدولة العبرية، حتى لا يتحقق نصر عربي عليها.



قال في مقابلة مع صحيفة "معاريف" العبرية في أيلول/ سبتمبر الماضي، إن هذا الموقف اتخذ فور وصول النبأ عن نشوب الحرب. وأضاف: "عقدنا العزم منذ اليوم الأول على منع نصر عربي في الحرب، ورأينا في نصر كهذا ضربة للولايات المتحدة نفسها؛ لذلك كنا مقتنعين منذ اللحظة الأولى بضرورة عودة القوات المصرية والسورية إلى الخطوط التي كانت معتمدة قبل اندلاع المعارك".

وأشار كيسنجر إلى أنه عارض مناقشة طلب إسرائيلي وقف إطلاق النار بينما كانت إسرائيل قد بدأت بالتحضير للهجوم على الجولان السوري، وقال: "كنت ضد وقف إطلاق النار بشدة، بينما تستمر المكاسب المصرية في ساحة المعركة".

ذات الموقف تعرضت له الدولة العبرية في 7 أكتوبر 2023، وبدت استراتيجية كيسنجر وكأنها يعاد إحياؤها وهو عمره المئة.

على الصعيد العالمي   
كان كيسنجر فاعلا رئيسيا في الدبلوماسية العالمية خلال الحرب الباردة، فهو مهندس التقارب مع موسكو وبكين، لكن صورته تظل مرتبطة أيضاً بمحطات قاتمة، مثل انقلاب العام 1973 في تشيلي.

كان هذا الرجل القصير القامة ذو الصوت الخشن واللكنة الألمانية القوية، على الرغم من تقدمه في السن، حتى وقت قريب يُستشار من قبل الطبقة السياسية بأكملها، ويتم استقباله من رؤساء دول، ويلقي محاضرات في المؤتمرات في جميع أنحاء العالم.

وآخر مثال على ذلك، في تمّوز/يوليو الفائت حين التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ في بكين، والذي وصفه بأنه "دبلوماسي أسطوري".

ولم يترك أحد تأثيرا كبيرا أو بصمته على السياسة الخارجية الأميركية في النصف الثاني من القرن العشرين مثل هذا المفاوض البارع الذي كان حساسا بقدر ما كان سلطويا.

صقر وبراغماتي
 يعد هنري كيسنجر صاحب نظرية "الواقعية السياسية" الأمريكية و"الصقر" الحقيقي، واحدًا من تلك الشخصيات المعقدة التي تجذب الإعجاب أو الكراهية.

كان للنازية تأثير عميق على الشاب اليهودي الألماني هاينز ألفرد كيسنجر، المولود في 27 أيار/ مايو 1923 في فورث في مقاطعة بافاريا، فقد اضطر إلى اللجوء إلى الولايات المتحدة في سن الخامسة عشرة مع أبيه المعلم وبقية عائلته.

 وحصل على الجنسية الأمريكية في سن العشرين، وانضم إلى وحدة مكافحة التجسس العسكرية في الجيش الأمريكي الذي سافر معه إلى أوروبا كمترجم باللغة الألمانية.

وبعد الحرب العالمية الثانية، عاد لاستئناف دراسته، فالتحق بجامعة هارفرد حيث حصل على شهادة في العلاقات الدولية قبل أن يقوم بالتدريس هناك ويصبح أحد مديري الجامعة العريقة.

لكن الرجل الذي اشتهر بنظارتيه السميكتين فرض نفسه الوجه الرئيسي للدبلوماسية العالمية عندما عينه الجمهوري ريتشادر نيكسون في البيت الأبيض مستشارا للأمن القومي في العام 1969 ومن ثم وزيرا للخارجية وقد احتفظ بالمنصبين معا من 1973 إلى 1975.

وبقي في وزارة الخارجية في عهد جيرالد فورد حتى عام 1977. في ذلك الوقت، أطلق نظرية "الواقعية السياسة" الأمريكية، فباشر مرحلة انفراج مع الاتحاد السوفياتي وإذابة الجليد في العلاقات مع الصين في عهد ماو، خلال رحلات سرية لتنظيم زيارة نيكسون التاريخية إلى بكين في العام 1972.

كذلك، قاد في سرية تامة أيضا وبالتوازي مع قصف الجيش الأمريكي لهانوي، المفاوضات مع لي دوك ثو لإنهاء حرب فيتنام.

جائزة نوبل مثيرة للجدل
حاز في 1973 جائزة نوبل للسلام مناصفة مع لي دوك ثو بعد التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن الفيتنامي رفض الجائزة التي اعتبرت الأكثر إثارة للجدل في تاريخ نوبل.

وعلى العكس من ذلك، طالب منتقدو كيسنجر لفترة طويلة بمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

ونددوا بالجانب القاتم والأكثر إثارة للجدل والأقل انفتاحاً في سياسته الخارجية، وعلى وجه الخصوص ضلوعه في القصف المكثف على كمبوديا أو دعمه للرئيس الإندونيسي سوهارتو الذي أدى غزوه لتيمور الشرقية إلى مقتل 200 ألف شخص في عام 1975. ولكن أيضا الدور الذي لعبته وكالة الاستخبارات المركزية في أميركا اللاتينية، وغالبا ما كان ذلك تحت قيادته المباشرة، ما شوّه صورته، بدءاً بالانقلاب الذي وقع في تشيلي العام 1973 وأوصل أوغستو بينوشي إلى السلطة بعد وفاة سلفادور أليندي.

فعلى مر السنين، كشفت الوثائق الأرشيفية معالم ومدى اتساع "خطة كوندور" للقضاء على معارضي الديكتاتوريات في أمريكا الجنوبية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.

اتهام بجرائم حرب
وقالت صحيفة "إنترسبت" نقلا عن كاتب سيرته غريغ غراندين إن كيسنجر ساهم في إطالة أمد حرب فيتنام وتوسيع هذا الصراع إلى كمبوديا المحايدة، وكذلك تسهيل عمليات الإبادة الجماعية في كمبوديا وتيمور الشرقية وبنغلاديش؛ وتسارع الحروب الأهلية في الجنوب الأفريقي؛ ودعمه الانقلابات وفرق الموت في جميع أنحاء أميركا اللاتينية، وإن يديه ملطخة بدماء ما لا يقل عن 3 ملايين شخص.

وقال المدعي العام المخضرم في جرائم الحرب ريد برودي للصحيفة إن "هناك عددا قليلا من الأشخاص الذين كانت لهم يد في هذا القدر من الموت والدمار والمعاناة الإنسانية في العديد من الأماكن حول العالم مثل هنري كيسنجر".

وخلص تحقيق أجراه موقع إنترسبت عام 2023 إلى أن كيسنجر -الذي ربما كان أقوى مستشار للأمن القومي في التاريخ الأميركي والمهندس الرئيسي لسياسة الحرب الأميركية في جنوبي شرقي آسيا من عام 1969 إلى عام 1975- كان مسؤولا عن مقتل عدد أكبر من المدنيين في كمبوديا مما كان معروفًا سابقًا، استنادا إلى أرشيف حصري للوثائق العسكرية الأميركية والمقابلات مع الناجين الكمبوديين والشهود الأميركيين.

ماذا قال عنه مثقفون عربا؟

كيسنجر: عملنا على منع نصر عربي على إسرائيل في حرب أكتوبر 73
وحاليا التاريخ يعيد نفسه ففي ذات اليوم الذي توفي فيه كيسنجر تبذل الولايات المتحدة جهود حثيثة لمنع "طوفان الاقصى" من ان يكون نصرا فلسطينيا تاريخيا على اسرائيل وتشهد الدوحة اجتماعات مكثفة تضم قادة اجهزة المخابرات… pic.twitter.com/tRyWbKiZSR

— حميد رزق (@hamedrizq01) November 30, 2023

إرهابي يرتدي بدلة، حاصل على جائزة نوبل للسلام.#هنري_كيسنجر #Gaza #HenryKissinger #WarCriminal #مجرم_حرب pic.twitter.com/cy25eJIWJG

— khalil hanoun (@khalilhanoun) November 30, 2023

متى مات كيسنجر ؟

هنري كيسنجر هو عراب الشرق الاوسط وهو راسم حدود واصول وقواعد الصراع والمتصارعين فيه طبعاً للذين درسوا العلوم السياسية والعلاقات الدولية والمراقبين والخبراء في صراع الشرق الاوسط يعرفون هذه البديهة مثل اسمائهم الاولى .

كابوس كيسنجر
حتى نفهم من هو كيسنجر علينا… pic.twitter.com/E9ui1djkie

— rana khalid (@drranakhalid) November 30, 2023

مئة عام من الحقد والكراهية
#هنري_كيسنجر pic.twitter.com/TzuaxFoyRQ

— نزيه الأحدب (@NAlahdb) November 30, 2023

Game over #هنري_كيسنجر
لا عزاء له.
رأي معالي الدكتور غازي القصيبي رحمه الله عليه في كيسنجر. pic.twitter.com/nyT5Kw5YNh

— Dr.Sami Al saleh د.سامي الصالح (@samisalsaleh) November 30, 2023

هنري كيسنجر

*بريشة الشهيد ناجي العلي pic.twitter.com/cgMCY97GYu

— The Palestinian Archive الأرشيف الفلسطيني (@palestinian_the) November 30, 2023

مات العجوز الصهيوني ذو الأصل الألماني هنري #كيسنجر عن ١٠٠ عام. وهو الذي أنقذ إسرائيل في حرب ١٩٧٣، ونجح في إخراج مصر من التاريخ والجغرافيا، مستغلا سذاجة السادات وهزيمته النفسية. فكان تحرير سيناء مقابل احتلال مصر.#غزة_انتصرت #غزة_تنتصر pic.twitter.com/HLkLFCFRdB

— محمد المختار الشنقيطي (@mshinqiti) November 30, 2023

عن هنري كيسنجر الذي رحل عن مئة عام.
منذ ٧ أكتوبر، وأنا أنتظر تعليقا منه، فقد عودنا ألا يغيب عن نصرة كيانه الأم.
لكنه رحل قبل أن يفعل، وكانت أيام ختام سيئة بالنسبة إليه، حيث رأى كيانه في حالة بؤس بعد ضربة لم يتوقعها، وفاجأته وهو في ذروة أحلامه بتصفية قضيتنا والتمدد في المنطقة.

— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) November 30, 2023

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية كيسنجر المصري مصر امريكا الاحتلال كيسنجر سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نوبل للسلام هنری کیسنجر جائزة نوبل جرائم حرب pic twitter com ما کان

إقرأ أيضاً:

فؤاد: الإيطالي بالبو هو المسؤول الوحيد الذي خدم ليبيا بحق ووطنية

أشاد محلل قنوات الإخوان المسلمين للشأن السياسي محمد فؤاد بالحاكم الإيطالي الفاشستي لليبيا أثناء فترة الاحتلال الإيطالي إيتالو بالبو.

وقال فؤاد في تدوينة عبر “فيسبوك”: كل ما تصب المطر في ليبيا نتذكر أن المسؤول الوحيد الذي خدم ليبيا بحق ووطنية كان اسمه بالبو، حالة وخلاص.

الوسومأمطار بالبو فاشية ليبيا

مقالات مشابهة

  • ما الذي يحمي الدول من السقوط؟
  • ليس من صلاحياته| محافظ دمشق يثير الجدل بتصريح حول التطبيع مع إسرائيل.. القصة الكاملة ؟
  • في اليمن.. ما الذي يدفع إسرائيل الى الجنون..! 
  • سوريا.. محافظ دمشق الجديد ينفي دعوته للسلام مع إسرائيل
  • سوريا: بعد اشتباكات حمص.. دعوات للسلام والوحدة وعدم الانجرار إلى الفتنة
  • المطران العمار أعلن رسالة البابا فرنسيس في اليوم العالمي للسلام الـ58
  • الجزيرة ترصد الأوضاع من موقع الكمين الذي تعرض له عناصر الأمن السوري
  • افتتاح المؤتمر الأول للسلام والتنمية في بنغازي برعاية مجلس النواب
  • فؤاد: الإيطالي بالبو هو المسؤول الوحيد الذي خدم ليبيا بحق ووطنية
  • مجلس النواب يفتتح «المؤتمر الأول للسلام والتنمية»